مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

بقلم: أ. د. عصام عبد المحسن

ما ظننت يومًا أني سأبكي على الأطلال كالشعراءِ

وأذرف الدمع شوقًا لديارٍ وحوائط وفناءِ

وينفطر القلب حزنًا لفراقِ أهلي وأحبائي

فقد مضى عام وأنا بعيدٌ عن بيتي وعن أبنائي

ففي مثل هذا اليوم هوجمت بجحافل السفهاء

وقادوني إلى السجن أنا وإخواني من الشرفاء

ومكثنا بغياهب المحكموم أربعين ليلة ظلماء

ستة عشر نفسًا حُشروا بغرفة صحاء

بدورة مياه واحدة يقطع عنها الماء

ومنعونا المراتب والأَسرَّة وأعطونا بطاطين سوداء

لا تحجبُ لسع البرد ولا تمنع زمهرير الشتاء

وتركونا مع المدمنين والقتلة وسفاكي الدماء

أربعين يومًا وليلةً طويلةً كئيبةً شنعاء

لم نرَ فيها أهلنا سوى مرتين بكل عناء

ثم نقلونا إلى المزرعة وكلُ السجون سواء

وخدعوك بقولهم حسناء والغواني يُغررن بالثناء

فالفئران والصراصير تمرح والنمل والبق من الرفقاءِ

وزوار الفجر أيضًا في السجون من النشطاء

يعبثون ويبعثرون ويفتشون في كل رداءٍ وتحت كل حذاء

يبحثون عن أي ورق أو تليفون أو أي أشياءِ

وبدأت المحاكمة العسكرية مع حملةٍ صحفيةٍ شعواء

وبصلصلةٍ وطنطنةٍ لبثِّ الرعبِ في الأجواءِ

وتشويه سمعة الشرفاء ونهب ثروة الأغنياءِ

وساقونا مكبلين بالقيودِ ونحن الأحرار الأبرياءِ

إلى ساحة محكمةٍ بطرف صحراء جرداءِ

ووضعونا في أقفاصٍ تعافها الحيوانات العجماء

واستمروا في غيهم لا يستجيبون لنداء العقلاءِ

ولا يفرجون عن أخيارٍ برَّأتهم أحكامُ القضاءِ

ولكن هيهات لنفوسٍ مؤمنةٍ أن يرهبها الجبناء

أو تكسر إرادتها من قعقعة جوفاءِ

فرحمة الله تدرك عباده الذاكرين الضعفاء

الذين ما خرجوا إلا استجابةً لأمر السماءِ

وطلبًا لما عنده من الثواب وحسن الجزاء

وما كان قولهم لما تعرضوا لشدة البلاء

إلا أنهم قالوا أنت حسبي وأنت رجاءِ

فأثابهم بما قالوا بأحسن وأجزل عطاءِ

وأخلفهم في أهلهم بما لا يُحصى من النعماءِ

فنجح كل أولادنا واستحقوا المدح والإطراءِ

وتزوجت مريم وسارة بنات الشاطر من نبلاء

وسمية وبنت الجواد أكرمهما بإتمام البناء

وبسمة وبنت الحداد كتب عليهما اثنان من الفضلاءِ

وهاني وابن بغدادي لحقا بركب العاقدين الأوفياء

وخطبت نيرة وبنت مالك لزينة الشباب الأتقياءِ

وولد عبد الله وأنس ويوسف لمهنى وعزٍّ وضياءِ

ونجَّى الله ابني شربي وبشرٍ من حوادث فظيعة رعباءِ

وآل عصام كلهم نجوا من انقلاب سيارةٍ رعناءِ

وشفى الله بنت حافظ من مرضٍ شديد الداء

وبمعجزة إلهية وعناية ردَّ الروح لأم الزهراءِ

وهكذا عوضنا الله وأخلف علينا بكل سخاءِ

وهذا عطاؤه سبحانه للسائرين على درب الأنبياءِ

وغدًا يفك أسرنا ويستجيب منا الدعاء

ويعوضنا عن سجننا بجنات خلده العلياءِ

------------

0 التعليقات :

أضف تعليقك