مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

حوار- حسن محمود:

محمود عبد الجواد، أحد قيادات الإخوان بمحافظة البحيرة، وتحديدًا بمدينة إدكو، وعضو مجلس محلي محافظة البحيرة السابق، ربانيّ الكلمة، يكره الظلم والظالمين، صاحب توجُّه خيري واسع، ومشارك في العديد من الجمعيات الخيرية، حاصل على لسيانس الحقوق، وتفرَّغ للعمل في مجال المناحل، حتى وضع لنفسه مكانةً متميزةً في مجال تصنيع عسل النحل.

حصل عبد الجواد على حكمٍ بالإفراج عنه بعد ما يقرب من عام ونصف من المسرحية الهزلية التي أُقيمت في مقر الهايكستب، وصفها بأنها فترةٌ قضاها من أجل بناء مصر؛ الذي يحتاج إلى تضحية وبذل، مشدِّدًا على أن الأحكام التي صدرت بحقِّ باقي إخوانه تعبِّر عن خصومة زجَّت بقواتنا المسلَّحة في غير معركتها أو ميدانها.

(إخوان أون لاين) التقى به في ظلال شهر رمضان، وتذكَّر معه رمضان العام الماضي، وفتح معه الحديث حول المحكمة العسكرية ورؤيته لأيامها، فكان هذا الحوار:

* بداية.. كيف كنتم تقضون رمضان في معتقل العسكرية؟

** الاعتقال هو الاعتقال، والظلم وظلم، ولكن الله عز وجل أفاض علينا من عنده فيوضات خفَّفت من وطأة المحنة، حتى كانت أكبر منحة من الله عز وجل؛ عوَّضتنا عن الفراق والمعاناة.

وحياتنا في رمضان كانت تعتمد كثيرًا على الاجتهاد الفردي وقيام الفرد بجهد أكبر في التحصيل التعبدي، إلا أنه كان هناك جزءٌ مشتركٌ وجماعيٌ؛ مثل لقاءات حول القرآن للمدراسة والتفسير والحفظ حتى حفظنا معظم سور القرآن في شهر رمضان، وراجع البعض ما كان يحفظه.

* وكيف كان جدولكم اليومي تحديدًا في رمضان؟

** كنا نُنهي صلاة التراويح، ثم نقوم الليل في الساعة 2 حتى السحور، ثم نصلي الفجر، ونبدأ فيما كنا نسميه "العمرة" وهي ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى الشروق، ثم صلاة ركعتين كما ورد في سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم.

ويفضِّل بعضنا بعد ذلك أداء ورد رياضي، فيما كان يفضل البعض الذهاب للنوم؛ أي بعد ذلك كلٌّ له حال مع نفسه.

* ما أصعب شيء مرَّ عليك في رمضان الماضي؟

** الحمد الله على كل حال، ولكن المرء كانت له أمور يخص به هذا الشهر الكريم وحَرَمَها منه الظلم؛ فمثلاً كان أول يوم عليَّ في رمضان بالمعتقل مؤثرًا للغاية؛ لأنني اعتدت على جعله يومًا أسريًّا اجتماعيًّا، تلتفُّ عليه الأسرة والعائلة، ولذلك كان أول أذان في أول يوم مؤثرًا للغاية.

فضلاً عن ذلك كنت أحب أن أخص أيام رمضان بأداء العمرة، ولكن هذا العام فقدتها وفقدت حضوري بالحرمَين النبوي والمكي، ولكن أقول، والله شاهدي على ما أقول: إن الله أحال حياتنا في نفس الأوقات إلى حياة الحرم وأوجد بيننا روح الحرم.

* موقف تعرضت له خلال رمضان.

** رغم المأساة إلا أن الله كان يسوق إلينا الطرفة؛ قمت وأنا المهندس أحمد النحاس بعمل أرز باللبن، رغم أننا كنا لا نجيد عمله؛ فكنت أضع الأرز ويضع النحاس اللبن، ولا نجد أن الطبخة تحولت إلى أرز باللبن كما نعتاد رؤيتها، وكنت أقول: ضع اللبن وقلِّب يا نحاس حتى آتى، ولما عدت بعد قليل وجدت أن الأكلة باظت وقال الإخوة هذه الطبخة لن نستطيع أكلها؛ فأعطيناها للطلبة، وكانوا لا يزالون موجودين، وينتظرون غداة أكل هذه الطبخة تحقيقًا في النيابة، وذهبوا إلى النيابة وأخذوا إطلاق سراح؛ فأصبحت طرفة بين الإخوة أن هذه الأكلة طردت الطلبة من السجن.

