كتب- أحمد عبد الفتاح
لإخوان أون لاين
لا تختلف جلسات المحكمة العسكرية التي يمثل أمامها ظلمًا وعدوانًا أربعون من الأبرياء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين عن بعضها كثيرًا إلا في تفاصيل صغيرة للغاية فكما يعلق دومًا أهالي قيادات الإخوان المسلمين الأربعين المحالين للمحكمة العسكرية في القضية العسكرية رقم 2 لعام 2007 أن الجلسات كلها تتشابه فهي مسرحية هزلية طويلة ومملة ونهايتها معروفة قبل أن تبدأ أصلاً، وكان هذا هو الحال اليوم في الجلسة التي حملت الرقم 9 بين جلسات المحكمة إلا أنها لم تخلُ في نفس الوقت من بعض المفاجآت.
جلسة اليوم والتي بدأت في الحادية عشرة والنصف تقريبًا كان من المقرر فيها سماع شهادة 13 ضابطَ أمن دولة ممن شاركوا في عمليات الضبط والإحضار وتفتيش منازل وشركات قيادات الجماعة الأربعين المحالين للمحكمة العسكرية، وبالفعل وقبل بدء الجلسة ومع توافد أهالي المعتقلين إلى القاعة كان توافد الضباط الثلاثة عشر بالإضافة إلى المقدم عاطف الحسيني شاهد الإثبات الرئيسي في القضية، ومحرر محضر التحريات.
وفي بداية الجلسة طلب المحامي كامل مندور عضو لجنة الدفاع عن قيادات الإخوان من هيئة المحكمة ثلاثة طلبات الأول بخصوص وجود بعض الشيكات ضمن الأحراز واجبة الصرف وإن لم يتم صرفها ستضيع قيمتها، وطلب مندور من المحكمة تشكيل لجنة لصرف الشيكات ووضع قيمها في صورة حرز فإن تمت إدانة المتهمين انتقلت قيم الشيكات للحكومة وإلا رجعت قيمها للمتهمين مرة أخرى.
أما طلبه الثاني فكان بالسماح لهيئة الدفاع بالحصول على صورة ضوئية من أوراق الشق المالي للقضية حيث لم تسمح هيئة المحكمة للدفاع بتصوير هذه الأوراق قبل ذلك وسمحت لهم فقط بالاطلاع عليها.
أما الطلب الثالث فكان بخصوص حسن زلط أحد المتهمين في القضية، والذي تدهورت حالته الصحية بشدة خلال الأيام الماضية، وهو ما استلزم القيام بعملية قلب مفتوح له في نفس الوقت الذي تعنتت فيه المستشفى التي يحتجز بها في إجراء العملية بحجة عدم توفر النقود اللازمة لإجرائها، وطلب الدفاع من المحكمة إما سرعة إجراء العملية لزلط أو السماح بالإفراج الصحي عنه حتى يتسنى لأهله علاجه على نفقتهم الخاصة، وبخصوص هذا الأمر أصدر رئيس الجلسة أمرًا إلى النيابة العسكرية بسرعة تحري أمر الحالة الصحية لزلط وموافاة المحكمة بتقرير شامل عن حالته الصحية خلال 48 ساعة من تاريخه.
وعقب انتهاء مندور من طلباته نادى القاضي على الشهود الثلاثة عشر فأعلنوا حضورهم جميعًا وتغيب عن الحضور المقدم عاطف الحسيني بالرغم من وجوده بمبنى المحكمة منذ الساعة العاشرة ونصف صباحًا أي قبل بدء الجلسة بساعه تقريبًا وهو ما اضطر القاضي إلى رفع الجلسة إلى حين العثور على الحسيني ومثوله أمام هيئة المحكمة، وبالفعل تم العثور عليه داخل مبنى المحكمة في إحدى الغرف المخصصة لانتظار ضباط أمن الدولة الشهود بالقضية ولم يبد بدوره أي سبب لتأخره، وأمر القاضي عقب ذلك بخروج الشهود الثلاثة عشر من قاعة المحكمة وبقاء الشاهد الأول فقط الرائد هشام توفيق والإبقاء على عاطف الحسيني داخل قاعة المحكمة حتى لا يؤثر على الشهود الآخرين.
