مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

- بيان للمعتقلين يطالب بتحديد التهم الموجهة إليهم
- مرافعات الدفاع تؤكد أن القضية سياسية وليس فيها أي شق جنائي
- شهود النفي: د. عودة نموذج علمي وعبقرية تخسرها مصر.

كتبت- سالي مشالي
في جلسةٍ اتسمت بالطول وامتدت لأكثر من ست ساعات، واصلت اليوم المحكمة العسكرية نظر القضية المحال إليها 40 من الإخوان المسلمين، وكان أهم ما ميَّز جلسة اليوم البيان الذي تلاه د. محمد علي بشر بالنيابة عن زملائه من المعتقلين، ثم تلته مرافعة د. إبراهيم صالح عن المهندس خيرت الشاطر، ليستأنف المرافعة بعده عن الشاطر أيضًا حازم صلاح أبو إسماعيل.

وقد استأذن د. بشر في أول الجلسة لتلاوة البيان بالنيابة عن نفسه وعن باقي زملائه قبل أن يخرج من القفص فردَّ عليه رئيس المحكمة بقوله: "إحنا مش غُرب عن بعض، إحنا بقالنا سوا كام جلسة!".

البيان

ثم خرج د. بشر وبدأ في تلاوة البيان، والذي استفتحه بالتأكيد على ما يكنه المدعى عليهم من تقديرٍ واعتزازٍ بالقوات المسلحة درع الوطن وحماة أمنه، وشدد على رفضهم الإحالة إلى القضاء العسكري لتمسكهم بحقِّهم الدستوري في المحاكمة أمام القاضي الطبيعي، وأوضح حرصهم على عدم إقحام القوات المسلحة في أية خصوماتٍ سياسية.

مشيرًا إلى أن هذا الموقف لا يعني إطلاقًا أي خصوماتٍ شخصيةٍ أو عداواتٍ بين المدعى عليهم وبين أي من ضباط القوات المسلحة، مؤكدًا أنهم جميعًا محل تقديرٍ واحترام، ثم طالب المحكمة أن يتسع صدرها للاستماع إلى شكوى المدعى عليهم في القضية 2 لسنة 2007م والمحبوسين فيها احتياطيًّا منذ أكثر من عام، ولخَّص هذه الشكوى في عددٍ من النقاط.

حيث عبروا عن بالغ أسفهم وألمهم بسبب عدم استجابةِ المحكمة لأي من الطلبات العادلة لهيئة الدفاع خلال الجلسات الـ 41 السابقة، وأكدوا أن قرار المحكمة بجلسة 16/12/2007م بتعديل بعض الاتهامات المنسوبة إلى المدعى عليهم قد أعطى انطباعًا باتجاه المحكمة نحو إسقاط بعض الاتهامات؛ وذلك بإسقاطها الاتهام بالقيادة عن جميع المتهمين، بالإضافة لظرف الإرهاب المرتبط بجريمة غسل الأموال، إلا أن ذكر عبارة "على سبيل الاحتياط الكلي" قد جعلت التعديل متسمًا بالغموض والاضطراب، فضلاً عن إسقاطه ظرف الإرهاب المرتبط بالأحراز.

واعتبر البيانُ أن القرار المُعدَّل قد أضاف تهمًا جديدةً لبعض المتهمين خاصةً الأول والثاني (الشاطر ومالك)، وشدد عليهما في صياغته الجديدة تشديدًا لم يكن موجودًا في صياغة قرار الاتهام الأول؛ مما يُعد ظلمًا فادحًا ليس فقط على المتهمين ولكن على زوجاتهم وأولادهم القُصَّر والبالغين وشركائهم، ووصفوا ما حدث في جلسة 23/12 بأنه كان صدمة؛ حيث لم تستجب المحكمة لطلبات الدفاع العادلة.

وأكد أن قرار المحكمة تثبيت قرار الاتهام الأول كما هو واعتبار أن التعديل ما هو إلا إضافة على سبيل الاحتياط الكلي كان مفاجأةً، وزاد من الغموض والارتباك الذي يُحيط بالقضية على المتهمين والدفاع على حدٍّ سواء.

