مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

أفراح وأحزان أسر المعتقلين خلال عام المهزلة العسكرية

يمر اليوم بعد اليوم حتى صارت الأيام عام ، ولازال يقبع خلف القضبان شرفاء وطن ما عرف قيمتهم وما وضعوا بمكانهم الصحيح أفراد تحكموا في هذا البلد المسكين ، عام يمر على بداية مهزلة عسكرية جديدة يدفع المصلحين ضريبتها من أقواتهم وأموالهم وصحتهم وهم خلف سور عالى يمنعهم من تنشق عبير الحرية ، عام مر على حبس 32 شريف من شرفاء وطن باتت الحرية فيه حلم بعيد المنال ، ومع أهاليهم كان لنا هذا اللقاء يتذكرون أحداثا مرت عليهم خلال هذا العام غيب فيها ذويهم خلف القضبان...

تحقيق : أسماء شحاتة

بداية تحصر زهراء الشاطر الأحداث التي مرت بأسر المعتقلين خلال العام قائلة:

أحداث كثيرة مرت علينا هذا العام ما بين خطبة وزواج ومرض وشفاء وحوادث نجانا الله منها طالت أسر المعتقلين ، فكان هناك على مدار 12 شهر 12 عريس وعروس من أبناء المعتقلين وسيكون زواج ابن وابنة المهندس مدحت الحداد الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.

وكذلك خلال العام رزق أكثر من معتقل بأبناء مثل الدكتور ضياء فرحات والأستاذ محمد مهنى كما رزقوا بأحفاد منهم أبي فك الله أسره والأستاذ الحسيني وغيرهم ، فكانت ولادتهم طاقات نور في وسط ظلام المحنة.

وخلال العام أنشأنا رابطة أطفال الحرية لنقول لأطفالنا أن طريقة تعبيرك لازم تكون سلمية وأنه هناك دائما طريقة جيدة للتعبيرعما تريد ولكن بطريقة سلمية.

وتعددت الحالات الصحية الحرجة بين المعتقلين فالدكتور عصام حشيش أصيب بأزمة قلبية والدكتور عبد الرحمن سعودي قام بعملية قسطرة للقلب وأبي كانت لديه حصوة على الكلى كما اصيب بأعراض القدم السكري وزوجي المهندس أيمن عبد الغني أصيب بانزلاق غضروفي وغيرهم آخرين على رأسهم الحاج حسن زلط .

وكانت هناك أكثر من حالة وفاة منذ بدأ الاعتقال لعل أولها كان وفاة والد الأستاذ أحمد أشرف ووالدة الأستاذ أحمد عز الدين غير الحوادث التي طالت أسر المعتقلين أنفسهم حتى سمعت شخصا يقول في يوم ما أن هذه القضية محسودة من كثرة ما أصابنا فيها ..!

فقد حصلت أكثر من حادثة هددنا فيها بالموت ونجانا الله منها وكأنه يلطف بنا فكانت ياسمين محمد حافظ ابنة الثلاثة أعوام مهددة بالموت عند إصابتها بالالتهاب الرئوي الذي تطلب تدخلا جراحيا ، وكذلك أصيبت والدتي حفظها الله بجلطة في المخ وعافاها الله بفضله ، وتعرض محمد ابن المهندس أسامة شربي لانقلاب سيارة نصف نقل فوق سيارته وأصيب بكسر في الجمجمة وعوفي منه ولله الحمد ، كما تعرضت أسرة الدكتور عصام عبد المحسن لحادث انقلاب سيارة كادت تودي بحياتهم لولا لطف الله وفضله ، وسقطت زوجة المهندس أحمد شوشة أسفل سيارة نصف نقل ولكنها لم تصب إلا ببعض الخدوش ، وكذلك منذ أسبوعين تعرض ابنه لحادث سيارة ونجى منها بفضل الله فالحقيقة كان هذا العام مليئا بالحوادث التي نجى الله منها كل الأسر بفضله ولطفه سبحانه وتعالى وكأنه يرسل لنا آية مع كل حادث يمر بنا ، وكنت خلال مرض أمى أسمع كثيرا من يقول لى لا تقلقي نجى الله جميع من أصابهم خلال تلك القضية فثقي بأن أمك ستنجو وقد كان ولله الحمد.

