مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


- منسق هيئة الدفاع: لا داعي للتفاؤل فالقرار يحمل كثيرًا من علامات الاستفهام

- خبراء القانون يطالبون ببراءة المعتقلين ونفي التهم المنسوبة إليهم

كتب- حسونة حماد وسالي مشالي

أبت المحكمة العسكرية العليا التي يُحاكم أمامها الإخوان المسلمين أن تسدل الستار قبل عيد الأضحى إلا بمزيدٍ من المفاجآت التي عاهدناها طوال جلسات المحكمة، وعلى عكس الذي كان مقررًا في جلسة اليوم الأحد ببدء جلسات المرافعات، والتي كان سيبدأها المحامي الكبير رجائي عطية، إلا أن رئيس المحكمة فاجأهم بما هو جديد؛ حيث قرر إسقاط تهمة الإرهاب عن المعتقلين وكذلك إسقاط تهمة تولي قيادة الجماعة عن المهندس خيرت الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك، ونفت المحكمة عن المعتقلين تهمة جلب أموالٍ من الخارج للإنفاق على الجماعة.

الملفت للنظر أن رئيس المحكمة لم يقدم مفاجأته لهيئة الدفاع ولا المعتقلين إلا بعد 5 دقائق من مرافعة رجائي عطية وبعد سرده لخطوط المرافعة الرئيسية، والتي تلخَّصت في: بطلان قرار الإحالة إلى القضاء العسكري، وعدم دستورية المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية، وبيان واجب المحكمة في إهدار نص المادة السادسة وعدم إعماله والامتناع عن تطبيقه، وبطلان إذن نيابة أمن الدولة 13/12/2006م بالقبض والتفتيش، وكل ما ترتب على ذلك لعدم جدية التحريات التي بني عليها، وهو بطلان كافة إجراءات أمن الدولة؛ لأنها بنيت على إجراءات باطلة وتمت تنفيذًا للإذن الأول، إلا أنه وأثناء سرده لهذه المحاور فاجأه القاضي بقراءة تعديل وصف الاتهام الموجه للمتهمين بما نصه:

"قررت المحكمة العسكرية على سبيل الاحتياط الكلي تعديل وصف الاتهام بخصوص المتهمين جميعًا ليكون الانضمام إلى جماعةٍ نُظمت على خلاف أحكام القانون، وهي جماعة الإخوان المسلمين، والغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها والاعتداء على حرية المواطنين التي كفلها الدستور بأن عقدوا الاجتماعات التنظيمية فيما بينهم بقصد تحريض الجماعات الطلابية وبخاصة طلاب جامعة الأزهر بأن أمد كل من المتهم 22، 24، 25، 26، 27 (يوسف ندا وتوفيق الواعي ويوسف المتعايش وفتحي الخولي وغالب همت) هذا التنظيم بمعونات مالية من خلال اللجنة المالية خارج البلاد وتولي المتهمين الأول والثاني (م. خيرت الشاطر، حسن مالك) إدارة أموال الجماعة واستثمارها في شركات ومؤسسات لصالح هذه الجماعة مع علمهم بأن هذا الفعل معاقب عليه في قانون العقوبات مع رفع ظرف الإرهاب من الاتهام الموجه إلى المتهمين من الأول إلى الواحد والعشرين ومن الثاني والعشرين إلى التاسع والعشرين بشأن جريمة غسل الأموال والاشتراك فيها موضوع قرار الاتهام في هذه الدعوى على سبيل الاحتياط الكلي".

وفور قراءة القاضي لنص التعديل تعالى اللغط في القاعة في محاولةٍ لاستيعاب ما حدث، وقف كل المعتقلين داخل القفص منصتين بكل حواسهم لكل كلمة تقرأ، وساد التوتر بين الأهالي؛ حيث إن أكثرهم كان يحتاج إلى استيضاحٍ من المحامين حول معنى هذا التعديل، مما اضطر المحامون إلى أن يطلبوا من القاضي فرصةً للتداول، وهو الطلب الذي استجاب له القاضي ورفع الجلسة لمدة ساعة.