ثم توجَّه البيان مخاطبًا ضمير المحكمة ووجدانها والذي يثق المدعى عليهم أنه بات مقتنعًا بأنه لا صحةَ لأي من التهم المنسوبة إليهم من النيابة العسكرية، والتي لم تقدم دليلاً واحدًا على أي منها، كما خاطبوا إيمانها وعقلها بأننا جميعًا موقوفون بين يدي الله- عزَّ وجل- الحكم العدل: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾.

وأكد البيان أن جميع المدعى عليهم متمسكون بجميع طلباتهم وجميع طلبات الدفاع السابقة، وخاصةً التي أبداها الدفاع في جلسة 23/12، وطالبوا المحكمةَ بإزالة الالتباس الذي شاب القرار المعدل؛ وذلك بالإسقاط الصريح لتهمة غسل الأموال أو الاشتراك فيها للمتهمين من 1- 29 بالإضافة إلى طلبهم إلغاء ظرف الإرهاب عن جميع الاتهامات، وإلغاء جميع التهم التي فُهم أنها أُضيفت على بعض المتهمين في القرار المعدل، خاصةً المتهمَيْن الأول والثاني، وأكدوا أن تقدمهم بهذه الطلبات لا يعني إقرارهم بأي من التهم المُوجَّهة إليهم؛ لأنه في الواقع هي جميعًا تهم سياسية ولا صحةَ لأي منها.

وطالبوا في نهاية البيان بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ابتداءً من الحاج حسن زلط الذي يرقد في الإنعاش حتى لا يتحوَّل الحبس الاحتياطي الذي طالت مدته عن عامٍ إلى عقوبةٍ لأبرياء، ودعوا الله أن يُوفِّق هيئة المحكمة لما يُحبه ويرضاه، وإلى إصدار الحكم العادل ببراءةِ المتهمين التي ستؤكدها مرافعات هيئة الدفاع في الجلسات القادمة.

أين الجريمة؟
ولم يُعلِّق رئيس المحكمة على البيان بأي شكلٍ من الأشكال، وبدأ د. إبراهيم صالح في مرافعته والتي ركَّز فيها على نفي صحة واقعة غسل الأموال، وأكد انتفاء التهمة من أساسها بأن الأموال التي حققها المدعى عليهم كسبوها قبل صدور قانون غسل الأموال، وبالتالي ففي كل الأحوال هي فعلٌ مباحٌ في وقتٍ لم يُجرِّمه القانون، وأضاف أن أهم ركن في جريمة غسل الأموال غير متحقق في هذا الاتهام؛ وهو أن تكون الأموال متحققةً من فعلٍ إجرامي محدد على سبيل الحصر في قانون غسل الأموال، أي أن تكون الأموال متحصلة من جرائم محددة حصرًا، مؤكدًا أن الأموال المذكورة والمحرزة لو صحت واقعة استجلابها أو ورودها من المتهمين خارج البلاد، فهي لا تُشكِّل جريمةً لعدم وجود أي دليلٍ أو معرفة مصدر مرسليها، واصفًا إياها بأنها لا تعدو أن تكون من قبيل التبرعات وأعمال البر والزكاة التي حضَّ عليها الإسلام.

ثم تطرَّق إلى نصِّ المادة 86 والمرتبط بالكتب التي تمَّ ضبطها، وأشار إلى أن تجريم بعض الكتب يكون في حالة أن تكون هذه الكتب أو المنشورات مُعدة للتوزيع، وهو ما يستلزم أن تكون بكمياتٍ كبيرة، وأضاف أن النص يشترط أن تكون هذه المطبوعات تدعو إلى ترويج وتحبيذ فكر الإرهاب حسب المادة 86 وتعريفها للإرهاب، وأشار إلى أن المشرع لا يشترط ولا يدعو أن يكون المواطن المصري جاهلاً، وبالتالي فمن حقِّ كل مواطنٍ أن يقتني ويحوز كل الكتب والمطبوعات التي تُنمي فكره وثقافته.

وعقب مرافعة د. صالح تقدَّم للمرافعة حازم صلاح أبو إسماعيل، ولا يُعد ما قاله إسماعيل اليوم مرافعةً قانونيةً أو إجرائيةً، وإنما هو اعتبرها مقدمةً مهمة، واعتبرها أكثر الحاضرين رسالةً إلى ضمير القضاة والنيابة وتذكيرًا لهم بالله وعاقبة الظلم والظالمين، كما أنها كانت محاضرةً تاريخيةً ثمينةً لم تستطع معها هيئة المحكمة مقاطعته، وبدا عليها الإنصات ربما لطريقة أبو إسماعيل في شرح مبتغاه من المرافعة.

