مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


لا أعلم لماذا يحتاج نظام مبارك مزيدا من التشريعات سيئة السمعة مثل مسودة التشريع الأخير الخاص بالهيئات القضائية. فالقضاء محاط أصلا بقيود شديدة لا تسمح لنا ولا له بالأمل في استتباب العدالة وخاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية.

وفوق ذلك فالدستور نفسه يسمح بخمسة أنظمة قانونية استثنائية منها قانون الطوارئ، وحق رئيس الجمهورية في إصدار تشريعات في غياب المجلس (رغم أن حضوره لا يصنع فرقا في الدفاع عن الحريات العامة) وهو ما نبهنا الراحل العظيم عادل عيد إلي أنه صار عادة.

وفوق ذلك فالسلطة التنفيذية كانت تستطيع في العادة تجنب النظام القضائي الطبيعي كلية والاعتماد علي القضاء الاستثنائي.

ومنذ عام 1952 كانت القضايا السياسية المهمة تعرض أمام محاكم ثورة ومحاكم عسكرية وأنواع أخري من المحاكم الاستثنائية. ويرجع لنظام مبارك "الفضل" في جعل هذه العادة "دستورية".
والأرجح أن جميع القضايا المهمة والتي يريد النظام أن يضمن فيها أحكاما معينة سوف تحال إلي محاكم عسكرية. ولذلك أحيلت قضية الإخوان المسلمين الي القضاء العسكري.

وبالأمس تأجل إصدار الأحكام في هذه القضية "البزرميط"، وربما يكون السبب هو التدقيق من أجل إضفاء مصداقية علي المحكمة بتنويع الأحكام تنويعا مناسبا، فلأول مرة في التاريخ القضائي منذ عام 1952 تستشعر السلطة التنفيذية أن عليها إكساب الأحكام العسكرية بمواجهة المدنيين مصداقية قانونية وهو أمر متناقض بذاته إلي حد أنه قد يصبح طرفة أو فزورة.

وكان نظام مبارك قد أصدر تعديلات تشريعية للسماح بالاستئناف في المحاكم العسكرية. والواقع أن هذه التعديلات لم تطمئن أحدا، فالمسألة الجوهرية هي أن المحاكم العسكرية لا تتمتع بالاستقلال وأنها جزء من السلطة التنفيذية وأنها تخضع خضوعا تاما للرئيس الذي يستخدمها لتسوية خصوماته السياسية أو للانتقام ممن يراهم خصومه. ولا أري فارقا إطلاقا بين محاكم الثورة والمحاكم العسكرية، فالفارق ليس سوي التسمية. أما الجوهر الثابت فهو التعسف في استخدام السلطة العامة لتحقيق أهداف سياسية عن طريق نظام تقاض غير طبيعي.

والواقع أن الأهداف السياسية ذاتها تفتقر للمنطق، فالمحاكمات العسكرية لا يمكن أن تحل "مشكلة الإخوان".
الحل الصحيح يجب أن يكون سلميا وقانونيا وتفاوضيا بما يؤمن طريق مصر للديمقراطية

0 التعليقات :

أضف تعليقك