ولكن.. فوجئت أن المقال من أوله لآخره يسخَرُ من وصْف المهندس خيرت الشاطر السجين خلف القضبان بالإصلاحي، فالكاتب الهُمام قد اهتزَّ جسدُه وانتفض قلمُه، وكتب مقالةً كاملةً يعترض فيها على رسالة قصيرة جاءت له على محموله، تصِفُ الشاطر بالإصلاحي، فأخذ الكلمة كمادَّة للسخرية والتريقة، يغمز هنا ويلمز هناك، وللسيد حمدي أقول:
عندنا في مصر وخصوصًا في الصعيد، وأنت رجل صعيدي بس مش (...) عندما يكون هناك عزاء أو مكروه وقع لعائلة في البلد، فعَيْبٌ شديدٌ يصل لحدِّ التحريم أن نُقِيْمَ فرحًا، أو نُظهر أيَّ مظهر من مظاهر الفرحة أو حتى السرور؛ احترامًا وتضامنًا معهم، وعليه أعتقد أنه عندما نجد عائلةً اعتُقِل عائلُها ظلمًا وهو بريء حتى تثبت إدانته، ويحاكَم أمام محكمة عسكرية، لا يحاكَم أمامها الجواسيس والمفسدون والمخرِّبون في هذا الوطن- وركِّز معي يا سيد حمدي- وحُرِمَت من موارد ومصادر رزقها بدعاوى متهافتة وملفَّقة، وهي غسيل الأموال..!! فلا أعتقد أن هذه مادةٌ خصبةٌ للسخرية.
يا سيد حمدي.. دعك من الخصومة الفكرية أو حتى الشخصية مع الإخوان، (هذا لو افترضنا أنها ليست أكل عيش)، وأسألك: هل من الأمانة الصحفية والشرف المهني أن تستغلَّ قلمك في تناول شخص محبوس، لا يملك أن يرد عليك، وأنت تعلم جيدًا- وبدون غمز ولمز مني وبطريقة مباشرة عن طريق أصدقائك من الأمن- أن هذه القضية من أولها لآخرها قضية سياسية ورسالة ظالمة توجَّه للإخوان لحسابات أنت تعلمها جيدًا، ولملف أسود يراد أن يمرَّر؟!!
يا سيد حمدي.. أنا لا أقف اليوم للدفاع عن الشاطر فهو أقدر مني للدفاع عن نفسه، ولكن أتكلم عن النخوة والشهامة والرجولة، أتكلَّم عن مجموعة من خيرة شرفاء وعلماء مصر، تحتفل هذه الأيام بمرور عام ظلم كامل على اعتقالها، في قضية وهمية، ووارد جدًّا أن يخرجوا جميعًا أو بعضهم بعد هذه الفترة ويقال لهم: "آسفين كنا غلطانين"..
لو لم يستمر مسلسل العناد!!
يا سيد حمدي.. أدعوك لمتابعة جلسة واحدة من جلسات محاكمتهم العسكرية، وأعتقد أنك بعدها ستكتب لهم اعتذارًا على صفحة كاملة، وتطالب بإخلاء سبيلهم.
يا سيد حمدي.. الشاطر ومن معه لا نقف جميعًا وراءهم بدون عقل أو وعي، ولكن نقف معهم؛ لأن قضاةَ مصر برَّأوا ساحتهم عدة مرات بقرارات نهائية وبإخلاء سبيلهم، وأنه لا توجد قضية من الأساس، والتعنُّت واضحٌ وبادٍ لذي عين واحدة، فما بالك لذي عينين؟!!
يا سيد حمدي.. 365 يومًا ظلمًا خلف القضبان وقبلها أكثر من 7 سنوات سجنًا واعتقالاً، وتاريخ طويل من النضال في الستينيات والسبعينيات، ألا يستحق من يقف وراء فكرة لا تفرِّق أو تخرِّب أو تفسد ويدافع عنها ويضحي من أجلها أن يكون إصلاحيًّا؟! أم من هو الإصلاحي في رأيك؟! هل هو ممدوح إسماعيل ويوسف عبد الرحمن ورامي لكح وإسلام نبيه؟! أم أنهم من "سرطنونا وأغرقونا وأحرقونا وجوعونا وأذلونا" وجعلوا شبابنا يفضل الهروب والموت غرقًا على البقاء في هذا البلد؟!
