مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

مقدمة

تعد الإشكالية التي تثيرها مسألة مدى شرعية الخضوع للقضاء العسكري - من أهم الموضوعات التي شهدت مؤخرا جدلا موسعا لاسيما ما يشكله الخضوع لهذا القضاء من استلاب لولاية القضاء العادي .

و برزت أهمية تلك الإشكالية مع تزايد إصدار قرارات الإحالة من قبل رئيس الجمهورية بموجب نص المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية الحالي رقم 25 لسنة 1966 ، وما شاب هذه القرارات من طابع سياسي ، فطبقا لما جاء بتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بعنوان "اثر قانون الطوارئ على حالة حقوق الإنسان" عن عام 1992 – 2002 إن السلطات المصرية في الفترة من عام 1992 - 2000 أحالت ( 36) قضية إلى القضاء العسكري بلغ عدد المتهمين فيهم (1136) وانتهت هذه القضايا إلى صدور (94) حكما بالإعدام – فيما قضى بحبس و سجن( 701) متهما وبراءة (341) ، مما حدا بالعديد من المنظمات الدولية بالإعراب عن قلقها إزاء إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية ومنها ما أبدته منظمة العفو الدولية في 19/2/2/2007 من تعليق بهذا الشأن حيث قالت :" إن المحاكمات التي تجرى أمام المحاكم العسكرية تنتهك المقتضيات الأساسية للقانون الدولي للمحاكمات العادلة بما في ذلك الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة و مستقلة ونزيهة تشكل بموجب القانون والحق في تقديم استئناف إلى محكمة أعلى ".

وقد بدأ مسلسل إحالة المدنيين المتهمين فى قضايا الارهاب إلى المحاكم العسكرية فى مصر بقرار من رئيس الجمهورية بإحالة 48 متهما فى قضيتى العائدون من افغانستان وتنظيم الجهاد إلى المحكمة العسكرية العليا بالاسكندرية فى أواخر اكتوبر 1992. وقد أصدرت المحكمة آنذاك أحكاما بالإعدام على ثمانية متهمين كان من بينهم سبعة هاربين.

لهذا حرص مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية على تقديم دراسة مصغرة لقانون الأحكام العسكرية تناول فيها :-

المحتويات

المبحث الأول : قانون الأحكام العسكرية و طبيعته القانونية

المبحث الثاني :التطور التاريخي التشريعي لقانون الأحكام العسكرية في مصر

المبحث الثالث:تشكيل المحاكم العسكرية

المبحث الرابع :اختصاصات المحاكم العسكرية في ظل القانون 25 لسنة 1966

المبحث الخامس :الجرائم المعاقب عليها طبقا لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966

المبحث السادس :العقوبات العسكرية

المبحث السابع : حجية الأحكام العسكرية

المبحث الثامن : مدى اتساق القضاء العسكري مع المواثيق الدولية و مبادئ الشرعية

الخاتمة

المبحث الأول :
قانون الأحكام العسكرية و طبيعته القانونية

قد يخص المشرع طائفة معينة بتنظيم قانوني مغاير عن تلك المخاطب به الكافة ، ولا ينال هذا التخصيص من دستورية هذه النوعية من القوانين مدام كان تشريعها يأتي وفقا لمبدأ عمومية وتجريد القاعدة القانونية، كما وما ومادامت تعنى بحماية مصلحة عامة ، و هو ما يسمى في الفقه القانوني بالقوانين الخاصة

و يأتي في هذا الإطار قانون تنظيم الهيئات القضائية ، قانون العاملين المدنين بالدولة ، قانون العمل ،قانون هيئة الشرطة ، قانون المحاماة وقانون الأحكام العسكرية . الخ

" والواقع إن المشرع في تنظيمه للأفعال التي تصدر من أفراد طائفة العسكريين إنما يهتدي بالغاية التي من اجلها خص تلك الطائفة بأحكام معينة – ولذلك كثيرا ما يضع قواعد تغاير القواعد العامة المقررة في قانون العقوبات بالنسبة للأفعال غير المشروعة التي تصدر عن أفراد تلك الطائفة ، والتي تنخرط في ذات الوقت في نطاق جرائم القانون العام ، ويحقق المشرع ذلك غالبا عن طريق إصدار تشريع قائم بذاته ينطوي على الأحكام الموضوعية و الإجرائية الواجب إتباعها بشأن تلك الأفعال المجرمة والتي تصدر عن أفراد تلك الطائفة العسكرية محل التخصيص ، وبالتالي تندرج في صلب نصوص قانون العقوبات العام. هذا و يتبدى في التشريع المتعارف عليه و الذي أطلق عليه اصطلاح " قانون الأحكام العسكرية ". و من ثم فالتشريع العسكري يعتبر تشريعا جنائيا خاصا بالنسبة إلى التشريع الجنائي العام ، فهو يعتبر جامعا للأحكام المادية و الشكلية ، أي مجموعة النصوص التي تحدد الجرائم المخلة بأمن و نظام القوات المسلحة أو الشرطة .

يضاف إلى ذلك إن الجيش بصفة خاصة و الشرطة بصفة عامة لها نظامها الخاص الذي يتفق و طبيعة مهامها وواجبات كل منهما ، مما يقتضى أن تكون لها أحكامها الخاصة ، وان كانت غالبية تلك الأحكام تتصل اتصالا وثيقا بالإجراءات الجنائية مما يعنى أن المشرع قد أراد تخصيصا للقضاء الذي يختص بالمكان و الزمان و الموضوع و الأشخاص .

و يسعفنا في ذلك قول وزير الحربية الفرنسي "مسمير" messmer"- " في مجلس الشيوخ :( أن سن قانون عقوبات عسكري يبرره وجود نظام خاص بالجيش يستند على الطاعة فبدونها لا يستطيع الجيش أن يقوم بوظيفته بل لا يكون هناك جيش على الإطلاق . وإذا كان من الممكن أن يقوم الرؤساء بتوقيع الجزاءات التأديبية على المخالفات البسيطة فإن الالتزام العسكري قد يكون خطيرا بحيث يتطلب جزاءا جسيما ، وحينئذ لا يمكن توقيعه بغير ضمانات . فالوسيلة الوحيدة هي سن تنظيم قضائي يطبق المبادئ العامة في القانون التي تكفل للمتهم هذه الضمانات ) " .([1])

" وقد ثار الخلاف حول طبيعة قانون الأحكام العسكرية، وهل هو قانون جنائي خاص يخضع لما تخضع له القوانين الجنائية من أحكام ، أم انه قانون تأديبي يخضع لإحكام نظريات و مبادئ القانون الإداري؟

و قد ذهب البعض إلى القول بأن قانون الأحكام العسكرية قانون تأديبي ، وان المحاكم العسكرية محاكم تأديبية ، وان ما تصدره من أحكام إنما هي أحكام تأديبية تخضع لقواعد القانون الإداري فيما يتعلق بالطعن فيها وكيفيته و مواعيده و الآثار التي تترتب عليه ، وذلك تأسيسا على أن طبيعة معظم العقوبات التي توقعها المحاكم على المخالفين لأحكام هذا القانون إنما هي عقوبات تأديبية يقتصر آثارها على مزايا الوظيفة مثل عقوبات الرفت من الخدمة أو التكدير أو التأخير في الترقية و غيرها ، وان القانون الجنائي لا يعرف هذا النوع من العقوبات و إنما يقتصر على العقوبات الجنائية المعروفة.

بينما ذهب البعض الأخر إلى القول – بحق – إن قانون الأحكام العسكرية قانون جنائي خاص ، و أن المحاكم العسكرية محاكم جنائية خاصة ، وان ما يصدر منها من أحكام إنما هي أحكام جنائية لها ما لسائر الأحكام الجنائية العادية من آثار، وان ما قال به أصحاب الرأي الأول غير صحيح إذ أن هنالك خلاف كبير بين القانون الإداري و القانون الجنائي من حيث القواعد و المبادئ التي يقوم عليها كل منهما ، وان احتواء قانون الأحكام العسكرية على بعض العقوبات ذات الطابع التأديبي لا يخلع عنه الصفة الجنائية ولا يغير من طبيعة العقوبات التي يقررها للكثير من الجرائم المنصوص عليها فيه و التي تبدأ بالإعدام و تنتهي بالحبس و الغرامة و العقوبات التكميلية و التبعية مرورا بالإشغال الشاقة المؤبدة و المؤقتة و السجن و هذا الرأي هو المستقر عليه فقها و قضاء و اتساع سلطة المحاكم العسكرية بتقديم حقها في توقيع عقوبات تأديبية و عقوبات انضباطية بالإضافة إلى العقوبات الجنائية لا ينفى عنها الصفة الجنائية " .([2])

إما فيما يتعلق بتكيف وضعية القضاء العسكري فقد قررت المحكمة الإدارية العليا بانة :

" يعتبر القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة بجانب جهة القضاء الإداري بمجلس الدولة و جهة القضاء العادي – لا يختص مجلس الدولة بالتعقيب على الأحكام الصادرة من القضاء العسكري و لا يختص كذلك بنظر المنازعة في الإجراءات التنفيذية الصادرة تنفيذا لها لما في ذلك من مساس بالأحكام المذكورة و تعد على اختصاص القضاء العسكري بعد استنفاذ طرق الطعن في أحكامه و التصديق عليها من السلطة المختصة "

{{ حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1977 لسنة 33 القضائية جلسة 7/1/1989 }} . ([3])

هذا وفد نصت المادة الأولى من القانون الحالي رقم 25 لسنة 1966أ الاحكام العسكرية أ أن إدارة القضاء العسكري تعد احدي إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة :

"الإدارة العامة للقضاء العسكري هي أحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة ، ويتبع هذه الإدارة نيابة عسكرية و محاكم عسكرية و فروع أخرى حسب قوانين و أنظمة القوات المسلحة " .

المبحث الثاني :
التطور التاريخي التشريعي لقانون الأحكام العسكرية في مصر

يعتبر القانون أسمى نتاجا للفكر البشرى على مدى مراحل التطور التاريخي للإنسانية ، ذلك أن مضمون القانون هو تنظيم العلاقات الأساسية بين عناصر المجتمع وفقا لفلسفة تبلور تلك العلاقات على محاور متعددة هي الدولة ،السلطة الحاكمة ،الأفراد، أشخاص المجتمع الدولي وغيرها . ولهذا فان القانون الذي يشكل هذا النسق من الروابط يعد المعيار الحقيقي لمقدار التطور في مجتمع ما و حقبة زمنية معينة، فالقراءات التاريخية التي تخلو من نظرة على وضعية القوانين الحاكمة في تلك الفترة قراءات لا تسجل تحليلات حقيقية لواقع الحال الحادث آنذاك .