وبعد أن بدأ الشاهد الأول هشام توفيق في شهادته بدقائق قليلة لاحظ بعض الأهالي تسلل أحد الشهود الثلاثة عشر وهو النقيب أحمد شاش إلى داخل قاعة المحكمة بعد أن قام بخلع رابطة عنقه وجاكت بدلته حتى لا يظهر بين الحضور بشكل لافت وعندما أخبر الأهالي رئيس الجلسة بهذا الأمر أمر بالإبقاء على النقيب هشام توفيق داخل القاعة وعدم خروجه لأي سبب وإغلاق أبواب القاعة وعدم دخول أو خروج أحد من القاعة إلا بإذنه وبالرغم من كل هذا استطاع النقيب هشام التسلل إلى خارج القاعة بحجة الذهاب لدورة المياه، وعندما أعلن أهالي المعتقلين نبأ اختفائه من قاعة المحكمة أمر القاضي بسرعة إحضاره داخل القاعة وقام بتوبيخه بشدة وأمره بالجلوس وعدم الحركة لأي سبب كان.
واستمعت اليوم هيئة المحكمة إلى شهادة ستة ضباط من أصل ثلاثة عشر كان يفترض سماع شهادتهم اليوم ومن حيث المضمون تطابقت إجابات الضباط الستة في نقاط كثيرة وجوهرية حيث أجمعوا على أنهم تلقوا أوامر القبض أو التفتيش من المقدم عاطف الحسيني مباشرةً بالتليفون وأنه أعقب ذلك بفاكس به صورة من إذن النيابة الخاص بالضبط أو التفتيش كما أجمعوا على أنهم لا يتذكرون شيئًا من الفاكسات التي وصلت إليهم وأنهم كانت أوامرهم التي نفذوها نابعة من الأوامر التليفونية فقط؛ حيث كشفت هيئة الدفاع في هذا الخصوص مخالفات جسيمة حيث تم تفتيش شركات لم يرد أمر بتفتيشها وتحريز ممتلكات لم يرد أمر بتحريزها، وأرجع الضباط هذا إلى أوامر عاطف الحسيني التليفونية، كما أجمع الضباط الستة أنهم لا يعرفون شيئًا إطلاقا عن الإخوان وأن كل معلوماتهم عن الإخوان مستقاة من وسائل الإعلام والتي لا تزيد بأي حال من الأحوال عن معلومات رجل الشارع العادي على حد قولهم.
أما ثالث النقاط والتي اتفقت فيها إجابات الضباط الستة فهي الإجابة على أكثر من 80% من الأسئلة التي وجهت إليهم بإجابة واحدة وهي "لا أتذكر" أو "ارجعوا لمحضر الضبط"، مما أعاد إلى الأذهان الجلسات الأربع الماضية والتي خصصت لسماع عاطف الحسيني والتي كان يغلب عليها إجاباته المعروفة من قبيل "لا أتذكر" أو "ارجعوا لمحضر التحريات" أو "كما ورد بمحضر التحريات".
أما الخرق الأكبر والذي أجمع في ارتكابه الضباط الستة وهو القيام بتحريز المضبوطات التي ضبطت في منازل وشركات المتهمين في مكاتبهم الخاصة دون وجود أي أحد حتى المتهمين وهو ما يتيح مجالاً كبيرًا للتلاعب بالأحراز وهو ما يعتبر في نفس الوقت مخالفةً صريحةً للقانون حيث ينص القانون على وجوب وجود المتهم أو أحد ذويه أثناء جرد وتحريز المضبوطات.
