مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

المعتقلين و الاهالي يطلبون التاجيل لعدة ايام بسبب الارهاق و برودة الجو الشديدة و المحكمة ترفض طلبهم

ناصر الحافي: علنية الجلسات احدى شروط المحاكمة العادلة

كتب- أحمد عبد الفتاح

لم تكن جلسة المحكمة العسكرية اليوم جلسةً عاديةً بكل المقاييس، فبفضل مرافعةٍ متميزةٍ وطويلةٍ ومعد لها بشكلٍ محكمٍ استطاع ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان المحالين للمحكمة العسكرية قلبَ جلسة المحكمة إلى جلسةٍ لمحاكمة مَن أسماهم بالفُسَّاق، وكان يقصد من وراء هذا الوصف كل مَن اشترك في تلفيق القضية التي يُحاكم فيها قيادات الإخوان أمام المحكمة العسكرية.

كميات كبيرة من الملفات وحوافظ المستندات والأوراق حملها ناصر الحافي وهو داخل إلى قاعة المحكمة صباح اليوم؛ حتى إنه احتاج لفردين ليساعدوه على حمل هذه الكمية الكبيرة من الأوراق التي استخدمها في مرافعته.

وقد بدأ الحافي مرافعته بقوله: هذه الدعوة بدأها فاسقٌ كبيرٌ- والذي قصد به عاطف الحسيني معد محضر التحريات- وعلى طول فترةٍ تداولها بين النيابات والمحاكم المختلفة ظهر العديد من الفُسَّاق الذين سعوا بكل ما يملكون إلى تلفيق الاتهامات إلى قيادات الإخوان.

وأوضح الحافي أنه سيقسم مرافعته إلى ثلاثة أقسام: مقدمة وطلبات ومرافعته في الشق العام ثم الشق الخاص، وبدأ الحافي في مقدمة مرافعته في إظهار مدى العوار والتخبط والتلفيق والتزييف الذي طال هذه القضية.

وضرب الحافي العديدَ من الأمثلة مثل وجود خطاب بين أوراق القضية مرسل من عادل سعيد مدير إدارة التحفظ في يوم 27 ديسمبر 2006م، يسأل فيه عن الإجراءات الخاصة بالتحفظ، ويطلب صورةً من قرار انتداب أحد أعضاء مجلس إدارة البنك الأهلي لإدارة الأموال المتحفظ عليها، بالرغم من أن هذه القرارات لم تُتخذ إلا يوم 28 ديسمبر، والتمس الحافي من المحكمة التصدي لهذا التزوير البيِّن بالمادة 19 من قانون الإجراءات الجنائية، والذي يسمح للمحكمة باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي أفعالٍ غير قانونية تتكشف لها وقت نظر القضية.

أما الأعجب والأغرب فكانت الخطابات المتعلقة بأمر ندب لجنةٍ ثلاثيةٍ من خبراء وزارة العدل كلجنةٍ ماليةٍ للبتِّ في الوضع القانوني لشركاتِ قيادات الإخوان؛ حيث صدر قرارٌ من المحامي العام الأول لمساعد وزير العدل بانتداب لجنة ثلاثية في 28 ديسمبر، وفي نفس التاريخ يصدر القرار من مساعد وزير العدل، وفي نفس اليوم يصدر قرار وزير العدل بانتداب اللجنة، وهو نفس اليوم الذي تتوجه فيه اللجنة لمقابلة رئيس نيابة أمن الدولة العليا لبدء المهمة، وحسب قول أعضاء اللجنة، فإن هذا تمَّ في تمام الساعة الثامنة من صباح 28 ديسمبر.

وليس هذا وحسب، ولكن ما زاد الطين بلةً كون خطاب انتداب اللجنة مصدق من قِبل رئيس مصلحة الخبراء بجهاز الكسب غير المشروع يوم 3 يناير 2007م؛ أي أن اللجنة باشرت عملها قبل موافقة رئيس الجهاز!!.

وفي نهاية مقدمته طلب الحافي من هيئة المحكمة أن تحذو حذو الشرفاء الذين عرضت عليهم هذه القضية، وضرب مثلاً بالمستشار حامد توفيق حامد رئيس الدائرة 16 جنايات، والذي أصدر حكمه ببراءة جميع قيادات الإخوان من التهم المنسوبة إليهم، والإفراج عنهم من سرايا النيابة يوم 29 يناير 2007م.

ثم بدأ الحافي في سرد طلباته، والتي وصفها كلها بالجوهرية، والضرورية من أجل متابعة سير الدعوى، والتي كان أهمها وقف سير الدعوى لحين تقديم النيابة العسكرية الدليل على حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، ووصف ما يحدث من محاكمة قيادات الإخوان على تهمة الانتماء لجماعةٍ محظورةٍ دون وجود أي دليلٍ على حظرها بأنه ظلمٌ بيِّن.

كما طالب الحافي بوقفَ سير الإجراءات لحين الانتهاء من التحقيقات في وقائع سرقة خزينة رجل الأعمال حسن مالك، والمحبوس على ذمة القضية العسكرية، كما طالب الحافي بالتحقيق في أمر قبض صادر من إدارة المدعي العام العسكري يوم 26 يناير، وبعد أن تمَّ إحالة القضية إلى المحكمة العسكرية بثلاثة أيام قام بالقبض على بعض قيادات الإخوان، وضمهم إلى نفس القضية على الرغم من أن القانون ينصُّ صراحةً على عدم اتصال أي جهةٍ بالقضية بعد إحالتها إلى المحكمة سوى المحكمة نفسها.

وفي طلبٍ مكررٍ طالب الحافي ضم قضية طلاب الأزهر، والمعروفة برقم 148 لسنة 2007م حصر أمن دولة عليا إلى ملف القضية العسكرية، وهو الطلب الوحيد الذي وافق عليه رئيس المحكمة على الفور، وطالب النيابة بضم ملف قضية طلاب الأزهر إلى القضية العسكرية.

كما طالب الحافي أيضًا بضم ملفاتِ جميع القضايا التي قال عاطف الحسيني في محضر تحرياته إن قيادات الإخوان المتهمين في هذه القضية كانوا متهمين فيها من قبل، وسرد الحافي أرقام هذه القضايا، والتي بلغت نحو 20 قضيةً.

ثم بدأ الحافي في الطعن على دستورية بعض القرارات والمواد القانونية المتعلقة بهذه القضية، وطلب من المحكمة اتخاذ الإجراءات اللازمة للطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وأولى هذه القرارات كان قرار رئيس الجمهورية 40 لسنة 2007م، والذي تمَّ بموجبه تحويل قيادات الإخوان إلى المحكمة العسكرية، ووصف هذا القرار بأنه صدر عن الرئيسِ بسبب مستشاري السوء، كما طالب الحافي بالطعن بدستوريةِ المادة التي تسمح للمحكمة العسكرية الفصل في طلباتِ الرفض في هيئتها.

وطعن الحافي في دستورية ندب لجنة خبراء الكسب غير المشروع؛ لأنه صدر من جهةٍ غير مختصة؛ حيث إنَّ مَن ندبها هو رئيس جهاز الكسب غير المشروع مع أن اللائحة الخاصة بالجهاز لا تسمح له بانتداب اللجان الفنية.

كما انتقد الحافي كون جلسات المحكمة غير علنية، واستشهد على عدم دستورية هذا الإجراء بمواد من الدستور والقانون، والتي تكفل المحاكمة العلنية كأحد أهم شروط المحاكمة العادلة.

وفضل الحافي أن يختم مرافعته بإحدى مفاجآته العديدة؛ حيث أخرج بعض محاضر التسليم الخاصة بلجنة الخبراء، والتي ثبت فيها أنه قد تمَّ تسليم جميع الأحراز الخاصة بالقضية يوم 28 ديسمبر، بالرغم من أن بعض مَن جاءت أسماؤهم بمحضر التسليم على أنهم قد تمَّ تسليم أحرازهم لم يكن مقبوضًا عليهم أصلاً في هذا الوقت، ومنهم د. خالد عبد القادر عودة وضياء فرحات.

يُذكر أنه قد ترافع في بداية جلسة اليوم محمد أبو ليلة عضو هيئة الدفاع؛ حيث ركَّز في مرافعته على بطلان الإجراءات وعدم جدية التحريات.

وفي نهاية الجلسة قررت هيئة المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة الغد بالرغم من برودة الجو وطلبِ قيادات الإخوان وأهاليهم التأجيلَ لعدة أيامٍ؛ بسبب الإرهاق الشديد الذي أصابهم حتى إنهم وجهوا وفدًا منهم إلى رئيس المحكمة في الاستراحة من أجل توجيه هذا الطلب له.


كتب- أحمد عبد الفتاح

فيما يشبه الطقس اليومي عقدت اليوم بمقر المحكمة العسكرية العليا بالهايكستب وقائع جلسة جديدة من جلسات المحكمة العسكرية والتي يحاكم فيها 40 من قيادات الإخوان على رأسهم المهندس خيرت الشاطر، النائب الثاني للمرشد العام للإخوان.

جلسة اليوم، والتي تُعدُّ إحدى جلسات مرافعات الدفاع، خُصِّص جزؤها الأول من أجل الاستماع إلى مرافعة علاء علم الدين (المحامي وعضو هيئة الدفاع عن الإخوان)، وجزؤها الثاني من أجل الاستماع إلى مرافعة سعيد صادق (المحامي وعضو هيئة الدفاع).

في مرافعته عن د. صلاح الدسوقي، ومحمد مهني، وفتحي البغدادي، دفع علاء علم الدين ببطلان التحريات، واستدلَّ على ذلك بكون التحريات كلها مجهولة المصدر!! وتساءل: هل يعقل أن يتحرى ضابط واحد عن أكثر من 30 متهَمًا في مصر والكويت والسعودية وألمانيا وسويسرا ودول أخرى في بضعة أيام فقط؟!!

وحول الشق الخاص من التهم المالية في القضية أثبت علم الدين أن التحريات نَسَبت تهمًا إلى شركات هي ليست موجودةً أصلاً أو منحلة منذ زمن بعيد؛ مثل شركة السنابل، التي أدانتها التحريات والتقرير المالي مع أنها منحلة منذ العام 93!!.

وحول التهم المتعلقة بطلاب الأزهر، والتي تمثَّلت في تجنيد الطلاب وتدريبهم على الجهاد، وتسفيرهم للجهاد في العديد من الدول، تساءل علم الدين عن السبب في عدم ذكر التحريات اسم طالب واحد ممن تم تجنيدهم، أو طالب واحد ممن تم تدريبه أو مكان تدريبه أو كيفية تدريبه أو هويَّة من درَّبه؟!وأضاف أنه "حتى لو فرضنا أن كل هذا صحيح فلما لم يتم القبض على هؤلاء متلبِّسين؟! ولماذا تم تركهم يقومون بهذه التدريبات ويسافرون إلى الخارج؟!".

وأضاف أنه لو صحَّ ما مر فيجب على المحكمة أن تحاكم محرر محضر التحريات بتهمة التستُّر على متهمين؛ لأن هذه الجرائم إن صحّت فهي جرائم تمس الأمن القومي المصري.

وفي مرافعته- والتي تناولت الدفاع عن قياديَّي الإخوان د. محمد بشر وتوفيق الواعي- بدأ المحامي سعيد صادق مرافعته بتقديم السيرة الذاتية للدكتور بشر، والتي استمرَّ في سردها لأكثر من نصف الساعة، والتي كانت أهم ملامحها أن الدكتور بشر أستاذ دكتور بكلية الهندسة جامعة المنوفية، وأستاذ زائر لولاية كالورينا الشمالية حتى العام 98، وحاز على تكريم من السيدة حرم الرئيس في العام 92 على جهوده لإزالة آثار زلزال أكتوبر 92، كما كرَّمه اتحاد طلاب كلية الهندسة بشبرا لجهوده في تثقيف شباب المهندسين.


