مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


كان الأمر أكبر مما تخيلت بكثير ، استيقظت في الصباح لأقابل صديقي الذي وعدته بالذهاب معه لحضور جلسة المحكمة العسكرية التي سيحاكم والده أمامها اليوم ووصلت بالسيارة الي منطقة الهايكستب العسكرية لنقف أكثر من ساعة انتظارا لتعليمات أمن المنطقة العسكرية


كان المشهد مؤثرا للغاية وقد افترشت زوجات المعتقلين الأرض ومعهم الابناء وتوافد العشرات من أقاليم مصر من أهالي المعتقلين لحضور المحاكمة ، هذه سيدة عجوز جاءت من الاسكندرية لتري ولدها ، وهذه زوجة تحمل أربعة أطفال جاءت بهم من قرية صغيرة من قري المنصورة جاءت تهرول خوفا من فوات الوقت بعد تنقلها في عدد كبير من وسائل النقل الي أن وصلت لهذه المنطقة النائية


وهذا طفل صغير يجري ويلعب ويضحك وهو لا يدري ما الذي سيحدث لأبيه وهل سيراه بعد ذلك أم لا ، كان هناك شيء مشترك يربط بين كل هؤلاء وهو البسمة الحزينة التي لا تفارق العيون رغم كل ما يلاقون وفجأة ظهر رجل يرتدي نظارة سوداء جمع الرجال حوله وطلب البطاقات الشخصية لمن يريد الدخول من الأهالي، ونبه علي الاعلاميين بالانصراف لأنه لا تصوير ولا صحافة رغم أن الجلسة مفروض أنها علنية


وسلمناه البطاقات وبعد ذلك طلب منا الصعود لسيارة مخصصة لنقلنا الي المحكمة مع التنبيه علينا بترك أجهزة التليفون أو أي كاميرات أو أي ألات حادة ( أه والله ) وعلي المخالف أن يتحمل نتيجة مخالفته عند التفتيش الذاتي وما أدراك ما التفتيش الذاتي ، ركبنا الميني باص اللي جابوه وجلسنا فيه حوالي ساعة أخري الي أن أكرمنا الله وجاء هذا الرجل ثانية ليأمر السائقين أن ينطلقوا بنا مع منع السيدات من الدخول


المهم تحركت القافلة لنصل الي بوابة أولي يتم عندها انزال جميع الركاب من الميني باص ووقفنا طابورا للتفتيش وكذلك تم تفتيش الميني الباص رغم انه بتاعهم وهما اللي جابوه ! واحد واحد يدخل للتفتيش ، الناس كانت بتطول جدا في التفتيش ولم أعرف السبب الا عندما دخلت وجاء دوري . اقلع جاكت البدلة ، ايه بصراحة بدأت أقلق ، طلع أي حاجة في جيبك ولو كانت ورقة صغيرة ، حاضر .. بعد كدا مرت يد الضابط علي كل مكان في جسمي ( وما حدش فعلا يفهمني غلط ) كل حتة كل حتة ، جيت علي نفسي وقلت يلا مش مهم

المهم أدخل المحكمة وأعطوني ورقة برقم وبعد نهاية التفتيش ركبنا مرة أخري لتسير بنا السيارة حوالي ربع ساعة داخل الصحراء لنصل أخيرا الي المحكمة العسكرية العليا كما تشير اللافتة المرفوعة فوق المبني المهيب ، استقبلنا الجنود بكامل سلاحهم وكأننا أسري يهود فروا من خيبر ، بعد ذلك كان التفتيش الثاني لكل واحد فينا ووصل الي خلع كاب شاب صغير وفحص شعره فربما توجد به مواد حارقة أو متفجرات ! والله ما بهزر هذا ماحدث أمام عيني