مسلسل الخروقات من جانب الضباط الستة كان طويلاً للغاية وامتد ليصل إلى جرائم في حق المتهمين الأربعين فعلى سبيل المثال لا الحصر أثبتت مناقشة الدفاع مع الشاهد الأول الرائد هشام توفيق أن الرائد قام بتحريز المحرزات دون أن يكون له أدنى علم بالتهمة الموجهة للمتهمين خيرت الشاطر وحسن مالك اللذين أمر بضبطهما وهو ما جعل الدفاع يتساءل وعلى أي أساس كان التحريز؟ ولماذا مثلاً لم تحرز الكراسي والمناضد؟!
أما المخالفة الثانية لنفس الضابط فكانت مصادرة أموال دون وجود إذن النيابة بمصادرة أموال أصلاً بل كان الإذن بتحريز محررات خاصة بجماعة الإخوان المسلمين، أما أحد أغرب المفارقات والتي استطاع الدفاع ضبطها على الشاهد الأول فهي إقراره بأنه لا يعرف عن الإخوان المسلمين شيئًا وأنه لا يتعاطى مع الإخوان داخل جهاز مباحث أمن الدولة، وقال بالنص: "أنا لا أعرف شيئًا عن الجماعة" في نفس الوقت الذي ادعى فيه أنه قام بتحريز مضبوطات بها فكر الجماعة!.
أما بخصوص اختفاء مجوهرات وعملات نقدية قيمتها تتجاوز المليون جنيه من خزينة حسن مالك والذي قام نفس الضابط بتحريزها قال هشام توفيق إنه اصطحب الخزينة بعد أن رأى ما بداخلها من مجوهرات ونقدية وأغلقها داخل منزل حسن مالك ودون أن يجرد ما بداخلها أو يدونه وقام بتحريزها كقطعة واحدة عبارة عن خزينة مغلقة مع إهمال إثبات ما بها من أموال ومجوهرات، ورأى الدفاع أن هذا أتاح المجال لسرقة الخزينة بعد ذلك من جانب ضباط الداخلية.
وفي سياق متصل فجر الشاهد مفاجأة من العيار الثقيل وصفها بعض أعضاء هيئة الدفاع أنها كفيلة بهدم القضية من أساسها؛ حيث أكد أن جهاز مباحث أمن الدولة لا يوجد به مخزن مضبوطات وأحراز وأنه تم تسليم وتسلم الأحراز دون ايصالات تسليم وتسلم ودون حتى ورقة واحدة تثبت هذا التسليم!
أقوال الشاهد الأول هشام توفيق ناقضت ولحد بعيد للغاية أقواله الأولى التي أدلى بها أمام النيابة العسكرية من مناحٍ كثيرةٍ وهو ما دفع حسن مالك إلى الطلب من هيئة المحكمة إرفاق محضر النيابة العسكرية إلى محضر جلسة اليوم ومضاهاتهما بعضهما ببعض.
أما الشاهد الثاني الرائد بسام أحمد فبعد مناقشته لأقل من ربع ساعة من جانب الدفاع طلب ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع من المحكمة التحفظ عليه وإحالته إلى النيابة بتهمة تفتيش مصنع دون إذن من النيابة حيث إنه قام بتفتيش مصنع مالك للمنسوجات بتاريخ 24/12/2006م دون إذن من النيابة، وارجع السبب في فعلته تلك إلى أوامر شفهية تلقاها بالهاتف من المقدم عاطف الحسيني، وكان رد القاضي على هذا الأمر أنه سينظر فيه، وأمر بالانتقال للسؤال التالي، وعند سؤاله حول سبب تحريزه لكتيب المأثورات للإمام الشهيد حسن البنا أكد أنه من المحررات التنظيمية للجماعة!
أما الشاهد الثالث وهو النقيب خالد محمود، الذي كان مكلفًا بتفتيش شركة فيرجينا فكان في غاية التردد والارتباك وتراجع عن أقواله مرات كثيرة واعترف أنه حرَّز كتابي "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" وكتاب "الزهد" للإمام أحمد بن حنبل كمحررات تنظيمية، ليباغته الدفاع بسؤال بديهي وهو ما علاقة أحمد بن حنبل بالإخوان؟!