ونال الدكتور بشر الميدالية الفضية في يوم المهندس من نقابة المهندسين، وكانت المفاجأة في كون الدكتور بشر رئيس المكتب الإقليمي لاتحاد الهيئات الهندسية في الدول الإسلامية، والذي أُسس عام 89 تحت رعاية الرئيس مبارك شخصيًّا، كما أنه عضو المكتب التنفيذي للغرفة العربية للتحكيم في المنازعات الهندسية للبناء والتشييد في العالم العربي التابع لجامعة الدول العربية.

تلك السيرة الغنية، والتي نالت الإعجاب من جميع الحضور، ونالت الإعجاب أيضًا من رئيس المحكمة، وهو ما دفعه إلى مطالبة سعيد صادق (المحامي) بصورة من السيرة الذاتية للدكتور بشر ليطلع عليها مرةً أخرى.

وحول الدفوع التي قدَّمها سعيد صادق، فإن أهم هذه الدفوع كانت عدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للدكتور بشر لسابقة الفصل فيها في القضية 18 لسنة 98 جنايات عسكرية عليا، كما استنكر الدفاع اتهام بشر بأنه عضو اللجنة المالية للجماعة على الرغم من أن الحسيني عندما سئل عنه قال لم أكن أعرفه، وفوجئت أنه عضو اللجنة المالية للجماعة!!.

وكانت أبرز الدفوع التي قدمها سعيد صادق بالنسبة لتوفيق الواعي (المقيم بدولة الكويت حاليًّا) هي عدم اتصال المحكمة بالدعوى لمخالفة الدعوى للقانون؛ لأن المتهم لم يعلم بالدعوى حتى الآن.

وحول التحريات التي ساقها محرر محضر التحريات عاطف الحسيني عن الواعي، استنكر الدفاع كون الضابط قد أجرى تحريات عن المتهم كما ادعى، بالرغم من أنه قال في محاضر تحرياته إن المتهم مقيمٌ في الكويت منذ فترة طويلة، ولكنه لم يحدِّد محلَّ إقامته، وقال إنه هاجر البلاد من فترة طويلة لم يحددها، كما أنه وفق هذا الكلام فهو منقطع الصلة بالجماعة في مصر!.

كما استنكر الدفاع ما ورد في محضر التحريات؛ حيث ورد بالنص: "يتردَّد أن المتهم حصل على الجنسية الكويتية"، وهو ما دفع الدفاع للتساؤل: وهل يُعقل أن تكون التحريات مبنيةً على شائعات تتردَّد بين الناس؟!

تأجيل المحكمة العسكرية لجلسة غدا الثلاثاء

كتب/مصطفى رضوان

أجلت المحكمة العسكرية المحال إليها 40 من قيادات الإخوان المسلمين أبرزهم خيرت الشاطر (النائب الثاني لمرشد الجماعة) جلسة اليوم الإثنين ( 28/1) إلى جلسة غد الثلاثاء (29/1) .

واستكمل الدفاع مرافعاته حيث ترافع اليوم سعيد الصادق (عضو هيئة الدفاع عن الإخوان المحالين عسكريا) واثبت أن الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين غير مجرم حيث أنه لا يوجد نص في القانون أو في الدستور ينص على تجريم الانضمام للجماعة لأن المواد المنصوص عليها في المادة 86 مكرر عقوبات لا تنطبق على المتهمين ولا تنطبق على جماعة الإخوان المسلمين ، ودفع ببطلان وصف فبخصوص غسيل الأموال لخلو الوراق من أي دليل على ذلك.

هذا وبلغ مجموع جلسات المحكمة العسكرية 59 جلسة عسكرية تم منع كافة المراقبين الحقوقيين سواء المراقبين المصريين أو الدوليين من حضور جلسات المحاكمة في إشارة واضحة على ارتكاب جريمة واضحة في حق من تمت إحالتهم عسكريا.


أبناء المعتقلين يرفعون لافتةً تُندد بحبس آبائهم

كتبت- سالي مشالي

في مفاجأةٍ جديدةٍ في جلسة اليوم من المحاكمة العسكرية للشاطر وإخوانه، قدَّم جمال برعي عضو هيئة الدفاع عن الإخوان المحالين إلى العسكرية إلى هيئة المحكمة صورةً ضوئيةً من نصِّ الحكم الصادر في 30 يونيو سنة 1952م والذي قضى بإلغاء الأمر العسكري بحلِّ جماعة الإخوان المسلمين الصادر عام 1948م.

الصورة غير متاحة

الإمام الشهيد حسن البنا

وكان الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين قد تقدَّم إلى القضاء الإداري بطعن في القرار العسكري بحل الجماعة، وطالب وقتها بوقف تنفيذ القرار الذي سبب أضرارًا حقيقيةً للجمعية والجماعة، وحضر الإمام البنا الجلسة بنفسه في 11 يناير سنة 1949م، وطلب من المحكمة قبوله خصمًا ثالثًا في الدعوى بصفته رئيسًا لجماعة الإخوان المسلمين، وقد تضرر في طعنه من الأمر العسكري الذي قضى بإنهاء حياة الجماعة القانونية، وتصفية الأموال المترتبة على وجودها، وظلت القضية يتم تداولها في المحكمة حتى صدر حكم بقبول الطعن وإلغاء الأمر العسكري القاضي بحل الجماعة في العام 1952م، وهو الحكم الذي يؤكد قانونية وشرعية جماعة الإخوان المسلمين، وأنها لا زالت قائمةً بعد حكم إلغاء قرار الحل.

وقد حمل نص الحكم 176 لسنة 3 قضائية، والصادر في 33 صفحةً الكثيرَ من المدح والإشادة بجماعة الإخوان المسلمين، وتحدث عن أهدافها الحقيقية، مشيدًا بسمو أغراضها ونزاهة فكرتها، ودعا الحكم إلى احترام الجماعة التي جاهدت من أجل الوطن ومن أجل فلسطين، وبرَّأ الحكمُ الجماعةَ تمامًا من أي أحداث عنف، أو إرهاب نُسبت إليها.

وتعتبر جلسة المرافعة اليوم من الجلسات القصيرة؛ حيث لم يزد وقتها عن الأربع ساعات، قام بالترافع فيها كلٌّ من جمال برعي، وعادل الجهلان ومحمد القصيري- أعضاء هيئة الدفاع- عن كلٍّ من د. محمود أبو زيد، ود. صلاح الدسوقي، ود. عصام عبد المحسن، ود. ممدوح الحسيني، وفتحي البغدادي، وأحمد عبد المعطي.

وكرر الدفاع التأكيد على بطلان التحريات، وأذون القبض والتفتيش وبراءةِ المعتقلين من تهمةِ غسل الأموال، وجددوا التأكيد على عدم انطباق الأدلة المدرجة بالدعوى مع الاتهامات المنسوبة للمعتقلين، واستحالة إثبات أي فعل مادي يؤكد تعطيل الدستور، أو مؤسسات الدولة، أو أي من الاتهامات المنسوبة إليهم.

ودلل الدفاع على أهمية تحري الدقة في التحريات بالإعجاز القانوني في القرآن بالآيات في سورة النمل التي تحرَّى فيها سيدنا سليمان- عليه السلام- الدقة والعدل قبل أن يحكم على الهدهد عندما قال: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ (20) لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)﴾ (النمل)؛ فلم يقرر نبي الله سليمان أمرًا بشأن الهدهد حتى يأتيه خبر أكيد ويقيني، ثم نجده بعد أن حكى له قصة ملكة سبأ وقومها، يُعقب نبي الله سليمان على حكايته بقوله: ﴿قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (27)﴾ (النمل).

ثم انتقل للتأكيد على أهمية وجود القصد الجنائي قبل اتهام المتهم به، وربط هذا القصد بالفعل بحيث لا توجه أي تهمة لأي إنسان إذا كانت لديه نية، ولكنه لم يأتِ بفعل، ودلل على قوله هذا بالآيات من 27 حتى 30 من سورة المائدة والتي تتحدث عن قتل قابيل لأخيه هابيل ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30)﴾ (المائدة).

ولم تسلم الجلسة من الشدِّ والجذب المعتاد؛ حيث حضر عددٌ كبيرٌ من المحامين زاد على السبعين، ورفض المسئولون بالخارج السماح بإدخالهم فتقدَّم عبد المنعم عبد المقصود وناصر الحافي- عضوا هيئة الدفاع- بطلبٍ للواء عبد الفتاح رئيس المحكمة به أسماء المحامين جميعًا ليُوقِّع بالموافقة على دخولهم ومَرَّ بعض الوقت قبل أن يتمكنوا من الدخول؛ مما أثار غضب اللواء وطلب دخولهم فورًا


كما حدث تضييق على الأهالي في الدخول، وعدم السماح لبعضهم ممن اعتادوا الحضور على مدى الجلسات الـ58 الماضية؛ مما أثار غضب كثيرٍ من الأهالي، خاصةً في هذا الجو شديد البرودة، والمنذر بسقوطِ أمطار، وكان أكثر الأهالي قد عانوا بالجلسة الماضية في الزيارة الأمرَّيْن نتيجة البرد والأمطار التي أغرقت مكان الزيارة بسجن "مزرعة طرة" غير المغلق أو المغطى، وعاد الجميع إلى منازلهم بملابسهم مبللة بالكامل وبها الكثير من الأوحال، مما أصابهم وبعض المعتقلين بأدوار البرد والسُّعَال.

وقررت المحكمة في النهاية تأجيل الجلسة إلى غدٍ الإثنين 28/1/2007م لاستكمال المرافعات

.

تأجيل المحكمة العسكرية لجلسة غدا الإثنين

كتب/مصطفى رضوان

أجلت المحكمة العسكرية بالهايكستب بشرق القاهرة اليوم الأحد (27-1) الجلسة ال85 إلى الجلسة 59 والتي من المقرر أن تستأنف غدا الاثنين (28/1).

وترافع جمال برعي (عضو هيئة الدفاع –الأمين العام لنقابة بني سويف ) عن د محمود أبو زيد ود/صلاح الدسوقي ود عصام عبدالمحسن وم ممدوح الحسيني وأ فتحي بغدادي ،وأكد جمال برعي في المحكمة على بطلان إذن التفتيش الضبط وتزوير محاضر الضبط و بطلان اتصال المحكمة بتهمة غسل الأموال وعدم انطباق التهمة على المحالين.

هذا وقد تمت إحالة 40 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى المحكمة العسكرية منذ فبراير الماضي بقرار من رئيس الجمهورية ووجهت إليهم تهم غسيل الأموال والانتماء لجماعة أسست بخلاف القانون والإرهاب وتم تبرئتهم من هذه التهم من قبل القضاء المصري المدني والطبيعي.

كتب/مصطفى رضوان

تستأنف المحكمة العسكرية بقطاع الهايكستب العسكري في شرق القاهرة اليوم الأحد 1/27 محاكمة 40 من قيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين والمحالين للمحكمة العسكرية بقرار من رئيس الجمهورية منذ فبراير 2007 م الفائت .