* إذا تحدثنا سريعًا عن أول رمضان لك في جماعة الإخوان.. متى؟ وماذا حدث؟

** أول رمضان لي في هذه الجماعة المباركة كان في اعتكاف في عام 1979م في مسجد النور بالعصافرة، وكان المسجد منارة الدعوة في محافظة الإسكندرية ووجه بحري، ورغم التزامنا وقربنا من علماء الأزهر الشريف في شبابنا؛ إلا أني وجدت في الإخوان روحًا جديدةً وتوجهًا جديدًا وتجديدًا للفهم الإسلامي ولإيماننا المخدَّر، وأودعوا فينا روح حب الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بارك الله فيها من جماعة، ورعاها الله وسط هذه الحملات الشرسة عليها.

* مكثت 16 شهرًا في رحلة من السجن إلى الهاكستب.. ماذا تقول؟

** نعم أخي، 16 شهرًا، وأنا أعجب كيف يكون النظام الحاكم يريد استعجال القضية والحكم فيها، ولذلك أعلن أنه أحالها إلى المحكمة العسكرية لكي تمر بالفصل السريع العاجل في هذه القضية؛ ثم نجلس 70 جلسة، ثم يؤجَّل إعلان الحكم أكثر من مرة!! فأين هو وجه السرعة وأين القضاء العسكري المستعجل؟!

إننا واجهنا مهزلةً كبرى داخل المحكمة؛ حتى إن ألف باء قضاء، وأنا دراس للقانون، هو أن علانية الجلسة وعلانية الجلسة يعتبر- قانونًا- جزءًا من مشروعيتها الأساسية، وهو الشيء الذي لم يحدث، بل إن الشيخ البطل حازم أبو إسماعيل في مرافعته سأل القاضي عندما وجد إحدى الكاميرات في الجلسات: لمن تكون هذه الكاميرا؟ ومن الجهة التي تشاهد هذه الجلسة السرية؟ لم يُجِب ولم يغلق هذه الكاميرا، واستمر الأمر وكأنه لا شيء يحدث!!.

* هل كنتم تتوقعون صدور مثل هذه الأحكام؟

** كنا نتوقع أكثر من اتجاه في هذه القضية، وكانت هناك رسائل تأتي إلينا أن هناك مساعيَ لإنهاء هذه المهزلة من داخل النظام نفسه، ولكن وصلنا قبل صدور الأحكام أن الاتجاه المتشدِّد في النظام هو الذي غلب، وأن النية تتجه إلى إصدار أقسى العقوبات ضد المحالين إلى العسكرية، وأن هناك بقيةً مخلصةً تدخلت في اللحظة الأخيرة حتى تمت الموافقة على رغبتها؛ بشرط أن تكون الأحكام قاسيةً كي يتدخل الإخوان في "النقض" فيتم تخفيف الأحكام.

وأنا أقول إن محاكمتنا على أساس أننا جماعة محظورة لا أساس لها من الصحة، ولا أساس لها من العقل والواقع؛ لأن المحظور هو من تحظره شريعة السماء، ويحظره صندوق الانتخاب، ولكن النظام لا يرضى بذلك، وليته خلَّى بيننا وبين الناس، فهم جعلوا من إخوة الخارج كبش فداء من أجل ممارسة أكبر قدر من العنف مع الإخوان، وهم يحسبون أن الإخوان 88 نائبًا فقط في 2005م، وتناسوا أن الإخوان موجودون في مصر منذ عام 1928م؛ يتحركون بمنهجهم الإصلاحي من أجل إنقاذ هذا الوطن ورفعته، ولن ينتهوا أبدًا عن إرساء قيم مشروعهم الحضاري داخل هذا المجتمع الكريم.

العسل وأيامه

* من إدكو إلى المحكمة العسكرية كيف دُبِّرت القضية؟
**
في 13/6/2006م كنت في زيارة للدكتور أمير بسام ببعض منتجات العسل، وكنا نريد أن نفتح معًا متجرًا في نهاية شارع عباس العقاد لبيع العسل، ووصلت إلى بيته في الحادية عشرة، وفي الرابعة عصر نفس اليوم فوجئنا بجحافل الأمن المركزي وعلى رأسهم ضباط أمن الدولة يلقون القبض عليه فيما عُرِفَ بقضية "البر"؛ فعجبت من القبض على أساس فتح المحلات، وأصررتُ أن آخذ معي العسل إلى رئيس النيابة في القضية التي عُرفت بـ702 لعام 2006م، إلا أن رئيس النيابة قضى بحبسنا 15 يومًا، ورفضنا أن نقيم استئنافًا على هذا القرار بعد صدور قانون الحبس الاحتياطي، وذهبنا لقاضي الاستئناف، وعند أول عرض أمام هذه المحاكم الطبيعية أُخلي سبيلُنا من سراي المحكمة، وهناك وجدنا نفس الضابط الذي قبض علينا في المحكمة العسكرية يشير بذقنه إلى الدكتور ضياء فرحات؛ بأنه لن يتركه، وأن الأيام القادمة كثيرة بينه وبينه؛ فخرجنا..