أما المخالفة الأكبر فكانت ما قام به حين قال إنه حرر محضر الضبط ثم قام ضابط من قسم الشرطة بعمل محضر التشميع للشركة بالرغم من أن محضر التشميع كان في تمام الرابعة ومحضر الضبط في الخامسة والنصف.
الشاهد الرابع وهو النقيب محمد أشرف فقد دانت القاعة بكاملها له بالضحك لأنه استطاع ولأول مرة ومنذ بدء جلسات المحكمة العسكرية أن يضحك جميع من بالقاعة وعلى حد سواء بدايةً من القاضي وهيئة المحكمة وأهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم ومرورًا بضباط الحراسة والجنود وانتهاءً بزملائه من جهاز مباحث أمن الدولة حيث لم يستطيعوا كتمان ضحكاتهم عند إجابته عن سؤالهم الأول ما هو طبيعة التكليف الذي وجه إليك في هذه الواقعة فجاءت إجابته بصورة تلقائية لا أتذكر.
أما التناقض الأكبر في أقوال الشاهد فكانت عندما أجمع مثل زملائه أنه تلقى الأوامر بالهاتف والفاكس من عاطف الحسيني على الرغم من أنه قال في محضر النيابة العسكرية إنه تلقى الأوامر شخصيًّا من عاطف الحسيني وأنه قابله حين أعطاه الأمر وعندما تمت محاصرة الشاهد في تلك النقطة أجاب كالمعتاد: لا أتذكر.
الشاهد الخامس المقدم أحمد شاش لم يأت بجديد وأجمع على نفس ما سبقه إليه زملاؤه مع مبالغته أكثر من أي منهم في قوله لا أتذكر حين إجابته على أغلب الأسئلة.
وكانت أكبر مفاجآت الجلسة مع الشاهد الأخير خالد الألفي والذي كان مكلفًا بالقبض على محمد مهني حسن وتفتيش شركة دار الطباعة والنشر فبعد أن قام ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع بتضييق الخناق عليه في نقطة القبض على محمد مهني حيث لم يعرف الشاهد سوى المحافظة التي يقيم فيها، اتهم الحافي الشاهد صراحةً بالتزوير في محرر رسمي وطالب المحكمة بالقبض عليه وإحالته للنيابة حيث أخرج الحافي صورة محضرين الأول الخاص بضبط محمد مهني والثاني الخاص بتفتيش دار الطباعة حيث لوحظ اختلاف تام في الخط والتوقيع.
وعند هذا الحد والذي لوحظ فيه أنه تم حصار الشهود لأبعد حد قرر القاضي وبصورة مفاجئة وبعد طلب الحافي مباشرةً بالتحفظ على الألفي وتأجيل الجلسة إلى جلسة 4/9 وطلب 14 ضابط أمن دولة للشهادة أمام المحكمة ولم يعرف مصير طلبات هيئة الدفاع بخصوص التحفظ والتحقيق مع بعض الشهود.
وفي تصريح خاص له لـ"إخوان أون لاين" علق المهندس خيرت الشاطر على ما دار اليوم بالجلسة وعلى شهادة الشهود بقوله هؤلاء ليسوا شهودًا هم خصوم فهم ينتمون لجهاز مباحث أمن الدولة الذي لفق لنا القضية.
وتساءل كيف يكونون شهودًا وهم أجابوا على 80% من الأسئلة بإجابة واحدة وهي "لا أعرف" أما الـ20% الباقية فهي إجابات تنسف القضية من الأصل وتتناقض لأبعد الحدود مع أقوالهم في محاضر النيابة أو محاضر الضبط التي حرروها بخط أيديهم؟.
وأكد الشاطر أن للقضية جوانب ثلاثة هي الأحراز والشهود والتقرير المالي، وأن بعد ما شاهدناه اليوم ثبت بالدليل القاطع أن جوانب القضية كلها قد انهارت.
