مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

حوار على زلط
«السلطة في مصر تبطش بالصحفيين» هكذا عبرت «فيوليت داغر» رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان عن قلقها تجاه أحكام الحبس الصادرة ضد بعض رؤساء تحرير الصحف المصرية.

وقالت داغر في حوار لـ «المصري اليوم»: «أوضاع حقوق الإنسان في مصر باتت مقلقة، ونلمح تراجعا يبدو في وقائع مثل المحاكمات العسكرية للإخوان رغم عضوية مصر لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان».

وأضافت: «النظام المصري يستهدف خصومه ومعارضيه ويخلق أزمات عميقة مع فئات عريضة من الشعب كالقضاة والصحفيين والعمال». فإلي تفاصيل الحوار...

حضورك هذه المرة لمراقبة اوضاع حقوق الانسان فى مصر ما الجديد الذى لفت انتباهك عن المرة الماضية لدى مراقبتك المحاكمات العسكرية؟

الجديد هذه المرة المحاكمات الحالية للصحفيين، ونحن أتينا للتضامن مع الصحفيين الذين تعرضوا لانتهاكات، مثلما تعرضت فئات أخري من المجتمع المصري في فترات متتابعة، لانتهاك حقوقهم في التعبير، والتنظيم الذاتي لمؤسساتهم المدنية، وهو ما حدث للقضاة وللعمال، ويحدث للمحالين إلي المحاكمات العسكرية، أصبحت السلطة تسعي للبطش بكل من يخالفها أويوجه انتقادا لممارستها الديمقراطية، وهي أمور لاشك تدعوللقلق علي الوضع الذي آلت إليه حقوق الإنسان في مصر.

* حاولت حضور محاكمة إبرهيم عيسي، والتواصل مع زملائه الصادر ضدهم أحكام بالحبس، كيف ترين الصورة؟
ـ لم أتمكن من حضور محاكمة إبراهيم عيسي، بسبب توافق موعدها مع المحاكمة العسكرية للإخوان، وعلمت أنها جرت تحت حصار أمني كبير، وحرصت بعد ذلك علي زيارته في مكتبه بعد المحاكمة، لكن للأسف الوقت لم يسعفني لدراسة باقي القضايا التي صدر بشأنها أحكام ضد صحفيين، وقمت بالاتصال مع بعضهم تعبيرا عن التضامن.

أما الذي يثير مخاوفنا كناشطين حقوقيين فهو ما نلمسه من اتجاه السلطة لتأديب الصحفيين وكل من له اعتراض علي ممارسات النظام الحاكم، أو لدي النظام خصومة سياسية معه، والمدهش أن القائمين علي رأس هذا البلد يخلقون أزمات عميقة مع فئات عريضة من الشارع المصري، ولم يعد الأمر مقصورا علي اتجاهات سياسية، كالإخوان أوأيمن نور، فالقمع يطول الفئات العمالية والمهنية كالقضاة والعمال، وهذه الأمور تسيء بشكل بالغ لموقف مصر من قضية حقوق الإنسان.

* هل تتوقعين تخفيف الأحكام الصادرة ضد الصحفيين بالحبس؟
ـ الحقيقة نحن كمراقبين وناشطين دوليين في مجال حقوق الإنسان، من استقرائنا الوضع لدينا مخاوف حقيقية، ولكن لا أستطيع الجزم علي نحو واضح أن النظام يتخذ قرارات في اتجاه ما، تكون في نهاية المطاف ضد عموم الشعب المصري، وليس الصحفيون أوالإخوان فقط، لأنه حين يتم قمع حرية الصحافة والتعبير، معني ذلك أنك تقمع هذا الشعب، وعندما يتفكك هذا النسيج اللاجتماعي، هذا يكون ضد مصالح هذا البلد، ونحن نحرص علي مصر الوطن العربي الشقيق، وليس علي اتجاه سياسي فيها، أوشريحة مهنية مثل الصحفيين فقط


* هذا فيما يتعلق بأزمة الصحفيين، لكن ما الجديد الذي يمكن ملاحظته فيما يتعلق بالمحاكمات العسكرية التي يمثل أمامها اليوم قيادات بارزة من الإخوان؟