إلا انه من صعب بمكان الفصل بين القانون السائد في حقبة زمنية وعملية التطور الحادثة في المجتمعات وتحديد ما إذا كان القانون نتاج هذا التطور أم انه العامل الرئيسي فيه .

و هنا تبرز أهمية الوقوف على مراحل التطور التشريعي لاسيما في شأن أوجدته الإحداث التاريخية ذاتها مثل قانون الأحكام العسكرية الذي مر بعدة مراحل حتى وصل إلى التنظيم الذي أتى به القانون الحالي رقم 25 لسنة 1966 وتلك المراحل هي :-

"المرحلة الأولى: ما قبل 15 من أكتوبر سنة 1949 - و كان طابع اغلب التشريعات فيها نتاج تفكير أجنبي و لم يكن ذلك بغريب في دولة كانت تخضع لاحتلال أجنبي.

المرحلة الثانية : بدأت من 15 أكتوبر سنة 1949 - فبالرغم من تأثيرها بالاستقلال الظاهري ، و ما تبع ذلك من إلغاء المحاكم المختلطة و الإمتيازات الأجنبية – إلا أنها اكتست بالمسحة الأجنبية إذ اختار واضعوها نصوصا متفرقة من قوانين شتى معمول بها في عدة دول و جاهدوا أن يكون لها الطابع المصري بحيث لا تغضب السلطات الأجنبية .

المرحلة الثالثة : بدأت منذ 23 من يوليو سنة 1952 – و قد عبر الميثاق عن هذه الفترة في الباب الخامس منه بقوله : أن المفاهيم الثورية الجديدة للديمقراطية السليمة لابد لها أن تفرض نفسها على الحدود التي تؤثر في تكوين المواطن وفى مقدمتها التعليم والقوانين واللوائح الإدارية 000 كذلك فإن القوانين لابد أن تعاد صياغتها لتخدم العلاقات الاجتماعية الجديدة التي تقيمها الديمقراطية السليمة تعبيرا عن الديمقراطية الاجتماعية .

أما المرحلة الرابعة : والأخيرة بدأت منذ 14 من مايو سنة 1971 و مازالت مستمرة . فتلك التي نعيشها الآن والتي بدء فيها – بحق تقنين الكثير من التشريعات بعد تعديلها وصياغتها بالطابع المصري الأصيل ، فضلا عن تقاربها مع تشريعات الأمة العربية " .([4])

وإذا كنا بصدد تأريخ تفصيلي لصدور قوانين الأحكام العسكرية فى مصر نجد ان " تشريع الأحكام العسكرية الصادر بالأمر العالي بتاريخ 7 من يونيو سنة 1884 الملغى من القوانين ذات المصدر الأجنبي ويتعلق بتقرير الإجراءات التي اتخذتها المجالس العسكرية وأقرها السردار في شأن المحاكمات التي ترتبت على الثورة العرابية، حيث نص فيه صراحة على وجوب إتباع ما يجرى عليه الأمر في الجيش البريطاني أي جيش الاحتلال .

وفى عام 1893 جمعت هذه الأحكام التي تضمنها الأمر العالي سالف الذكر و ملحق به الإجراءات المتبعة في الجيش البريطاني و أطلق عليها اسم الأحكام العسكرية ثم أعيد طباعتها – فيما بعد – طبقا لما طرأ من تعديل على إجراءات الجيش البريطاني في عامي عام 1917 ، وفى عام 1939 و أخيرا في عام 1949 بغير تعديل إلا في أسماء الوحدات والوظائف .

و قد تضمن القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية (م7) و القانون رقم 140 لسنة 1944 الخاص بنظام هيئة الشرطة و اختصاصاتها (م37) – الملغى – ما يفيد إقراره طريقة تشكيل المجالس العسكرية و إجراءات التحقيق و المحاكمة الواردة بقانون الأحكام العسكرية بشأن أفراد هيئة الشرطة .

كما قضى القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة الذي حل محل القانون رقم 140 لسنة 1944 في(المادة 136 ) منه بخضوع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوات نظامية و ضباط الصف و جنود الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم لقانون الأحكام العسكرية . ثم صدر القانون رقم 101 لسنة 1957 في شأن المحاكمات الغيابية و القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس أعادة النظر في قرارات و أحكام المجالس العسكرية . كما صدرت بعض التعديلات التي اقتضاها التنظيم الجديد للدولة و قواتها المسلحة نخص منها بالذكر أمر القائد العام للقوات المسلحة في أول من يوليو سنة 1953 بتغيير بعض مسميات في القانون .

ولما صدر قانون هيئة الشرطة رقم 61 لسنة 1964 ( الملغى) قضت المادة 132 منه بان" يخضع لقانون الأحكام العسكرية و القوانين المكملة له الضباط بالنسبة لإعمالهم المتعلقة بقيادة قوة نظامية و أمناء الشرطة والكونستابلات و المساعدين وضباط الصف و جنود الشرطة ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم .

بينما قضت المادة 133 من ذات القانون رقم 61 لسنة 1964 الملغى بان "تشكل المجالس العسكرية بأمر من وزير الداخلية أو من ينوب عنه ويصدق على أحكامه الآمر بتشكيل وللمجالس العسكرية توقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون أو العقوبات المنصـوص عليهـــــــــا في قـــــــــانون الأحكـــــام

العسكرية "([5])

وأخيرا أصدر المشرع المصري القانون الحالي رقم 25 لسنة1966 بشأن الأحكام العسكرية وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون ما يلي:

" طبق قانون الأحكام العسكرية القديم الصادر سنة 1893 على القوات المسلحة منذ كانت هذه القوات جزء من قوات الاحتلال أيام الاستعمار البغيض الذي قبض على أقدار الوطن أكثر من سبعين سنة .. وانتصرت الطليعة وانتصر الشعب ..

وكان احد مبادئ الثورة الخالدة هو إقامة جيش وطني قوى .. وقد استلزم تطور القوات المسلحة فى حجمها وتنظيمها تطور أجهزتها حتى تستطيع أن ترتفع إلى مستوى المسئولية الملقاة على عليها .. وقد شمل هذا التطور إعادة تنظيم القضاء العسكري على نحو تحقيق الغرض من التنظيم العام "

هذا وقد صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن إصدار قانون هيئة الشرطة المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1994 ثم بالقانون رقم 20 لسنة 1998 – الذي قضى في المادة 99 منه بان يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية ، كما يخضع للقانون المذكور أمناء و مساعدو الشرطة وضباط الصف و الجنود المندوبين و رجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم (م94،99) و توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية .

المبحث الثالث:
تشكيل المحاكم العسكرية

نص القانون رقم 25 لسنة 1966 على تشكيل المحاكم العسكرية وفقا للاتي :

مادة (43) :

"المحاكم العسكرية هي :

1- المحكمة العسكرية العليا .

2- المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليا .

3- المحكمة العسكرية المركزية .

وتختص كل منها بنظر الدعاوى التي ترفع إليها طبقا للقانون ".

مادة (44) :

"تشكل المحكمة العسكرية العليا من ثلاثة ضباط قضاة برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته في جميع الأحوال عن مقدم ، وممثل للنيابة العسكرية .

ولا يجوز محاكمة أحد العسكريين أمام محكمة يكون رئيسها أحدث منه رتبة ، ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين ما يدور في الجلسة ".

مادة (45) :

"تشكل المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليا من قاض منفرد لا تقل رتبته عن مقدم وممثل للنيابة العسكرية .

ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين ما يدور في الجلسة ".

مادة (46) :

"تشكل المحكمة العسكرية المركزية من قاض منفرد لا تقل رتبته عن نقيب وممثل للنيابة العسكرية .

ويكون مع المحكمة كاتب يتولى تدوين ما يدور في الجلسة ".

مادة (47) :

"يجوز في الأحوال الخاصة تشكيل المحكمة العسكرية العليا من خمسة ضباط والمحكمة العسكرية لها سلطة العليا والمحكمة المركزية من ثلاثة ضباط .

ويكون ذلك بقرار من الضابط الأمر بالإحالة ".

كما نصت المادة 93 على انه:

" تؤلف محاكم الميدان وفقا لأحكام هذا القانون.

وعند الضرورة لا تقل رتبة رئيس المحكمة الميدانية العليا عن رائد ، والمحكمة الميدانية المركزية لها السلطة العليا عن نقيب ، والمحكمة الميدانية المركزية عن ملازم أول .

وعند محاكمة ضابط لا يجوز أن يكون رئيس المحكمة أحدث منه" .

كما نصت المادة (94) على انه :

"يمثل النيابة العسكرية أمام محاكم الميدان أي ضابط يعين لذلك بأمر من القائد المختص".

مادة (95)

"يحلف رئيس وأعضاء المحكمة قبل بدء المحاكمة اليمين التالية :

( أقسم بالله العظيم أن أحكم بالعدل وأحترم القانون )

ويجرى ذلك بحضور المتهم ويثبت في إجراءات المحاكمة" .

مادة (96) :

"تطبق محاكم الميدان القواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون ولها عند الضرورة عدم التقييد بها .

وفى جميع الأحوال يجب كفالة حق المتهم في الدفاع عن نفسه ".

· مما يعنى أن المحاكم العسكرية الرئيسية ثلاثة أنواع هي المحكمة العليا و المحكمة المركزية لها سلطة العليا و المحكمة المركزية وذلك بجانب إجازة القانون للضابط الأمر بالإحالة طبقا لنص للمادة 47 بتشكيل المحكمة العسكرية العليا تشكيلا مغاير من خمسة ضباط و المحكمة المركزية لها سلطة عليا و المحكمة المركزية من ثلاث ضباط ، وأيضا ما نص عليه القانون بشأن محاكم الميدان

· و من الجدير بالذكر أن المحاكم العسكرية جميعها تمثل درجة واحدة من درجات التقاضي حيث أن القضاء العسكري يطبق نظام التقاضي على درجة واحدة .

المبحث الرابع :
اختصاصات المحاكم العسكرية في ظل القانون 25 لسنة 1966

يختص القضاء العسكري طبقا لما ورد بالباب الثاني من القانون رقم 25 لسنة 1966 بكل ما يرتكبه المخاطبون بهذا القانون من أفعال غير مشروعة تقع تحت طائلة هذا القانون متى وقعت ضد ألاماكن أو الأشخاص التي حددها القانون .

v مما يعنى أن القانون رقم 25 لسنة 1966 قد اخذ بعدة معايير لتحديد اختصاص القضاء العسكري و سريان قانون الأحكام العسكرية :

أولا : المعيار الشخصي :

(1)- حدد القانون الأشخاص الخاضعين له أصالة في المادة الرابعة وهم العسكريين كافة حقيقة وحكما وهم طلاب المدارس ومراكز التدريب العسكري و المعاهد و الكليات العسكرية كما عرف في المادة السابعة منه ماهية الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون بكونها تلك التي ترتكب من أو ضد الأشخاص المحددين بالمادة الرابعة متى وقعت بسبب تأديتهم إعمال وظائفهم أو وقعت من احدهم بصفة عامة ما لم يكن فيها شريك أو مساهم من غيرهم .

