مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


إلى الشرفاء والنبلاء، والأغلبية الغالبة من أبناء هذا الوطن الحبيب هم الشرفاء النبلاء، يشهد بذلك تاريخُهم وحضارتُهم وترابُهم ونيلُهم ومآذنُهم وكنائسُهم.. ينطق بذلك صبرُهم على ظالميهم وسجَّانيهم ممن استمرءوا البغيَ عليهم وعلى بيوتهم وأموالهم وحريتهم وأحلامهم.. صبرُ النبلاء الذين يرعَون صالح الوطن ومستقبله وأمنه، طلابًا وعمالاً.. فلاحين ومهنيين.. وقد دلَّلت الأحداث التي شهدناها في الأيام الماضية على نبل هذا (الصبر الجميل)، واستعلائه على ظلم الظالم وبغي الباغي وكذب الكاذب.

ولكني في رسالتي هذه أتوجَّه بها خاصةً إلى إخواني في دعوة الإخوان الذين يتمثَّلون قول الحق- تبارك وتعالى-: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوْنَ﴾ (يوسف: من الآية 18).. أولئك الشرفاء الذين نشأوا وتربَّوا في حضن الأسرة والكتيبة، على الإخلاص لدينهم، والولاء لوطنهم، وحب كل من يشاركهم هذا التراب، ويعيش معهم تحت هذا السحاب.. أولئك الأخيار الذين تغلي صدورهم وتمورُ حسرةً على ما آلت إليه أحوالُ الوطن، وهم يرون الفقر يعشِّش فوق الرؤوس، والجهل ينهش العقول، والمرض يهزم الأبدان، و(المكان) يزداد فسادًا واستبدادًا، و(المكانة) تزداد ضآلة وضعةًَ!!

من كان يتصور غيبة مصر العروبة عن اتفاق مكة بين الفلسطينيين؟!
من كان يتصور تجاهل مصر الشرق في زيارة رئيس روسيا للمنطقة؟!

أقول لهم ما قاله الأستاذ البنا لجموع الإخوان من أكثر من ستين عامًا: "إن طريقكم هذا مرسومة خطواته، موضوعة حدوده.. لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد إن شاء الله، ولا زال في الوقت متسَعٌ، ولا زالت عناصرُ السلامة قويةً عظيمةً في نفوس الناس، والضعيف لا يظلُّ ضعيفًا طوال حياته، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وترجون من الله ما لا يرجون".

هم يراهنون على أن تدبَّ (خيبة الأمل) في قلوبكم، ويفترش (الإحباط) نفوسَكم.. هم يراهنون على نفاذ صبركم، والتخلي عن أخلاقكم، فيوغلون في التطاول والتعدِّي؛ كي يدفعوكم إلى ما لا يرضاه لكم دينُكم وضميرُكم وشرفُكم، وها قد رأيتم ما حدث على أثر (العرض المسرحي) في الجامعة، فصوَّروكم على ما يعلمون يقينًا أنكم لستم كذلك وكأنهم يريدونكم أن تكونوا كما يدَّعون..!! وما كان لكم أن تكونوا ولو انشقَّت الأرض ودُكَّت الجبال.

فما كنتم إلا بردًا وسلامًا على صدر هذا الوطن الحبيب، وصمامَ أمنه وأمانه، وعيونه التي أبت أن تنام، وما كنتم إلا فيضَ حبٍّ يتسع لكل الوطن وكل الناس أمام عتمة الطغيان والغدر، والقاصي والداني يعلم (خبيئة) هذا الموقف الخسيس التافه، ممن أهملوا مسئولياتهم وواجباتهم وتفرَّغوا لملاحقة الشرفاء من الناس، واحترفوا الكذب كما احترفوا النهب والتضييع.

أما حقيقة الأمر فهي دفعكم للتخلي عن عهدكم مع ربكم ووطنكم، وتحميلكم ثمنَ اختياركم الإخلاص لدينكم والولاء لوطنكم، في تقريرٍ لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى صدرَ في نوفمبر 2006 بعنوان: (مواجهة الإسلاميين في صناديق الاقتراع.. استراتيجيات بديلة)، يقول محرره: "يجب جعل الإسلاميين يتحمَّلون ثمنَ كونهم إسلاميين.. يجب أن يكون هناك ثمنٌ لكون فريقٍ ما أو حزبٍ ما إسلاميًّا.. حتى الآن ليس هناك تكلفة لكون هؤلاء إسلاميين.. أعتقد أن هناك الكثير والكثير لإيجاد ثمن لذلك".

هل رأيتم كلامًا أوضحَ من هذا الكلام؟! هل عرفتم لماذا اغتُصبت الشركات وضُيِّعت الأموال؟! هل عرفتم لماذا تهاجَم البيوت بهذه الشراسة وتُقتحم غرف النوم- كما ذكر الأستاذ صلاح منتصر- ويختطف الناس من الطرقات؟! هل عرفتم لماذا امتلأت السجون بأساتذة الجامعات والعلماء وكبار المستثمرين؟!

أكرِّر عليكم وعلى كل المصريين: "يجب جعل الإسلاميين يتحمَّلون دفْعَ ثمنِ كونهم إسلاميين"!! لن أزيد كثيرًا في ذلك، وما من يدٍ إلا يدُ الله فوقَها، وما من ظالم إلا سيبلَى بأظلم!!

أختم رسالتي إليكم بتقبيل جباهكم الشريفة؛ حبًّا وكرامةً لصبركم ونبلكم وشجاعتكم، فلو تعرَّض أحدٌ لما تتعرَّضون له من تهديد وترويع لاندَفَع دفعًا لأن يكون (إرهابيًّا عنيفًا مخاصمًا لمجتمعه) أو أن يكون (سلبيًّا مذعورًا مطأطئ الرأس).

أمَا وقد اخترتم الوفاء لعهدكم مع ربكم رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما خالق الخلق ومدبر الأمر.. أمَا وقد اخترتم الوفاء لرسالتكم تجاه وطنكم وأهليكم، فلتبشروا- إن شاء الله- بخيرَي الدنيا والآخرة، ولله عاقبة الأمور.
-------
* الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب وعضو مكتب الإرشاد بالإخوان المسلمين.

0 التعليقات :

أضف تعليقك