لإخوان أون لاين
لا تختلف جلسات المحكمة العسكرية التي يمثل أمامها ظلمًا وعدوانًا أربعون من الأبرياء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين عن بعضها كثيرًا إلا في تفاصيل صغيرة للغاية فكما يعلق دومًا أهالي قيادات الإخوان المسلمين الأربعين المحالين للمحكمة العسكرية في القضية العسكرية رقم 2 لعام 2007 أن الجلسات كلها تتشابه فهي مسرحية هزلية طويلة ومملة ونهايتها معروفة قبل أن تبدأ أصلاً، وكان هذا هو الحال اليوم في الجلسة التي حملت الرقم 9 بين جلسات المحكمة إلا أنها لم تخلُ في نفس الوقت من بعض المفاجآت.
جلسة اليوم والتي بدأت في الحادية عشرة والنصف تقريبًا كان من المقرر فيها سماع شهادة 13 ضابطَ أمن دولة ممن شاركوا في عمليات الضبط والإحضار وتفتيش منازل وشركات قيادات الجماعة الأربعين المحالين للمحكمة العسكرية، وبالفعل وقبل بدء الجلسة ومع توافد أهالي المعتقلين إلى القاعة كان توافد الضباط الثلاثة عشر بالإضافة إلى المقدم عاطف الحسيني شاهد الإثبات الرئيسي في القضية، ومحرر محضر التحريات.
وفي بداية الجلسة طلب المحامي كامل مندور عضو لجنة الدفاع عن قيادات الإخوان من هيئة المحكمة ثلاثة طلبات الأول بخصوص وجود بعض الشيكات ضمن الأحراز واجبة الصرف وإن لم يتم صرفها ستضيع قيمتها، وطلب مندور من المحكمة تشكيل لجنة لصرف الشيكات ووضع قيمها في صورة حرز فإن تمت إدانة المتهمين انتقلت قيم الشيكات للحكومة وإلا رجعت قيمها للمتهمين مرة أخرى.
أما طلبه الثاني فكان بالسماح لهيئة الدفاع بالحصول على صورة ضوئية من أوراق الشق المالي للقضية حيث لم تسمح هيئة المحكمة للدفاع بتصوير هذه الأوراق قبل ذلك وسمحت لهم فقط بالاطلاع عليها.
أما الطلب الثالث فكان بخصوص حسن زلط أحد المتهمين في القضية، والذي تدهورت حالته الصحية بشدة خلال الأيام الماضية، وهو ما استلزم القيام بعملية قلب مفتوح له في نفس الوقت الذي تعنتت فيه المستشفى التي يحتجز بها في إجراء العملية بحجة عدم توفر النقود اللازمة لإجرائها، وطلب الدفاع من المحكمة إما سرعة إجراء العملية لزلط أو السماح بالإفراج الصحي عنه حتى يتسنى لأهله علاجه على نفقتهم الخاصة، وبخصوص هذا الأمر أصدر رئيس الجلسة أمرًا إلى النيابة العسكرية بسرعة تحري أمر الحالة الصحية لزلط وموافاة المحكمة بتقرير شامل عن حالته الصحية خلال 48 ساعة من تاريخه.
وعقب انتهاء مندور من طلباته نادى القاضي على الشهود الثلاثة عشر فأعلنوا حضورهم جميعًا وتغيب عن الحضور المقدم عاطف الحسيني بالرغم من وجوده بمبنى المحكمة منذ الساعة العاشرة ونصف صباحًا أي قبل بدء الجلسة بساعه تقريبًا وهو ما اضطر القاضي إلى رفع الجلسة إلى حين العثور على الحسيني ومثوله أمام هيئة المحكمة، وبالفعل تم العثور عليه داخل مبنى المحكمة في إحدى الغرف المخصصة لانتظار ضباط أمن الدولة الشهود بالقضية ولم يبد بدوره أي سبب لتأخره، وأمر القاضي عقب ذلك بخروج الشهود الثلاثة عشر من قاعة المحكمة وبقاء الشاهد الأول فقط الرائد هشام توفيق والإبقاء على عاطف الحسيني داخل قاعة المحكمة حتى لا يؤثر على الشهود الآخرين.