وعن تأثير هذا العام على الابناء تقول زهراء :

هو للاسف أغلبه تأثير سلبي فكنا نحاول ان نغرس في أبنائنا ونربيهم على قيم ومفاهيم معينة الا ان ما حدث أثر جدا في قناعتهم على سبيل المثال حينما قاموا بعمل رابطة أطفال الحرية وقاموا وقفات وتقديم شكاوي بصورة سلمية كما تربوا ولم يجدوا اى مردود ايجابي على ما يصنعون فتهدمت فيهم قيم كثيرة وشعروا انه لا جدوى من الطرق السلمية التى كنا نقوم بها في اكتر من موقف وتعرضهم للمحاكمات نفسها وأحكام الافراج التي سمعوها بآذانهم فكانوا يذهبون للبيوت ويستعدون لاستقبال الاباء ولا يحدث فكانت صورة المحكمة والعدل وهيبة القاضي تتهدم أمام عيونهم ، حتى الشرطة بمعناها حماية الشعب ما عادوا يصدقونها واصبحت لديهم تعني الاعتقال ليلا من البيوت والتفريق بينهم وبين أبائهم.

غير كده طبعا يوم نجاحهم وعدم وجود ابائهم معهم وعدم ذهابهم للمصيف مثلا في حين ذهب غيرهم ومرور الاعياد عليهم مع مشقة الزيارة في الاعياد أثرت عليهم بشدة ، من ناحية اخرى لم نستطع لضغط الوقت ان نقوم بتنظيم اى عمل ترفيهي لهم في فترة الاعياد السابقة حيث الجلسات المتتالية والزيارات وضغط الوقت بصورة رهيبة منعنا من ان نستطيع الترفيه عن الاطفال.

وايضا كثير منهم اول مرة يحرموا من ابيهم سنة كاملة فاولادي مثلا تعودوا انه والدهم بيتاخد شوية وبيرجع لكن الفترة الطويلة مثل هذه المرة لم تحدث من قبل عندهم.

ففقد البيت اشياء كثيرة داخله حتى الضحك ما عاد من القلب والمذاكرة فيها تقصير شديد وعدم ترتيب كافي بسبب مواعيد الزيارات والمحاكمات ، حتى التقاليد العادية في البيت تغيرت لعدم وجود الاب فدائما مضغوطنين ولا توجد فرصة للاسترخاء ويمكن هذا اثر على الاولاد بصوة كبيرة ومستواهم الدراسي بيقل لعدم القدرة على المتابعة الجيدة مثل الماضي قبل الاعتقال.

وعن التعاطف مع القضية تقول زهراء :

كان التعاطف كبيرجدا خلال هذا العام على كل القطاعات واذكر اننى قبل يومين كنت في مول ووجدت سيدة عادية جدا توقفني وتسألنى انتي فلانة وكانت قد رأتني في التليفزيون وقالت لي احنا بندعيلكم جامد اوي ربنا ينصركم ويثبتكم فالحمد لله التعاطف كان يزيد كل يوم عن اليوم الذي يسبقه فأحسسنا بحب الناس لنا وفهمهم لقضيتنا ، حتى اسر المعتقلين باتوا يمثلون اسرة واحدة حتى بتنا نشعر بافتقاد بعضنا البيعض خلال المناسبات او بمرور الايام ان لم نرهم فيها نتشارك الاحزان والافراح سويا.