فقد نصت المادة الرابعة من هذا القانون على انه :

"يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص الأتون بعد :

1- ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية و الإضافية .

2- ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموما .

3- طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني و المعاهد والكليات العسكرية .

4- اسري الحرب .

5- اي قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية .

6- عسكريو القوات الخلفية أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في أراضى جمهورية مصر العربية إلا إذا كانت هناك معاهد أو اتفاقيات خاصة أو دولية تقتضى بخلاف ذلك .

7- الملحقون بالعسكريين أثناء خدمة الميدان ، وهم كل مدني يعمل في وزارة الدفاع أو خدمة القوات المسلحة على أي وجه كان "

كما نصت المادة السابعة على انه :

" تسرى أحكام هذا القانون أيضا على ما يأتي :

1- كافة الجرائم التي ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأديتهم أعمال وظائفهم .

2- كافة الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون " .

(2) – حدد القانون الأشخاص الخاضعين لإحكام القانون العسكري استثناءا وهم طائفتين :

أ- الطائفة الأولى :

· المرتكبون للجرائم الواردة بالبابين الأول و الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات و ما يرتبط بها من جرائم والتي تحال إلى القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية و هذه الجرائم هي الجنايات و الجنح المضرة بآمن الدولة في الداخل و الخارج ، مما يعنى أن إحالة تلك الجرائم إلى المحاكم العسكرية رهين بصدور قرار من رئيس الجمهورية.

· من يتم إحالتهم إلى القضاء العسكري بموجب قرار من رئيس الجمهورية وقت إعلان حالة الطوارئ متى ارتكبوا أي من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو لأي قانون أخر

فقد نصت المادة السادسة على انه :" تسرى أحكام هذا القانون على الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بها من جرائم ، والتي تحال إلى القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية .

ولرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء العسكري أي من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر" .

ب – الطائفة الثانية :

وهم الأحداث الخاضعين لأحكام هذا القانون ، و هم فئتين وهم :طلبة المدارس و المعاهد و الكليات العسكرية - والمدنين فقد نصت المادة الثامنة مكرر على انه:

" يختص القضاء العسكري بالفصل في الجرائم التي تقع من الأحداث الخاضعين لأحكام هذا القانون . وكذلك الجرائم التي تقع من الأحداث الذين تسرى في شأنهم أحكامه إذا وقعت الجريمة مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكام هذا القانون ، وذلك كله استثناء من أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث .

ويطبق على الحدث عند ارتكابه إحدى الجرائم ، أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 المشار إليه عدا المواد 25 ، 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 38 ، 40 ، 52 منه .

ويكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لكل من النيابة العامة والمراقب الإجتماعى المنصوص عليها في قانون الأحداث .لتنفيذ التدابير التي يحكم بها في مواجهة الحدث " .

ثانيا : المعيار المكاني :

اخذ قانون الأحكام العسكرية الحالي أيضا بالمعيار المكاني لتحديد اختصاص القضاء العسكري فقد نصت المادة الخامسة من القانون في الفقرة الأولى منها على انه :

" تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية :

(أ‌) الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو الأماكن أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت ".

كما نصت المادة 8 على انه :

" كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون أرتكب خارج الجمهورية العربية المتحدة عملا يجعله فاعلا أو شريكا في جناية أو جنحة داخلة في اختصاص القضاء العسكري يعاقب بمقتضى أحكامه ولو لم يعاقب عليها قانون البلد الذي وقعت فيه .

أما إذا كان الفعل معاقبا عليه ، فإن ذلك لا يعفى من المحاكمة ثانية أمام المحاكم العسكرية.

إلا أنه يجب مراعاة مدة العقوبة التي يكون قد قضاها " .

ثالثا : المعيار العيني :

اخذ المشرع المصري أيضا بالمعيار العيني لتطبيق قانون الأحكام العسكرية فاخضع نوعية من الجرائم لهذا القانون بغض النظر عن مرتكبيها سواء مدنين أو عسكريين بالغين كانوا أم إحداث و تلك الجرائم هي :

1- الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو ألاماكن أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما و جدت .

2- الجرام التي تقع على معدات ، ومهمات و أسلحة وذخائر ووثائق و أسرار القوات المسلحة و كافة متعلقاتها .

3- الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول و الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات و ما يرتبط بها من جرائم و التي تحال إلى القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية .

4- الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر متى ارتكبها احد المدنين وقت إعلان حالة الطوارئ و تمت إحالة مرتكبيها إلى المحاكم العسكرية بموجب قرار من رئيس الجمهورية .

5- كافة الجرائم التي ترتكب من المدنيين أو ضد احد الأشخاص الخاضعين لأحكام التشريع العسكري متى وقعت الجريمة بسبب تأديتهم إعمال وظائفهم .

6- كافة الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون" .

· و المحاكم العسكرية هي صاحبة القرار الأخير في كون المجرم داخلا في اختصاصها أم لا و ذلك وفق ما ورد بالمادة 48 التي نصت على انه :

" السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلا في اختصاصها أم لا ".

هذا كما نصت المادة 49 على انه :

" لا يقبل الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية ، إلا أنها تقضى بالرد والمصارده وفقا لأحكام هذا القانون " .

· هذا و تختص المحاكم العسكرية العليا بنظر الدعاوى المرفوعة عن الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ، بينما تختص المحاكم ا لعسكرية المركزية التي لها سلطة عليا بنظر الدعاوى المرفوعة من الجنايات المعاقب عليها بالسجن ، وتختص المحاكم العسكرية المركزية بنظر الدعاوى المرفوعة عن الجنح و المخالفات . و ذلك طبقا لما ورد بالمواد :

المادة (50) و التي نصت على انه:" تختص المحكمة العسكرية العليا بالنظر في الأتي :

1- كافة الجرائم التي يرتكبها أو يساهم فيها الضباط " .

2- الجنايات الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقا لهذا القانون " .

المادة (51) ونصت على أن :

"تختص المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة العليا بالنظر في كافة الجنايات الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقا لهذا القانون و التي لا يزيد الحد الأقصى المقرر للعقوبة فيها عن السجن ".

مادة (52) نصت على أن :

"تختص المحكمة العسكرية المركزية بالنظر في الجنح والمخالفات طبقا لهذا القانون "

المبحث الخامس
الجرائم المعاقب عليها طبقا لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966

o تقسم الجرائم العسكرية طبقا لجسامتها إلى ثلاثة أنواع : وهى الجنايات و الجنح و المخالفات ، " وبالرغم من أن قانون العقوبات العسكري قد نص على هذا التقسيم الثلاثي للجرائم ، إلا انه لم ينص على أي مخالفة عسكرية . ويرى بعض الفقهاء أن تفسير ذلك يكمن في فرض إرادة المشرع باختصاص القضاء العسكري بالمخالفات التي تنطبق عليها المواد الخامسة والسادسة و السابعة من قانون الأحكام العسكرية ، ولا يشترط أن تكون هناك مخالفات عسكرية .

هذا و يرى د/عزت مصطفى الدسوقي بأنه كان يجب أن يقتصر قانون العقوبات العسكرية على النص على الجنايات و الجنح فقط ، خاصة و انه لم ينص على أي جريمة من جرائم المخالفات ،

و انه كان يجب أن ينص في لائحة الانضباط العسكري ، أو في لوائح المخالفات الانضباطية أو التأديبية على المخالفات باعتبارها مخالفات انضباطية أو تأديبية لا ترقى إلى مرتبة الجريمة العسكرية التي تتسم بالخطورة ، ومن ثم تشدد عقوبتها " .([6])

o " وينص قانون الأحكام العسكرية على اختصاص القضاء العسكري بثلاث طوائف من الجرائم ، الأولى هي : الجرائم العسكرية البحتة ، والثانية هي بعض جرائم القانون العام و القوانين المكملة له ، والثالثة جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات العام و العسكري ، وهى ما تسمى بالجرائم المختلطة و سوف نوضح هذه الطوائف الثلاثة تباعا :

أولا : الجرائم العسكرية البحتة :

وهى الجرائم التي لا يتصور ارتكابها إلا من العسكريين ، فهي تقع بالمخالفة لإحكام النظام العسكري و الواجبات العسكرية ، ولا يتصور ارتكابها من غير المخاطبين بأحكام قانون العقوبات العسكري نظرا للطبيعة الخاصة المحمية بنصوصه التي تحدد هذه الجرائم وعقوبتها ، وفى رأينا انه كان يجب أن يقتصر القانون العسكري على هذه الطائفة من الجرائم مثل إلقاء السلاح أمام العدو ، و الوقوع في الأسر ، و جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة ، وجرائم عدم إطاعة الأوامر و التعليمات ، وجرائم التمارض و التشويه والغياب و الهروب .

ثانيا : جرائم القانون العام :

وهى الجرائم التي أحال قانون العقوبات العسكري في تحديدها إلى قانون العقوبات و القوانين المكملة وذكرها فقط في مجال تحديد اختصاص المحاكم العسكرية ، فهذه الطائفة من الجرائم نص عليها قانون العقوبات العام ، وحدد أركانها وعقوبتها ، مثل الجرائم المنصوص عليها في قوانين الخدمة العسكرية ، والجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات العسكرية ، والجرائم التي ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لقانون الأحكام العسكرية متى وقعت بسبب تأدية أعمال وظيفتهم

و تخضع هذه الجرائم للأحكام العامة للجرائم الواردة في قانون العقوبات العام ، ولا تخضع للأحكام الواردة بقانون العقوبات العسكري ، ذلك لأنها لا تعتبر اعتداء على النظام العسكري ، ومن ثم يتساوى فيها العسكريون مع غيرهم ، إلا أن صلتها القوية بالمصلحة العسكرية المحمية هي التي دفعت المشرع إلى تخويل الاختصاص بنظرها للمحاكم العسكرية . وهذه الجرائم هي التي قصدها المشرع بنص المادة 167 من القانون العسكري .

