هاشم أمين من إخوان أون لاين كان هناك ونقل تفاصيل الحدث
دشن أبناء معتقلي الإخوان المسلمين عصر اليوم رابطة (أطفال من أجل الحرية)، والتي تضم أبناء الإخوان المحالين لمحاكمة عسكرية وغيرهم، وهي الرابطة التي تم الإعلان عنها أثناء مؤتمر القاهرة الدولي الخامس (الحملة الدولية ضد الاحتلال الأمريكي والصهيوني) بنقابة الصحفيين، وقد أجرى الأبناء انتخاباتٍ في صناديق شفافة لاختيار مقرِّر الرابطة والمتحث باسمها وأعضاء مجلس إدارتها.
قدمت لمؤتمر الرابطة الزهراء خيرت الشاطر، والتي أعلنت عن وجود 5 مرشحين لمنصب منسق الرابطة من الأبناء، وهم: معاذ أحمد شوشة، وضياء أحمد فرحات، ويحيى محمود غزلان، وأنس حسن مالك، وعاصم محمود المرسي، ثم طلبت متطوِّعين للإشراف على عملية التصويت وفرز الأصوات، واشترطت أن يكونوا من غير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين.
وبعد منافسة قوية بين المرشَّحين تم إعلان فوز أنس حسن مالك (12 سنة) بمنصب منسق للرابطة، ثم تلت صفية محمود أبو زيد (8 سنوات بالصف الرابع الابتدائي) البيان التأسيسي للرابطة، والذي جاء بعنوان (رابطة أطفال من أجل الحرية: هنرسم مصر جنة)، والذي رصد معاناة الأبناء وأُسر المعتقلين في هذه المحنة.
وطالب أعضاء الرابطة في البيان بعودة آبائهم إليهم، مع التأكيد على عدم أخذهم منهم مرةً أخرى بعد ذلك.
وقالوا إنهم يعرفون أن آباءهم لم يُعتقَلوا لجريمة ارتكبوها، وأنهم ليسوا في السجن لجُرم أجرموه، وأنهم تم تغييبهم عنهم لأنهم وقفوا يدافعون عن حقوق أبناء الشعب في أن يعيشوا أحرارًا على أرضهم، وأن يكون تقرير مصيرهم بأيديهم وأن يبنوا نهضتهم على أكتافهم، وأن يعيشوا جميعًا في وطن، يجمعهم حب ترابه والاستعداد للبذل من أجله.
وأكد البيان أن الحوار والنقاش هو دائمًا السبيل الوحيد للوصول لأفضل الحلول لكل المشكلات، وهو السبيل للنهضة، وهذا الحوار لا يفرض فيه طرفٌ ما يراه على الآخرين، بل تحسمه الشورى والديمقراطية، وإذا اختلف الجميع في الرأي فإنهم لا يختلفون في الهدف، وهو نهضة الوطن وكرامة الوطن.
وأضاف البيان أن أعضاء الرابطة قرَّروا أن تكون انطلاقتهم ديمقراطيةً يبدأونها بانتخابات تعبِّر بصورة عملية عما يؤمنون به من أفكار، ثم ستنطلق بعد ذلك فعالياتُهم البنائية والاحتجاجية، السياسية والاجتماعية، الجادة والترفيهية، وأوضح أن هذا التحرك سيكون في كل مكان للمطالبة بحرية آبائهم وآباء كل أطفال مصر من المعارضين السياسيين.
واخُتتِم البيان بجملة ردَّدها جميع الأطفال: "أعمارنا صغيرة ولكن أحلامنا كبيرة.. أجسامنا ضعيفة ولكن إرادتنا قوية.. سنعيش، ونبقى، وسنبني، وسنحقق الحلم.