المهم دخلنا أخيرا وسمحوا لنا بأداء صلاة الظهر فاطمأننت قليلا أننا مازلنا في مصر وليس جوانتامو ، كان حظي أنني في الدفعة الأولي التي دخلت وبعد حوالي نصف ساعة أدخلونا الي قاعة المحكمة التي تعلوا واجهتها أية ( واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) . التفت علي يساري لأري مشهدا بشعا صدم كل أحاسيسي الانسانية ، انه القفص الحديدي الرهيب متعدد الطبقات السميكة التي تري من خلالها بصعوبة ، قفص علي شكل مستطيل طويل مقسم الي أكثر من ثمانية أجزاء كل جزء لا يتجاوز عرضه أكثر من سبعين سم وطوله لا يجاوز أكثر من 120 سم وبه كراسي تشغل أكبر حيز به حيث يصبح الوقوف أكثر راحة من الجلوس وفي كل قمع من هذه الاقماع يقف ثلاثة أفراد أو أربعة ولك أن تتخيل هذا المشهد الذي ذكرني بحجرة العزل الحديدية التي توجد بكلية الطب البيطري قسم الكلاب التي يجري عليها التجارب العلمية والتشريح للطلاب


انه والله ربما يكون أوسع من هذا القفص الجهنمي الذي يهدف الي أقصي اذلال للانسان وامتهان كرامته واحساسه البشري بأدميته ، عندها لم أتمالك دموعي وأنا أري في هذا القفص المهين علماء عظام يفخر بهم العالم كله كالدكتور خالد عودة عالم الجيولوجيا الشهير الذي رفع اسم مصر عاليا والدكتور محمد بليغ أستاذ جراحة العيون الذي أعاد الله أبصار الألاف علي يديه في مختلف أنحاء العالم والدكتور عصام حشيش استاذ ورئيس قسم الاتصالات بجامعة القاهرة وزميل دراسة رئيس وزراء مصر احمد نظيف ، لم أتمالك نفسي وأنا أري فخر رجال أعمال مصر حسن مالك الذي جلب لمصر بمشاريعه مئات الملايين وكذلك أسد مصر ورمز صمودها خيرت الشاطر المناضل الشريف بقامته الطويلة وطلعته المهيبة والدكتور فريد جلبط أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان والدكتور محمد بشر استاذ الهندسة وأمين عام نقابة المهندسين المصرية ، لم أتمالك نفسي وأنا أري هذه الوجوه المضيئة وغيرهم من خيرة أبناء مصر الشرفاء وهم يقفون هذه الوقفة التي ستعترض عليها جمعيات الرفق بالحيوان ولن ترتضيها للحيوانات !!!


أخذت أتأمل وأصافح وجوه من أعرف من هؤلاء الكرام وأنا أذوب خجلا أن أنظر اليهم وهم في هذا الموقف ولا أستطيع فعل شيء لهم ، أيقظني من شجوني صوت الحاجب العسكري يعلن دخول القضاة وانتظرت دخول القضاة بملابسهم المعهودة ولكن استعادت ذاكرتي فورا اخر لقطات من فيلم عمر المختار وهو يحاكم امام الضباط الايطاليين بملابسهم العسكرية وتذكرت أنني أيضا في محاكمة عسكرية وليس محاكمة مدنية طبيعية للمدنيين من البشر ، ودخل الضباط بالملابس العسكرية وكذلك ممثل النيابة العسكرية وبدأت الجلسة بالنداء علي أسماء المتهمين وضحكت بصوت عال وأنا أسمع القاضي العسكري ينادي علي أسماء بعض المتهمين مثل يوسف ندا وهمت غالب ممن لم يدخلوا مصر من عشرات السنين ويتم توصيف حالتهم من النيابة بالهاربين


تخيلوا يوسف ندا الذي يعرفه العالم كله وحتي بوش شخصيا ذكر اسمه صراحة في خطاب له ، يوصف بأنه هارب ( وكل واحد يقول اللي هو عاوزه هو الكلام بفلوس ) ، النيابة تقول أنه تم اعلان المتهمين بموعد المحاكمة والمتهمون يكذبون ذلك ويستنكرون معرفتهم بموعد المحاكمة قبلها بساعات فقط وبالصدفة ! ولذلك جاءوا من غير محامين يدافعون عنهم ورغم صدور قرار محكمة الجنايات مرتين ببرءاتهم جميعا ووجوب الافراج الفوري عنهم بدون أي ضمانات أو كفالة الا أن وزارة الداخلية نحت أحكام القضاء جانبا وأعادت اعتقالهم مرة أخري