وبعد أن بدأ الشاهد الأول هشام توفيق في شهادته بدقائق قليلة لاحظ بعض الأهالي تسلل أحد الشهود الثلاثة عشر وهو النقيب أحمد شاش إلى داخل قاعة المحكمة بعد أن قام بخلع رابطة عنقه وجاكت بدلته حتى لا يظهر بين الحضور بشكل لافت وعندما أخبر الأهالي رئيس الجلسة بهذا الأمر أمر بالإبقاء على النقيب هشام توفيق داخل القاعة وعدم خروجه لأي سبب وإغلاق أبواب القاعة وعدم دخول أو خروج أحد من القاعة إلا بإذنه وبالرغم من كل هذا استطاع النقيب هشام التسلل إلى خارج القاعة بحجة الذهاب لدورة المياه، وعندما أعلن أهالي المعتقلين نبأ اختفائه من قاعة المحكمة أمر القاضي بسرعة إحضاره داخل القاعة وقام بتوبيخه بشدة وأمره بالجلوس وعدم الحركة لأي سبب كان.
واستمعت اليوم هيئة المحكمة إلى شهادة ستة ضباط من أصل ثلاثة عشر كان يفترض سماع شهادتهم اليوم ومن حيث المضمون تطابقت إجابات الضباط الستة في نقاط كثيرة وجوهرية حيث أجمعوا على أنهم تلقوا أوامر القبض أو التفتيش من المقدم عاطف الحسيني مباشرةً بالتليفون وأنه أعقب ذلك بفاكس به صورة من إذن النيابة الخاص بالضبط أو التفتيش كما أجمعوا على أنهم لا يتذكرون شيئًا من الفاكسات التي وصلت إليهم وأنهم كانت أوامرهم التي نفذوها نابعة من الأوامر التليفونية فقط؛ حيث كشفت هيئة الدفاع في هذا الخصوص مخالفات جسيمة حيث تم تفتيش شركات لم يرد أمر بتفتيشها وتحريز ممتلكات لم يرد أمر بتحريزها، وأرجع الضباط هذا إلى أوامر عاطف الحسيني التليفونية، كما أجمع الضباط الستة أنهم لا يعرفون شيئًا إطلاقا عن الإخوان وأن كل معلوماتهم عن الإخوان مستقاة من وسائل الإعلام والتي لا تزيد بأي حال من الأحوال عن معلومات رجل الشارع العادي على حد قولهم.
أما ثالث النقاط والتي اتفقت فيها إجابات الضباط الستة فهي الإجابة على أكثر من 80% من الأسئلة التي وجهت إليهم بإجابة واحدة وهي "لا أتذكر" أو "ارجعوا لمحضر الضبط"، مما أعاد إلى الأذهان الجلسات الأربع الماضية والتي خصصت لسماع عاطف الحسيني والتي كان يغلب عليها إجاباته المعروفة من قبيل "لا أتذكر" أو "ارجعوا لمحضر التحريات" أو "كما ورد بمحضر التحريات".
أما الخرق الأكبر والذي أجمع في ارتكابه الضباط الستة وهو القيام بتحريز المضبوطات التي ضبطت في منازل وشركات المتهمين في مكاتبهم الخاصة دون وجود أي أحد حتى المتهمين وهو ما يتيح مجالاً كبيرًا للتلاعب بالأحراز وهو ما يعتبر في نفس الوقت مخالفةً صريحةً للقانون حيث ينص القانون على وجوب وجود المتهم أو أحد ذويه أثناء جرد وتحريز المضبوطات.
