مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك





المهندس أسامة شربي

هو أكبر المحالين للمحكمة العسكرية سنًّا ولكنه أكثرهم بشاشةً وتبسمًا، أنه المهندس أسامة عبد المحسن شربي، ووالده رحمه الله هو أحد الرعيل الأول للإخوان المسلمين، وقد ظلَّ أعوامًا عديدةً في سجون عبد الناصر وخرج بعدها ليكون له دور بارز في ترشيد الصحوة الإسلامية في مصر، وذهب لأفغانستان كخبيرٍ تعليمي حيث أنشأ العديد من المعاهد، وقام بالإشراف على رعاية أبناء الشهداء، وقد كان له دور في وضع دستور اليمن في أواخر أربعينيات القرن الماضي.

والمهندس أسامة شربي هو خير خلف لوالده، فقد سار على طريقه، وكان من أوائل مَن بذلوا الجهد في الإسكندرية لتوجيه شبابها نحو الفهم الصحيح للإسلام.

وقد عمل المهندس أسامة شربي مهندسًا زراعيًّا ثم مراقب جودة في شركة النصر للدخان، ولكنه كما حكى لي لم يستحل العمل بها رغم أن مرتبها كان ثلاثة أضعاف مرتبه الحكومي وهو مهندس زراعي, ورغم الامتيازات التي كانت له من سفرياتٍ للخارج وسيارة خاصة وغيرها، ولكنه تورَّع عن شبهةٍ قد تثلم دينه واستقال وأخذ أرضًا صحراويةً في مديرية التحرير، وقد بارك الله له فيها فصارت حدائق وحقولاً وسَّع الله بها عليه، ثم نَذَرَ نفسه لخدمة زوَّار بيت الله الحرام تطوعًا وحسبه، فكافأه الله تعالى بأن أصبح مديرًا لشركة سياحية يرأس مجلس إدارتها ولده الوحيد.

وقد فتح الله على المهندس أسامة من فضله؛ وذلك بعد أن زَهَدَ فيما هو فيه شبهة فأعطاه الله الرزق الوفير حلالاً خالصًا من خلال تلك الشركة التي أصبح أغلب نشاطها في مجال السياحة الدينية، ولعل أهم ما يُميِّز المهندس أسامة هو وده ولطفه وحلو سمره، فلا تكاد تسير معه حتى تجد نفسك قد ضحكت من كل قلبك، وزالت عنك كل همومك بسبب كلماته و"قفشاته"، فضلاً عن حكاياته والتي كلها عظة في ضحكه وتعلم من موقف.

ولم تفارق البسمة وجه المهندس أسامة حتى في أحلكِ الظروف والمواقف التي تعرَّض لها، وكان أصعبها على الإطلاق حينما جاءنا خبر إصابة ابنه في حادثٍ أليمٍ تحطَّمت على إثرها السيارة، وقد كانت جديدة تمامًا ومرتفعة الثمن، وأُصيب الابن الأوحد محمد بإصاباتٍ بالغة، وقد آلمنا جميعًا ما حدث لابنه وتحسبنا كيف نُخبره حتى عرف بما حدث لابنه، وكنتُ ملازمًا له آنذاك فلم يزده هذا البلاء إلا صبرًا وشكرًا، ولم أسمع منه إلا الحمد لله رب العالمين.

وهكذا أراد الله أن يمتحن الحاج أسامة في كل شيء، فشركته أُغلقت واستولوا على كلِّ ما فيها من أموالٍ وتحفظوا على حسابه في البنك، واعتدى جيرانٌ له على أرضه وأرادوا أخذها عنوةً طمعًا فيه بعدما علموا ما حدث له، ثم ثالثة الأثافي كانت إصابة ابنه الأوحد في حادثٍ كاد أن يودي بحياته، ومع ذلك أُشهد اللَّهَ أنني ما سمعتُ منه إلا الحمد والشكر لله، وقد دعونا جميعًا لابنه بالشفاء، فعافاه الله عزَّ وجل.

وبعد معرفته بما حدث لولده.. ما هي إلا أيام قلائل وعادت البسمة على وجهه، وظهرت نواجذه في ضحكته المعهودة فكان ببسمته يُعلمنا الصبر والتسليم لأمرِ الله تعالى.

والمهندس أسامة رياضي قديم كان في شبابه بطل ملاكمة ويجيد ركوب الخيل وما لبث إلا أن أجاد لعبة تنس الطاولة، وله طابور صباحي في السجن، ويسير فيه بهمة ونشاط يضرب فيه عصفورين بحجر واحد فهو يتريض ويقرأ القرآن.