النيابة تتلو عريضة الاتهام وتسمع تهم غريبة تضحك منها وكأنك في فيلم بايخ لدرجة صعبة ( تعطيل الدستور – نشر الفكر بين المواطنين – الانضمام لجماعة محظورة – محظورة وتمثل خمس مجلس الشعب واختارها المصريون ، ابقوا حاكموا اللي انتخبهم كمان - غسيل الاموال –
إدارة أنشطة بقصد تمويل الجماعة - وبص اللي جاية بقي دي جامدة أوي وهي حيازة ذخيرة بدون ترخيص ومين اللي منهم متهم بيها الدكتور خالد عودة ولاموأخذة صوتي ياللي مانتش غرمانة )


المهم تفاجيء وأنت قاعد بحاجات غريبة خلت منظر المحكمة صعب أوي أمام نفسها وأمام الحضور ، أول مفاجأة أن النيابة العسكرية التي حولت المتهمين للمحكمة لم تري أي واحد منهم ولا مرة، أو استجوبته أوحققت معاه ( والله كدا بالضبط ) وصعب علي جدا ممثل النيابة وهو يطرق رأسه خجلا عندما طلب منه المهندس محمود المرسي وهو أحد المحالين للمحكمة أن يقسم الأن أنه رأه قبل ذلك فامتنع ممثل النيابة العسكرية ولاذ بالصمت

المفاجأة الثانية أن أكثر من ثلث المحالين للمحكمة نادت عليهم المحكمة وكذلك النيابة بأسماء خاطئة تماما مثلا الاسم الرباعي تلاقي اسمين فيه غلط مما استفز مشاعر الدكتور فريد جلبط أستاذ القانون وجعله يخاطب المحكمة قائلا ( في قضايا المخدرات والجنايات اذا كان هناك خطأ في اسم او حروف فقط من اسم المتهم يحصل المتهم علي براءة، والخطأ في الاسماء يؤكد أن النيابة العسكرية لم تكلف خاطرها وتصحح أخطاء تحريات أمن الدولة الملفقة والتي صنعت علي عجل مما يؤكد النية المبيتة في الظلم والتلفيق ) واستمرت المهزلة عندما ظهرت المفاجأة الثالثة عندما سأل المهندس مدحت الحداد ممثل النيابة العسكرية قائلا ( كم هو المبلغ الذي قمت أنا بغسله ؟ أتحداك أن تخرج ورقة واحدة تتحدث عن قيمة هذا المبلغ! ) وعندما طلب القاضي من ممثل النيابة الرد لم يجيب وأطرق رأسه خجلا كالعادة وقال للقاضي لا توجد بملف القضية أوراق بهذا الشأن ومع ذلك تهمة غسيل الاموال موجهة للجميع


مما جعل الاستاذ فتحي بغدادي يقول للقاضي في كلمته ( زمان كنا بنشوف مسرحية شاهد ماشفش حاجة ودلوقتي بنشوف مسرحية النيابة ماسمعتش حاجة ومع ذلك تطالب بتوقع العقوبة علينا طاعة لأوامر النظام الفاسد ) وبعد هذا الفاصل من الكوميديا السوداء تستمع الي كوكتيل غريب من الحكايات يرويه المعتقلون للمحكمة التي أحست بالحرج وهي تسمع ما يقولون