وما أن رُفعت الجلسة حتى ظهر تباين موقف المحامين من التعديل الذين تشاءم بعضهم وأبدوا قلقهم من عبارة "على سبيل الاحتياط الكلي" التي بدأ وختم بها القاضي القرار؛ لأن هذه العبارة تُستخدم عادةً في حالة تشديد الاتهام لا تخفيفه، كما أنهم قلقوا من تعميم الاتهام في واقعة جامعة الأزهر على المتهمين جميعًا.

ورأى البعض الآخر أنه تخفيف للاتهام، بل وبالغ بعضهم في التفاؤل، وأشار رجائي عطية إلى أن هذا القرار معناه البراءة للمهندس خيرت الشاطر؛ حيث تمَّ حبسه من قبل بنفس التهمة، وبالتالي لا يجوز حبسه مرتين في الاتهام ذاته، وهو ما بدأ به مرافعته بعد عودة الجلسة للانعقاد، وطلب ضم صورةٍ رسميةٍ من الحكم الصادر ضد الشاطر في القضية 8 لسنة 95 جنايات عسكرية، وكذلك تنفيذ هذا الحكم وكافة محاضر التحريات التي بُني عليها لإثبات سابقة الحكم عليه بنفس التهمة، وأضاف إلى هذا عدة طلبات منها:

محاضر تحريات في كلٍّ من القضية 87 لسنة 92، القضية 483 لسنة 2001م أمن دولة عليا والتي سجلها المقدم عاطف الحسيني في محضره بسنة 2006م، وطلب إثبات أن هاتين القضيتين اتهم فيهما الشاطر وقضى على أثرهما بالسجن 5 سنوات، انتهت في أوائل العام 2001م، وهو ما يعني استحالة أن يكون ضالعًا بالقضية الثانية من نفس العام (2001م)، والذي كان فيه رهن الاعتقال، وأخيرًا ضم صورة رسمية من محضر القضية 148 لسنة 2007م أمن دولة عليا المحرر لطلاب جامعة الأزهر، كما طلب إخلاء سبيل كافة المعتقلين بالضمان الذي ترتضيه المحكمة مع التزامهم بحضور جميع الجلسات، وهو الطلب الذي رفضت المحكمة الموافقة عليه مع قرارها تأجيل الجلسة إلى يوم الأحد التالي والموافق 23/12.


واعتبر د. خالد عودة أن هذا التراجع من جهة المحكمة أو من بيده القرار يرجع في الأساس إلى عدم وجود أي دليلٍ على إدانة أي من المعتقلين، وبالتالي صار من الصعب للغاية إثبات التهم بحقهم، وأكد حسن مالك أن إسقاط تهمة الإرهاب عن المعتقلين لا بد وأن يليها إسقاط تهمة غسيل الأموال؛ لأن التهمتين مرتبطتان ببعضهما البعض، وهو ما أكده عدد من المحامين.

وعلَّق عبد المنعم عبد المقصود- منسق هيئة الدفاع- على هذه المفاجأة بأن القراءة الأولية لقرار المحكمة أكد ما سبق أن أكدت عليه هيئة الدفاع وأدبيات جماعة الإخوان المسلمين من أن الجماعة بعيدة كل البعد عن أي أعمال عنف ولم يسبق خلال الستين عامًا الماضية ارتكاب أي فردٍ من أفرادها لأي عملٍ من أعمال العنف، إلا أنه أكد أن ما أورده رئيس المحكمة في بداية ونهاية القرار، وهي عبارة "على سبيل الاحتياط الكلي" فتح كل الاحتمالات فلا هو أسقط تهمة الإرهاب ولا غسيل الأموال ولا هو أقرها، مشيرًا إلى أن الرأي النهائي سيحسم بعد الاطلاع على حيثيات القرار الجديد، والذي على أساسة ستقوم مرافعات الدفاع.


ودعا عبد المقصود إلى عدم الإفراط في التفاؤل، مشيرًا إلى أن التخبط الذي تشهده القضية يؤكد أنها قضية سياسية في المقام الأول وليس لها دلائل ولا أسانيد قانونية، مؤكدًا أن هيئة الدفاع ستعكف خلال الأيام القادمة على دراسة هذا القرار وترتيب دفاعها على ضوء هذه الدراسة، ولن تسبق الأحداث وتعطي أحكامًا مسبقةً إن كان هذا القرار في مصلحة المتهمين أو غير ذلك.