وسيترافع جمال برعي (عضو هيئة الدفاع –الأمين العام لنقابة بني سويف ) عن د محمود أبو زيد (المقيد رقم30 في القضية) ود/صلاح الدسوقي(المقيد رقم33 في القضية) ود عصام عبدالمحسن (المقيد رقم34 في القضية) وم ممدوح الحسيني (المقيد رقم35 في القضية) وأ فتحي بغدادي(المقيد رقم39 في القضية) ،وأوضح جمال برعي في تصريحاته لثمن الحرية أنه سيؤكد في المحكمة على بطلان إذن التفتيش الضبط وتزوير محاضر الضبط و بطلان اتصال المحكمة بتهمة غسل الأموال وعدم انطباق التهمة على المحالين.

هذا ومازال لفيف من شرفاء مصر يقبعون خلف هذه المحكمة الظالمة التي امتدت عام كامل شهد العديد من المفاجات التي تؤكد هزلية ما يتعرض له هؤلاء الشرفاء.


الدفاع بالجلسة 57: اللجنة المالية اعتمدت على

خاص : فريدوم كوست

استكملت المحكمة العسكرية نظر القضية والمحال لها 40من قيادات جماعة الإخوان المسلمين أبرزهم خيرت الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك، وتابع الدفاع مرافعاته والتي ترافع فيها صبحي صالح ، سيد حسن و محمد عبد الفتاح عن كل من مدحت الحداد وأسامة شربي وأحمد النحاس ومحمود عبد الجواد وضياء فرحات وياسر عبده وجمال شعبان ومحمد حافظ واستفاض صبحي صالح في جلسة اليوم تناول الاتهام الخاص بغسيل الأموال والذي أكد على أن الاتهام يقوم بلا أي أساس سليم .

وأشار صالح إلى أن غسل الأموال جريمة اقتصادية واجتماعية و سياسية وهي جزء من جريمة دولية لا يعمل فيها الكسب غير المشروع ولا مصلحة الخبراء ولا الأموال العامة وعرض صالح نص قانون غسل الأموال والذي عين وحدة مختصة تقوم بالكشف عنه وتكون تابعة للبنك المركزي وهو ما يحدث فاللجنة المنتدبة هي لجنة للكسب غير المشروع تابعة لوزارة العدل كما أشار للمادة 2 من قانون غسيل الأموال والذي يشترط أن تكون الأموال متحصلة من جرائم كما يجب أن يدان المتهم بحكم قضائي يثبت تلك الجريمة المتحصلة للأموال .

ونوه صالح إلى أن المشرع وضع هيكلية فنية محددة لتحقيق وضبط هذه الجريمة وقال أن عاطف الحسيني ضرب بكل القوانين عرض الحائط فتحرياته كلها عبثية كما أنه نسج جريمة غسيل الأموال في خياله وما فعله إلا "أكل أموال الناس بالباطل" وسطو مسلح وما حسن مالك منا ببعيد مشيرا لسرقة الخزانة ،وأضاف صالح أنه لو كانت هناك جريمة فعلا لكان على مجرى التحريات أن يتبع خطوات القانون ووقتها لن نتفوه بكلمة أمام المحكمة.

وفجر صالح مفاجأة عندما ذكر ما أوردته اللجنة في محاضر التقرير من استلامها للأحراز غير مفروزة وأنها هي التي بدأت في فرز كل حرز ونسبته للمدعى عليهم وهنا قال صالح للمحكمة كيف نحاسب على "كوم ورق"غير مفروز وقامت اللجنة بنسبته للمتهمين على هواها متهما اللجنة بأنها لم تطبق القانون وعملها كله غير قانوني فاللجنة لم تقم حتى باستجواب المدعى عليهم لمواجهتهم بالأحراز وقال للمحكمة بأي أمارة نحاكم على تهمة غسيل الأموال بينما هي غير موجودة.

كما استند صالح في دفعه ببطلان تقرير اللجنة المالية إلى ما ذكرته اللجنة في تقريرها أيضا بشأن المستندات المفرغة من على الكمبيوتر بمعرفة مصلحة الأدلة الجنائية وقال للمحكمة "هذه الجهة تابعة لوزارة الداخلية" وقد كان من المفترض أن يتم التفريغ من خلال مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل.

وفى حديثه عن التحريات والذي أكد فسادها وعدم استقامتها مع العقل معتبرا أن صاحب التحريات هو "مؤسسة عاطف الحسيني" وليس الحسيني نفسه ،فالدكتور فريد جلبط على الرغم من أنه أستاذ قانون دولي إلا أن الحسيني شهد بأنه أستاذ بكلية الطب كما ذكر الاسم الكامل له خاطئا ولم يأتي حتى عنوان المنزل صحيحا وعقب صالح للمحكمة على التحريات متسائلا هل تستقيم تحريات 6 شهور ولم يأت الحسيني بأي معلومة سليمة ؟ أي تحريات هذه؟

وأما مدحت الحداد فقال صالح أنه على الرغم من معرفة جهاز مباحث أمن الدولة الكاملة له إلا أن التحريات ذكرت اسمه مدحت محمود الحداد بينما اسمه الحقيقي مدحت أحمد الحداد كما أن التحريات قالت بأنه صاحب شركة العربية للإنشاءات والتعمير بينما الحقيقي أن الشركة مشطوبة منذ عشر سنين وعلق صالح على ذلك قائلا كيف أصدق التحريات ولم تأت بمعلومة سليمة عن الحداد مع أنه معروف وله ملف كبير عند أمن الدولة.

وأعلن صالح أن سبب وجود الحداد بالقضية هو "تار بايت"بينه وبين الداخلية عندما وصف في حوار أجرته جريدة الدستور سجن سرى لمباحث أمن الدولة تحت الأرض بمدينة نصر وقال الحداد أنه تم تعذيبه وصعق بالكهرباء وجرد من ملابسه وكان المانشيت الرئيسي للحوار "يا معالي الوزير سأصف لك السجن السري لأمن الدولة" وكانت تصريحات الحداد بعد نفى حبيب العادلي في حوار أجرته معه جريدة الأهرام وجود أي سجون سرية لأمن الدولة .

وأضاف صالح أن التار البايت لم يقف على تكذيب كلام وزير الداخلية فقط بل سبقه قضايا رفعها ضد وزارة الداخلية بسبب تزوير الانتخابات وكسبها كلها بل وحكمت له المحكمة بتعويضات مادية ،كما أن الحداد تم اعتقاله أكثر من 8 مرات منذ عام 1999 فقد سبق القبض عليه في 19/10/1999 بالقضية 18 عسكرية وحكم عليه بالسجن 3 سنوات وأعيد اعتقاله لمدة 9 شهور في الفترة من 21/4/2003وحتى 13/12/2003 ومكث في عام 2004 مدة 5 شهور في السجن فهو زبون دائم عند أمن الدولة ويعرفوه جيدا فكيف يخطأ الحسيني في التحريات عنه فلا يعرف اسمه الكامل ولا عنوانه ولا حتى وظيفته بل ويتهم بغسيل الأموال على الرغم من أنه قدم شهادة من السجل التجاري تفيد بأن شركة الإنشاءات الخاصة به مشطوبة منذ عام 1998 وعلق صالح على التحريات بقوله "انه العبث عينه".

وأوضح صبحي أن التحريات ذكرت العنوان الخاص بأسامة شربي هو عنوان"حضانة" كما أن التحريات زعمت أنه يمتلك شركة للسياحة مع أن الشركة هي شركة أموال وليست شركة أشخاص..وذكر الحسيني أنه مهندس بالرغم من أنه خريج من كلية الزراعة.

وقال عن جمال شعبان أنه لم يكن له أي ذكر بالتحريات وأن الضابط الذي قام بتفتيش شركة الشاطر وجده هناك فقام باعتقاله.

وفى نهاية مرافعته طالب صالح المحكمة بوقف إجراءات الدعوى لحين الفصل في الطعن الدستوري ، وكذلك التصريح له برفع دعوى الدستورية على المواد محل الطعن في قرار الاتهام .

ورفع القاضي الجلسة بعد انتهاء مرافعة صبحي صالح لتستكمل يوم الأحد 27/1

هل يختلف ما جاء في قرار البرلمان الأوربي من إدانة سجل انتهاك النظام لحقوق الإنسان عن مطالب القوى السياسية الوطنية المعارضة لنظام الحكم ومنظمات والمجتمع المدني؟

ليس هناك أي اختلاف وقد ضجرت القوى السياسية، والمنظمات الحقوقية من هذه الانتهاكات، فالجميع ضد المحاكمات العسكرية وإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية مثلما يحدث الآن مع قيادات الإخوان.. فالنظام يصر على المحاكمات العسكرية رغم الرفض الكامل من المعارضة السياسين وقد شهد العام الماضي حالة تعبئة من الجميع ضد المحاكم العسكرية.

أيضا الدعوى إلى نزاهة الانتخابات وشفافيتها أي انتخابات من رئيس الجمهورية إلى عضو مجلس قروي في صعيد مصر وقد تم فضح النظام في ذلك باعتماده على التزوير ووصل الأمر في بعض الانتخابات إلى منع معارضيه من حقهم في الترشيح للإنتخابات كما حدث في انتخابات الشورى الأخيرة وذلك بعد أن زور في انتخابات مجلس الشعب وقبلها انتخابات الرئاسة، وهو ما أظهرته تقارير لجان المراقبة لمنظمات حقوق الإنسان ولجنة المتابعة في نادي القضاه.

أيضا إصرار النظام على التضييق على حرية الصحافة وعدم الوفاء بتعهداته بإلغاء جميع عقوبات الحبس في قضايا النشر، والالتفاف على ذلك التعهد بتعديلات طفيفة لا تغني ولا تسمن من جوع، لتبقى أكثر من 18 مادة في قانون العقوبات بموجبها يتم حبس الصحفيين والكتاب وأحيانا القراء.. وهي مواد صدرت بها أحكام بالحبس على خمسة من رؤساء تحرير صحف مستقلة ومعارضة.

لتبقى مصر ضمن 14 دولة في العالم الثالث المتخلف يجري فيها حبس الصحفيين.

وعن قضايا التعذيب.. فلا يمر يوم دون إدانة من منظمات حقوق الإنسان والقوى السياسية المعارضة لما يحدث من تعذيب منهجي في اقسام الشرطة والسجون وبشكل يومي، وقد كشفت النيابة العامة بتفتيشها المفاجيء الكثير من حالات التعذيب في اقسام الشرطة، ومع هذا التعذيب مستمر، ونكتشف يوميا حالات جديدة لا تقتصر على قسم شرطة واحد أو اثنين وإنما في معظم محافظات مصر.

أما عن استقلال القضاء فحدث ولاحرج فتسطيع أن تقول إن هناك قضاة مستقلين ولكن ليس هناك قضاء مستقل.. ويناضل نادي القضاة في الحصول على الحد الأدنى لاستقلال القضاء.. ولكن النظام لا يريد ذلك حتى لا يتم كشفه وفضحه فيتي بنماذج الوزير مرعي لوزارة العدل وقد رأينا ما فعله، وما يفعله مع القضاة وأنديتهم.

أما أيمن نور الذي تم حبسه بعد أن تجرأ ورشح نفسه لانتخابات الرئاسة أمام الرئيس حسني مبارك، فنجده يحصل على المركز الثاني في ترتيب الأصوات رغم التزوير الذي أشرفت عليه لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة الوزير (لاحقا) ممدوح مرعي.. وقد طالبت القوى السياسية المعارضة ولا تزال بالإفراج عنه، حتى ولو بعفو صحي.. وهو أمر لا يستجيب له النظام، كما يستجب لعناصر أخرى.