يا سيد حمدي.. أدعوك لعمل دعوة إصلاح بما أنك فتحت سيرة الإصلاح لنفوس المظلومين من سجناء الرأي، وكل جريمتهم أنهم يخالفون النظام في الرأي والتوجه وإصلاح نفس أمّ حُرِمَت من ابنها، وزوجة أصبحت بلا عائل في الحياة، وأطفال رُوِّعوا في جوف الليالي، وجاء العيد ومن بعده عيد وحرموا من كلمة "بابا".
أدعوك يا سيد حمدي.. لوقفة صادقة مع النفس.
قد يكون مقالك الذي كتبته يُرضي عنه الأسياد، وتفرح قليلاً بثناء هنا وشكر هناك، وتنتهي السكرة، وتأتي الحسرة، وتجد نفسك قد فقدت احترامك لذاتك، وهو أهم من كل ما تكتب، فليس من الفروسية أن ندجِّن المقالات في أشخاص (يشكل) عليهم النظام المذعور ليل نهار، تارةً بالاعتقال، وتارةً بالاستبعاد من الوظائف التعليمية والقيادية، وأخرى بالاضطهاد في الأرزاق.
يا سيد حمدي.. عندك من كوادر وقيادات الإخوان من تتناولهم صباح مساء، ألم يكفوك؟! فذهبت لمن هو محاصر وسجين!! يا لها من سقطة لو أدركت حجمها لأنزويت في بيتك خجلاً أيامًا وشهورًا!!.
يا سيد حمدي.. اقترح عليك أن تكتب مقالاً تقول فيه: عامٌ مرَّ على المحاكمات العسكرية، ألا من وقفة لوقف هذه المهزلة؟! وتطالب فيه بأهمية أن تنتهي هذه القضية أمام قاضيها الطبيعي.
يا سيد حمدي.. راجع ما كتبت، وانظر لهذه المقالة السيئة في حقِّك، وأنت تغمز هنا وتذكر أن الشاطر وعادل حسين والمفكر محمد عمارة كانت بدايتهم شيوعية، وتلمز هناك وتحشر العريان وعبد المنعم الفتوح حشرًا في المقال، و(بالمرة) حتى تكون المقالة على رأي المثل البلدي، (فرح وطهور)!!.
والعجيب والمدهش أنك وقعت في نفس الخطأ الذي كتبت من أجله المقال لو اعتبرناه خطأً، فلقد مارست وتقمَّصت دورَ من يوزِّع لقب الإصلاحي على هذا وذاك!!
ماذا استفدنا من مقالتك؟!
هل انتصرت للإصلاح الذي تغرق فيه البلد؟! أم وضحت الطريق للحزب الذي تتقدم بلادنا به؟!
يا سيد حمدي.. لست معك في مناظرة أو سجال في فضائية أو في مؤتمر، حتى أبدوَ بمظهر مفكر يحاكم أو يبرِّئ فكر الإخوان، ولن أفتِّش في ضميرك، وأقول: هل هذا فكر أم سبُّوبة كما أسلفت؟! ولكن الكلمة أمانة، والشعر الأبيض أراه كثيفًا في رأسك، رغم أنك ما زلت شبابًا، فالأمر جدٌّ وليس هزلاً، ويحتاج لكلمة حق أو موقف صادق نقابل به الله، أنت وأنا قبلك.
أما إذا لم يجد كلامي لقلبك طريقًا، وركبك عنادُك، ونظرت للمستقبل والتطلع فيه، وقد فتحت لك الصحف والمجلات أبوابها ومناصبها!! فدعني أكتب مثلما كتبت على المهندس خيرت الشاطر، ولكن أقول إن عنوان عمودك "فصل الخطاب" واسعة (شوية)، ويدوبك عليه فصل (حضانة)!!.
Labels: مشاركات
1 تعليق :
-
- Anonymous said...
20/12/07ربنا ينتقم من هذا الكاتب المنافق الكاره لكل ماهو اسلامى