ما لمسته هو أن هناك تسارعا في الوتيرة، ونوعاً من تضييق الوقت علي كل الأطراف، وخاصة المحامين لتفويت الفرصة عليهم في متابعة القضية بشكل كاف، لأنه عندما لا يأخذ الدفاع الوقت الكافي لقراءة الملفات، فهذا يدل علي أن هناك تسريعاً في العملية، وأن هناك قراراً متخذاً مسبقا يراد تطبيقه، بالشكل الذي يناسب النظام، ولن يكون هذا القرار مناسبا لباقي الأطراف، التي من حقها الدفاع عن وجهة نظرها، وحتي لا تغيب لسنوات طويلة في السجن، دون تحقيق الحد الأدني من الحق في التقاضي،
والوقوف بعدالة أمام القانون، والمواثيق الدولية التي تلتزم بها مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وأريد أن أقول من واقع محاولتي الاقتراب من هذه القضية التي يحاكم فيها عدد غير مسبوق من الخصوم السياسيين للنظام أن هناك إشكالات في الإجراءات، وهناك اتهامات ظالمة، ولا يتم احترام حق المتهمين في الدفاع عن الذات، وتمكين محاميهم من الفرصة اللازمة لمحاولة إثبات براءتهم من التهم التي وجهت إليهم.

* هذه هي المرة الثانية التي تحاولين فيها الحضور لمراقبة المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين، ولم يتم السماح لك بالدخول لقاعة المحكمة، لماذا هذا الإصرار علي مراقبة هذه المحاكمات، علي الرغم من منع الحكومة المصرية المتكرر للمراقبين الدوليين من الحضور؟

ـ يجب ألا يثنينا هذا المنع من الحضور والتأكيد علي تضامننا، والتعرف عن كثب علي الوضع علي حقيقته، وليس من الخارج فقط عبر الإعلام، ونحن نحاول التعرف علي ذلك من خلال التواصل مع أهالي المحالين للمحاكمة العسكرية، وهيئات الدفاع، وكذلك نسعي للتواصل مع الجهات الرسمية في مصر، ونحن نريد ضمان أن يحصل هؤلاء علي حقهم الذي تكفله جميع التشريعات العالمية في محاكمة عادلة، وهوما أراه غير متوفر في هذه المحاكمات الاستثنائية وغير الطبيعية، التي نصبها النظام للتخلص من خصومه السياسيين، من إخوان وغيرهم.

* هل تقصدين أن هناك أحكاماً مسبقة في هذه القضية، والتخوف من أن يتم التصديق عليها؟
ـ أنا أرجو ألا يكون ذلك، وأرجو أن أكون مخطئة، لكن علي ما يبدو لي، أن هناك مسألة مقررة سلفا ويتم التعامل مع ملف المحاكمات العسكرية بالشكل الأسرع، وليس بالشكل الأفضل طبعا، ويتأكد لي المرة تلو المرة غياب الفصل بين السلطات، وليس هناك استقلال للقضاء، ويتم السير بهذا المسار بخطي حثيثة من قبل النظام السياسي في مصر.