ثالثا : الجرائم المختلطة :

وهى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات العام ، وكذلك في قانون العقوبات العسكري ، وقد نص عليها القانون الأخير للتأكيد عل خطورتها ، وتشديد عقوبتها عن العقوبات المقررة لها في قانون العقوبات العام خاصة إذا ارتكبها العسكريون ، وتنطبق على هذه الطائفة من الجرائم الأحكام المادية التي نص عليها القانون العسكري و التي تغاير أحكام قانون العقوبات العام ، فلا يجوز الرجوع إلى القانون العام إلا فيما لم يرد بشأنه نص في قانون الأحكام العسكرية . ([7])

المبحث السادس :
العقوبات العسكرية

تنقسم العقوبات العسكرية إلى عقوبات أصلية وأخرى تبعية ، بجانب الأحكام التكميلية:

أولا العقوبات العسكرية الأصلية :
وتنقسم بدورها إلى :
{أ}- عقوبات بدنية :
- وتنحصر في عقوبة الإعدام بعدما ألغى القانون عقوبة الجلد
- وقد فرق القانون بين كيفية تنفيذ حكم الإعدام على كل من العسكريين و المدنيين فقد نصت المادة 106 على انه :
"(أ) ينفذ حكم الإعدام بالنسبة للعسكريين رميا بالرصاص ، أما بالنسبة للمدنيين فينفذ طبقا للقانون .
(ب) تحدد الأوامر العسكرية كيفية تنفيذ حكم الإعدام .
(ج) ينظم محضر بالتنفيذ يحفظ مع أوراق الدعوى ."
- و الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الإعدام هي : جرائم الجبن و الخيانة أو عدم الإبلاغ عنها، جرائم دخول العدو متنكرا لإحدى ألاماكن العسكرية للتجسس( و جرائم إساءة معاملة الجرحى، جرائم نقض العهد مع أسرى العدو ، جريمة سرقة المرضى و الجرحى والموتى في منطقة العمليات و جرائم الفتنة، و جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة في وقت الميدان ، جرائم النهب وجرائم الإفقاد والإتلاف العمدية ، جرائم إساءة استعمال السلطة وقت الخدمة في الميدان ، جريمة عدم إطاعة الأوامر العسكرية عمدا في وقت تأدية الخدمة ، جرائم الهرب أو التحريض عليه وقت الميدان .

v وبشأن ضمانات تنفيذ حكم الإعدام " نصت المادة العاشرة من قانون العقوبات العسكري على أن تطبق فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون النصوص الخاصة بالإجراءات العسكرية و العقوبات الواردة في القوانين العامة . وقد نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية على أن تتبع أمام محاكم الجنايات جميع الأحكام المقررة في الجنح و المخالفات ما لم ينص على غير ذلك ، وقضت الفقرة الثانية من هذه المادة المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 في 17/6/1962 – بأنه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع أراء أعضائها و يجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية ، ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال عشرة أيام تاليه لإرسال أوراق القضية إليه حكمت المحكمة في الدعوى،.فقانون الإجراءات الجنائية قد أوجب على محكمة الجنايات اخذ رأى مفتى الجمهورية في عقوبة الإعدام قبل توقيعها ، وذلك للتعرف عما إذا كانت الشريعة تجيز الحكم بالإعدام في الواقعة الجنائية، وليس المقصود من الاستفتاء التعرف على رأى المفتى في تكييف الفعل المسند إلى الجاني ووصفه القانوني ، وعموما فإن رأى المفتى استشاري و ليس ملزما ، بل أن النص ورد فيه انه في حالة عدم وصول رأية إلى المحكمة خلال عشرة أيام تالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى".([8])

إلا انه ثار خلافا فقهيا إزاء عدم نص المشرع صراحة على وجوب اخذ رأى مفتى الجمهورية قبل تنفيذ حكم الإعدام مثلما تم النص صراحة في المادة 80 من قانون الأحكام العسكرية على وجوب صدور الحكم بالإعدام بإجماع الآراء ، مما يعنى أن إغفال المشرع للنص على وجوب اخذ رأى مفتى الجمهورية كان مقصودا، ولا يقدح في ذلك ما نصت عله المادة العاشرة من ذات القانون.

v كما نصت المادة 98 من قانون العقوبات العسكرية على وجوب تصديق رئيس الجمهورية على الحكم بالإعدام وليس له أن يفوض غيره في هذا الشأن .

{ب}- العقوبات العسكرية السالبة للحرية :

v وهى طبقا لنص المادة 120 من قانون العقوبات العسكري :" العقوبات الأصلية التي توقعها المحاكم العسكرية وهي :-

1- الإعدام . 2-الأشغال الشاقة المؤبدة . 3-الأشغال الشاقة المؤقتة . 4- السجن .

5- الحبس"

و طبقا لما ورد بالمادة 108 من قانون الأحكام العسكرية انه يتم تنفذ العقوبات السالبة للحرية الصادرة على العسكريين في السجون العسكرية إلا إذا جردوا من صفتهم العسكرية فيجوز نقلهم إلى السجون المدنية أما بالنسبة للمدنيين فتنفذ عقوباتهم في السجون المدنية .

v وتنقسم السجون العسكرية إلى :

" 1- السجون العمومية : و تختص بتنفيذ أحكام الحبس الصادرة من محكمة عسكرية أو مدنية على الضباط في الجرائم المخلة بالشرف و أحكام الحبس الصادرة عليهم في غير هذه الجرائم متى زادت مدتها على 6 اشهر.

و التحفظ على الأفراد العسكريين الصادر ضدهم أحكام بالإعدام و كذلك التحفظ عليهم تحفظا شديدا على ذمة قضايا عسكرية .

2- السجون المركزية :

وتختص بتنفيذ أحكام الحبس الذي تزيد مدته عن 3 شهور و الصادرة من محاكم عسكرية أو مدنية على الأفراد الخاضعين لقانون الأحكام العسكرية بشرط إلا تزيد مدتها على ستة شهور .

3 - غرف الحبس المركزية :

و تختص بتنفيذ أحكام الحبس الصادرة من محاكم عسكرية أو مدنية أو الموقعة انضباطيا لمدة تزيد عن شهر ولا تتجاوز ثلاث شهور .

4- غرف حبس الوحدات :

و تختص بتنفيذ أحكام الحبس الصادرة من المحاكم العسكرية أو المدنية أو الموقعة انضباطيا لمد تتجاوز شهرا . وكذلك التحفظ على الجنود المحجوزين حجزا شديدا ...

5- السجون الخاصة :

وهى متروكة لتقدير وزير الدفاع بقرار منه وفقا للظروف ، كإنشاء معسكرات للتهذيب و الإصلاح للأفراد العسكريين المحبوسين على جرائم بسطة وغير مخلة بالشرف ، بقصد إصلاحهم وصقلهم انضباطيا وذلك في حالة الخشية من اختلاطه بمعتادي الأجرام . وكذا بالنسبة لتنفيذ عقوبات الحبس و أوامر الحبس الاحتياطي الصادرة ضد الإناث وتكون معاملتهم طبقا للقواعد المقررة لنظرائهم بالسجون المدنية .

فالمادة 14 من لائحة السجون أجازت لوزير الدفاع إنشاء سجون عسكرية من أي نوع في أي مكان بقرار منه – وبناء على ما خولته تلك المادة لوزير الدفاع من سلطات وزير الدفاع والإنتاج الحربي رقم 64 لسنة 1979 بإضافة مادة جديدة برقم 8 مكرر إلى مواد لائحة السجون العسكرية ، وقد نصت هذه المادة على أن تخصص غرف ميس سجون الضباط بقيادات الأفرع وقيادات المناطق العسكرية و الجيوش الميدانية لتنفيذ عقوبة الحبس الصادرة ضدهم حتى 6 شهور أو التحفظ عليهم تحفظا شديدا مع مراعاة ما جاء بلائحة السجون فيما يختص بحقوق وواجبات المحبوس ".([9])

{ج}- عقوبة الغرامة :

"الغرامة وقد تكون عقوبة أصلية أو تكميلية ، فهي عقوبة أصلية في الجنح و المخالفات ، وهى عقوبة تكميلية في الجنايات . ويرى بعض الفقهاء أن الغرامة – كعقوبة عسكرية في قانون العقوبات العسكري – أمر غير مرغوب فيه ، وذلك بسبب عدم كفايتها في الردع في هذا المجال ، بالإضافة إلى قلة راتب العسكريين بصفة عامة . هذا ما دعا البعض إلى المنادة بضرورة استبدالها – كعقوبة أصلية – بعقوبة سالبة للحرية . وفيما عدا هذه النقطة فان أحكام الغرامة – كعقوبة عسكرية – لا تختلف عن أحكامها كعقوبة أصلية منصوص عليها في قانون العقوبات العام ".([10])

{د}- العقوبات العسكرية البحتة :

نصت المادة 120 من قانون الأحكام العسكرية في الفقرة الثانية و الثالثة منها على ما يلي :

" كما توقع المحاكم العقوبات الأصلية بالنسبة للضباط :

1- الطرد من الخدمة عموما .

2- الطرد من الخدمة في القوات المسلحة .

3- تنزيل الرتبة لرتبة أو أكثر

4- الحرمان من الأقدمية في الرتبة

5- التكدير

والعقوبات الأصلية الآتية بالنسبة لضباط الصف والجنود :

1- الرفت من الخدمة عموما .

2- الرفت من الخدمة في القوات المسلحة .

3- تنزيل الدرجة لدرجة أو أكثر ".

ثانيا : العقوبة العسكرية التبعية :

وقد حدد الباب الثاني من القسم التاسع من قانون الأحكام العسكرية العقوبات التبعية ، فقد نصت المادة 123 على انه :

مادة (123)

"كل حكم صادر بعقوبة الأِشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو السجن في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ، يستتبع بقوة القانون .

1- الطرد من الخدمة في القوات المسلحة بالنسبة للضباط .

2- الرفت من الخدمة في القوات المسلحة بالنسبة لضباط الصف والجنود .

3- حرمان المحكوم عليه من التحلي بأي رتبة أو نيشان ".

مادة (124)

"كل من يحكم عليه من الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون بالحبس يجوز طرده أو رفته من الخدمة في القوات المسلحة .

وتقدير ذلك متروك للسلطات العسكرية المختصة بعد الحكم ".

مادة (125)

"يفقد المتهم متى ثبتت إدانته بحكم من محكمة عسكرية خدمته وماهيته عن كل يوم من أيام الهروب أو الغياب أو الحبس الاحتياطي ومن أيام العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها" .

مادة (126)

"يجوز للمحكمة العسكرية إذا نتجت عن الجريمة أضرار مادية بأموال أو أِشياء مملوكة للدولة أن تحكم على المتهم بردها أو رد قيمتها سواء أكان المتهم قد أخذها لنفسه أو أتلفها أو أفقدها بما لا يتعارض مع قوانين وقرارات وأنظمة القوات المسلحة .

ويكون ذلك وفقا للقواعد العامة في تحصيل أموال الدولة ".

ثالثا : الأحكام التكميلية :

نصت المادة (127) من قانون الأحكام العسكرية الحالي على انه :

" من أشترك في جريمة منصوص عليها في هذا القانون فعليه عقوبتها .