وتعقد زهراء مقارنة بين سلوكياتهم كأسر للمعتقلين وبين سلوك الحكومة معهم خلال هذا العام قائلة :

يتهموننا بتعطيل الدستوور، تعالى نقارن اذا بين سلوكيتنا وسلوكيات الحكومة خلال هذا العام ستجدين اكثر من قرار بالافراج عنهم يصدر ، فتقوم الحكومة بادخالهم عربة الترحيلات ، فيصدر افراج آخر يتم تحويلهم الى محكمة عسكرية في نفس اليوم من غير تحويل على النيابة، نقوم بعمل وقفات سلمية فتجدين جيوش مدججة في الشوارع تحيط بنا من كل جانب،حتى الوقفة الاخيرة التي قمنا بها امام مجلس حقوق الانسان وجدنا ضابط امن الدولة الذي دخل بيوتنا واعتقل أبائنا وازواجنا يجلس معنا في جلستنا التي كانت مع رئيس المجلس ، ورغم ما تعرضنا له اننا نلجأ دائما لطرق سلمية نعبر عن قضيتنا بها وفي المقابل كانوا يقاوموننا باجراءات غير قانوينة او محاصرتنا بأفراد الامن بأساليب فجة جدا.

وتضيف الدكتورة امل زوجة الدكتور محمد حافظ حول مدى تأثر عام من الاعتقال على الاطفال قائلة :

بداية الاطفال بدأ يحدث لهم حالة من التذمر من طول اعتقال وبعد والدهم عنهم خاصة ابنتي الصغرى ياسمين وبدأت تتمرد على المحكمة والزيارات وتقول لى انا لا اريد الذهاب الى هنا ، وحينما يأتي الليل تلتصق بي ولا تنام الا وانا بجوارها بعد ان ارتبط الليل معها باعتقال والدها وربطت كل شئ ببعضه واصبح عندها خوف من امن الدولة والمحكمة والذهاب الى هناك.

ومن اكثر المواقف المؤثرة خلال هذا العام مرض ياسمين وعدم وجود والدها بجوارها خلال العملية التي اجريت لها وقامت منها بسلامة الله.

وبحضورنا للمحكمة والزيارات الكثيرة قلّ وقت المذاكرة جدا فهناك بعض ايام يعود ابنائي من المدرسة واكون انا في المحكمة فيذهبون لجدتهم مما ولد لدينا نوع من عدم الاستقرار في المنزل او في الاسرة منذ بدأ الاعتقال ، ومن ناحية اخرى قلت فرص الترويح عن الاطفال بصورة كبيرة واصبحت خروجتنا الى المحكمة او الى الزيارة مما يضغط على الابناء بصورة كبيرة خاصة مع تزايد حاجتهم لوجود والدهم معهم.

وعن تقييمها للتعاطف مع القضية والفهم لها من المحيطين تضيف الدكتور امل قائلة :

بصراحة تعاطف كبير وفهم عالى للقضية حتى الناس التى كانت غير مهتمة مثل الجيران مثلا وجدناهم بجوارنا خلال هذا العام حتى الاقارب الذين لم يكونوا يعلمون عن توجهاتنا باتوا يتعاطفون معنا بشكل كبير لي لاننا اخوان او غيره لكن لانهم يعرفون الدكتور محمد جيدا ويعرفون اسرته وبالتالى تعاطفهم معنا كأفراد كان كبيرا خلال هذا العام ولازال.

وتقول مدام هبة زوجة الاستاذ محمد مهنى :

من اكثر الاحداث التي مرت بنا وأثرت خلال هذا العام كان وفاة والد زوجي بعد شهر من الاعتقال وولادة ابني عبد الله بعد 3 شهور من اعتقال أبيه ووفاة والد

وطبعا المسئولية كلها وقعت علىّ خلال هذا العام في عدم وجود زوجي وأكثر ما أثر فينا هو عدم استقرار الاسرة فنحن نتنقل من بيت امي الى بيت والدة زوجي بسبب الزيارات والمحاكمات خاصة مع صغر سن أبنائي عمر وعبد الله ، حتى ان ابني عمر كل حين يقول انا عايز اروح بيتنا وعايز بابا يرجع علشان نرجع بيتنا (البيت الذي نشأ فيه واعتاد عليه ) ، وهذا العم أثر في عمر ابني بشكل كبير فنحن نرى والده في مواعيد محددة خلال الزيارة مما اثر عليه بشدة رغم محاولتي الدائمة ان استوعب سخطه وعدم ادراكه للامور فافتقاده لوالده ولمنزلنا وهما اكثر ما يحب أثرا فيه بشدة.