* لكن القانون أعطي الحق لرئيس الجمهورية في إحالة الاتهامات المشابهة للمحاكمات العسكرية، فلماذا الاعتراض إذا كان القانون يرتب هذه المسألة؟
ـ عن أي قانون تتحدث يا سيدي، هذه قوانين استثنائية، هل يجوز أن تظل هذه القوانين تحكم العالم، نحن اليوم في حالة عولمة القوانين الاستثنائية، هل يجوز أن يستمر هذا دون مقاومة من أطراف المجتمع المدني، ودون تغيير لهذه الحالة التي أصبحت تنتهك حقوق الإنسان علي مختلف الأصعدة، نحن نعد الآن لكتاب عن حق التقاضي في مصر،
وعن القوانين والمحاكم الاستثنائية بما فيها المحاكم العسكرية للإخوان المسلمين، منذ متي يحاكم المدنيون أما م محاكم عسكرية؟، ومنذ متي يصدر حكم من المحكمة الجنائية بتبرئة المتهمين وتستمر المحكمة العسكرية في الانعقاد؟ منذ متي يكون هناك عدة محاكم في نفس الوقت؟، يجب فض النزاع بين هذه الأحكام المتناقضة، وهوالطلب الذي تقدم به محامون مصريون إلي المحكمة الدستورية العليا لحل هذه الإشكالية، ونحن إزاء ذلك كناشطين في حقوق الإنسان هل ينبغي لنا أن نصمت، ونحن نعرف أنها قوانين استثنائية، وهي تفصل علي مقاس الحاكم من أجل أن يفعل ما يشاء، ويوصل بها النظام رسائل للخارج تناقض تصريحاته الدائمة باحترامه حقوق الإنسان.
* البعض يعتبر مراقبة النشطاء الدوليين لأوضاع حقوق الإنسان تدخلا في شؤون مصر الداخلية، ما تعليقك؟
ـ سيدي أنا لست غريبة عن مصر، أنا لبنانية عربية، لماذا يحاول البعض المزايدة علي دورنا الذي نتمني أن يتحول إلي ثقافة عامة في الشارع العربي، تحترم حقوق الإنسان، وتتضامن مع من يعتقد أنهم يتعرضون لظلم شديد نتيجة لأفكار يتبنونها، هل من المعقول أن تحبس رئيس تحرير، لا بل أربعة رؤساء تحرير، ثم تقول لمن يتضامن معهم، هذا تدخل في شؤوننا الداخلية، لماذا تصادر شركات عائلات الإخوان،
أنت تعرف أن الضغط الاقتصادي علي المعارضين، والناشطين السياسيين يهدد الممارسة الديمقراطية في مقتل، ولجنة الخبراء التي أعدت التقرير المالي لشركات الإخوان قررت أنه لم يثبت أن هناك علاقة بين هذه الشركات وتمويل نشاطات الجماعة. ما ذنب أطفال المتهمين في أن تهدد لقمة عيشهم، بعد القبض علي والدهم، يا سيدي إن قضية حقوق الإنسان اليوم أصبحت عالمية، وإلا لكان لكل حاكم الحق في ارتكاب المزيد من الانتهاكات. من حقنا التضامن مع المجتمع المدني في لبنان أوالمكسيك، لا يمكن أن تختلف حقوق الإنسان من بلد إلي آخر.
* الملاحظ أن السلطات سمحت في مرات سابقة بحضور مراقبين دوليين للمحاكمات العسكرية، لماذا بنظرك يرفض النظام تمكين الناشطين الحقوقيين من الحضور هذه المرة؟
ـ أنا أعتقد أن ما تمر به مصر من تحولات، ودخولها في حقبة انتقال غامض للسلطة، ربما لمرحلة أخري لن يكون فيها الرئيس الحالي، ربما ابنه، أوشخص آخر، هذا التحضير لهذه المرحلة يجعل الوضع يتسم بالقلق الشديد والغموض، وهوما لا يمكن فصله عن حالة الطوارئ الدولية التي يسعي لفرضها النظام الأمريكي، وتتعاون معه الأنظمة القائمة،
وهو وضع يكرس الانتهاكات تحت مسميات مثل قوانين الإرهاب، ولمزيد من هذه الانتهاكات تحاول الأنظمة فرض طوق من السرية علي ممارساتها القمعية، ولا تعلن محاكماتها في الضوء، وتمنع الناشطين من الحضور لمراقبة الوضع الذين يسعون إلي ضمان عدم الإخلال بالحقوق المشروعة للأفراد.

وهذا بالضبط ما يحدث معنا حين لا نتمكن من حضور جلسات محاكمة الصحفيين، أو الإخوان، أو غيرهم من أفراد الشعب المصري، ونحن علينا أن نقف ضد هذه السلوكيات بالتعاون مع المنظمات المدنية المصرية التي تواجه بالقمع هي الأخري، وتغلق مقارها في القاهرة والمحافظات المصرية.

* باعتقادك هل يمكن تحسين وضع حقوق الإنسان في مصر بالضغط الدولي، والتحركات التي ازدادت وتيرتها مؤخرا للمنظمات المدنية؟
ـ بكل تأكيد، خاصة بعد حصول مصر علي عضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واستمرار انتهاكاتها لحريات الصحافة والتعبير، لا يسيء لها فقط، وإنما يهدد بقاءها في هذا المجلس، الذي يستمع بإصغاء إلي ملاحظات المجتمع المدني، ومنظماته المحلية والعالمية، ويعيد تقييم الدول ومدي التزامها بحقوق الإنسان بالاستعانة بهذه المنظمات التي تكتسب صفة الاستقلالية، وهي علي ذلك لا تخضع للأمم المتحدة أو لأي جهة أخري.

0 التعليقات :

أضف تعليقك