إذن ما هو الفرق بين ما جاء في قرار البرلمان الأوربي ومطالب القوى الوطنية المعارضة؟

إبراهيم منصور - الأثنين 21/1/2008 - الدستور

الحكومة تستخدم القوانين والمحاكم الاستثنائية لقمع المعارضة والحركات الشعبية

كشف مركز سـواسـية لـحقـوق الإنســـان ومـناهضـة التـمييـــز أن النظام السياسي في مصر لا ينظر إلي قوي ومؤسسات المجتمع المدني باعتبارها مساهمًا وشريكًا في التنمية ، بل يتوجس منها ومن الحركات الشعبية و نشاطها، ويعتبرها جهات ضغط هدفها نقده ومعارضة سياساته ؛ لذا يستخدم ضدها القوانين والمحاكم الاستثنائية وهو ما يؤدي رغم الإقرار بخطواته الإصلاحية إلي العصف بالحريات العامة وتضخيم ملف المعتقلين في السجون.

وقال المركز في تقريره الذي جاء تحت عنوان " عدل غائب " إنه ومن بين الحركات الشعبية التي استهدفها النظام بالقمع والتهديد واستخدام المحاكم والقوانين الاستثنائية ضدها جماعة الإخوان المسلمين التي وصل عدد معتقليها إلي نحو ألف شخص خلال الفترة من مارس الي ديسمبر 2006 وذلك بسبب مطالب الجماعة الإصلاحية ومناصرتها للقضاة وقتها .
وانه علي الرغم من إطلاق سراح معظمهم، إلا أن تطورات الأحداث أظهرت أن الجماعة مستهدفة بمزيد من الاعتقالات والتي استمرت طوال عام 2007 ؛ الذي شهد عقد محاكمة عسكرية هي السابعة من نوعها لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
وكشف التقرير في سطوره عن زيادة عدد المعتقلين وعدد القضايا التي أحيلت لنيابة أمن الدولة خلال عام 2007 نسبيا بسبب سخونة الأجواء السياسية وزيادة الاحتكاكات بين المؤسسات الأمنية وبين جماعة الإخوان. ففي الوقت الذي لم يشهد فيه عام 2006 سوي مظاهرات المناصرة للقضاة شهد العام 2007 أحداثا أكثر سخونة مثل عرض جامعة الأزهر والذي مثل ذريعة لاستهداف الطلاب في عدد من الجامعات.
وقال التقرير إن محافظتي الجيزة والشرقية قد تقاسمتا النصيب الأكبر في عدد المعتقلين من الاخوان حيث تراوحت نسبتهم في محافظة الجيزة والشرقية 16% من إجمالي المعتقلين ؛ تليهما محافظة بني سويف وكانت نسبتها 9% من إجمالي نسبة المعتقلين ، ومحافظة الفيوم 8% من إجمالي نسبة المعتقلين ؛ وتلا ذلك محافظة الدقهلية 6%، فيما انخفضت النسبة كلياً إلي أن وصلت إلي الانعدام في محافظة بور سعيد.
واشار التقرير الذي اعده عبد المنعم عبد المقصود مدير المركز والناشط الحقوقي الي ان هذه الحملات أثبتت أن النظام السياسي في مصر ما زال غير مستعد لقبول الديمقراطية وخصوصا التعددية والتسامح مع المعارضة - ناهيك عن توسيع المشاركة وتداول السلطة - حيث يواجه مساعي المعارضة بالخروج من قيود الحصار السياسية والواقعية إما بالوعود والتصريحات الوردية أو بالقمع المباشر الذي قد يصل في بعض الأحيان إلي السجن وإهدار حقوق الإنسان.
وقال التقرير إن الوضع بالنسبة لعدد القضايا التي أحيلت إلي نيابة أمن الدولة في 2007 يختلف كثيراْ حيث يمكن تقسيم محافظات مصر فيما يتعلق بعدد القضايا التي أحيلت للنيابة إلي فئات ثلاث: محافظات زاد فيها عدد القضايا والمعتقلين نسبيا مثل الشرقية والقليوبية والجيزة،ومحافظات في المرتبة الأقل مثل الإسماعيلية وسوهاج، ومحافظات لم تشهد قضايا وإن كانت تشهد "استدعاءات لمقار أمن الدولة فيها مثل شمال سيناء وجنوب سيناء".
وقال التقرير ان تصنيف المحولين من سجناء الرأي إلي نيابة أمن الدولة جاء وفق فئات أربع هي: قادة الجماعة ونواب ومرشحون سابقون و كوادر تنظيمية وطلاب.
وتمثلت النسبة الأكبر في استهداف الكوادر التنظيمية للجماعة بنسبة تبلغ حوالي 90.3 % .وتشمل هذه الفئة أعضاء يمثلون كل شرائح المجتمع وخصوصا رجال الأعمال والمهنيين والطلاب، وجري اعتقالهم علي خلفيات مختلفة لعل من أهمها: النشاط الطلابي والدعوي، انتخابات مجلس الشوري.
أما نسبة قضايا الطلاب فقد بلغت حوالي 3.9 % تبدأ بقضية العرض المسرحي لطلاب الأزهر وتنتهي بقضية رقم 12086 لسنة 2007 المحبوس علي ذمتها عدد من طلاب كلية التربية بجامعة الأزهر.
وتتساوي نسبتا الفئتين الباقيتين: قيادات الجماعة، والنواب والمرشحون السابقون إذ تبلغ حوالي 2.9 % لكل منهما علي حدة.
وفيما يتعلق بالقبض علي نواب ومرشحين سابقين فقد تم القبض علي نائبين وعدد من كوادر الجماعة بمقر انتخابي لأحد نواب الجماعة بمحافظة المنوفية، فيما تم القبض علي آخرين علي خلفية الاستعداد لانتخابات مجلس الشوري، كذلك تم القبض علي أحد المرشحين السابقين خلال عقد أحد اللقاءات التربوية بمحافظة الجيزة.
أما في إطار القضايا التي تخص قادة الجماعة فقد تم القبض علي النائب الأول لمرشد الجماعة، وثلاثة من مكتب الإرشاد، وعدد من قيادات المحافظات، وفيما حصل معظمهم علي قرارات إخلاء سبيل فإن نائب المرشد وعددا من الأكاديميين ورجال الأعمال مازالوا رهن الحبس رغم حصولهم علي ثلاثة قرارات بالإفراج.

ورصد التقرير حصرا بأرقام القضايا التي أحيلت لنيابة أمن الدولة العليا خلال العام 2006/2007 وأهمها القضية رقم 963 لسنة 2006 حصر أمن الدولة العليا وتم القبض فيها علي عدد 33 من قيادات الجماعة علي رأسهم المهندس محمد خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة وإحالتهم إلي المحكمة العسكرية العليا مع سبع آخرين مطلوبين، وعدد 134 طالبا من طلبة جامعة الأزهر تم إخلاء سبيلهم جميعاً0
و القضية رقم 171 لسنة 2007 حصر عليا وعددها (3 ) والمحالة من نيابة المنصورة والمتهم فيها كل من: د . محمد عبد الرحمن المرسي، وحامد منصور أبو النصر، ومحمد زكريا محمد محمود 0 والقضية 225 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة سوهاج وعدد المتهمين فيها (1 ) وهو أحمد أحمد علي محمد جرامون والقضية رقم 192 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة طنطا وعدد المتهمين (1) وهو حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان والقضية رقم 199 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة شبين الكوم وعدد المتهمين فيها (1) وهو أشرف محمد عبد السيد علم الدين والقضية رقم 158 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة المنصورة وعدد المتهمين فيها (1) وهو حمادة أبو زيد أحمد مصطفي والقضية رقم 240 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا عدد المتهمين فيها (7) وعلي رأسهم د/ محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد، ومن القضايا ايضاْ التي رصدها التقرير القضية رقم 205 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة الزقازيق وعدد المتهمين فيها ( 1) وهو السيد العربي عبد الرحيم والقضية رقم 287 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها ( 2) وهما محمد مفيد محمد وسعيد عدلي شافعي _ القاهرة والقضية رقم 344 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والقضية رقم 329 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة الإسماعيلية وعدد المتهمين فيها ( 3) وعلي رأسهم حسنين محمد حسنين ؛ والقضية رقم 334 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة الهرم وعدد المتهمين فيها ( 2) وهما علاء الدين محمد حسين محرم _ يحيي رزق علي عيسي ؛ والقضية رقم 372 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعلي رأسهم عضو مجلس الشعب صبري عامر ؛ والقضية رقم 373 لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة شبرا الخيمة وعدد المتهمين فيها ( 23) وعلي رأسهم م/نادر توفيق مصطفي ، د/محمد محمود عبد العال- طلبة معهد التعاون الزراعي ؛ والقضية رقم 416لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها ( 33 ) وعلي رأسهم عبد العزيز عبد القادر إبراهيم ؛ والقضية رقم 481لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا والمحالة من نيابة السويس وعدد المتهمين فيها (22) وعلي رأسهم نادر أحمد محمد أبو الخير- السويس ؛ وايضاْ القضية رقم 997لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها (18) وعلي رأسهم د/محمد مصطفي ياقوت _ معسكر المطرية؛ والقضية رقم القضية رقم 1013لسنة 2007 حصر أمن دولة عليا وعدد المتهمين فيها (14) وعلي رأسهم د/حامد السيد محمود _ معسكر أبو قتادة ؛ والقضية رقم القضية رقم 1027لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها ( 16) وعلي رأسهم د.عصام العريان.
والقضية رقم 1150لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها (11)وعلي رأسهم د/ محمد عبد الرحمن المرسي - مجموعة المنصورة 0
و القضية رقم 1238لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها ( 25) وعلي رأسهم د/أحمد محمد عبد الرحمن- مجموعة الفيوم ؛و القضية رقم 1246لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها (11) وعلي رأسهم أ/ حسن سليم حسن _ مجموعة سوهاج ؛ و القضية رقم 1268لسنة 2007 حصر أمن الدولة العليا وعدد المتهمين فيها (13) تم إخلاء سبيل 2 منهم0
ورصد التقرير الانتهاكات التي شابت المحاكمة العسكرية للإخوان خاصة في القضية رقم 963 لسنة 2006 جنايات أمن دولة عليا.والمقيدة بإدارة المدعي العام العسكري تحت رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية عليا وأهم ما تم فيها من إجراءات انها تعتبر المحاكمة العسكرية الأخيرة للمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة وعدد آخر من قيادات الجماعة، وهي القضية رقم (7) في سلسلة محاكمات عسكرية لقادة الجماعة والتي تعقد غالباً كلما حققت الجماعة انتشاراً شعبياً جديداً وحازت ثقة الشعب المصري في انتخابات أو غيرها.