ويعاقب المحرض بذات العقوبة المقررة للجريمة ولو لم يترتب على التحريض أثر .

كما نصت المادة (128) على انه :

" يعاقب على الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون العقوبات المقررة للجريمة الأصلية إلا إذا نص قانونا على خلاف ذلك ".

المادة (129) :

"إذا نص قانون أخر على عقوبة أحد الأفعال المعاقب عليها في هذا القانون بعقوبة أشد من العقوبة المنصوص عليها فيه ، وجب تطبيق القانون الأشد ".

هذا وقد نصت المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية في شأن الأحكام التكميلية بما يأتي :

" فنصت المادة 127 على أن من اشترك في جريمة منصوص عليها في هذا القانون فعليه عقوبتها ، وغنى عن البيان أن تطبيق هذا المبدأ لا يتعارض مع تطبيق مبادئ الاشتراك كما جاءت في القانون العام ، ولكن خرج القانون العسكري عن المبادئ العامة في هذا المجال بالنسبة لتأثير الأحوال الخاصة بالفاعل التي تقتضى تغيير وصف الجريمة أو بالنظر إلى قصد الفاعل منها أو كيفية علمه بها .

وليس في هذا الخروج إجحافا بالشريك بالنسبة للمبادئ العامة للتجريم في الساهمة الجنائية وذلك للمرونة التي يتمتع بها القاضي العسكري بالنسبة لتطبيق العقوبات بين حديها الأقصى والأدنى طبقا لسياسة العقاب التي يتبعها المشرع العسكري في هذا القانون . كما نصت الفقرة الثانية من المادة على عقاب المحرضين بنفس العقوبة المفروضة للجريمة ولو لم يترتب على التحريض اثر .

ونصت المادة 128 على المبدأ الخاص بالشروع في القانون العسكري ، وقد خرج المشرع أيضا بالنسبة لهذا المبدأ عن القواعد العامة في القانون العام وذلك على هدى من تشديد العقوبة على نحو يتفق والحكمة من التشريع العسكري وتحقيق الردع العام لكل من تسول له نفسه ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون . وقد نص القانون أيضا على عقاب الشروع بالعقوبات المقررة للجريمة الأصلية إلا إذا نص قانونا على خلاف ذلك .

و تضمنت المادة 129 النص على مبدأ يتفق و السياسة العامة للتجريم بالنسبة لتحقيق أهداف العقوبة ، فنصت على انه إذا كان هناك قانون أخر ينص على تجريم احد الأفعال المعاقب عليها في القانون ويقرر له عقوبة اشد من العقوبة المنصوص عليها فيه وجب تطبيق القانون الأشد ".

- وبجانب العقوبات الواردة بقانون الأحكام العسكرية توجد الجرائم المنصوص عليها في لوائح الانضباط العسكري وفق ما نصت عليه المادة 24 من قانون الأحكام العسكرية بأن " تحدد الجرائم و العقوبات الانضباطية بقرار من السلطات العسكرية المختصة طبقا للقانون " ، ومن هنا نجد ان لوائح الانضباط العسكري قد تضمنت النص على العديد من الجرائم والعقوبات الانضباطية التي توقع على العسكريين مثل توجيه النظر،الحجز بالوحدة ، الحرمان من العلاوة ، الإنذار برفع التكليف أو رفع التكليف، التكليف بخدمات زائدة وغيرها ، ومن الجدير بالذكر أن طبيعة تلك العقوبات تختلف عن غيرها من العقوبات الوارد بقانون الأحكام العسكرية حيث أن لها طبيعة جامعة بين العقوبات الجنائية والتأديبية .

- وفيما يتعلق بسلطات القاضي العسكري في مجال تخفيف العقوبة فنجدها طبقا لقانون الأحكام العسكري أنها أوسع مما ورد بالقوانين العامة فطبق لما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن ذلك ما يلي :

" و مما ينبغي الإشارة إليه في هذا المجال أن القانون العسكري اعتمد على سياسة خاصة في مجال العقوبات وهى جمعها في مادة واحدة متدرجة من ناحية شدتها تاركا لكل نص من نصوص الجريمة تحديد الحد الأقصى للعقوبة دون حدها الأدنى الذي يحدده نص المادة 120 من القانون و تاركا مجال الاختيار بين هذه العقوبات في حديها الأدنى والأقصى بما يلائم وجسامة الجريمة ٍٍٍٍالمرتكبة " .

المبحث السابع :
حجية الأحكام العسكرية

v نص قانون الأحكام العسكرية في المادة 48 منه على أن الأحكام العسكرية لا تصبح نهائية إلا بعد التصديق عليها على الوجه المبين في هذا القانون ، وقد نصت المادة 97 على أن السلطة المختصة بالتصديق وهو رئيس الجمهورية أو من يفوضه من الضباط أو من يفوضه الضابط المفوض من قبل رئيس الجمهورية متى أجاز القانون التفويض، حيث أن المادة 98 استلزمت تصديق رئيس الجمهورية بشخصه على كل من :

"1- الأحكام الصادرة بالإعدام .

2 - الأحكام الصادرة على الضباط بالطرد من الخدمة عموما .

3- الأحكام الصارده على الضباط العاملين بالطرد من الخدمة في القوات المسلحة ".

v كما نصت المادة 117 على انه :" لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية أمام هيئة قضائية أو إدارية على خلاف ما نصت عليه أحكام هذا القانون " – وبهذا لا يبقى إلا التماس إعادة النظر السبيل الوحيد لإعادة طرح القضية مرة أخرى أمام المحاكم العسكرية فقد نصت المادة 114 على انه :

" يقدم إلتماس إعادة النظر كتابة في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ إعلان الحكم بعد التصديق أو تاريخ النطق بالحكم المصدق عليه قانونا أو من تاريخ حضور المتهم إذا صدر الحكم في غيبته ، ويكون تقديم الالتماس بالنسبة للعسكريين إلى قادتهم ، ويحال الالتماسٍٍٍ إلى مكتب الطعون العسكرية في جميع الأحوال " .

كما نصت المادة 115 على انه :

" تكون مهمة مكتب الطعون العسكرية فحص تظلمات ذوى الشأن والتثبت من صحة الإجراءات وإبداء الرأي ويودع في كل قضية مذكرة مسببة برأيه ترفع إلى السلطة الأعلى من الضابط المصدق على الوجه المبين في هذا القانون ".

على انه لا يقبل التماس إعادة النظر طبقا لما ورد بالمادة 113 إلا إذا أسس على احد السببين الآتيين :

1- أن يكون الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله .

2- أن يكون هناك خلل جوهري في الإجراءات ترتب عليه إجحاف بحق المتهم .

v وقد نصت المادة 118 على انه :

3- " يكون للحكم الصادر من المحاكم العسكرية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المقضي طبقا للقانون بعد التصديق عليه قانونا" .

المبحث الثامن :

مدى اتساق القضاء العسكري مع المواثيق الدولية

و مبادئ الشرعية

ارتبط قانون الأحكام العسكرية منذ تشريعه بتنظيم أحوال الجريمة والعقاب على ما يرتكب من أفعال غير مشروعة من قبل فئة المخاطبين بهذا القانون وهم العسكريين ، وهو الأمر المتعارف عليه في كافة التشريعات العسكرية المقارنة ، وهو ما لا يجعل من القضاء العسكري استثنائيا بالنسبة لهذه الفئة إلا أن الأمر اختلف بالنسبة لقانون الأحكام العسكرية المصري الحالي رقم 25 لسنة 1966 فبغض النظر عن افتقاده لكثير من المعايير الدولية بشأن القضاء العادل في مواجهة الفئة المخاطبة به أصالة وهم العسكريين ومن في حكمهم ، فان تنظيمه تجاوز كثيرا مسألة احترام حق الأفراد في الخضوع لقاضيهم الطبيعي بالنسبة للخاضعين لأحكامه استثناءا، مما اصبغ المحاكمات التي تتم وفقا لهذا القانون بالنسبة لهذه الفئة بالصبغة السياسية وجعل الأحكام الصادرة منها مقدرة سلفا رهنا بمصالح السلطة التي تخول حق الإحالة طبقا لنص المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية .

وفى هذا الشأن سنتناول الآتي:

أولا : مثالب قانون الأحكام العسكرية عموما

ثانيا : عدم مشروعية نص المادة 6 من القانون

ثالثا : عدم مشروعية خضوع الأحداث للقضاء العسكري

أولا : مثالب قانون الأحكام العسكرية عموما :

وتتلخص مثالب هذا القانون في الآتي :

ا- سوء صياغة نصوص القانون وعدم مشروعية الصلاحيات الموسعة الممنوحة للقاضي العسكري:-

نصت المادة 66 من الدستور المصري على انه :" العقوبة شخصية . ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون " ، مما يعنى أن الدستور المصري استلزم تحديد الجرائم والعقوبات تحديدا واضحا بما يتناسب مع مبدأ عمومية وتجريد القاعدة القانونية، وهو الأمر الذي حاد المشرع المصري عنه في قانون الأحكام العسكرية، إذا جاءت نصوصه مبهمة غير محددة للفعل المادي بالنسبة لكثير من الجرائم المنصوص عليها، مثل الجرائم الواردة بنص المادة 164 و التي تجرم السلوك المعيب للضباط و المادة 166 و التي تجرم السلوك المضر بالضبط والربط العسكري دون أن تحدد مضمون هذا السلوك ، و جريمة إذاعة أو نشر أو ترديد بيانات أو شائعات في زمن الحرب بقصد إثارة الفزع أو الرعب أو إيقاع الفشل .... فما هو معيار الفزع أو الرعب اللازم لقيام الجريمة وما هو المقصود بالفشل بين القوات المسلحة ، أو إساءة التصرف أمام العدو بحالة يظهر منها الجبن- فما هي الأفعال التي جرمتها هذه المادة تحديدا ؟؟؟

كما انه "من مقتضيات إعمال مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات أيضا أن يتم تحديد العقوبات تحديدا واضحا قاطعا بان يتم تعيين عقوبة أو عقوبتين من العقوبات المنصوص عليها في القانون ، وان يتم تحديد مقدارها بتعين الحد الأدنى و الحد الأقصى لها إلا أن قانون العقوبات العسكري لم يلتزم أيضا بذلك ، فينص على أن :" يعاقب بالإعدام أو أي جزاء اقل منصوص عليه في هذا القانون كل من ....." و هذا النص غير شرعي إذ انه لم يحدد العقوبة الواجبة التطبيق على الفعل ، بل ترك للقاضي أن يختار أي من العقوبات التي تبدأ بالإعدام و تنتهي بالتكدير ، ويختار من العقوبة التي يستريح إليه ضميره مقيدا في ذلك فقط بالحد الأعلى للعقوبة

هذا وقد قال الدكتور عزت مصطفى الدسوقي : رأينا أن هذا القانون يخول للقاضي سلطة واسعة تكاد تقترب أو تتساوى مع سلطة المشرع ..