عندما جاء دور العالم الكبير الدكتور خالد عودة في الكلام أطل علينا بشعره الابيض ووجهه المنير الذي تكسوه علامات الألم وعرف المحكمة بنفسه قائلا : انا خالد عبد القادر عودة ابن الشهيد عبد القادر عودة أعمل أستاذا للجيوولوجيا بالجامعة
، عضو بالجمعية الجيولوجية المصرية ، والجمعية الجيولوجية الأفريقية ، والجمعية المصرية للحفريات ، والجمعية الدولية للإستراتجرافيا ، وعضو الفريق الدولي للجنة الدولية لإستراتجرافيا الباليوجين ، ورئيس الفريق الجيولوجي المصري في المشروعات العلمية الدولية المشتركة على جنوب مصر، والباحث الرئيسي المصري للفريق الدولي المشكل لحماية آثار وجه قبلي ... مثلت مصر رسميا في الوفد المشكل من جامعات اوروبا وأمريكا لحماية أثار مصر بوادي الملوك بالأقصر وأرأس الفريق الجيولوجي العالمي الذي يضم علماء من كافة العالم لاقامة محمية جيولوجية بمصر بدلا من اسرائيل التي حاولت الحصول علي هذا الشرف وفازت به مصر كرمني وزير البحث العلمي ورئيس الوزراء وجامعة أسيوط ومؤسسة الميكروباليونتلجي بالمتحف الامريكي ونشرت كتبا لي وقد اكتشفت عدة اكتشافات علمية بمصر منها رواسب البليوسين البحرية و ... استمر الرجل في ذكر انجازاته وأعماله لمصر مما أصاب هيئة المحكمة نفسها بالانبهار أن يقف عالم كهذا في هذا المكان ، وخاطب المحكمة قائلا : ...تم اختطافي وانا أقوم بالبحث العلمي في منطقة جنوب الأقصرو بعد كل هذا يتم اتهامي بحيازة ذخيرة غير مرخصة وهي للعلم كانت بسلاح مرخص يحمله حراس المصنع الذي أنا شريك فيه ولست حتي مالكه وكذلك يتم اتهامي بالانضمام لجماعة محظورة بعد 63 سنة من حياتي وكذلك غسيل الاموال بعد أن وجدوا في خزانتي 900 جنيه وهل هذا مبلغ ينفع به الغسيل ؟؟؟ انني أطالب النيابة والدولة بالاعتذار لي فورا عن الاذي التي ألحقته بي وبقيمة العلم والعلماء في هذا البلد وتشويه سمعة مصر أمام دول وعلماء العالم .... !! كلمات متدفقة انطلقت من لسان العالم الجليل واختنقت الدموع في عينيه وقال حسبنا الله ونعم الوكيل ..


خيم الصمت علي الجميع وعندما نادت المحكمة علي الدكتور فريد جلبط رأيناه يقوم بثبات وشموخ ويقول أنا فريد أحمد جلبط أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان وأنا رجل قانون أدرس القانون لطلاب مصر منذ أكثر من عشرين سنة وهاأنا أقف اليوم متهما بتهم كلها باطلة وملفقة لا تخفي علي أحد وفند أستاذ القانون كل التهم الموجهة اليه والي زملائه ووجه كلامه لهيئة المحكمة العسكرية قائلا : أربأ بالمؤسسة العسكرية أن تشارك في هذه الجريمة ، لا تحملوا قاذورات النظام وأوزاره أنتم أشرف من ذلك بكثير .. أنتم أشرف من ذلك بكثير ...


رنت هذه الكلمات بأذني وظللت تتردد داخلي الي أن نادي القاضي العسكري علي المحاسب جمال شعبان فقام قائلا : سيادة القاضي انا مواطن مصري تخرجت من كلية التجارة بالاسكندرية وعملت محاسبا وعندي من الاولاد أربعة بمراحل التعليم المختلفة ولما ضاق الحال بي في الاسكندرية أتيت لأعمل بالقاهرة لأستطيع أن أنفق علي أولادي والا سيكون الخيار الثاني أن يخرج أولادي من التعليم لعدم وجود المصاريف اللازمة ولأنني لم أكن أقدر علي مصاريف ايجار شقة بالقاهرة فقد كنت أنام بمقر الشركة التي يمتلكها المهندس خيرت الشاطر وأعمل أنا بها لأوفر شيئا من أجل أولادي الذين لا أراهم الا يوم الجمعة بالاسكندرية وعندما داهمت قوات الأمن مقر الشركة وجدوني نائما بها فاتصل الضابط بقيادته ودار الحوار التالي :
ألو يا باشا في واحد شغال في الشركة لقيناه نايم هناك "
أجيبه يا باشا .. ؟ أوامرك يا باشا هجيبه .... وتم اتهامي بغسيل الأموال وضمي للقضية .. طيب أزاي أنا بغسل أموال ومش عارف أجيب شقة تلمني أنا وعيالي وبنام في مكتب الشركة علي الأرض !!