الجماعة والنظام تاريخيًّا

لقد استهل أبو إسماعيل كلامه بقوله: "لو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك"، ثم أخذ يردد "الله غالبٌ على أمره"، "الله القادر فوق عباده"، ووصف هذه المحاكمة العسكرية بأنها دعوى تاريخية؛ حيث إنها أول محاكمة منذ 53 سنة يُحاكم أمامها قيادات على هذا المستوى من جماعة الإخوان المسلمين والتي بلغ تاريخ نشأتها 80 عامًا، واعتبر أن ما يحدث في هذه المحاكمة هو هدية للأفراد المقدمين أمامها، وهو هدية أيضًا للأجيال القادمة، مؤكدًا أن الجماعة لو بذلت كل ما تستطيع بكل سطوتها وانتشارها وجهدها لصنع رموزٍ جديدةٍ يتخذها الشباب قدوةً يقتدون بها لما استطاعت أن تفعل أفضل مما فعلته هذه المحاكمة.

مشيرًا إلى أنه منذ اللحظة الأولى لمصادرة أول قرشٍ من أموال الشاطر ستتربى أجيالٌ بالملايين على مستوى العالم يعرفون هذا الاسم، ويعرفون قدره وجهده والظلم الذي وقع عليه، وستُصبح هذه المحاكمة وهذه المصادرة سببًا حتى تتمحور الأجيال القادمة حول هذا الاسم ولتاريخٍ طويل.

وتقدَّم بشكره لكلِّ مَن ساهم في إجراء هذه المحاكمة أو تسبب فيها، مؤكدًا أن هذه الأموال المصادرة هي "فلوس حلال" أراد الله لها أن تصنع أمةً من جديد، وضرب المثال بمقتل الشيخ ياسين في فلسطين الذي أيقظ عددًا كبيرًا من شباب الأمة لم يكونوا يهتمون بأمورِ أمتهم فأفاقهم هذا الاغتيال وجعلهم يسعون لنفع أمتهم وأوطانهم بجهودهم.

الواقع السياسي

ثم وصف أبو إسماعيل حملة الاعتقالات التي حدثت بمصر بأنها يد ثانية تُصفِّق مع اليد الأمريكية فتصادر أمريكا أموال يوسف ندا بالخارج ثم تتهمه مصر مجددًا في هذه القضية، ثم تلا الحديث: "واعلم أن ما أصابك ما كان ليخطئك، وما أخطأك ما كان ليصيبك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" وأكد أن هذه الأموال يُراد لها أن تخرج من حوزةِ مالكيها إلى حوزة مَن نشرت الصحف والمجلات العالمية أخبارهم وشئونهم، مشيرًا إلى أن النظر إلى الاتهامات أو الإجراءات أو الوجوه القانونية لا يملك إلا أن يكون متأكدًا تمام التأكد أن هذه القضية عبارة عن "وهم في وهم" ، موضحًا أن كيدية الاتهام هادم رئيسي للاتهام، واصفًا إياها أنها ليست قضية قانون، وإنما قضية غرض قبل أي دفوع.

واستطرد في السرد التاريخي لعلاقة جماعة الإخوان المسلمين مع النُظم الحاكمة على مرِّ التاريخ ومنذ نشأتها، مشيرًا إلى حالات المدِّ والجزر التي كانت تحدث بين الجماعة وبين كل حاكمٍ من حكام مصر على مدى تاريخها، فتصبح علاقة الجماعة بالحاكم علاقة جيدة وإيجابية ويُسمح لهم بالتحرك بحريةٍ وإصدار الصحف وعقد المؤتمرات طالما أن فيها صالح هذا الحاكم السياسي، وطالما أن الكيان الصهيوني بعيد عن الصورة، وتزداد العلاقة توترًا وتصل إلى ذروةِ السوء إذا تعارضت سُبل وأهداف الجماعة مع مصلحة الحاكم السياسية أو كان الكيان الصهيوني يملك وسائلَ ضغطٍ كافية كما حدث وقت حرب فلسطين أو وقت معاهدة كامب ديفيد.