مسلسل الخروقات من جانب الضباط الستة كان طويلاً للغاية وامتد ليصل إلى جرائم في حق المتهمين الأربعين فعلى سبيل المثال لا الحصر أثبتت مناقشة الدفاع مع الشاهد الأول الرائد هشام توفيق أن الرائد قام بتحريز المحرزات دون أن يكون له أدنى علم بالتهمة الموجهة للمتهمين خيرت الشاطر وحسن مالك اللذين أمر بضبطهما وهو ما جعل الدفاع يتساءل وعلى أي أساس كان التحريز؟ ولماذا مثلاً لم تحرز الكراسي والمناضد؟!
أما المخالفة الثانية لنفس الضابط فكانت مصادرة أموال دون وجود إذن النيابة بمصادرة أموال أصلاً بل كان الإذن بتحريز محررات خاصة بجماعة الإخوان المسلمين، أما أحد أغرب المفارقات والتي استطاع الدفاع ضبطها على الشاهد الأول فهي إقراره بأنه لا يعرف عن الإخوان المسلمين شيئًا وأنه لا يتعاطى مع الإخوان داخل جهاز مباحث أمن الدولة، وقال بالنص: "أنا لا أعرف شيئًا عن الجماعة" في نفس الوقت الذي ادعى فيه أنه قام بتحريز مضبوطات بها فكر الجماعة!.
أما بخصوص اختفاء مجوهرات وعملات نقدية قيمتها تتجاوز المليون جنيه من خزينة حسن مالك والذي قام نفس الضابط بتحريزها قال هشام توفيق إنه اصطحب الخزينة بعد أن رأى ما بداخلها من مجوهرات ونقدية وأغلقها داخل منزل حسن مالك ودون أن يجرد ما بداخلها أو يدونه وقام بتحريزها كقطعة واحدة عبارة عن خزينة مغلقة مع إهمال إثبات ما بها من أموال ومجوهرات، ورأى الدفاع أن هذا أتاح المجال لسرقة الخزينة بعد ذلك من جانب ضباط الداخلية.
وفي سياق متصل فجر الشاهد مفاجأة من العيار الثقيل وصفها بعض أعضاء هيئة الدفاع أنها كفيلة بهدم القضية من أساسها؛ حيث أكد أن جهاز مباحث أمن الدولة لا يوجد به مخزن مضبوطات وأحراز وأنه تم تسليم وتسلم الأحراز دون ايصالات تسليم وتسلم ودون حتى ورقة واحدة تثبت هذا التسليم!
أقوال الشاهد الأول هشام توفيق ناقضت ولحد بعيد للغاية أقواله الأولى التي أدلى بها أمام النيابة العسكرية من مناحٍ كثيرةٍ وهو ما دفع حسن مالك إلى الطلب من هيئة المحكمة إرفاق محضر النيابة العسكرية إلى محضر جلسة اليوم ومضاهاتهما بعضهما ببعض.
أما الشاهد الثاني الرائد بسام أحمد فبعد مناقشته لأقل من ربع ساعة من جانب الدفاع طلب ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع من المحكمة التحفظ عليه وإحالته إلى النيابة بتهمة تفتيش مصنع دون إذن من النيابة حيث إنه قام بتفتيش مصنع مالك للمنسوجات بتاريخ 24/12/2006م دون إذن من النيابة، وارجع السبب في فعلته تلك إلى أوامر شفهية تلقاها بالهاتف من المقدم عاطف الحسيني، وكان رد القاضي على هذا الأمر أنه سينظر فيه، وأمر بالانتقال للسؤال التالي، وعند سؤاله حول سبب تحريزه لكتيب المأثورات للإمام الشهيد حسن البنا أكد أنه من المحررات التنظيمية للجماعة!
أما الشاهد الثالث وهو النقيب خالد محمود، الذي كان مكلفًا بتفتيش شركة فيرجينا فكان في غاية التردد والارتباك وتراجع عن أقواله مرات كثيرة واعترف أنه حرَّز كتابي "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" وكتاب "الزهد" للإمام أحمد بن حنبل كمحررات تنظيمية، ليباغته الدفاع بسؤال بديهي وهو ما علاقة أحمد بن حنبل بالإخوان؟!