وان من أهم خصائص النصوص القانونية بصفة عامة و نصوص قوانين العقاب بصفة خاصة هي قوة النص ورصانة العبارات التي تصاغ فيها وتناسقها و استخدام كل لفظ و كل اصطلاح في موضعه المناسب لتأدية المعنى المقصود منه . وذلك إن حسن صياغة النصوص القانونية يضفى عليها الوضوح المطلوب و يبعد عنها الغموض و الإبهام .

و بالنظر إلى قانون العقوبات العسكري فإننا نجد أن كثير من نصوصه تفتقد مثل هذه الخواص فتجده يستخدم ألفاظ وعبارات بعيده كل البعد عن القاموس القانوني و يستخدم لغة ابعد ما تكون عن لغة القانون ، فتارة يستخدم ألفاظ و عبارات مطاطية مبهمة ، وتارة يستخدم العبارات والألفاظ المترادفه لبيان معنى معين ، ويكفى أن تقرأ نص المادة 143 من هذا القانون لتقف على مدى صحة ما نقول ، بل إننا نجد أن هذه المادة قد جمعت بين عدد كبير من الجرائم بعضها من الجنايات مثل الاختلاس ، والبعض الآخر من الجنح مثل السرقة ، وقررت لها جميعا عقوبة واحدة , ويبدو إن المشرع لم يتبع خطة ما ، أو سياسة محددة في صياغته لهذه النصوص ، بل يبدو انه لم يكن على بينة بنصوص قانون العقوبات العام والمبادئ القانونية العامة المستقرة به ، ولن أكون متجاوزا حدود اللياقة إذا قلت أن المشرع الذي صاغ نصوص هذا القانون لم يكن مجازا في القانون".([11])

ولما كان ذلك وكان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 قد نص في المادة السابعة منه على انه:"الناس جميعا سواء أمام القانون . وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز ، كما يتساوون في الحق بالتمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز "

كما نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في عام 1966 على انه :

"الناس جميعا سواء أمام القضاء "

مما يعنى أن قانون الأحكام العسكرية بصياغته المعيبة و المبهمة في كثير من نصوصه يشكل خرقا و انتهاكا لنص المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا المادة 14 من العهد الدولي الخاٍص بالحقوق المدنية والسياسية حيث أن نصوصه جاءت غير واضحة المعالم بما يفتح الباب بذلك أمام القاضي العسكري لإعمال سلطته التقديرية الواسعة التي لم تضع لها النصوص حدودا أو معايير ثابتة للتفسير في مواجهة الكافة ، مما يجعل أمر تطبيق تلك النصوص يختلف من قاض لأخر ومن واقعة لأخرى رهين بتفسير القاضي الشخصي، الأمر الذي سيودى حتما إلى تضارب الأحكام الصادرة عن ذات الواقعة باختلاف القضاة والمحاكم،مما يشكل انتهاكا لمبدأ المساواة بين المخاطبين بأحكام هذا القانون .

2- أزمة تشكيل المحاكم العسكرية :

نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه :" لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا ، للفصل في حقوقه و التزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه "

كما نصت المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في الفقرة الأولى منها على انه :" الناس جميعا سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد ، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه و التزاماته في أية دعوى مدنية ، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من محكمة مختصة مستقلة حيادية ، منشاة بحكم القانون "

وباستقراء القانون نجد أن المحاكم العسكرية تعد إحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة و تتبعها النيابة العسكرية ، كما أن القضاة العسكريون مجرد ضباط من القوات المسلحة يتم تعينهم بقرار من وزير الحربية بناء على اقتراح مدير القضاة العسكريين دون أن يتطلب القانون أية شروط تضمن حيدة ونزاهة من سيتقلد منصب القضاء العسكري ودون كونه قانونيا أو خضوعه لثمة برامج لتأهيله حتى يصبح له القدرة على ممارسة مهام القضاء ، وإذا وضعنا في الاعتبار عدة أمور منها السلطة الواسعة التي منحها قانون الأحكام العسكرية للقاضي العسكري بشأن تكييف الوقائع وإنزال العقوبات ، هذا من ناحية – ومن ناحية أخرى ما نص عليه القانون من جواز إحالة المدنين إلى القضاء العسكري بما يعنى أن القانون العسكري قد وسع من دائرة الخاضعين لأحكامه – ومن ناحية ثالثة أن قانون الأحكام العسكرية قد أخذ بمبدأ التقاضي على درجة واحدة ،يتضح جليا أن قانون الأحكام العسكرية بما يحمله من هذا التنظيم يشكل انتهاكا لما ورد بنص المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فحقيقة لا تعد المحاكم العسكرية وفقا لتشكيلها هذا جهات قضائية بالمعنى الفعلي للقضاء ، ولا تعد مستقلة لأنها إحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة ، و المؤسسة القضائية تؤدى دورها عندما تمتاز بالاستقلالية والحيادية وهو أمرا لا يتوافر في جهة القضاء العسكري طبقا لوضعيته الحالية .

3- عدم إمكانية الطعن على الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية :

نصت المادة الرابعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه :

"لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء ، وفقا للقانون إلى محكمة أعلى كي ما تعيد النظر في قرار إدانته في العقاب الذي حكم به عليه ".

ولما كان ذلك وكان قانون الأحكام العسكرية قد نص في المادة 117 منه على أن الأحكام العسكرية لا يجوز الطعن فيها أي إنها أحكاما على درجة واحدة، الأمر الذي يشكل انتهاكا لما ورد بالمادة الرابعة عشر من العهد الدولي .

هذا وضمانه عدم تحصين أي حكم من إمكانية الطعن عليه أمام محكمة أعلى تجد سندها في أن القاضي مهما توافرت له صلاحيات القضاء و القدر الكافي من الحيدة والنزاهة يظل في المقام الأول بشر وكل ابن ادم خطاء ، ومن ناحية أخرى فان المتهم مهما بلغ جرمة تكون اقل حقوقه حقه في الالتجاء لمحكمة أخرى أعلى غير تلك التي أصدرت عليه الحكم متى رأى أن حكمها غير عادل و منصف له ، فلهذا قلما نجد دستورا لأحدى الدول الديمقراطية تنأى عن تضمين ذلك المبدأ . وهو الحال بالنسبة لمعظم التشريعات العسكرية المقارنة ، إلا أن المشرع الذي وضع أحكام القانون العسكري المصري الحالي بكل الصلاحيات الذي خولها للقاضي العسكري و سلطاته الواسعة في تفسير النصوص التي قد تصل إلى حد إصداره حكما بالإعدام ، و الإبهام و عدم الوضوح الذي شاب معظم نصوص هذا القانون ، رغم تضمينه لقاعدة جواز خضوع المدنين و الأحداث لأحكامه ،برغم كل ذلك نص على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من القضاء العسكري ليظل الحكم الصادر من تلك المحاكم محصن من كل طريق عادى للطعن عليه سوى الطريق الغير عادى و المقيد بأضيق الحدود وهو التماس إعادة النظر، وتبقى المرجعية فيه بيد السلطة مالكة إقراره و التصديق عليه وهو رئيس الجمهورية أو من يفوضه ، مما يعنى أن أمر الحكم القضائي العسكري سيظل رهين التوجهات السياسية للسلطة التنفيذية ، على الرغم من الحجية التي ينالها على الكافة مثله مثل باقي الأحكام الصادرة من القضاء العادي .

4- التميز فيما بين الخاضعين لأحكامه:

نصت المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه :

"الناس جميعا سواء أمام القانون ، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز ، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز "

كما نصت المادة العاشرة على انه :

" لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا ، للفصل في حقوقه و التزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه".

ونصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بحماية الحقوق المدنية و السياسية في مستهلها على انه :"الناس جميعا سواء أمام القضاء ...."

كما نص الدستور المصري في المادة 40 على أن:" المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق و الواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة" .

وباستقراء قانون الأحكام العسكرية نجد انه في كثير من أحكامه قد ميز بين القواعد المطبقة على كل من العسكريين والمدنيين الخاضعين لأحكامه، ومن ناحية أخرى فانه في خضوع بعض المدنيين المتهمين بجرائم جنائية عادية للقضاء العسكري بموجب قرارات الإحالة الصادرة من قبل السلطة التنفيذية ما يعد نوعا من التميز بين هؤلاء و غيرهم من المتهمين الجنائيين الخاضعين لأحكام القضاء العادي ، ففي الوقت الذي تحظى فيه الفئة الأخيرة بكافة ضمانات المحاكة العادلة يجرد المتهمين الخاضعين للقضاء العسكري من كافة حقوقهم دون تفرقه معيارية بين الجرائم المرتكبة من قبل أفراد الطائفة الأولى و الثانية ، بل على العكسٍ ففي بعض الأحيان تشكل الجرائم المرتكبة من قبل المتهمين الخاضعين للقضاء العادي أكثر خطورة على المجتمع من تلك المعاقب عليها من قبل القانون العسكري ، مما يعد انتهاكا صارخا لما كفلته المواثيق الدولية و الدستور المصري لأحد أهم المبادئ التي لا خلاف على إنها إحدى أسس النظم الديمقراطية إلا و هي المساواة أمام القانون . الأمر الذي يشكل إجحافا بحقوق تلك الفئة دون سند .

ثانيا : عدم شرعية نص المادة 6 من القانون :

نصت المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية على انه:

" تسرى أحكام هذا القانون على الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بها من جرائم ، والتي تحال إلى القضاء العسكري بقرار من رئيس الجمهورية .

ولرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء العسكري أي من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون أخر" .

وقد نص الدستور في المادة (64) على انه :

" سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ".

(65)

"تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات ".
المادة (67) :

"المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وكل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه".

المادة (68) :

"التقاضي حق مصون و مكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا. ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ".

نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه :

" لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا ، للفصل في حقوقه و التزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه "

كما نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه :

"1- الناس جميعا سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد ، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه و التزاماته في أية دعوى مدنية ، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من محكمة مختصة مستقلة حيادية ، منشاة بحكم القانون " .

ومن هنا تأتى عدم شرعية المادة السادسة لما تشكله من افتئات على مواد الدستور و المواثيق الدولية، بجانب انتهاكها لسمو وقدسية استقلالية السلطة القضائية باعتبارها المؤسسة حامية الحقوق و الحريات ، فبموجبها خول لرئيس الجمهورية أن يحدد اختصاص القضاء بموجب قرار إداري يعلو فيه الشأن السياسي فوق معايير الشرعية الإجرائية.