ودلل على هذا بتصريحات الرؤساء المتناقضة في حقِّ الجماعة فيمدحونها ويؤكدون براءتها من العنف تارةً، ثم يعودون لاتهامها وشن الهجوم عليها تارةً أخرى، وهو ما حدث مؤخرًا أيضًا مع الرئيس مبارك حين مدحها في أكثر من مناسبةٍ وأكد بُعدها عن الإرهاب واعتدالها ثم عاد لشنِّ الهجوم عليها مؤخرًا.

وبعد أن استعان بتصريحاتٍ للرؤساء السابقين في مناسباتٍ مختلفة ولأعضاء مجلس قيادة الثورة، ولرؤساء صحف قومية يمتدحون فيها الجماعة ثم تصريحات لكونداليزا رايس تُهاجم الجماعة، أكد أن هذه الحملة ما هي إلا موضة سياسية تتفق مع ما قاله إيهود أولمرت في برنامجه الانتخابي الذي نُشر في جريدة الأهرام على صفحةٍ كاملة قال فيه: "سوف يكون من أعظم أهداف حكومتي تتبع الحركات الإسلامية في كل دول العالم، والحكومات الصديقة ستعاوننا على تحقيق أهدافنا" ثم علَّق بقوله: "إسرائيل بتبعت الموضة السياسية زي ما فرنسا بتبعت موضة الملابس".

وعاد مخاطبًا ضمير هيئة المحكمة، مؤكدًا أن تصديها لهذه الدعوى إنما هي محنة كبيرة يقف فيها أحد ضباط الجيش المصري أمام إرادةٍ دوليةٍ وعالميةٍ، ولكن عليه ألا ينسى أنه في النهاية عبد لله وتلا قوله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾، داعيًا كل مَن يشارك في هذه القضية أن يخشى الله وأن يخاف على أولاده.

وفي النهاية أشار إلى عدم الاتساق والفوضى التي سادت كل إجراءات وأوراق القضية، والطريقة العدائية التي كُتبت بها محاضر التحريات والتي تُثير المشاعر، كما أشار إلى اليوم الذي صدر فيه قرار الإحالة والذي يؤكد أنه قرارٌ سياسي، بل إن تعديل القانون وتعديل الدستور تمَّا فقط من أجل النيل من هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى قرار الاتهام الذي يحولهم للقضاء العسكري بتهمة غسيل الأموال قبل صدور التقرير المالي، مؤكدًا أنه سيثبت في الجلسات القادمة أن التقرير المال ما هو إلا تمثيلية.

الشهود

ثم رُفعت الجلسة للاستراحة وعادت للانعقاد بعد ساعةٍ ونصف ليقوم المحامي ناصر الحافي بمناقشة شهود النفي عن الدكتور خالد عودة وأحدهما زميله في التدريس بالجامعة ورئيس قسم الجيولوجيا سابقًا بجامعة أسيوط، وهو د. عماد رمزي فلبس، والآخر يعمل مستشارًا بوزارة البيئة، وهو د. محمد إبراهيم، واللذان أكدا تميز د. عودة في تخصصه والخدمات الوطنية التي قدمها لمصر، كما أكدا توقف الأبحاث والدراسات منذ اعتقال د. عودة في العام الماضي، وهو ما يُعد خسارةً حقيقيةً للوطن، كما أكدا على احتمالية إلغاء المحمية الطبيعية التي بذل د. عودة كل جهده على مدى عشر سنوات ليتم تسجيلها في اليونسكو بسبب قلقهم من الوضع الأمني بمصر، وكانت هذه المنطقة مرشحة لزيادة السياحة البيئية والعلمية في جنوب مصر، مؤكدين أن كلَّ زيارات الوفود العلمية الأجنبية كانت تحصل على موافقات من الجامعة والمحافظة وأمن الدولة والأمن العسكري بل وفي حراستهم.

وفي النهاية قرر رئيس المحكمة استكمال المرافعة في الجلسة القادمة، والتي قرر أن تكون في اليوم التالي مباشرةً أي الأربعاء 26/12، وهو ما اعترض عليه عددٌ من المعتقلين بسبب الإجهاد؛ ولأن حفل زفاف خديجة ابنة المهندس مدحت الحداد كان من المقرر أن يتم في اليوم ذات

0 التعليقات :

أضف تعليقك