يا تري يا مصر كام واحد فيكي زي جمال شعبان عايز يعيش شريف ويكفي ولاده ويكمل لهم تعليمهم وبس مش أكتر من كدا .
نسيت أقول ان بعد انقضاء أكثر من نصف المحاكمة سمح الأمن بدخول زوجات المعتقلين بعد الحاح القاضي العسكري علي الأمن أكثر من خمس مرات خلال ساعتين كاملتين .. بعد أن دخلت الزوجات بالاولاد أسرع طفل صغيرذو ثلاث سنوات يبحث عند القفص عن أبيه


وعندما وجده كان الدور علي أبيه( محمد مهنا) الشاب ذو الثلاثون عاما أن يتحدث للمحكمة فصرخ قائلا : يا سيادة القاضي انا هنا ليه انا اخدت براءة من محكمة الجنايات مرتين المفروض يبقي هنا الحرامية والفاسدين اللي ضيعوا البلد مش احنا يا سيادة القاضي انا ابني قدامك اهو بيسألني : انت هنا ليه يا بابا ؟ رد عليه يا سيادة القاضي قوله انا هنا ليه ، أنا أبويا مات والداخلية رفضت اني احضر جنازته او اخد عزاه ومراتي ولدت ابني التالت وانا مش معاها .. ليه يا سيادة القاضي انا هنا عشان عايز أصلح البلد دي أنا هنا عشان احنا بنقول للحرامي يا حرامي وللفاسد يا فاسد وللظالم يا ظالم .. ياسيادة القاضي الجاسوس العطار كان بيرفع ايده بعلامة النصر عشان عارف ان اليهود هيقدروا يطلعوه زي ما طلعوا اللي زيه قبل كدا ، وانا هارفع ايدي بعلامة النصر عشان عارف ان لكل ظالم نهاية والظلم مش هيطول .. ياسيادة القاضي
" لو بقيت بعد هذا اليوم في السجن ساعة واحدة سأدعو بحرقة المظلوم علي كل من ظلمني " ..............................


أيها المظلوم كم ارتجف قلبي وانا اراك تداعب طفلك من خلف سلك القفص السميك وكم اهتزت مشاعري وانا اراه يشير اليك بكفه الصغير وينادي والدته ماما ماما بابا اهو..... هيروح معانا عذرا يا محمد فالنظام الظالم يرفض أن تعود لابنك ويصر علي حرمانك منه .. عذرا يا محمد فأنت تدفع ثمن التغيير والاصلاح لهذا البلد الذي تنتمي اليه وتعشقه بكل ما فيك مشاعر وعواطف.. كانت هذه الكلمات التي قالتها دموعي وهي تنهمر وتغمر قلبي بمشاعر سخط وحنق وبغض وكراهية لهذا النظام الذي يقتل بداخلنا كل معني جميل ..

بين الحين والحين ينهض العملاق خيرت الشاطر ليرسل رسائل واضحة وجريئة للجميع تلهب حماس جميع رفاقه ...

يا سيادة القاضي الحكومة فشلت في حبسنا بالقضاء المدني الذي برأنا ويريد منكم و أنتم المؤسسة العسكرية أن تتلوثوا معهم كما تلوثوا بدماء المصريين وبحبس ألاف الشرفاء في البلدونحن نربأ بكم عن ذلك ..