وفى شأن توجه نص المادة السادسة قال الدكتور / احمد فتحي سرور :" أن هذا التوجه يتعارض مع أصول الشرعية الإجرائية كما ذهب بعض الفقهاء و أسس هذا التعارض على ثلاثة أسباب : الأول هو أن اختصاص المحاكم يحب أن يتحدد بواسطة القانون وفقا لمعايير موضوعية لا أن يكون متوقفا على مشيئة سلطة معينة ، الثاني انه لا يجوز لأية سلطة أن تنتزع الدعوى من قاضيها الطبيعي إلى محكمة أخرى، و الثالث هو تعارض هذا الاختصاص المزدوج مع مبدأ المساواة أمام القانون لأنه يجعل حظ المواطنين في مدى التمتع بالضمانات متوقفا على مشيئة سلطة الإحالة " ([12])

كما أن نص المادة السادسة يتناقض مع مبدأ حق الأفراد في الخضوع لقاضيهم الطبيعي، حيث أن المحكمة الخاضع لها المتهم تحدد بعد ارتكاب الجريمة لا قبلها ، فبعد ارتكاب الجريمة يصدر القرار بالإحالة من قبل السلطة المختصة حتى ولو قضى القضاء العادي بخضوع الجرائم المحالة له لأنه طبقا لما نصت عليه المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية السلطة القضائية العسكرية هي وحدها صاحبة الاختصاص الأصيل في تحديد اختصاصها ، مما يعنى أن استلاب ولاية القضاء العادي رهين سلطة منفردة وقرار سياسي ،الأمر الذي يجعل من خضوع المدنيين لولاية القضاء العسكري بموجب هذا القرار غير مشروع ويصبح القضاء العسكري في مواجهتهم حقا قضاء استثنائيا بكل ما فيه من افتئاتا على حقوقهم .

وفى هذا الشأن جاء بتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان "إن مبدأ محاكمة الفرد أمام قاضيه الطبيعي يمثل أقوى الضمانات لحريات المواطنين و حقوقهم لان القاضي الطبيعي هو القاضي المستقل المحايد الذي يفصل في النزاع دون تأثر لأية اعتبارات و دون خوف من أية جهة .

فالقضاء الطبيعي هو الضمانة الأساسية للمحافظة على الشرعية في الدولة حيث أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازاً شخصياًُ وإنما تمارس نيابة عن الجماعة ولمصلحة المجتمع فإذا خرج من يمارس السلطة عن القانون فإن مبدأ مشروعية السلطة الذي تقوم علية الدولة كفيل برده على أعقابه ، كما يضمن القضاء الطبيعي حرية الدفاع بتمكين المتهمين من استعمال الوسائل التي يقصدها إثبات دفاعهم وهي الضمانة العامة من ضمانات العدالة التي لا تتحقق إلا بتمكين الخصوم من الدفاع عن أنفسهم و تقييد الأدلة.

إن ضرورات التقييم العادل والمتوازن للسلطة في الدولة القانونية الحديثة يقضي أن تنفرد السلطة القضائية دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات . و إذا كانت هناك ضروريات لتشكيل محكمة خاصة لتفصل في بعض المنازعات التي يمكن انتزاعها من اختصاص المحاكم العادية فأن هذه المحكمة يجب أن تكون خاضعة للسلطة القضائية ومن ضمن تشكيلاتها ما يتمتع به قضاة المحاكم النظامية من حيدة و استقلال وتخضع أحكامها للطعن أمام المحكمة الأعلى .

ومن التطبيقات القضائية لحالة الاختصاص المزدوج الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في مصر في الدعوى رقم 763 لسنة 47 ق بجلسة 8 ديسمبر 1992 طعنا على قرار رئيس الجمهورية رقم 375 لسنة 1992 بوقف إحالة المتهمين في القضيتين السابقتين للمحاكمة أمام القضاء العسكري.

وردا علي هذا الحكم قامت الحكومة يرفع الدعوى رقم 515 لسنة 36 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا وطلبت إلغاء الحكم السابق وأصدرت المحكمة الإدارية العليا في 23/5/1993 حكما بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري .

كما تقدمت الحكومة إلي المحكمة الدستورية العليا بطلب تفسير نص المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية التي تجيز لرئيس الجمهورية إحالة أي من الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وذلك لان أساس الخلاف بين حكمي (محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا) هو حول تفسير عبارة (أي من الجرائم) حيث ذهبت محكمة القضاء الإداري إلي أن المقصود بكلمة الجرائم – هي التي حددها المشرع بنوعها تحديداً مجرداً وليس تلك التي عينت بعد ارتكابها.

بينما ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلي أن كلمة الجرائم يتسع مدلولها ليشمل كل جريمة معاقب عليها قانونا سواء كانت محددة بنوعها تحديداً مجرداً أو كانت معينة بذاتها بعد ارتكابها .

وانتهت المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير إلي أن عبارة أي من الجرائم الواردة بنص المادة (6) من قانون الأحكام العسكرية تشمل الجرائم المحددة بذاتها بنوعها مما حدا بلجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجلستها المنعقدة في 19يوليو 1993 أن تعرب عن قلقها من الدور الذي يلعبه رئيس الجمهورية إذ يظهر تارة على انه على راس السلطة التنفيذية حين يبدو في أحيان أخرى جزءا من النظام القضائي وتم الرد على ذلك بان هذا الدور يقتصر في حالات الالتماس على تخفيض العقوبة.

ولاشك أن مثل هذه المحاكم لا يمكن أن تكون شرعية لأنها لا تستهدف تحقيق العدالة لان المحاكم الدائمة المعينة سلفا لمكافحة كافة الجرائم في جميع الظروف لا المؤقتة " .([13])

ثالثا : عدم مشروعية خضوع الأحداث للقضاء العسكري :

نصت المادة 8 مكرر من قانون الأحكام العسكرية على انه:

" يختص القضاء العسكري بالفصل في الجرائم التي تقع من الأحداث الخاضعين لأحكام هذا القانون . وكذلك الجرائم التي تقع من الأحداث الذين تسرى في شأنهم أحكامه إذا وقعت الجريمة مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكام هذا القانون ، وذلك كله استثناء من أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث .

ويطبق على الحدث عند ارتكابه إحدى الجرائم ، أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 المشار إليه عدا المواد 25 ، 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 38 ، 40 ، 52 منه .

ويكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لكل من النيابة العامة والمراقب الإجتماعى المنصوص عليها في قانون الأحداث .

ويصدر وزير الدفاع بالاتفاق مع وزيري الداخلية والشئون الاجتماعية ، القرارات اللازمة لتنفيذ التدابير التي يحكم بها في مواجهة الحدث" .

وبهذا "يختص القضاء العسكري بالفصل في الجرائم التي تقع من الأحداث الخاضعين لأحكام هذا القانون ، وكذلك الجرائم التي تقع من الأحداث الذي تسرى في شأنهم أحكامه ، إذا وقعت الجريمة مع واحد أو أكثر من الخاضعين لأحكام هذا القانون ، وذلك كله استثناءا من أحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 ، ويطبق على الحدث عند ارتكابه إحدى الجرائم ، أحكام القانون المشار إليه عدا المواد 25 ، 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 38 ، 40 ، 52 منه ،.....

وهى النصوص المختصة بتشكيل محكمة الأحداث ، وأحوال الطعن في الأحكام التي تصدرها ، و الأحكام الانتقالية الخاصة بإحالة الدعوى إلى محكمة الأحداث ". ([14])

هذا وقد نصت المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل على انه :

" . تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل يدعي أنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك أو يثبت عليه ذلك في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره، وتعزز احترام الطفل لما للآخرين من حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتراعي سن الطفل واستصواب تشجيع إعادة اندماج الطفل وقيامه بدور بناء في المجتمع.
2. وتحقيقا لذلك، ومع مراعاة أحكام الصكوك الدولية ذات الصلة، تكفل الدول الأطراف، بوجه خاص، ما يلي:
(أ) عدم ادعاء انتهاك الطفل لقانون العقوبات أو اتهامه بذلك أو إثبات ذلك عليه بسبب أفعال أو أوجه قصور لم تكن محظورة بموجب القانون الوطني أو الدولي عند ارتكابها،
(ب) يكون لكل طفل يدعي بأنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك الضمانات التالية على الأقل:

1- افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقا للقانون،
2- إخطاره فورا ومباشرة بالتهم الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونيين عليه عند الاقتضاء، والحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه،

3- قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفقا للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى وبحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه، ما لم يعتبر أن ذلك في غير مصلحة الطفل الفضلى، ولاسيما إذا أخذ في الحسبان سنه أو حالته.
4- عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب، واستجواب أو تأمين استجواب الشهود المناهضين وكفالة اشتراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة.
5-إذا اعتبر أنه انتهك قانون العقوبات، تأمين قيام سلطة مختصة أو هيئة قضائية مستقلة ونزيهة أعلى وفقا للقانون بإعادة النظر في هذا القرار وفى أية تدابير مفروضة تبعا لذلك،
6 -الحصول على مساعدة مترجم شفوي مجانا إذا تعذر على الطفل فهم اللغة المستعملة أو النطق بها،
7 -تأمين احترام حياته الخاصة تماما أثناء جميع مراحل الدعوى.
3. تسعى الدول الأطراف لتعزيز إقامة قوانين وإجراءات وسلطات ومؤسسات منطبقة خصيصا على الأطفال الذين يدعى أنهم انتهكوا قانون العقوبات أو يتهمون بذلك أو يثبت عليهم ذلك، وخاصة القيام بما يلي:
(أ) تحديد سن دنيا يفترض دونها أن الأطفال ليس لديهم الأهلية لانتهاك قانون العقوبات،
(ب) استصواب اتخاذ تدابير عند الاقتضاء لمعاملة هؤلاء الأطفال دون اللجوء إلى إجراءات قضائية، شريطة أن تحترم حقوق الإنسان والضمانات القانونية احترام كاملا.
4. تتاح ترتيبات مختلفة، مثل أوامر الرعاية والإرشاد والإشراف، والمشورة، والاختبار، والحضانة، وبرامج التعليم والتدريب المهني وغيرها من بدائل الرعاية المؤسسية، لضمان معاملة الأطفال بطريقة تلائم رفاههم وتتناسب مع ظروفهم وجرمهم على السواء ".

