مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


هو الصامت المتكلم؛ فهو صامت لأنه قليل الكلام, وهو متكلم لأن أفعاله أبلغ من الكلام, قلَّما يختلف عليه أحد, معاشرته للسابقين في طريق الدعوة إلى الله أثَّرت في تكوينه وأخلاقه, وعمله في مجال التوزيع والنشر أثَّر في ثقافته وأفكاره.

إنه الأستاذ أحمد أشرف مدير دار التوزيع والنشر الإسلامية, وهو أحد القلائل الذين عاشروا الأستاذ أحمد حسانين من الرعيل الأول للإخوان المسلمين- رحمه الله- والمتوفَّى حديثًا منذ عدة أيام، والذي رافقتُه لمدة شهرٍ واحدٍ في سجن استقبال طرة سنة 1994م.

وكانت صحبتي للأستاذ أحمد أشرف لمدة عام حتى الآن، فقد أيقنت أثر التربية والمعاشرة في بناء الأفراد؛ والأستاذ أحمد حسانين نموذج مشرِّف للفقيد القدوة؛ فهو رجل المهام المختلفة، فما من عملٍ إلا وتجده مساهمًا فيه دون أن يُطلب منه ذلك, بل هو نِعْم المساعد إن ساعد، كما أنه نِعْم القائد إن تولَّى القيادة؛ تجده سهلاً محبوبًا ينال ثقة مَن حوله.

وصحبة الأستاذ أشرف له ساهمت في نقل خبرة الحياة إليه، فاجتمعت خبرة المعلم إلى خبرته, فنجد رأيه نِعْم الرأي؛ يدل على فهْمٍ للواقع قلَّما يُخطئ, يقول لى: "فقدت في هذا السجن أبويَن: أولهما أبوه نسبًا، وثانيهما أبوه تعليمًا وتربيةً؛ هو الأستاذ أحمد حسانين".

والأستاذ أحمد أشرف رجل الثقافة الأول؛ فقد استطاع منذ أن كان طالبًا أن يكون سببًا في نشر الكتاب الإسلامي؛ فحينما كان رئيس اتحاد طلاب كلية الزراعة بجامعة القاهرة قام هو وآخرون بإصدار سلسلةٍ من كتيبات "صوت الحق" التي كان لها أثر كبير في تبسيط العلوم الإسلامية ونشر الإسلام الصحيح بين جمهور الصحوة الإسلامية آنذاك, ثم عمل مديرًا لدار النشر بعد تخرُّجه، فساهم في إنتاج آلاف الكتب, كما أنه انتقل بالكتاب المصري إلى العالمية، فأشرف على ترجمة عددٍ من الكُتب إلى لغاتٍ عديدةٍ، كالإنجليزية والفرنسية والإندونيسية وغيرها، وشارك في حوالي ثلاثمائة معرضٍ دولي ليقتحم بالكتاب الإسلامي عمومًا والمصري خصوصًا الساحةَ الدولية.

أذكر أنه حين قام أحد المؤلفين بكتابة روايةٍ يهزأ فيها من الله والإسلام- وليمة لأعشاب البحر- ثم طبع الرواية على حساب الدولة، وحينها قامت مظاهرة طلابية غضبًا لدينها وحرمة ربها، ثم بعدها تم إيقاف الجريدة التي تناولت الرواية- جريدة الشعب- وجُمِّد الحزب صاحب الجريدة، وبالطبع لم يُمس مؤلف الرواية بسوء.

نسمع دومًا عن حلم أهل الحكم بكتاب لكل مواطن, ومكتبة لكل أسرة، ولو نظرنا إلى واقع الأمر وقصة أ. أحمد أشرف وإخوانه لقلنا إنهم يحلمون بزنزانةٍ لكل مثقفٍ شريفٍ أو ناشرٍ لفكرٍ نظيف.

0 التعليقات :

أضف تعليقك