ويجلس قليلا فتثيره ثانية تلفيقات النيابة العسكرية التي اعتمدت علي تحريات ومحاضر أمن الدولة الملفقة ولم تسمع لأي متهم ويبلغ انفعاله الذرورة عندما يعلن القاضي أن النيابة العسكرية قد حررت محضر ضبط واحضار له ورفاقه مما يجعل وجودهم الان داخل القفص قانوني فينتفض قائلا : يا سيادة القاضي أرني صورة أمر الضبط والاحضار اللي اتعملت دلوقتي واحنا واقفين ويحار القاضي ويطلب منه الهدوء قائلا : يا أستاذ خيرت خلينا نسمع بقية الناس ، يرد عليه بحدة ياسيادة القاضي القضية سياسية بيننا وبين الحزب الوطني لتمرير ملفات معينة واحنا نبرأ با لمؤسسة العسكرية أن تكون خصم بيننا وبين النظام ، احنا مدنيين ومالناش علاقة بالمحكمة العسكرية ولا يجوز أن نمثل أمامها مع احترامنا الكامل للمؤسسة العسكرية وثقتنا في رجال الجيش اللي مهمتهم حفظ البلاد من أعدائها مش من أبناءها المخلصين.......


عندك حق يا خيرت ياشاطر هل فعلا ممكن الشعب في يوم يكره رجال الجيش والقوات المسلحة زي ما بيكره رجال الشرطة وما بيحبش حتي جيرتهم ، دا فعلا اللي فكرت فيه وانا بتخيل كم المحاكم العسكرية اللي الشعب هيتعرض لها بعد التعديلات الدستورية واقرار قانون القضاء العسكري وسلقه في مجلس سروروعز ومفيد ، يا خرابي دا الواحد لازم ياخد باله أوي بعد كداأحسن يلبس محاكمة عسكرية بمخالفة مرور طول ماهو من حق الرئيس أن يحول من يشاء هو ورجالته ومخبروه الي القضاء العسكري وربنا يسترها معانا ومعاكم !!

كلمات المظلومين تتوالي وتنزل علي القلوب لتمزقها من مرارة الظلم وسفالة التلفيق والتزويروالافتراء علي خلق الله ويزداد حرج المحكمة التي تحاول أن تنهي الجلسة


ويأتي الدور علي المتهم الأخير في القضية المحاسب مصطفي سالم الذي كان مسك الختام وفجر مفاجأت من العيار الثقيل ، سيادة القاضي أنا مواطن مصري بشتغل محاسب قانوني يعني بجيب وادخل للدولة فلوس من الضرايب ، انا خدمت في الجيش وشلت المخلاة ووزارة الدفاع قالت عني اني قدوة حسنة ووزارة الثقافة المصرية كمان كرمتني وانا كل أهلي دخلوا الجيش ومنهم اللي خد نجمة سيناء ومنهم اللي استشهد في 73 علشان يحرر مصر وبعد كل دا ألاقي نفسي هنا كأني مجرم أو فاسد والمجرمين الحقيقين كلنا شايفينهم برة بيسرقوا البلد ويغرقوا المصريين ويسمموهم بالأكل الملوث والمسرطن


ياسيادة القاضي : زوار الفجر اللي كنا فاكرينهم انتهوا خلاص ، رجعوا تاني وفي سنة 2002 هجموا علي بيتي وخطفوني تحت تهديد السلاح وفضلت معتقل اكتر من أربع شهوروقبل ما اخرج ضابط أمن الدولة عاطف الحسيني اللي عامل ملف القضية دي اللي احنا فيها الان ، قال لي :( ورحمة أمي لدخلك محكمة عسكرية) أقسم بالله أقسم بالله أقسم بالله قالها لي عاطف الحسيني وفعلا في أول محكمة عسكرية ضمني فيها
تفتكر ليه يا سيادة القاضي قالي هدخلك محكمة عسكرية ليه مقليش هحاكمك وبس ؟ ليه يا سيادة القاضي قالي محكمة عسكرية ؟ ليه سلطة ضابط أمن الدولة توصل للدرجة دي؟ يا سيادة القاضي هل أصبحت أمن الدولة فوق الجيش الي بنحترمه كلنا