هذا وإذا كانت المادة الثامنة مكرر تجاوزت كل ما أقرته نصوص اتفاقية حماية الطفل بشأن المتهمين الجنائيين من الأحداث ، فأنها أيضا تعد تراجعا غير مبرر من قبل المشرع المصري الذي أصدر القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث والذي خص فيه تلك الفئة العمرية بقوانين خاصة وقواعد تتناسب مع مدى إدراكهم لما يرتكبونه من جرائم وعنى فيه بتوفير التدابير اللازمة لإعادة تأهيل الحدث الأمر الذي يعد أساس السياسة العقابية التي تتبع مع تلك الفئة العمرية ، لهذا كان من غير الطبيعي أن يجيز قانون الأحكام العسكرية إخضاع أطفالا لقانون لا تتوافر فيه سوى القليل من ضمانات المحاكمة العادلة للبالغين ، فكيف الأمر مع الحدث؟ وإذ كان يمكن تفسير نص القانون على إخضاع المدنيين للمحاكمات العسكرية وفقا للمنظور السياسي التي تسعى من خلاله السلطة التنفيذية للسيطرة على مقاليد الأمور ، فما هو الغرض التشريعي من هذا الاستثناء الذي نص عليه المشرع بتلك المادة ؟؟؟؟

و لا يعد يصلح أمر الحفاظ على الأسرار العسكرية مبررا سائغا لإهدار كافة الضمانات التي نصت عليها اتفاقية حماية الطفل في ظل توقيع مصر عليها ، والا كان للمشرع المصري أن يوفق أوضاعه التشريعية بما يتلاءم مع ما ورد ببنود تلك الاتفاقية .

لكل ذلك فانه إذا كان إحالة الأحداث للقضاء العسكري يعد أمرا شرعيا بموجب ما جاء بنص المادة الثامنة مكرر من قانون الأحكام العسكرية ، إلا انه في أساسه غير مشروع طبقا لما جاء باتفاقية حماية الطفل التي وقعت عليها مصر وصار لزاما عليها أعمال بنودها .

الخاتمة

إن الإصلاح القضائي هو البوابة الفعلية للإصلاح السياسي و المدخل للوصول لدولة القانون . مناط ذلك الاحترام الحقيقي للمؤسسة القضائية . تلك هي الدولة الديمقراطية التي تعنى حقيقة بصون الحقوق والحريات في المقام الأول ، فدعاوى الإصلاح التي يخلو مضمونها فعليا من احترام تلك المبادئ لا سبيل لها لإصلاح حقيقي .

إلا أن ذلك لا يعنى إدخال القضاء في المسألة السياسية فوفقا لمقولة المحامى مكرم عبيد باشا عقب ثورة 23 يوليو " أن السياسة و العدالة ضدان لا يجتمعان ، وإذا اجتمعا لا يتمازجان ، والواقع أنهما مختلفان في الطبيعة و الغرض ، فالعدالة من روح الله و السياسة من صنع الإنسان ، والعدالة تزن الأمور بالقسطاس بينما السياسة توازن بين شتى الاعتبارات ، وكذلك يختلف منها ، فالعدالة تتطلب حقا و السياسة تبتغى مصلحة سواء أكانت تلك المصلحة حقا أم باطلا ، غير أن اخطر ما في السياسة أنها ترى من حسن السياسة أن تخلع على المصلحة رداء تلبسه دوما ، وان تخدع الناس في ظلم الساعة فتصوره عدلا لزاما".

ولهذا فان السلطة القضائية الجديرة بدعم مشروع الدولة الديمقراطية يجب أن تكون بمنأى عن الدخول في عملية الممارسة السياسية اللهم إن كان وجودها يأتي على خلفية الرقيب لها بالكيفية التي تشكل اتساقا مع دورها الأساسي في حماية الحقوق و الحريات ، و هنا يقع العبء على المشرع الوطني الواعي المنوط به ترسيخ مبادئ الشرعية القانونية التي تعنى بصون استقلالية تلك المؤسسة وحماية ولاياتها من الاستلاب عليها .

وإذا حاولنا استقراء مسارات السياسة التشريعية المصرية الحالية لتحديد مدى اتساقها مع الشرعية القانونية و احترامها لمبدأ الفصل بين السلطات و استقلال السلطة القضائية نجد أن موقعها يأتي في أقصى اليسار من تكريسها لتلك المبادئ. فقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة رقم 1966 بتنظيمه الحالي احد الصور المعبرة عن ذلك . فهو يعد صورة مجسدة لأحد تلك القوانين التي تنال من كافة الضمانات التي كفلها الدستور و المواثيق الدولية .

فبدائه كان من المفترض أن يخاطب هذا القانون الخاص فئة بعينها وهم العسكريين فعليا أو حكما وهو الغرض من تشريعه و المبرر من استحداثه أحكاما تشكل استثناءا و خروجا عن قواعد الفقه الجنائي وهو الأمر الذي كان يتوجب معه على المشرع تضييق فئة الخاضعين لإحكامه و اقتصارها على المعنيين فعليا بمبرر تشريعه ، لان اختصاص القضاء العسكري بما فيه من إقصاء لولاية القضاء العادي يجب إلا يكون إلا في أضيق الحدود ، إلا أن تشريع الأحكام العسكرية الحالي خرج عن عباءة الشرعية القانونية وخول المحاكم العسكرية اختصاصات موسعة فاخضع المدنيين و الأحداث له .

إلا انه من الجدير بالذكر أن تخويل القاضي العسكري الاختصاص بقضايا المدنيين لا يتأتى بموجب قانون- وان كان مصدر شرعيته القانون وذلك وفق ما نصت عليه المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية – ولكنه يأتي بموجب قرار سياسيا خول من خلاله لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري .

ومن هنا تتحدد إحدى ملامح الأزمة الحقيقية في هذا القانون وهو تحديد الاختصاصات القضائية بموجب قرارات سياسية ،ليصبح مناط تجريم الخاضعين لأحكام هذا القانون أمرا رهينا باستراتيجيات السلطة التنفيذية وهواها فهي من يحدد الجرم والقاضي وربما العقوبة، مما يعد تكريسا لنفاذ الأمر السياسي على حساب ولاية القضاء الطبيعي.

كما أن قانون الأحكام العسكرية قد جاء بصياغة اقل ما يقال عنها أنها رديئة ، فنصوصه يشوبها وصمة عدم الوضوح والإبهام وهو عيب من الخطورة بمكان خاصة مع ما خول للقاضي العسكري من صلاحيات واسعة في تكييف الوقائع وإنزال العقوبة إلى حد القضاء بعقوبة الإعدام ، مما يشكل انتهاكا صارخا لمبدأ عمومية وتجريد القاعدة القانونية بالإضافة إلى ما نص عليه الدستور المصري الحالي في المادة 66 :" العقوبة شخصية. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ..".

هذا وقد كرس قانون الأحكام العسكرية الحالي مبدأ عدم المساواة بين الخاضعين له من العسكريين و المدنيين من ناحية و المدنيين الخاضعين لأحكامه و الخاضعين للقضاء العادي من ناحية أخرى ، بما يشكل افتئاتا على الحقوق و الضمانات المقررة للمدنيين الماثلين أمام جهة القضاء العسكري ، مثل حقهم في محاكمة عادلة أمام قضاءا مستقل ومحايد لاسيما وان القاضي العسكري يخول مهمة القضاء بموجب قرار إداري صادر من وزير الحربية بناء على اقتراح مدير القضاة العسكريين، و دون أن يتطلب القانون أية شروط تضمن حيدة ونزاهة من سيتقلد منصب القضاء العسكري ودون كونه قانونيا أو خضوعه لثمة برامج لتأهيله حتى يصبح له القدرة على ممارسة مهام القضاء .

و الباحث في المسألة التاريخية يجد أن قانون الأحكام العسكرية الصادر في عام 1966 جاء على خلفية أحداث ذات ملابسات جعلت من أمر صياغته بمثل هذا التوجه مبررا ، خاصة وان ميراث المحاكم العسكرية جاء تأثرا بقوانين المحتل الأجنبي في مصر ، إلا أن أمر سريانه حتى هذا التاريخ هو المستغرب . فقانون يجافى كافة معايير المحاكة العادلة ، و يميز بين الخاضعين له ، ولا يقبل الطعن بأحكامه ، ويقبل خضوع الأحداث لنصوصه ، كيف يقبل المشرع المصري الإبقاء عليه دون اقتراح تعديله بما يتفق مع ما وقعت عليه مصر من اتفاقيات تكفل حق المحاكة العادلة لكل مواطن ولو كان من أفراد القوات المسلحة و هو ما لا يقدمه القانون لهم ؟؟؟

و لهذا فان قانون الأحكام العسكرية بتنظيمه الحالي يعكس حقيقة المناخ السياسي السائد و التي تكرس فيه صلاحيات السلطة التنفيذية المتعاظمة على حساب استقلالية السلطة القضائية ، وهو أمرا جد خطير يجب على المشرع تداركه ، خاصة وان الصلاحيات العقابية الممنوحة للقاضي العسكري تصل إلى حد إصدار أحكاما تقضى بعقوبة الإعدام بموجب سلطة تخوله أن يكون مشرعا على كرسي القضاء ، الأمر الذي ينال من شرعية أحكام هذا القانون و يجعلها وصمة في جبين القضاء المصري.

[1] د/ قدري عبد الفتاح الشهاوى – موسوعة تشريعات القضاء العسكري – ص 37، 38
[2] د/ عزت مصطفى الدسوقي – شرح قانون الأحكام العسكرية - ص 546 ، 547
[3] مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا – السنة 34 – رقم 61 – ص 397
[4] د/ قدري عبد الفتاح الشهاوى- مرجع سابق- ص 45
[5] قدري عبد الفتاح الشهاوى- مرجع سابق- ص 47 ، 48
[6] -د/ عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق – ص 53
[7] -د/ عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق - ص 55 ، 56
[8]د/عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق ص 90
[9] د/عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق ص 98 ، 99 ،100
[10] د/عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق ص 103
[11] د/عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق ص 551 ، 552
[12] - د احمد محمد محمد عبد الوهاب – الجريمة السياسية- رسالة للحصول على الدكتوراه – ص 268
[13] -تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بعنوان اثر قانون الطوارئ على حالة حقوق الإنسان في مصر – الصادر في 25/2/2007
[14] - د/عزت مصطفى الدسوقي – مرجع سابق ص 39
التقرير نقلاً عن :
مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

2 التعليقات :

  1. Anonymous said...
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    استاذي الفاضل,,,شكرا جزيلا علي المجهود الرائع
    ولكني لا اسأل بل اتسائل
    ما هي اخر التعديلات التي طرأت علي قانون الحكام العسكريه بشأن المواد من 111 الي 112 الخاصه بالتماس اعاده النظر
    وماذا ايضا عن المحكمه العليا للطعون العسكريه وكيفيه واجراءات المثول امامها وشكرا..
    Anonymous said...
    عفوا بخصوص تساؤلي ارجو الرد علي البريد الالكتروني الخاص بي

    midozxx@yahoo.com


    احمد فكري
    محامي

أضف تعليقك