وعلقَّت الزهراء الشاطر أن الأجواء التي نشأت فيها فكرة الرابطة جاءت بعد مرور هؤلاء الأولاد بهذه التجربة الصعبة عندما استيقظوا على رشاشات أمن الدولة على بيوتهم، وقد تنقلب رأسًا على عقب، وتم تفتيش بعض الأشياء الخاصة بهم، مثل الاستيلاء على أجهزة الحاسوب التي عليها ألعابهم، وكذلك أخذ بعض كتبهم، بعد هذا كله شعرنا أن بعض القيم التي ربَّيناهم عليها- مثل قيم النهج السلمي في التعامل وقيم الإنسان الصالح وما يستحقه- بدأت تهتز في أذهانهم، فكان البعض منهم يسأل عن سبب اعتقال والده رغم صلاحه وتقواه وحب الناس له، وعن سبب سلبيتنا وعدم مقاومتنا لجحافل الأمن التي اجتاحت منازلنا، خاصةً بعد تكرار الأمر أكثر من مرة، كل ما سبق أشعرنا بالقلق من أن يصاب أبناؤنا بالإحباط واليأس ففكَّرنا في عمل هذه الرابطة لإعطائهم المتنفس للتعبير عن أنفسهم بشكل سلمي وحضاري.
وقالت إن الفكرة جاءت وليدة الممارسات الفعلية للأبناء على أرض الواقع، وهو الأمر الذي ظهر جليًّا في جلسات المحاكمة، فقد فوجئنا بالأولاد يتحركون ويهتفون بمفردهم ويتحدثون لوسائل الإعلام بشجاعة، دون خوف أو اهتزاز.
وعن اقتصار الرابطة على أبناء المعتقلين الصغار فقط قالت الزهراء: مشاعر القلق لدى الصغار أكبر ولديهم أسئلة واستفسارات أكثر، أما الكبار فلديهم القدرة على تجاوز الموقف، وحول مدى تأثير إنشاء هذه الرابطة قالت: تأثيرها إيجابي بالطبع، ورغم أننا نفقد الأمل في هذا النظام إلا أننا لن نفقد الأمل في التغيير، ولا نريد لأولادنا أن يفقدوا الأمل في مجتمع حرّ وسلمي، وقد أحببنا أن نعطي لأبنائنا نموذجًا مصغرًا لممارسات عملية لهذا المجتمع.
أنس حسن مالك أكد اعتزازه باختياره منسقًا للرابطة، وقال إنها ثقة كبيرة أن أعطاني زملائي وإخواني هذ الثقة، التي أعتبرها مسئوليةً وأمانةً، وسنقود كل أطفال مصر للحرية بإذن الله.
وأراد أنس أن يوصل بعض الكلمات لأبيه فقال: "بدعيلك قوي، وحضرتك على الحق، وكل الناس بتسأل عنك، وكل الموجودين هنا بيدعولك".
وحول الهدف من هذه الرابطة قال معاذ أحمد شوشة (بالصف الخامس الابتدائي): "أنشأناها لأجل أن يفرجوا عن آبائنا، وألا يدخلوا رجال الأعمال الشرفاء إلى السجون بهذه التهم"، وعن المذاكرة وكيفية التوفيق بينها وبين هذه الفعاليات قال معاذ: "إحنا بنعرف ننظم وقتنا كويس وكل الحاجات دي مش بتأثر في مذاكرتنا".
وأضاف يحيى محمود غزلان (12 سنة في الصف الأول الإعدادي): "إنهم ظلمونا وأخذوا فلوسنا، واحنا مش حيوانات علشان يعملوا فينا كده، ومش كل شوية نسكت.. الشباب الكبار ممكن يعملوا مظاهرات، ولكن لازم الأطفال يكون لهم تحرك".
وعن علمه بتهمة أبيه التي سُجن لأجلها قال يحيى: "علشان هو من الإخوان.. ودول جماعة إسلامية يريدون أن ينتصر الإسلام في كل مكان، وهما ظلموه، وهو لسه خارج من سنة وشهرين بعد أن قضى أربع سنوات في السجن، ليه تحرموه من أولاده؟! ليه تحرموه من والدته المريضة حتى يقف بجانبها في هذا الموقف وكفاية إنكم حرمتم أحمد عز الدين من والدته وأن يقف جنبها قبل موتها".