وفي سياق متصل قال التقرير انه في الوقت الذي كانت تزيد فيه الاحتجاجات العمالية وتتخوف القوي السياسية والفكرية من سيناريو التوريث فإن النظام السياسي بدلا من أن يعمل علي بناء علاقات عمل متوازنة تحافظ علي حقوق العمال كما تحافظ علي حقوق أصحاب الأعمال فإنه كان يقمع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ويجري تعديلات دستورية مثيرة للجدل بعد فترة قصيرة جدا علي إقرار قانون جديد للسلطة القضائية اعترض عليه نادي القضاة لأنه لم يأخذ في الاعتبار معظم مطالب القضاة.
وإضافة إلي أن التعديلات لم تقترب من مفهوم تداول السلطة نجد أنها ستقلص المشاركة الشعبية بعد إنهاء الإشراف القضائي علي الانتخابات ولعل من أخطر التعديلات الدستورية التي أجريت إجراء حوالي 13 تعديلا فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي وفرض نظام السوق في الدستور في سابقة لا تشهدها دساتير العالم ؛ وتقليص الإشراف القضائي علي العملية الانتخابية بتعديل المادة 88 من أجل تحديد مفهوم الإشراف القضائي علي الانتخابات البرلمانية والبلدية.
وإذا كان هناك اتفاق عام بين الحكومة والمعارضة علي أن عملية التعديلات علي الدستور أصبحت عملية ملحة فإن مثل هذه التعديلات قد أدت إلي نشوب الخلاف بين الحكومة وبين المعارضة وبين الحكومة والقوي الشعبية وبعض الفئات المهمة مثل القضاة والصحفيين خصوصا صلاحيات السلطة التنفيذية علي اعتبار أنها لن تعجل بالإصلاح السياسي الذي يأمل فيه المصريون، بل إنها قد تضر بهذا الإصلاح المنشود.
وترفض القوي المعارضة معظم هذه التعديلات علي أساس أنها لم تعزز من صلاحيات السلطة التشريعية وأبقت علي الاختصاصات الضخمة للسلطة التنفيذية كما أنها لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب فئات مهمة في المجتمع مثل القضاة والصحفيين .
وقال التقرير انه من أحد التفسيرات المهمة لتمرير هذه التعديلات الدستورية التي تكرس الوضع القائم القول أن المعارضة الحزبية المصرح بها قانونا انحسرت حتي باتت معارضة لمجرد إثبات الحضور، والرغبة في الظهور أكثر من كونها معارضة حقيقية تسعي لكسب السلطة وحصد مقاعد الحكم، فلم يعرف عن أي من هذه الأحزاب قدرته علي تشكيل تهديد حقيقي للحزب الحاكم.
واشار التقرير الي ان النظام السياسي يقرُّ ببعض المظاهر والأشكال للتعبير عن الرأي العام علي مستوي المثال والشعار السياسي والمبدأ القانوني والنظامي، خاصةً في ظل خطابه اللفظي الرسمي حول تحوله للديمقراطية.
ولكن من الناحية العملية والواقعية يسعي إلي استيعاب مظاهر التعبير وتقليص الآثار التي يمكن أن تحققها إلي أدني حدٍّ ممكن، كما يسعي إلي حصارها كي لا يتحول الرأي العام فعليا إلي أداة من أدوات تغيير المعادلات الأساسية للأوضاع القائمة، ولعل هذا ما يفسر ضجره من المظاهرات الطلابية ومنعه لأي مظاهرة صغيرة في شارع عبد الخالق ثروت علي سبيل المثال!.
واوصي التقرير ببعض المطالب ورفع لاءت ثلاثة هي لا للاعتقالات .. لا للتمييز السياسي .. لا للمحاكمات العسكرية مشيرا الي أن إقصاء "جماعة الإخوان" أكبر فصيل سياسي يأخذ شكل توجيه ضربات قاصمة للجماعة ورموزها بشكل يوحي بأنها لا تنوي منعهم من الترشح في الانتخابات، ولا حرمانهم من إنشاء حزب سياسي بل الأمر يرتبط باستهداف وجودهم في الأساس ويتواكب ذلك مع مساعي حكومية للتوريث واحتكار السلطة.
وطالب المركز بوقف الاعتقالات التعسفية ورفع التقرير شعار كفي للقوانين الاستثنائية مطالبا الحكومة بوقف العمل بكل القوانين الاستثنائية لأن أخطر ما فيها أنها تغلق كل أبواب ونوافذ الديمقراطية.

نهضة مصر – 21/1/ 2007


أثار الإعلامي عمرو أديب في مقدمة إحدي حلقات الأسبوع الماضي في برنامجه »القاهرة اليوم« تساؤلاً مهماً، حيث أبدي اندهاشه في سكون الحركة السياسية في مصر وهدوء المشهد السياسي بعد حالة من الفوران أطلق عليها في فترة ماضية قريبة »الحراك السياسي« بدأت مع إعلان الرئىس مبارك دعوته لمجلس الشعب للنظر في تعديل المادة 76 من الدستور في فبراير 2005 وانتهت فجأة بعد أقل من عامين علي بدايتها التي استبشر بها الكثيرون وعدوها بداية لحركة تغيير وطني شامل. وحسب تعبير عمرو أديب فإن هناك جهة ما قد نجحت في »طبطيط« هذا الحراك السياسي!

وبقدر أهمية التساؤل الذي طرحه، فإن أحداً لم يعلق عليه مما يؤكد حالة الخمود التي أصابت القوي السياسية في البلاد ويثبت أن الحراك السياسي قد أصيب بضربة قاصمة أفقدته القدرة علي الحركة.

وأعتقد أن هذا المشهد السياسي اللامتحرك في مصر إنما هو نتاج طبيعي وأمر متوقع في ضوء المعطيات التي تعيشها مصر منذ سنوات طويلة. فقد تم تجميد وتلجيم وتحجيم مصادر الحركة السياسية والقوي القادرة علي تحريك المشهد السياسي في اتجاه يخالف ما استقر عليه الحال تحت حكم استمر أكثر من ربع قرن. إن الأحزاب السياسية والتي يفترض أن تكون محركات النشاط والفعل السياسي في أي مجتمع قد صار تقييدها وتحويلها إلي أحزاب ورقية هامشية تنشأ بقرار من الحكومة التي يفترض في تلك الأحزاب أن تعارضها وتعمل علي الوصول إلي السلطة بدلاً عنها، كما تعيش تلك الأحزاب المصطنعة علي إعانات حكومية وتسعي إلي الحصول علي رضاها أملاً في اختيار بعض رؤسائها ضمن الأعضاء المعينين بمجلسي الشعب والشوري. ومن غريب صور المشهد السياسي المصري أن بعض رؤساء الأحزاب المعارضة لهم مساحات ثابتة في صحف الحكومة المعروفة باسم »الصحف القومية« وأن أغلب ـ إن لم يكن ــ جميع رؤساء الصحف الحزبية والمستقلة ـ أي المعارضة ـ ومحرريها يعملون أساساً في تلك المؤسسات الصحفية الحكومية ويتقاضون رواتبهم منها في نفس الوقت. وباستثناء حزب العمل الذي تم تجميده من سنوات، وحزبي الوسط والكرامة المجمدين أيضاً نتيجة رفض لجنة شئون الأحزاب الموافقة عليهما منذ أكثر من عشر سنوات، وحزب »الوفد« بتاريخه العريق، فإن مشهد الأحزاب السياسية القائمة ينبنئ بأنها كلها فاقدة القدرة علي الحركة والتأثير وليس لها وجود حقيقي خارج مقارها، ولا يتجاوز هذا التأثير ما تنشره الصحف القليلة الانتشار التي تصدرها بعض تلك الأحزاب، فضلاً عما تعانيه معظم الأحزاب من صراعات وخلافات داخلية تهدر طاقاتها في منازعات لا طائل من ورائها بين المتصارعين علي الرئاسة فيها.

وإذا بحثنا عن القوي السياسية الأخري بخلاف الأحزاب المسماة بالمعارضة لن نجد سوي جماعة الإخوان المسلمين وهي ما تصر الحكومة علي تسميتها »الجماعة المحظورة« رغم أن لها ثمانية وثمانين عضواً في مجلس الشعب لم يحدث وجودهم تأثيراً ملموساً في المشهد السياسي المصري، وانصرفوا إلي أداء روتيني لا يختلف كثيراً عن أداء باقي الأعضاء من الحزب الوطني، ولم يستطيعوا تقديم نموذج واضح لبرنامج وطني شامل يناهض ما تفرضه الحكومة وحزبها من توجهات لا يرضي عنها الشارع المصري وتصب في أغلبها في غير صالح المواطنين البسطاء الذين يعانون الفقر والبطالة وسوء التغذية وتدني الخدمات التعليمية والصحية ويعيشون حياة تتسم بالعشوائية واللاآدمية. وحين اتجهت الجماعة إلي إعلان برنامج لحزب تنتوي إنشاءه فقد أثارت شكوكاً وتساؤلات حول توجهاتها أكثر مما قدمت من إجابات وتوضيحات.

أما جماعات الرفض السياسي والتي انطلقت وفي مقدمتها حركة »كفاية« فقد أجهدها التعامل مع قوي الأمن في وقفاتها الاحتجاجية أمام نقابة الصحفيين وعلي درجات سلمها الشهير، واستنفدت طاقاتها هي وغيرها من الحركات مثل حركة 9 مارس لأساتذة الجامعات، وحركة »لا لبيع مصر« و»مهندسون تحت الحراسة« و»شباب من أجل التغيير«، وانطفأت جذوة حماسها وتأثيرها بسرعة متوقعة في ظل القمع الحكومي والأمني لكل الأصوات المعارضة والقوي الواعدة بالقدرة علي إحداث التغيير.

وعادة ما يتحقق الحراك السياسي نتيجة الضغط الشعبي المطالب بحقوقه والراغب في تطوير حياته والارتفاع بمستوي معيشته. ولكن الحال مع الشعب المصري هو علي خلاف ذلك، فأغلب الناس في مصر المحروسة منشغلون بالبحث عن لقمة العيش يقفون ساعات طوالاً في صفوف متراصة التماساً لبعض الأرغفة من الخبز المدعم قبل أن تفي الدولة بوعدها وتحول هذا الدعم إلي ما تسميه الدعم النقدي، وما يدري أحد بعد ذلك ماذا سيكون عليه حال هؤلاء الذين يستكملون عشاءهم نوماً حين ينطلق سعر رغيف الخبز ليصبح خمسة وعشرين قرشاً، كما يبشرنا رئىس الوزراء الذي تباهي أنه وقف مرة في طابور العيش وهو وزير للاتصالات. إن عمال مصر في شركات قطاع الأعمال محبطون مهددون بالخصخصة والمعاش المبكر الإجباري، وهم يعتصمون ويضربون طلباً لحقوقهم المالية ولا يحصلون عليها إلا بشق الأنفس وبعد معاناة مع الاعتصام والإضراب عن الطعام، ناهيك عن التعاملات الأمنية المجحفة. وفلاحو مصر يكابدون مشكلات التخلص من زراعات القطن والقمح التي لا تريد الحكومة استلامها منهم وإذا فعلت فبأسعار بخسة لا تعوضهم عما بذلوه من جهد ومال وتحبطهم وتدفعهم إلي التحول عن زراعة هذين المحصولين الأهم بالنسبة للاقتصاد المصري. والمعلمون في مدارس المحروسة عانوا الأمرين حتي صدر كادر المرتبات الجديد الذي انتظروه طويلاً، ومع ذلك فلم تتحسن أحوال الغالبية العظمي منهم ولايزالون يكافحون في اقتسام ما يحصل عليه أولياء أمور طلابهم من دخل يسير من خلال الإسراف في الدروس الخصوصية. وأساتذة الجامعات المصرية يكشفون عن سوء أوضاعهم المالية ـ ناهيك عن تردي ظروف وإمكانيات الجامعات مما لا يسمح لهم بفرص للبحث العلمي والإبداع ـ ويهددون بالاعتصام والإضراب إن لم تلتزم الدولة بتحسين أوضاعهم المالية وتزيل ما أصاب شيوخهم من عنت وعسف نتيجة العبث بقانون تنظيم الجامعات وإهدار حقوق وكرامة من بلغ السبعين من عمره من الأساتذة بإقصائهم عن مجال التدريس وهم عمالقة العلم والفكر الذين يمثلون رأس المال الحقيقي للوطن. وتبلغ الأزمة قمتها حين يضرب آلاف الموظفين في مصلحة الضرائب العقارية مطالبين بمساواتهم بزملائهم في مصلحة الضرائب ويصرون علي نقل تبعيتهم الوظيفية من المحليات إلي وزارة المالية. وبعد شهور من الاحتجاجات والاعتصامات الجزئية لجأوا إلي اعتصام مفتوح أمام مقر مصلحة الضرائب وعلي بعد خطوات من مقر مجلس الوزراء واستمر اعتصامهم عشرة أيام، ثم ـ وكالعادة ـ صدر التوجيه الرئاسي بالنظر في مطالبهم، وكان أن وعدهم وزير المالية بالاستجابة وأن مشكلتهم سوف تحل خلال عام، فأنهوا اعتصامهم إلي أجل محدد هو يوم 9 يناير حتي يتحققوا من صدق ما وعد به الوزير.