يا سيادة القاضي لو في أمر ضبط واحضار لنا لو سمحت قولي الأن رقمه وتاريخه ، أنا مصمم اني اعرف رقمه وتاريخه لو كان موجود فعلا !! ينظر القاضي العسكري في ورقة صغيرة أمامه ويقول تاريخه 26 /4/2007 !!!!!! يصر قائلا اديني رقمه ؟ القاضي في حيرة : ملهوش رقم !! وتضج القاعة ويقوم الشاطر ليهتف باطل مفيش أمر ضبط واحضار من غير رقم وتحديد مكان ودا يشكك في نية النيابة العسكرية تجاهنا ويخليها متواطئة مع وزارة الداخلية في الاستخفاف بالقانون ...


ويقوم أستاذ الطب الدكتور أمير بسام ليخاطب القاضي قائلا : ماعندناش حاجة نخاف عليها ولو بقينا عمرنا كله في السجون مش هنسيب البلد دي البلد دي بلدنا وبلد ولادنا ويهتف معه الجميع البلد بلدنا بلد المصريين مش هنسيبها ومش هنلين... وبعد أن طلب الجميع اخلاء سبيلهم حالا لانتفاء أي تهمة وعدم وجود أي دليل علي أي شيء يقرر القاضي تأجيل القضية الي الثالث من يونيو تضج المحكمة بهتاف واحد بدا لي أن مصر كلها تردده في نفس اللحظة :

( حسبنا الله ونعم الوكيل )

مصطفي

6 التعليقات :

  1. About Me said...
    حسبنا الله ونعم الوكيل
    Dr cool بادّن في مالطا said...
    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

    أسأل الله أن يفك الكرب و يفرج الهم

    و أهدي مدونتكم الطيبة هذه القصيدة

    بعنوان ( مش هنبطل ،، مش هنسافر ،، مش هنسيب )

    http://2albmasr.blogspot.com/2007/04/blog-post_26.html

    أخوكم

    دكتور / عمرو كمال

    صاحب مدونة من قلب مصر
    Anonymous said...
    اللهم عذبهم بما شئت و كيف شئت.اللهم اذلهم و و حصرهم علي اولادهم هؤلاء الظلمة أقسمت عليك يا الله ان لا تقبل توبتهم و أن تبعدنا عن ظلهم و ترييهم بعض من ظلمهم في الدنيا .
    النصر أتي بأذن الله
    Anonymous said...
    بالرغم الدموع التى سالت من قراء هذه المهزله ورغم حرص كاتبها على الادلاء باكثر ما جاء فيها الا ان الكلمات ولو كثرت وابدعت ما استطاعت ان تنقل الموقف ولا كلمات الشرفاء التى وفقهم الله فيها كلماتهم التى لو قيلت لحجر لانفطر ونحن لا نتهم قلب القاضي لا سمح الله لكننا نلتمس حسن الظن ونقول ان ربما اودع احد العملاء قطنة سدت اذنيه ونصحه بان يؤجل الجلسه القادمة لحين يذهب لطبيب يصيبه فيها بصمم حين يرى ابناء مصر الشرفاء ونحن نسأل الله ان يبتلى كل ظالم شارك في هذه المهزله ويصرفه عنا قبل موعد الجلسه القادم الذي سيكون كل من حضر الماضية والقادمة من الاهالى والمعتقلين وحتى القفص- الذي لم يسعهم للصلاة فيه واقفين -كلهم سيكون شاهدين يوم القيامة على الظالمين والى ذلك الحين حسبنا الله ونعم الوكيل
    3omaroo said...
    فعلا اليوم كان فظيع جدا

    بس احنا بنحتسب الاجر عند الله ان شاء الله

    و بنفتكر برضوا ان اليوم مهما كان فظيع فعمروا ما هيبقي افظع من الحبس اللى اخوانا فيه
    (( ربنا يفك اسرهم و يعيدهم الى اهلهم سالمين غانمين ان شاء الله))