وأكدت عائشة حسن مالك (10 سنوات بالصف الخامس الابتدائي) بإصرار أن رابطهتم سيكون لها تأثيرٌ كبيرٌ، وأضافت: علشان إحنا تعبنا فيها علشان آباءنا وكنا بنحفظ كل الكلام اللي بنقوله وعاوزين نحفظ أكتر علشان نسمع آباءنا هذا الكلام، وقلت لبابا لما زرته في السجن إننا عملنا رابطة وعملنا انتخابات صغيرة".
صفية محمود أبو زيد (8 سنوات بالصف الرابع الابتدائي) قالت: "إحنا عملنا الرابطة علشان ندافع عن بابا ونخلي الحكومة تشوف إنهم ظلمونا ونبين للناس قد إيه إحنا زعلانين".. وعن مفهوم الحرية لدى صفية قالت "إن الحرية إننا نعمل أي حاجة إحنا عاوزينها وإن بابا يخرج".
ولم يكن الإعلان عن الرابطة هو الحدث الوحيد لأبناء الإخوان المعتقلين في هذا المؤتمر الدولي؛ حيث نظم أبناء وأسر المعتقلين أكثر من فعالية مع بداية المؤتمر يوم الخميس الماضي؛ حيث حرص أبناء المعتقلين على لفت نظر المشتركين وضيوف المؤتمر إلى قضيتهم، فقاموا برفع لافتات باللغة العربية والإنجليزية كُتب عليها: لا للمحاكمات العسكرية، وكذلك الظهور بزيٍّ موحد، يحمل صور آبائهم وقد كُتب تحتها: المحكمة أمرت بإطلاق سراح أبي.. لماذا لم يعد للمنزل؟!
كما نظَّم بعض أبناء المعتقلين مساء الجمعة وقفةً فنيةً قاموا فيها بعرض كلماتهم ورسائلهم لآبائهم، كما ردَّد الحاضرون أنشودة "أبي أنت حُرٌّ" التي ألقاها معاذ شوشة.
من جانبها أكدت د. سميرة محمد (زوجة الدكتور عصام حشيش، أحد المحالين للمحاكمة العسكرية) أن ما يفعله الأبناء هي محاولة لعرض قضيتهم أمام العالم وسط هذا الحشد الكبير من الضيوف والإعلاميين، وعن مدى تأثير هذا الحضور قالت: ليس لدينا يأس، ولو ظللنا نفكر في تأثير كل عمل نعمله فلن نفعل شيئًا ولن نتحرك من مكاننا.. التأثير موجود ولكن ربما لا يراه البعض.
وهو ما أكد عليه أحمد ضياء فرحات (12 سنة بالصف السادس الابتدائي) الذي قال بكل براءة: "عايزين نوصل صوتنا لآبائنا وأننا معهم في هذه المحنة التي يمرون بها ومش هما بس اللي محبوس حريتهم؛ لأن الحكومة الظالمة حين تأخذ أهم فرد في العائلة فإنها تسجن العائلة كلها.. إن وجوي هنا له فائدة كبيرة فأنا أريد أن أظهر لوالدي أنني متضامن معه وسأظل أذهب لكل مكان ليصل صوتي لكل الناس علشان الحق يرجع لأصحابه".
وعندما سألنا سارة أيمن عبد الغني (9 سنوات بالصف الثاني الابتدائي) عن سبب وجودها والرسالة التي تريد أن توصلها قالت" أنا طبعًا لازم أكون موجودة علشان لما بقول حاجة هنا بابا وجدُّو بيفرحوا، وبقول لبابا وجدو: ربنا معاكم واصبروا وإن شاء الله هتخرجوا.
أعلم أنني تأخرت كثيرا غير أنني على استعداد لمشاركتكم و مساعدتكم بما تشاؤن
واحدة من بنات الإخوان