وكيف يثور المصريون أو يتحركون علي الساحة السياسية وهم مغرقون طوال الوقت بسيل من الإنتاج الإعلامي يصرف انتباههم عن قضاياهم ويلهيهم في أمور هامشية تستغرق ساعات طوالاً من أيامهم ولياليهم يمضونها أمام أجهزة التليفزيون يشاهدون مسلسلات وأغاني وبرامج أقل ما توصف به أنها لا تحترم عقولهم ولا تزيدهم إلا جهلاً وتسطيحاً. ويستوي في ذلك الإعلام الرسمي للدولة من صحف ومجلات وإذاعة وتليفزيون، والقنوات الفضائية المصرية والعربية التابعة لحفنة رجال الأعمال وذوي اللحي ممن يسمون أنفسهم دعاة. إن ما يتعرض له المواطن المصري من وسائل الإعلام إلا النزر القليل يصرفه ـ سواء عن عمد أو بغيره ـ عن الاهتمام بقضايا مصيرية وأمور حيوية تتصل بحياته ومستقبله وشئون وطنه، ناهيك عن محاولة التفكير أو المشاركة فيما كان يسمي »الحراك السياسي«.

وكيف يمكن للمصريين أن يشاركوا بفعالية في أمور وطنهم ويتفاعلوا بإيجابية مع حركات التغيير السياسي ومحاولات الحراك المجتمعي وهم يعيشون في ظل قانون الطوارئ منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وهم يشاهدون مواطنين أمثالهم من المدنيين يحاكمون أمام محاكم عسكرية وليس أمام قاضيهم الطبيعي، وهم أيضاً يسمعون عن آلاف المعتقلين السياسيين يمضون سنوات في معتقلات الحكومة من دون محاكمة وتختلف الأقوال في أعدادهم؟ وكيف يتفاعل المصريون مع مشكلات وطنهم ويشاركون في الحراك السياسي وهم يشاهدون ما يتعرض له قضاة مصر من تهديد واستفزاز من جانب الحكومة، ويتابعون ما انتهت إليه محاولات الحكومة المستمرة لإقصائهم عن المشاركة في تدعيم الديمقراطية وإنهاء إشرافهم علي الانتخابات، كما يشاهدون أحد قضاة مصر يسحل علي الأرض ويضرب بأحذية رجال الشرطة التي هي في خدمة الشعب!

ولعل أبلغ ما يصرف الناس في مصر عن العمل السياسي ـ فضلاً عن كل ما سبق ـ هو ما اعتادوا عليه من ممارسات السلطة في عمليات الانتخابات والاستفتاءات. فقد اعتادوا لسنوات طوال أن يقرأوا نتائج الاستفتاءات الرئاسية التي لم يشارك أغلبهم فيها وكيف كانت تبلغ عادة ما يزيد علي 99% في معظم الحالات. ثم يشهد المصريون ما يجري في الانتخابات التشريعية من تزوير وتدخل للأجهزة الأمنية ورشاوي تقدمها الدولة لدعم مرشحي حزبها المختار، وكيف يهرول الحزب الحاكم لاستعادة أعضائه الذين رفض ترشيحهم في الانتخابات فترشحوا كمستقلين وفازوا فيعود الحزب ليضمهم إليه بعد أن كان فصلهم وذلك حتي تتحقق له الأغلبية المريحة التي يتمناها ليحكم قبضته علي البلاد والعباد. ويشهد المصريون أحكام محكمة النقض تقضي ببطلان انتخابات مرشحي الحكومة في كثير من الدوائر ومع ذلك لا يلقي مجلس الشعب بالاً إلي تلك الأحكام ويستمر الأعضاء المطعون في صحة عضويتهم يمارسون دورهم في »الرقابة علي السلطة التنفيذية«!!

ويأتي دور الحكومة الذكية في صرف اهتمام المصريين عن العمل السياسي بدءاً بتعطيل تعديل الدستور لسنوات طوال رغم إلحاح الناس جميعاً برغبتهم في دستور عصري يكفل الممارسة الديمقراطية ويحد من سلطات الحاكم ويجعله موضع مساءلة كما في دساتير العالم كلها، ثم تفاجئ المواطنين بتعديل 34 مادة في الدستور وفق هواها وبغض النظر عن كل الاعتراضات ووجهات النظر المخالفة لرغبتها، وتستمر في نهجها المعادي للديمقراطية بتعطيل إرادة الجماهير في انتخاب ممثليهم في المجالس المحلية الشعبية التي انتهت دورتها وذلك بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في أكتوبر ،2006 ثم توالي مسيرة وأد الديمقراطية بتعطيل انتخابات معظم النقابات المهنية العريقة وتصادر حرية أعضائها في انتخاب مجالس إدارتها وتضع تلك النقابات تحت الحراسة، وتواصل نهجها في منع طلاب الجامعات من ممارسة الديمقراطية وتتدخل في انتخابات اتحاداتهم بشطب أسماء المرشحين غير الموالين للسلطة وافتعال أزمات لتعطيل الانتخابات وتشكيل الاتحادات بقرارات من عمداء الكليات من طلاب تابعين لحزب الحكومة ـ كل ذلك استكمالاً لضرب نوادي هيئات التدريس وتشكيل معظمها بقرارات إدارية. وهي حكومة ليست فقط ذكية، بل هي أيضاً ظريفة تشغل الناس الآن بقضية الدعم وهل يبقي سلعياً أم يدفع نقداً، وبعد أن كانت الحكومة تقول إن الدعم يجب أن يذهب إلي مستحقيه، أصبح شعارها المرفوع اليوم »الدعم لمن يطلبه« وبعد أن كان رئىس الوزراء يصف المصريين بأنهم غير ناضجين سياسياً أصبح اليوم يعتمد علي مروءتهم في تنفيذ خطته لتوفير الدعم النقدي لمن يطلبه من أصحاب المروءة منهم. وهي حكومة تصرح باستيراد »التوك توك« وسيلة النقل الشعبية التي يستخدمها الفقراء ثم تمنع الترخيص بتسييرها، وهي تتشدق بتقدير وإشادة المنظمات الدولية بما تحققه من إنجازات اقتصادية وكيف أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دعت مصر لعضوية لجنة الاستثمارات بها بينما الحقيقة أن تلك المنظمة تجاهلت رغبة مصر في الانضمام لعضويتها ووجهت الدعوة لعضويتها من باريس في مايو الماضي إلي إسرائىل وأربع دول أخري هي شيلي، استونيا، روسيا، وسلوفينيا، والتي سوف تبدأ محادثات الانضمام إلي العضوية خلال الفترة القادمة، كما أعلنت المنظمة علي موقعها الرسمي علي شبكة الإنترنت بتاريخ 3 ديسمبر الحالي، وكذلك أعلنت المنظمة أنها تبدي اهتماماً بتعميق العلاقات مع مجموعة دول أخري مهمة هي البرازيل، الصين، الهند، إندونيسيا، وجنوب أفريقيا. بينما لم يرد ذكر مصر الذي أشاع أحد كبار المسئولين في حكومتها الظريفة أنها ستدعي إلي عضوية المنظمة وأنه يعد دراسة لعرضها علي الرئىس بشأن هذه العضوية، وذلك علي حد ما كتبه الصحفي مصباح قطب في صحيفة المصري اليوم منذ عدة أشهر، وعلي رأي العبقري صلاح جاهين.. »وعجبي«!!

أو ليس من الطبيعي بعد كل ذلك أن تهبط حرارة النقاش حول مشكلات الوطن ومستقبله وتخفت شدة الحراك السياسي من أجل التغيير الديمقراطي وقد انشغل المصريون ـ عدا الفئة القريبة من السلطة والموالين للنظام ـ بصراعهم اليومي ضد الغلاء الفاحش، ومحاولات الحكومة إخراجهم من أراضيهم وبيوتهم في المناطق التي يطمع كبار رجال الأعمال في الحصول عليها وتحويلها إلي مشروعات سياحية فاخرة؟ وكيف ينتبه المصريون إلي أمور السياسة وهم يغالبون مشكلات التعليم المتدني، والخدمات الصحية المتدهورة، والتهديد بخصخصة كل ما ضحوا من أجله عبر سنوات طوال وعدوا خلالها بالعزة والكرامة وكان نداء الحاكم إلي كل منهم أن »ارفع رأسك يا أخي فقد مضي عهد الاستغلال«، وشنف الإعلام الحكومي آذانهم وغسل أدمغتهم بأن القطاع العام هو ركيزة الاقتصاد الوطني وقاطرة التنمية. واليوم يقال لهم عكس ذلك تماماً من نفس الإعلام الحكومي أن القطاع العام هو أس البلاء ينبغي التخلص منه، وأن التأمين الصحي وبال عليهم ينبغي أن يتحول إلي شركات خاصة، وأن التعليم الموازي والكليات المتميزة بمصروفات كاملة تضاهي ما تتقاضاه مؤسسات التعليم الخاص هو الحل لنهضة التعليم. كيف يفكر المصريون في المستقبل وهم يعيشون حاضراً أقل ما يوصف به هو العشوائية في أجلي صورها؟ كيف يأمنون إلي مصداقية الحكم وهم يرون رجال الأعمال أصحاب المصالح الخاصة يتحكمون في أهم شئون الاقتصاد الوطني يديرونه وفق مصالحهم وأهوائهم، أليس رئىس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب هو من هؤلاء ومن المتهمين بالاحتكار، حيث أحال وزير التجارة والصناعة ملف الصناعة التي يسيطر عليها إلي جهاز منع الاحتكار لدراسته منذ ما يقرب من عام تقريباً ولم يصدر الجهاز تقريره بعد؟ ألم تضع الدولة أمور الصحة والعلاج بين أيدي من يملكون المستشفيات الخاصة ويؤمنون بفكر القطاع الخاص، بينما هم يتحدثون عن خدمات صحية وعلاجية مجانية للشعب المريض!!

الشاهد أن المصريين قد أنهكتهم المشكلات، وبددت الدولة طاقاتهم بما تثيره لهم من مخاطر ومهددات، وتستنفد إمكانياتهم الفكرية في البحث عن سبل لضمان استمرارهم علي قيد الحياة، فلم يعودوا قادرين علي التفكير في أمور السياسة، ولا عادوا يهتمون بأمور يرونها الآن ترفاً لا يملكون حتي التفكير فيه من أمثال الحرية والديمقراطية والمواطنة وسيادة القانون وتداول السلطة وغير ذلك من ثقافة الكلام وسفسطة تسلية الوقت تلوكها ألسنة النخبة من المثقفين والمتعايشين مع نظام الحكم يعارضونه بالكلام بينما يتمتعون بما يتيحه لهم من منح وعطايا!! ولن أسترسل حتي لا يصبح باقي المقال علامات تعجب لا نهاية لها!!

وعلي الله قصد السبيل.