ورغم كبر سنه (64 عامًا) إلا أنه يجتهد في حفظ القرآن؛ حيث يراجع ما حفظه ويستكمل ما بقي له، وتجده كل صباح يسير مبكرًا مراجعًا ما حفظه وعقب صلاة الظهر تجده بجوار مسجد السجن يُذاكر مذاكرةَ التلميذ، ممسكًا بالورقة والقلم يجتهد في حفظ سور القرآن، ويُنادي على أحد إخوانه لكي يسمع له شيئًا مما حفظ، ويردد دائمًا أنه يدعو الله أن يختم المصحف حفظًا قبل موته.

ويتميز المهندس أسامة بأنه ذو الذوق الرفيع يُجيد محادثة الآخر ويحافظ على شعوره، ويحترم مشاعره ويُقدِّر مواقفه وكثيرًا ما يُحدثني عن بعضِ اللمسات في الكلام والحديث والمحادثة كلها تتم عن ذوقٍ رفيعٍ وأدب جم وهبه الله له؛ ولذلك اختاره الزراعيون أمينًا عامًّا لنقابتهم في الإسكندرية، كما أنه مشاركٌ في كثيرٍ من الجمعيات الخيرية.

وقد يُخيل إليك أنك حين تسمع عن رجلٍ باسمٍ ضحوكٍ ذي ذوقٍ رفيعٍ بأنه لا بد أن يكون هذا الرجل بعيدًا عن مواهب القيادة وفنون الإدارة، وهو العكس بالنسبة للمهندس أسامة فهو يجيد إدارة الأفراد وبارع في العلاقات العامة؛ ولذلك قاد شركة السياحة التي يُديرها، ويشارك فيها ابنه الوحيد (إيجيلكا) لتكون واحدةً من أبرع وأصدق شركات السياحة في السياحة الدينية.

والمهندس أسامة يُفكِّر مليًّا ودائمًا في مصلحة بلده فقد تجاذبنا أطراف الحديث حول شكل السياحة في ظل بلدٍ إسلامي عريق مثل مصر فوجدت لديه تصورًا كاملاً حول أنواع السياحة الثقافية والعلاجية والدينية والأثرية والترفيهية وغيرها، وكيف يمكن أن تكون مصر هي واحة السياحة والسياح من شتَّى أرجاء الأرض دون التفريط في أخلاقنا ومبادئنا وقيمنا فأيقنت بعد أقواله أنَّ في مصر كفاءات عِظام في كل مجال تستطيع أن تبني مصر الحديثة، ولكن للأسف نظامنا الفاشل يزجُّ ببعضهم في السجون بدلاً من أن ينتفع بهم لإصلاح هذا البلد، والبعض الآخر لا يجد فرصته نتيجة الفساد والاستبداد في مصر.

وقد قال لي المهندس أسامة إنه كان قبل اعتقاله يدعو الله دائمًا بحسن الخاتمة، فبعدها بقليل حدث اعتقاله.. فقلتُ له إن ما أنت فيه عمل صالح ستخرج بعده إلى زوجتك وإلى محمد ابنك ورحاب ابنتك وإلى أحفادك ليتمتعوا بمجالستك كما أمتعتنا بمعرفتك وأنت يا مهندس أسامة كل أعمالك بإذن الله صالحة.

وفي النهاية أطلب من القراء أن يدعوا الله أن يتم شفاء محمد بن المهندس أسامة، وأن يُعيد له ما اغتُصب من ماله، وأن يفك أسره وأسرنا أجمعين، وأن يكتب لنا حج بيته الكريم من خلال الشركة التي يُديرها مهندس أسامة شربي بأسعارٍ ميسرة كما وعدنا

1 تعليق :

  1. Anonymous said...
    To my brother in islam,
    I would like to thank you and congratulate you for these really nice articles about your colleagues. The articles really seem reflecting the state of muslem brothers who stand hand in hand together an who really love each other and are always ready to sacrifice for ALLAH. I pary ALLAH to release you rom your prison so as you can all diffuse your essence in your houses and around. Yet, i like you to continue writing these articles, and you can even write a small booklet and don't forget the women flowers like zahraa el shater, etc who stand side by side with their husbands and father and are also suffering for ALLAH. Thank you again

أضف تعليقك