وبات يكره المحكمة ويضيق كلما سمع تلك الكلمة حتى كلمة ( النقابة) احس انه شئ سئ لانه لم يسمع تلك الكلمة الا مصحوبة بكلمة مؤتمر او مظاهرة او وقفة احتجاجية ولما نذهب الى هناك لا يسمع الا الهتافات المنددة باعتقال والده ومن معه ، حتى اننى منذ يومين كنت انهي بعض اوراقي في نقابتي فوجدته يقول لي لا تذهبي الى هناك فهو مكان سئ..!

ومن الاثار الايجابية خلال هذا العام هو كسبنا ود الكثيرين من الجيران الذين تفاعلوا مع القضية وشعروا بالظلم والفساد في البلد اكثر بكثير من ذي قبل ، حتى الجيران لم اتصور انهم يحبون زوجي بهذا الشكل وبات هناك فهم أعمق للقضية واثر في الناس بصورة كبيرة خاصة الجيران الذين ارى تعاطفهم وفهمهم لما يحدث بصورة لم اتصورها واتمنى في العام الجديد ان يفك الله اسر زوجي وكل من معه وان ينتهي الفساد والظلم من البلد فهي لا تستحق الا كل خير

وعن ايجابيات وسلبيات العام الذي مر على الاعتقال تقول أم الزهراء زوجة الدكتور أمير بسام:

بعضها ايجابي والاخر كان سلبي..!

فأما الايجابي فكان التطور الذي حدث لابنائي من تحملهم اكثر للمسئولية فالظروف اللى حصلت انضجت شخصياتهم وتفكيرهم الذي اضحى اعمق وانضج وعرفوا وفهموا طريق والدهم وتقييمهم للاشياء اخذت الشكل العقلي اكثر من الناحية العاطفية كما كانوا من ذي قبل.

اما من الناحية السلبية كنتيجة طبيعية للظروف التي مررنا بها خلال العام فقد اصيب الابناء في البداية بهزة شديدة من ناحية المجتمع الذي تناقض رد فعله حول القضية ما بين المتعاطف وبين المتقبل لما حدث فحدثت لهم هزة نفسية شديدة من ردة الفعل.

ومن ناحية اخرى والدهم كان مصدر الامان والعقل لديهم فافتقدوه حتى ابنتي الكبرى تعبت جدا ورفضت بشدة ان تذهب لاى دكتورحيث كان والدها من يعالجها اذا ألم بها خطب حتى الدواء رفضته الى ان وصلت لدرجة خطيرة فاضطررنا على اجبارها لتلقى العلاج اللازم.

أما عن المشاركة والتعاطف خلال العام تضيف ام الزهراء قائلة:

على المستوى الشخصي هناك مشاركة ايجابية جدا خاصة بعد أن طالت فترة الاعتقال رغم تخيلي انه مع طول المدة الناس ستمل الا انها شاركت اكثر ونقمتهم زادت على ما يصنع فينا خاصة انهم اخذوا اكتر من مرة افراج ولم يتم تنفيذ الحكم ، فالناس اصبح فهمها للقضية اكثر خاصة مع تناقض الفعل من الحكومة اكثر من مرة بالنسبة للاحكام التي صدرت في حقهم وبات الناس على وعي بمدى الظلم الواقع علينا وعلى ازواجنا ، حتى انه واحدة بسيطة قالت لي "دول خايفين يشوفوا ناس نظيفة زيكم أدامهم" لكن مشاركة الاحزاب والقوى الشعبية احسست انها ليست على المستوى المطلوب حتى من كتبوا عن القضية احسست انهم يتحدثون على استحياء.

0 التعليقات :

أضف تعليقك