الوفد : 13 / 1 / 2008 - د. علي السلمي

المستشار عادل فرغلي رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة: رجال أمن الدولة أكثر من الموظفين في مجلس الدولة

  • ما تعليقك على أزمة ال 31 متفوقا والذين صدرت لصالحهم أحكام تقضي بتعينهم في مجلس الدولة ولكن لم يعينوا للوقت الحالي؟
  • هناك سوء فهم في هذه القضية فهناك بالفعل ما يزيد على 30 حكما صدرت لمعظم الناس، وهذه الأحكام متعلقة بإلغاء قرار التخطي في التعين، ولكن تلك الأحكام صدرت بناء على سند آخر ليس منطوقه أن هؤلاء الأفراد يستحقون التعيين أم لا وإنما هي مجموعة من الأحكام. صدرت بشأن موضوعات مختلفة، بعضها يتعلق بأحقية هؤلاء الأشخاص في إعادة الكشف الطبي عليهم أما القومسيون الطبي بدلا من إجرائه في العيادة الخاصة بالمستشارين وبناء عليه نحن نبتدئ هذه الإجراءات مرة أخرى، والبعض الآخر يتعلق بإعادة ترشيح بعض الأفراد وإعادة إمتحانتهم، وبالتأكيد كل الحالات التي سنجد أنها لائقة طبيا وتحرياتهم سليمة وظروفهم الاجتماعية مناسبة ونجحوا في الامتحان سيعينون فورا فالمشكلة كلها هي مسألة فهم لكيفية تطبيق القوانين وتنفيذها.
  • ما أشهر القضايا التي أصدرت فيها أحكاما أثناء رئاستك لدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا؟
  • هناك أحكام كثيرة جدا ولكن أطرفها حالة مساعد مدير أمن بورسعيد الذي استقال من الوظيفة بناء على ضغط من رؤسائه، هذا الرجل كان مساعدا لمدير أمن بورسعيد أثناء الاعتداء على الرئيس مبارك في بورسعيد، فاعتبروه قد أخل بواجبات وظيفته، وذكر في دعواه أن استقالته هي استقالة باطلة، لأنها غير صادرة من إرادة واعية وطالب بإلغاء القرار الصادر بقبول استقالته، ورفضت محكمة القضاء الإداري دعواه فطعن على الحكم في الدائرة التي أرأسها بالمحكمة الإدارية العليا، والغريب أنني سألته صراحة في محضر الجلسة عن نوع الإكراه الذي تعرض له وعدم إرادته بحيث يجعل الاستقالة صادرة عن إرادة معدومة فرد على بعض المبررات الواهية، ولكن ما أصابني بالدهشة بل الصدمة أنه ذكر لي بالحرف الواحد "هل من المعقول أن اسيب 70 ألف جنيه مرتبا شهريا أحصل عليه كمدير أمن واستراحة وفيلا و3 عربيات و3 تليفون لاسلكي ووقتها لم أكن أعرف أن الدولة تعطي بالحلال وبطريق مشروع لموظف مرتبا شهريا 70 ألف جنيه مع أن مديري الأمن هم في عمر تلامذتنا، فأنا لم أحصل على عشر هذا المبلغ ووقتها لم أكن أتصور أن هناك من يتقاضى 70 ألف جنيه بالحلال والله أعلم بالباقي.
  • هل سبق تعرضت لضغوط معينة لإصدار حكم معين أثناء رئاستك للدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا؟
  • لم يسبق أن وقعت تحت ضغط للإصدار حكما معينا ولكن قد تكون بعض العقبات.
  • مثل ماذا؟
  • يحدث في بعض القضايا المهمة، عموما نحن كقضاة لا نقسم القضايا إلى قضايا مهمة وغير مهمة وإنما بعض القضايا التي يطلق عليها القضايا السياسية تتدخل فيها الحكومة لكي تخترق القضاة وتعرف الأحكام مسبقا وهذا ما حدث معنا في قضية سليمان خاطر "جندي مصري قتل 7 إسرائيليين على الحدود المصرية مع إسرائيل حاولوا تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فحاول منعم وأخبرهم بالإنجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها، إلا أنهم لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة غير مسموح لأي إنسان الاطلاع عليها، فما كان منه إلا أن أطلق النار عليهم، ورغم أن سليمان خاطر نفذ الأوامر بأن أطلق النار في الهواء أولا للعمل على منع أي شخص من دخول المنطقة المحظورة ولو بإطلاق النار عليهم إلا أنه تمت محاكمته عسكريا 28/12/1985 صدر الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاما، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بمدينة نضر بالقاهرة وبعدها بـ 10 أيام تقريبا وتحديدا في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر" وكذلك في قضية شكري مصطفى مؤسس "جماعة التكفير والهجرة" الذي اتهم بقتل الشيخ حسن الذهبي وزير الأوقاف المصري الأسبق، وتمت إحالته إلى المحاكمة العسكرية والتي قضت بإعدامه" هاتان القضيتان بمثابة نقطة البدء لفتح الباب على مصراعيه لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري الحادث الآن فما حدث أن طعن كل من سليمان خاطر وشكري مصطفى قرار تحويلهما للمحاكمة العسكرية أمام الدائرة التي ارأسها بالمحكمة الإدارية العليا، ووقتها وجدنا نحن كقضاة، أن قانون الأحكام العسكرية ينص على الجرائم الانضباطية والتي يحاكم فيها الضابط أو العسكري أمام المحاكم العسكرية. وهذا بالطبع أمر طبيعي، ولكن الاستثناء الخطير والذي يجب ألا يتم التوسع فيه هو المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية التي تبيح لرئيس الجمهورية أحالة بعض أنواع الجرائم إلى المحاكم العسكرية.. والقانون ينص صراحة على نوعية معينة من الجرائم مثل الجرائم الخاصة بالإرهاب وأمن الدولة أما أن يأتي رئيس الجمهورية ويتدخل في قضية معينة يعرف أن المتهم فيها هو فلان الفلاني بعد أن تتولى النيابة العامة التحقيق في الموضوع وتنتهي إلى تحويله إلى المحكمة العادية مثلما حدث مع سليمان خاطر والذي صدر قرار جمهوري بإحالته إلى المحاكمة العسكرية.
  • بعد أن قررت النيابة العامة تحويله إلى المحكمة العادية ولهذا نحن كقضاة كنا قد اتفقنا على إصدار أحكام لصالح المدعيين لإلغاء قرار تحويلهما إلى القضاء العسكري ولكن وقتها شعرنا بأن رجال الأمن يتنصتون علينا ويراقبوننا بوسائل مختلفة وعرفنا أن هناك سماعات توضع لنا في غرف المداولة لكي يعرف رجال أمن الدولة ما قررناه في هاتين الدعوتين، ولهذا كنا نتداول في أي مكان وحتى في المراحيض، وبالفعل نحن كقضاة كنا قد قررنا الحكم ببطلان القرار الجمهوري بتحويل سليمان خاطر وشكري مصطفى إلى المحكمة العسكرية ولكن لم نعرف كيف وصل هذا إلى الجهات المختصة فأسرعوا بإعدام شكري مصطفى وأعلنوا أن سليمان خاطر قد انتحر في السجن، وفوجئنا في اليوم الذي سننطق فيه بالحكم بمحامي الحكومة يطلب إغلاق باب المرافعة، لأن المدعين قد توفيا وأصبح لا يوجد داع للحكم.
  • بماذا تفسر التواجد الأمني المكثف لرجال أمن الدولة في مجلس الدولة؟
  • رجال أمن الدولة أكثر من الموظفين في مجلس الدولة فأمن الدولة متواجد بقوة داخل مجلس الدولة ولكن نحن لا نستطيع اتخاذ إجراء بشأنهم لأننا لا نعرفهم فرجل أمن الدولة هو رجل سري يرتدي زيا ملكيا ممكن أن يكون مدعيا أو محاميا أو صحفيا أو ... وعموما رجال أمن الدولة المعرفون للمواطنين لا يوجد منهم خوف الخوف من رجال أمن الدولة غير المعروفين وهم كثر.
  • لماذا رفض قسم التشريع تقليص اختصاصات وصلاحيات النيابة الإدارية في مشروع قانون الوظيفة العامة؟
  • قمنا بدراسة نصوص مشروع القانون الذي أعدته وزارة التنمية الإدارية وتبين أنه يفتح بمنح جهة الإدارة اختصاصات لا قبل لها بها في مجالي التحقيق مع الموظفين وتأديبهم وذلك سلبا من اختصاصات النيابة الإدارية وتقولا على اختصاص المحكمة التأديبية الأمر الذي لا ينطوي على غضب السلطة النيابية الإدارية فحسب وإنما يتجاوز ذلك إلى غضب سلطة الحاكم التأديبية وهو ما لا يجوز للسلطة الإدارية التعرض له ووجدنا، أهمية اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق في المخالفات المالية احتراما لأحكام الدستور التي تقرر حرمة المال العام، خاصة في ظل ما تتمتع به النيابة الإدارية من حيدة واستقلالية في تحقيقاتها دون الخضوع الجهة الإدارية ورأينا أن المبالغة في رفع نصاب التحقيق في المخالفات المالية إلى 100 ألف جنيه تشكل إهدار تاما لاختصاصات النيابة الإدارية وتعيد إلى الجهة الإدارية التحقيق في أخطر الجرائم. ولهذا ارتأينا ضرورة خفض هذا النصاب إلى عشر آلاف جنيه كحد أقصى دون أن يكون ذلك تدخلا في السلطة التقديرية لواضعي المشروع.
  • رفض قسم التشريع المشروع الذي تقدمت به وزارة الأوقاف والذي يحظر عقد المظاهرات أو الاجتماعات الحزبية والسياسية في المساجد لماذا؟
  • لأن هناك قانونا عاما لتنظيم المظاهرات منذ عام 1923 منذ أيام الملك فاروق وهذا القانون لا يزال قائما، ومع ذلك أرادت وزارة الأوقاف أن تضع قواعد أكثر تقييدا للحريات، فقانون المظاهرات يسمح للناس أن تخرج وتعبر عن آرائها، وإنما الوزارة أرادت أن تمنع الناس من التعبير عن آرائها داخل الأزهر بحجة أنه لا يصح أن يرفع أحد صوته في الجامع، إلا أن هذه الحجة التي اعتمدت عليها الوزارة في طلبها لهذا التشريع غير صحيحة، لأن الرسول – صلى الله عليه سلم- كان يخاطب أمراءه وهم على كبير منه وكانت ثائرة ومنتفخة الأوداج، وكانت تشعر بالظلم ومن ثم فالجوامع والمساجد لدينا هي مظهر ديني، ومن حق كل فرد أن يتخذ منها منبرا ليعبر عن الظلم الواقع عليه، ومن ثم رفضنا مشروع القانون، لأنه لا يصح تقييد حريات الأفراد، وبالتالي منع المظاهرات هو تقييد شديد للحريات ومخالفة للدستور ومخالفة لحق المواطنين في التظاهر.
  • ما رأيك في الفتاوى الأخيرة لشيخ الأزهر والمفتي والخاصة؟