ويرى مصطفى عطية- عضو هيئة الدفاع- أن المحكمة قامت بإضافة تهمتين جديدتين للشاطر ومالك بخصوص إدارة الأموال لصالح الجماعة لم تكن موجودة في الاتهام السابق بهذا التخصيص، وأضاف واقعة جديدة للاتهام، وهي واقعة جامعة الأزهر، ومؤكدًا أن للمحكمة الحق في التصدي لإضافة جرائم جديدة ظهرت أمامها أثناء نظر الدعوى، ولكن حق التصدي هذا يجعل من المحكمة خصمًا كالنيابة ولا يحق لها مباشرة الدعوى بعد ذلك، ويلزم إحالتها للنيابة العسكرية للتحقيق في الواقعتين الجديدتين، ثم تحويلها إلى المحكمة، ولكن في دائرة جديدة، وكل هذا في حالة ما إذا كانت الأمور تُدار بشكلٍ قانوني.

رأي الخبراء

وبعيدًا عن المحكمة فقد طالب عددٌ من خبراء القانون الدستوري بضرورة تبرئة المعتقلين وإسقاط باقي التهم المنسوبة إليهم، خاصةً أنها تفتقد لعناصر الجريمة ولا يوجد بها أي أدلة قانونية.


وأكد الدكتور عاطف البنا- أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة- أنه لا توجد أدلة قانونية على الجرائم التي نُسبت إلى قيادات الإخوان المسلمين كالتحريض على أحداث جامعة الأزهر المعروفة بالعرض الرياضي والحديث عن الانضمام لجماعةٍ نُظِّمت على خلاف أحكام القانون، مؤكدًا أن جماعة الإخوان المسلمين لا تدعو أبدًا إلى تعطيل الدستور أو القوانين.

وطالب البنا ببراءة كافة المعتقلين المحالين إلى المحاكمة العسكرية وإسقاط باقي التهم المنسوبة إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنها تهم باطلة لا أساسَ لها من الصحة.
وعلَّق البنا على قرار المحكمة العسكرية قائلاً: إنها أسقطت عددًا من الاتهامات ولا يزال هناك اتهامات أخرى تُلصقها المحكمة بالمعتقلين، متوقعًا أن تكون الأحكام الصادرة أقل مما لو نسبت إليهم كافة التهم التي ذُكرت.


ورغم أن البعض اعتبر قرار المحكمة مفاجأة في مجريات سير القضية، إلا أن الدكتور أحمد أبو بركة- عضو مجلس الشعب وعضو هيئة الدفاع- يرى أن قرار المحكمة ليس مفاجأة، مشيرًا إلى أن الدفاع منذ اللحظة الأولى في التحقيقات يطالب بتغيير وصف الاتهام سواء في نيابة أمن الدولة العليا أو النيابة العسكرية.

وأضاف أبو بركة قائلاً: لو سلمنا جدلاً بصحة الوقائع- وهي غير صحيحة- ولو سلمنا جدلاً بنسبتها إلى الـ40 معتقلاً، فهي لا تحمل بحالٍ من الأحوال جرائم المادة 86 من قانون العقوبات التي تجرم الإرهاب، وكذلك لا يوجد بأوراق الدعوى ثمة دليلٍ على فعل يصدق عليه توصيف أو قيد تهمة المادة 86 من قانون العقوبات كجريمةٍ أو كوسيلةٍ أو الجرائم المتفرعة عنها كجريمة غسل الأموال.

وأشار أبو بركة إلى أنه منذ بداية هذه الدعوى أصدرت محكمة جنايات جنوب القاهرة حكمها في استئناف المعتقلين لأوامر حبسهم بأن ألغت كافة أوامر الحبس الصادرة للمتهمين وإخلاء سبيلهم فورًا من سراي المحكمة بلا ضمان، وانتهت المحكمة إلى عدم وجود جريمةٍ في الأوراق يمكن إثباتها للمعتقلين، وهو ما يأتي قرار المحكمة العسكرية العليا اليوم متناغمًا معه ومؤكدًا لوجهة نظر المعتقلين ودفاعهم.

0 التعليقات :

أضف تعليقك