وفوجئت مع أحداث الأزهر المفبركة أن قوات الأمن ألقت القبض على المهندس خيرت الشاطر في 14/12 ثم تابعتها بالمجموعة الثانية في 17/12 ثم أُلقي القبض عليَّ ضمن المجموعة الأخيرة في 17/1/2007م ككمالة عدد!.

ندفع الثمن

* أدبيات الإخوان ترى في السجن ما لا يراه الآخرون.. كيف رأيتموه هذه المرة؟

** أنا أدعو الله ألا يَدخل بريءٌ السجن؛ فالسجن ولو في قصر هو سجن، ولا شيء يعدل حرية الإنسان؛ فلحظة ظلم دونها تباد أنظمة، والنبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن امرأةً حُبِسَت في هرة؛ فما بالنا برجال شرفاء مصلحين تم حبسهم ظلمًا وعدوانًا؟! ولكن رغم ذلك حوَّل الله لنا السجن جنةً وأنزل علينا البرد والسكينة والرضا وتعاملت معنا إدارة محترمة في السجن، وبدأنا بالتدريج؛ ننظم أمورنا داخل السجن، ونطالب بتحسين التعيين بعد أن رأينا بشائر المهزلة.

وأنا أقول إن الذي يريد أن يتزوج ويبني شقة يتعب ويكدّ في عمله، ولكن نحن نريد أن نبني مصر، ولا بد لنا أن ندفع الثمن من حريتنا؛ من أجل أن تستقر مبادئنا الإصلاحية التنموية داخل هذا الوطن الذي ملأه الفساد والمحسوبية والرشوة والفساد والاستبداد والظلم والقهر.

مواقف مؤثرة

* ما المواقف الصعبة التي مررتَ بها أثناء المحاكمة؟ وكيف قابلتها؟

** قابلتني مواقف عديدة صعبة؛ مرت بعون الله وحده، فقد كنت أنا المتكفل برحلة علاج والدتي المريضة، وكنت قبل السجن أسير معها من طبيب إلى طبيب، ولما دخلتُ المحكمة العسكرية فوجئتُ بأخي يقول إن والدتي تُجري عمليةً في أحد المستشفيات، فحزنت لأني لم أُكمل معها المسيرة، وحزنت لأن هناك من منعي أن أكمل برَّ والدتي وأن أقف معها في هذا الموقف الصعب.

ومن أقوى المواقف أيضًا موقف ابنتي مريم التي خُطِبت وكُتِب كتابها وأنا داخل السجن، ولما تقدمت بطلب للوزارة وأمن الدولة وفق اللوائح لأخرج وأكون بجوارها في أول فرحها وفرحي بأبنائي؛ فوجئت بأن طلبي رُفِضَ، ولم أشترك في فرحة ابنتي الحبيبة، وكأن قرارات الوزير التي يتفاخرون بها يوميًّا في الصحف يُمنع منها الشرفاء والمصلحون فقط، وأنا لا أنسى أبدًا مواقف ابنتي فاطمة التي كانت تبكي كل زيارة وتسألني مش حتيجي معانا يا بابا"!!.

وأنا أقول إنني لن أسامح أحدًا تسبَّب لي في هذه المواقف يوم القيامة؛ إلا بعد أن أقف أنا وهو أمام الله يوم القيامة أعرض عليه شكواي منه.

نهايته قريبة

* خضت تجربة صعبة خلال الفترة الماضية.. ما القناعة التي تشكلت بعدها؟

** النظام ضعيف ونهايته قريبة، ونحن ليس بيننا وبينه عداء، ولكن بيننا وبينه اختلاف في الأجندات والمشاريع؛ فنحن نرغب في الإصلاح والتعمير وهو يرغب في الفساد والظلم والاستبداد، ولن نكف عن طريقنا، ولن نترك طريقنا، ولن نترك الإصلاح السلمي والمواجهة القضائية المستمرة ضد الظلم والنظام واستبداده؛ لأن لدينا في مصر قضاءً شامخًا حرًّا؛ فالنظام يريد أن يقضي على استقلال هذا القضاء، وأنا أعتقد أن الضربة التي لا تُميت الإخوان تزيدهم قوةً وإصرارًا على الحق، وأرى أنه لا بد أن يغيِّر النظام تعاملاته مع الإخوان؛ لأن هذا التعامل لن يُجدي نفعًا مع الإخوان.

3 التعليقات :

  1. walaa rizk said...
    هكذا الرجال الشرفاء

    فك الله أسر كل المعتقلين فى سجن الطاغيه وبأذن الله الفجر قد قرب
    قلب أبيــض said...
    لشرفااء هذا الوطن .. اقدم لهم التهنئة
    فكل عاام وهم بخيير ..
    وكل عام وهم لمصر عنوان
    ...
    وأهدى لهم هذا الكليب

    نتمنى منكم المشاهدة
    http://w-7eart.blogspot.com/
    التميز المثالي للخدمات المنزلية said...

أضف تعليقك