  • كلها فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان فكيف يقول مفتي الجمهورية أن يقف أمام السيارة يسمح للسلطات العامة أن تأخذ تعويضا من أهل المجني عليه، فلا أعرف إلى أي قاعدة فقهية أستند، فمن المعلوم أن الذي يقف أمام القوى الغاشمة ليس إنسانا ظالما لكي نتقاضى منه تعويضا كما أن شيخ الأزهر لو أفتى بجلد الصفيين فهو قد وقع في خطأ بين لأن عقوبة الجلد في القرآن الكريم خاصة بقذف المحصنات والصحفيون لم يسبق أن تحثوا عن المحصنات ولكن قد يتحدثون عن الحاكم، وبالنسبة لفتوى غرق الشباب هي فتوى غريبة لا تتم إلا عن وجهة نظر، سواء للمفتي أو لشيخ الأزهر ولكن لا يصح أن نطلق عن تلك الآراء المعبئة فتاوى لأنها لا تمت للفقه أو للتشريع أو للقانون بأي صلة، إضافة إلى أن الفتوى تكون بناء على طلب من جهة معينة، فيا ترى من الجهة التي طلبت من المفتي تلك الفتاوى.
  • ما أكثر القوانين التي شهدت جدلا بين قسم التشريع وبين الجهة الإدارية الطالبة للتشريع؟
  • اللائحة التنفيذية لقانون الميزانية والمصاريف حيث كان وزير المالية حريصا على أن يدخل نفسه في كل صغيرة وكبيرة وحتى في شئون الجهات التي لها شخصيتها المعنوية المستقلة، وفي شئون أشخاص القانون الخاص التي من المفترض أن لها حرية اقتصادية كاملة في إعداد ميزانيتها وغير ذلك ولكن ما أتضح لنا أن الوزارة كان يهمها جدا أن تتدخل، فوجئنا معاناة شديدة ما بين تفهمنا لدور الحكومة في مراقبة مثل هذه الأمور، حتى لا تهدر المال العام، وما بين أن هذه الرقابة لابد ألا تصل لحد أن تقضي على الطبيعة القانونية للشخص العام فلابد من عمل موازنة في هذا الصدد ولكن تظل المشكلة أن مفهوم المال العام غير مفهوم للكثيري فالمال قد يكون مملوكا للدولة وللشعب وفي الوقت نفسه يقال عليه مال خاص، لأن المشروع مشروع خاص، شركة مثل شركة الكهرباء، هي مالك للحكومة، ولكن يقال إن المال مال خاص وإنها شخص من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي تتلاعب هي كما يحلو لها ومقابل ذلك أن ويزر المالية يحرص على أن يفرض رقابته الكاملة عليها.
  • ما مدى تطبيق الوزارات والمصالح في ظل حكومة نظيف للمادة 63 من قانون مجلس الدولة والخاصة بعرض التشريعات واللوائح القانونية على قسم التشريع قبل عرضها على مجلس الشعب؟
  • قسم التشريع مر بتاريخ غريب للغاية، فرغم الظروف القاسية جدا في بداية الثورة، حيث كان الحكم شموليا إلا أن الحكومة منذ عهد الثورة وحتى فترة معينة كانت حريصة كل الحرص على ألا تعرض أي قانون على مجلس الشعب إلا بعد عرضه على قسم التشريع، حتى جاء لمجلس الشعب رئيس معين هو الدكتور رفعت المحجوب الذي عرف عنه كرهه للقضاة وقال إن مجلس الشعب على إطلاع كامل بالقوانين لأنه سيد قراره وهو الذي يصدر القوانين جميعها وعليه ألغي كل الحيثيات التي يجب أن تكون موجودة في أي مشروع قانون والخاصة بالمواد التي تم الاطلاع عليها لصياغة القوانين وأخرها عبارة ( ما أرتأه مجلس الدولة) وبالطبع كانت عملية إزالة الحيثيات والأسباب والمبررات الواردة في كل قانون بحجة أن المجلس على اطلاع دائم بالقوانين هي حجة ضاحلة تماما لأنه في حقيقة الأمر أن التشريع ليس من اختصاص مجلس الشعب، أولا لأن أعضاء غير متخصصين وثانيا: حتى ولو صدر القانون في الصورة الكاملة له هو عبارة عن وثيقة تاريخية للأجيال كلها فالديباجة التي ألقاها رفعت المحجوب مهمة جدا لرجال القضاء المنفذين للقانون والذين يهمهم تفسير القانون تفسيرا عادلا وساعد ذلك على أن جميع الجهات الحكومية لا تهتم بعرض القوانين والتشريعات على قسم التشريع، واستمر ذلك حتى انتهاء مدة رئاسة الدكتور عاطف عبيد للحكومة ولكن مع تولي الدكتور أحمد نظيف رئاسة الحكومة وبناء على توصية خاصة من الرئيس مبارك بعدم ذهاب أي قانون إلى مجلس الشعب إلا بعد عرضه على قسم التشريع وذلك بسبب أن جميع القوانين والتشريعات التي ذهبت إلى مجلس الشعب وصدرت بشأنها قوانين صدرت ضدها أحكام بعدم دستوريتها وأوقعت السلطة التنفيذية في حرج، ولو تم عرضها على قسم التشريع لما حدث ذلك ومع ذلك أعتقد أن هذه البداية بدأت تتراجع وتحولت المسألة إلى الانتقالية بمعنى أن القوانين التي تريد الحكومة أن يتحدث الناس حولها وتريد أن تختبر مدى صحتها يعرضونها على قسم التشريع، أما القوانين التي تهم الحكومة أن تصدرها بسرعة لا تعرضها على قسم التشريع.
  • هل سيتم عرض قانون الإرهاب وكذلك قانون الطاقة النووية على قسم التشريع؟
  • أتمنى ذلك، ولكن أعرف أن ذلك لن يحدث، والدليل أن قانون التعليم الأخير الخاص بالكادر لم يعرض على قسم التشريع في الوقت الذي كان يعرض على القسم قانون الوظيفة العامة، وليس السبب هو تقاعسنا أو تكاسلنا مثلا بالعكس كنا نعمل ليل نهار لكي يخرج قانون الموظفين بالصورة اللائقة والعادلة التي تحقق الرغبات المتطورة، التي يتحدثون عنها وفي الوقت نفسه تتفق مع ثقافة الشعب.
  • وما غرض الحكومة من ذلك؟
  • الحكومة غرضها تمرير القوانين التي تريدها بدون اعتراضات لقسم التشريع، ولهذا لم يسبق أن قدمت الحكومة لقسم التشريع أي قوانين متعلقة بالحريات ولهذا أستبعد أن يتم عرض قانون لإرهاب علينا قبل عرضه على مجلس الشعب لإصداره.
  • ما مصير القوانين التي تعرض على قسم التشريع ويرفضها؟
  • عندما تكون الجهة الإدارية جادة تعدل النص وتعيد عرضه على القسم مرة أخرى أمام أن يركن لوقت لاحق والسنة أخرى ويعاد عرضه مرة أخرى على القسم، ولكن لو وجدت الحكومة ضرورة إصداره فيعرض مباشرة على مجلس الشعب وتضرب بقرارات القسم عرض الحائط.
  • كيف يتعامل قسم التشريع مع ذلك؟
  • طريقنا الوحيد هو القانون، نكتب تقريرا كل 3 شهور يعرض على رئيس الجمهورية يبين أوجه النقص في التشريعات الحديثة، وتشدد في تقريرنا أن السبب في ذلك هو عدم عرضها على قسم التشريع، فخلال 10 سنوات صدر أكثر من 1500 تشريع لم يعرض علينا أكثر من 200 تشريع ونحن نكتب تلك الإحصاءات في نشراتنا الخاصة ونرسلها إلى الرئيس الجمهورية وهذا ما نستطيع فعله، فواجبنا في قسم التشريع مراجعة وصياغة القوانين التي تصل إلينا وكذلك القوانين التي لم ترد غلينا وما ترتب عليها.
  • لطالما رفض قسم التشريع والمسئولون بمجلس الدولة ظاهرة انتداب القضاة وما يترتب عليها من تشكيك في نزاهة القضاة إلا أن ندب القضاة مازال مستمرا؟
  • انتداب المستشارين له جوانب كثيرة فمجلس الدولة يختلف عن القضاء العادي لأنه بطبيعته قضاء إنشائي قضاء الإدارة لابد على كل قاض في مجلس الدولة أن يعرف معوقات الجهات الإدارية حتى يستطيع أن يضع لها القواعد العادلة من الناحية الإدارية ولهذا كان مجلس الدولة الفرنسي كان أحرص ما يكون على نقل القضاة بصفة مؤقتة من القضاء إلى الإدارة فالعملية ليست نديا وإنما نقل ليتعرف القاضي بنفسه على معوقات الإدارة وعندما يعود كقاض يكون على دراية كاملة بالمعوقات التي تراها الجهات الإدارية والظلم الذي يتعرض له الموظفون، ومن ثم من الضروري للقاضي الإداري أن ينتقل من منصته إلى الجهة الإدارية ومجلس الدولة الفرنسي حل هذه المشكلة بأنه كان يعبر أو ينتدب بعض القضاة انتدابا كليا إلى الجهات الإدارية المختلفة، ولكن من الصعب علينا في مصر تطبيق هذا، فمجلس الدولة الفرنسي ينظر قضية واحدة كل شهر، أما هنا القاضي ينظر آلاف القضايا يوميا، وبالتالي لا نستطيع أن نتدب قاضيا في جهة إدارية معينة لمدة 10 أو 5 سنوات متواصلة، ثم يعود للمنصة، فتضطر أن ننتدب القضاة من الجهات الإدارية بالإضافة إلى عملهم في القضاء فتكون النتيجة أن وزيرا معين يكون على علاقة بمستشار معين يطلبه بالذات لينتدب لديه في وزارته والملاحظ الآن أن المسائل أصبحت تتدهور في هذا الصدد فلا توجد قواعد عامة مجردة للندب بحيث تحفظ كرامة القضاة.
  • ومن المسئول عن وضع هذه القواعد ؟
  • الحقيقة أن هذه هي مسئولية مجلس الدولة، ونحن منوط بنا الآن تعديل قانون مجلس الدولة فمهما كانت مرتبات القاضي فهي مرتبات الدولة وهي لا تكفي.
  • كيف تابعت أزمة وزير العدل مع قضاة مجلس الدولة؟
  • لم يسبق أن كان لقضاة مجلس الدولة أزمة مع وزير العدل، فقد تكون هناك أزمة للقضاة العاديين مع الوزير ومع النظام كله، ولكن قضاة مجلس الدولة لا سلطان عليهم من أحد، وكل ما يستطيع فعله وزير العدل معنا هو عدم صرف الدعم للنادي أو عدم توفير الرعاية الصحية للقضاة وأسرهم، ولكن ما حدث هو نتيجة لخلاف شخصي لوزير العدل مع رئيس نادي قضاة مجلس الدولة.
  • وكيف تفسر استمرار وزير العدل في منصبه رغم غضبة القضاء عليه؟
  • القيادة لدينا لا تنظر للأمور بنظرة الشعب، الرئيس ترك وزير العدل يتجاوز في حق القضاة ثم استدعى المستشار المنزلاوي وقابله شخصيا وأمر بعلاجه في الخارج على نفقة الدولة، والرئيس أراد من وراء ذلك أن يرسل رسالة للناس مفادها أن العدل عنده هو فقط، أما مسألة استمرار الوزراء في مناصبهم فلا علاقة لها تماما برضا المرؤوسين عن رؤسائهم لأن تغيير الوزراء لابد أن يكون بناء على رغبة لرئيس الجمهورية أولا ولرئيس الوزراء ثانيا، وبالتالي تغيير الوزراء أو استمرارهم في مناصبهم له حسابات أخرى تماما، كنا أيام الملك نخرج في مظاهرات ضده ونردد "إلى انجلترا يا أبن العاهرة" ولم يسبق أن تم اعتقالنا أو سجننا ولكن مع قيام الثورة جرمت المظاهرات.
  • الدستور – 21 /11 / 2007