    بس فعلا الموقف ماكانش سهل

    ماكنش سهل ان احنا نشوف ابائنا و اقفين امام قاضي و مدعى عام بيعملوا تمثيلية علينا

    ماكانش سهل كلام مجدى مهنى و هو بيقول (انا ايه ذنبي ان انا مأحضرش جنازة ابويا...انا ايه ذنبي ان انا ماشوفش ابنى اول ما اتولد )


    ماكانش سهل اننا نسمع من أ.جمال شعبان كلماته و هو بيقول انا سبت بيتى و عيالى و جيت اشتغل فى القاهرة علشان ميطلعوش من المدارس و معيش فلوس اجيب شقة فكنت ببات فى الشركة و فى الاخر يتهمونى بغسيل الاموال!!!!

    ما كانش سهل نسمع محمود عبد الجواد و هو بيحكى للقاضي قصة ابن البرامكة اللى سأل ابوه " يا ابتي اهناك بعد العز ذل؟" فرد الاب و هو احد ملوك البرامكة " بالطبع يا ولدى" فتعجب الابن و قال " كيف يا ابتى " فرد الاب الصالح " رب دعوة مظلوم فى جوف الليل نغفل نحن عنها و لا يغفل الله عنها فتصيبنا فيهلكنا الله"

    و غيرهم كلمات كثيرة اخرى هزت الواحد و اثرت فيه

    و ما كانش سهل برضوا ان انا اشوف خديجه مالك و والدتها و هما واقفين امام القفص بعد قرارا التأجيل و هما منهارين فى البكاء و اباهم واقف امامهم مش قادر ياخذهم فى حضنه بسبب السور الحقير اللى بينهم

    ماكنش سهل منظر حمزة و هو بيحاول يخفف عن اخته و امه و واخدهم فى حضنه هما الاتنين و عمال يهديهم

    ماكنش سهل كلام عمو حسن من خلف القضبان و هو بيقوللى " مش مشكلة لا تقلقوا المهم انتوا لازم تذاكروا و تنجحوا و تكملو المسيره "
    و احنا و الله يا عمو على الدرب سائرون و بالاسلام متمسكون و هنكمل مسيرة الاصلاح و هنبقى زيكم ان شا الله



    ماكنش سهل برضوا موقف القاضى لما عمل نفسوا راجل محترم و الاخوان احرجو لما قال " هاتوا ميه ساقعة بسرعة و دخلوها للاخوان فى القفص "
    فرد عليه جميع الاخوة فى صوت ربانى " لا يا ريس احنا صايمين"
    صايمين فى وسط الظلم اللى هما فيه
    صايمين رغم البلاء اللى واقع عليهم
    فمهما حصل عمرهم ما ينسوا ربنا سبحانه و تعالى رغم ان احنا مش فى رمضان و ان ده مش فرض بس متمسكين بالسنن
    بالذمة ده منظر ناس يُتهموا اتهامات بالمنظر ده !!!! .


    ماكنش سهل موقف عمو حسن مالك لما شاف الشيخ بتاعه اللى بيحفظوا قران اول ما شافوا قاللوا " ازيك يا شيخ ايه الاخبار... انا على فكره راجعت كل اللى انتا قولتلى عليه"
    رغم ان الكلام ده بعد قرار التأجيل و بعد عياط خديجه و مامتها لكن الملاك اللى خلف القضبان ده متمسك بالله عز و جل رغم كل الابتلاءات دى
    رغم التحفظ و السجن و البعد عن الاهل
    الا انه بيحفظ قران و متمسك بصلته بالله عز و جل

    ازاي واحد من الملايكة دول يبقي موجود خلف اسوار زنزانه حقيره
    ازاى يتهموا واحد من دول بغسيل الاموال

    فعلا ناس هبله و حكومه غبيه



    و كلاو كتير ممكن يتقال و الله
    دى ناس مظلومه و الظلم وحش اوى
    اه يا بلد ..... حالها اتقلب




    عمر علاء ابو العلا
    Anonymous said...
    أستاذي العظيم البطل خالد عودة
    إن نصر الله قريب
    علي علي

أضف تعليقك