أما المخالفة الأكبر فكانت ما قام به حين قال إنه حرر محضر الضبط ثم قام ضابط من قسم الشرطة بعمل محضر التشميع للشركة بالرغم من أن محضر التشميع كان في تمام الرابعة ومحضر الضبط في الخامسة والنصف.
الشاهد الرابع وهو النقيب محمد أشرف فقد دانت القاعة بكاملها له بالضحك لأنه استطاع ولأول مرة ومنذ بدء جلسات المحكمة العسكرية أن يضحك جميع من بالقاعة وعلى حد سواء بدايةً من القاضي وهيئة المحكمة وأهالي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم ومرورًا بضباط الحراسة والجنود وانتهاءً بزملائه من جهاز مباحث أمن الدولة حيث لم يستطيعوا كتمان ضحكاتهم عند إجابته عن سؤالهم الأول ما هو طبيعة التكليف الذي وجه إليك في هذه الواقعة فجاءت إجابته بصورة تلقائية لا أتذكر.
أما التناقض الأكبر في أقوال الشاهد فكانت عندما أجمع مثل زملائه أنه تلقى الأوامر بالهاتف والفاكس من عاطف الحسيني على الرغم من أنه قال في محضر النيابة العسكرية إنه تلقى الأوامر شخصيًّا من عاطف الحسيني وأنه قابله حين أعطاه الأمر وعندما تمت محاصرة الشاهد في تلك النقطة أجاب كالمعتاد: لا أتذكر.
الشاهد الخامس المقدم أحمد شاش لم يأت بجديد وأجمع على نفس ما سبقه إليه زملاؤه مع مبالغته أكثر من أي منهم في قوله لا أتذكر حين إجابته على أغلب الأسئلة.
وكانت أكبر مفاجآت الجلسة مع الشاهد الأخير خالد الألفي والذي كان مكلفًا بالقبض على محمد مهني حسن وتفتيش شركة دار الطباعة والنشر فبعد أن قام ناصر الحافي عضو هيئة الدفاع بتضييق الخناق عليه في نقطة القبض على محمد مهني حيث لم يعرف الشاهد سوى المحافظة التي يقيم فيها، اتهم الحافي الشاهد صراحةً بالتزوير في محرر رسمي وطالب المحكمة بالقبض عليه وإحالته للنيابة حيث أخرج الحافي صورة محضرين الأول الخاص بضبط محمد مهني والثاني الخاص بتفتيش دار الطباعة حيث لوحظ اختلاف تام في الخط والتوقيع.
وعند هذا الحد والذي لوحظ فيه أنه تم حصار الشهود لأبعد حد قرر القاضي وبصورة مفاجئة وبعد طلب الحافي مباشرةً بالتحفظ على الألفي وتأجيل الجلسة إلى جلسة 4/9 وطلب 14 ضابط أمن دولة للشهادة أمام المحكمة ولم يعرف مصير طلبات هيئة الدفاع بخصوص التحفظ والتحقيق مع بعض الشهود.
وفي تصريح خاص له لـ"إخوان أون لاين" علق المهندس خيرت الشاطر على ما دار اليوم بالجلسة وعلى شهادة الشهود بقوله هؤلاء ليسوا شهودًا هم خصوم فهم ينتمون لجهاز مباحث أمن الدولة الذي لفق لنا القضية.
وتساءل كيف يكونون شهودًا وهم أجابوا على 80% من الأسئلة بإجابة واحدة وهي "لا أعرف" أما الـ20% الباقية فهي إجابات تنسف القضية من الأصل وتتناقض لأبعد الحدود مع أقوالهم في محاضر النيابة أو محاضر الضبط التي حرروها بخط أيديهم؟.
وأكد الشاطر أن للقضية جوانب ثلاثة هي الأحراز والشهود والتقرير المالي، وأن بعد ما شاهدناه اليوم ثبت بالدليل القاطع أن جوانب القضية كلها قد انهارت.
Labels: الجلسة 9 للمهزلة العسكرية
0 التعليقات :
Subscribe to:
Post Comments (Atom)