مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


أخي الحبيب..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بعد مرور عام على محنتنا، أنظرُ فأرى أحداثًا كثيرةً مرَّت بنا، وأستشعر أن رحمات الله- عز وجل- كانت باطنةً فيها، فيزيد اعتقادي بأن المحن والابتلاءات ليست عذابًا من الله للمؤمنين، حاشا لله العزيز الحميد.


ذلك أن المؤمن المُبتلَى يرى ويعيش داخل هذه المحن والابتلاءات رحمات الله، ويرى يد الله الحنَّان المنَّان تعمل فتُرطِّب القلوب وتمنُّ عليها بالصبر والرضا، والسكينة والطمأنينة، ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (يونس: 62- 64).

قالت: حُبِست، فقلتُ: ليس بضائري حبسي، وأيُّ مهنَّدٍ لا يُغمُدُ؟!

والحبسُ- ما لم نَعشِهُ لدنيةٍ شنعاءَ- نِعْمَ المنزلُ المتورِّدُ

بيتٌ يُجدِّد للكريم كرامةً ويُزارُ فيه ولا يَزورُ ويَحفِدُ

من رحمات الله أن هوَّن علينا أحداث القضية:

أخي الحبيب.. إن في قضيتنا هذه أحداثًا كثيرةً وغريبةً، جاءت متتابعةً ومتلاحقةً وسريعةً، فهوَّن الله علينا برحماته، فكان عنوان هذا العام هو "الصبر والرضا والسكينة والطمأنينة".

وعندما نسترجع الأحداث نلحظ ذلك بيِّنًا، فتبدأ الأحداث بتعنت إدارة جامعة الأزهر مع طلابها فتزوِّر انتخاباتهم الطلابية، وتمنع بعضهم من الإقامة بالمدينة الجامعية، وتؤدِّب بعضهم في مجالس تأديبية، فيقوم الطلاب للدفاع عن حقوقهم بمظاهرة داخل المدينة الجامعية يتخللها استعراض رياضي، فينشر الإعلام خبر تلك المظاهرة وبما فيها من الاستعراض الرياضي.

وهنا تنتهز قيادات الحزب الحاكم هذا الخبر وهذا الاستعراض، فتعمل على تصفية حساباتها مع جماعة الإخوان المسلمين؛ لفوزهم بثمانية وثمانين مقعدًا في مجلس الشعب ووقوف الجماعة مع مطالب القضاة؛ لاعتراضهم على التعديلات الدستورية، وكذلك تأييد الجماعة لحكومة حماس في فلسطين، فتقوم أجهزت هذا الحزب الحاكم الإعلامية بهجومٍ ضارٍ على جماعة الإخوان المسلمين، فتتم الاعتقالات وتُوجَّه للمعتقلين تهمُ الإرهاب وغسيل الأموال والانضمام لجماعة محظورة وتولي القيادة فيها وحيازة منشورات، ويُعرض الأمر على القضاء فيصدر ثلاثة أحكام متتالية بعدم جدِّية الاتهامات والإفراج الفوري عن المعتقلين.

وعندما طعنَّا على قرار التحفظ على أموالنا يتم تحويلنا إلى محكمة الجنايات، فيُصدِر المستشار عادل عبد السلام جمعة حكمه بالتحفظ على أموال المتهمين، وفي التوقيت نفسه يُصدِر رئيس الجمهورية قراره بإحالة القضية للقضاء العسكري، فتحكم محكمة القضاء الإداري بعدم قانونية الإحالة، وتقبَل المحكمة الدستورية الطعن المقدَّم منا في تنازع محكمتين لقضيتنا؛ مما يستتبع قانونًا إيقافَ نظرِ الدعوى وإطلاق سراحنا.

ولكن لا يُلتفت إلى الدستور والقانون، وتستمر المحكمة العسكرية في نظر القضية وحبس المُدَّعى عليهم، وتنشئ نيابة أمن الدولة لجنةً ماليةً بإجراءاتٍ وجهةٍ غيرِ قانونيةٍ لإثبات تهمة غسيل الأموال، وتقدم اللجنة تقريرها المالي إلى المحكمة العسكرية بعد 5 أشهر من تاريخ الاعتقالات، وتبدأ المحكمة في استدعاء شهود الإثبات من ضباط أمن الدولة وأعضاء اللجنة المالية واضعةً التقرير، فينكشف المستور من تزوير وافتراءات، فتقوم اللجنة المالية نفسها بإهدار تقارير التقييم، فتطلب المحكمة من نفس اللجنة كتابة تقرير مالي جديد يستر عوار التقرير الأصلي.

ولكن هيهات؛ فالتقرير الجديد كالقديم.. كله زورٌ وبهتانٌ، وأوهن من بيت العنكبوت، وتحاول المحكمة مرةً أخرى ستر التزوير بتعديل قرار الاتهام، فتسقط تهمتي القيادة والإرهاب.. والله أكبر ولله الحمد.

هكذا كلما اشتد الإيذاء من الطغاة كلما كان الله لهم بالمرصاد، فيفضح هؤلاء المجرمين ويُنزِل ذلك بردًا وسلامًا على قلوب المؤمنين الصابرين، ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (الأحزاب: 58) "إن الله- تعالى- قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب" (من حديثٍ رواه البخاري).

ومن رحمة الله بنا صبرُ وصمودُ الآباءِ والأمهاتِ والزوجاتِ:

لقد كشفت هذه المحنة عن معادن رجالٍ ونساءٍ وشبابٍ وأطفالٍ؛ مما أثلج قلوبنا وأيقنت نفوسنا وعقولنا أن نصر الله آتٍ مهما انتفش الباطل؛ فهؤلاء الأمهات والآباء الذين جاوزوا الثمانين عامًا يأتون لزيارة أولادهم، متحملين النصب والتعب في سفرٍ طويلٍ أو مرضٍ مُقعِد، فترى أمًّا تفترش أرض صالة الزيارة لتنام قليلاً من أثر الإرهاق، وترى أخرى أصيبت بأزمتها القلبية، وترى ثالثةً مع زوجها، يسيران رويدًا متكئين على العصي.. فلكم الله، وتقبل منكم الدعاء لأولادكم بالفرج والنصرة وعلى الظالمين بالانتقام والهلاك والبوار.


رباهُ أمٌّ قد دعتك بمهجةٍ حرَّى، وقلبٍ تأكل منكود

"إن كنتُ عاجزةً، فإنك قادرٌ فاثأر لركني الواهنِ المهدودِ"

ولقد كان صبر الزوجات على فراق الأزواج وتحملهن أعباءَ رعاية البيت والأولاد، بالإضافة إلى تلبية احتياجات الأزواج- في محبسهم- من طعامٍ وملبسٍ وما شابه، دون تقصير، وحضورهن جلسات النيابة ثم المحاكمات، وذهابهن للدفاع عن أزواجهن في المحافل والصحف والفضائيات، فإن هؤلاء الزوجات الصالحات المجاهدات صرن في قلوب أزواجهن وأولادهن والمجتمع من حولهن في قمم سامقةٍ من الحب والإجلال والتقدير.


ولقد أعدن بسيرتهن سيرةَ زوجاتِ وصحابياتِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، مثل خديجة وعائشة، وأم سلمة وأسماء وسمية- عليهن رضوان الله أجمعين- ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ (آل عمران: 195).

وأصبح البنات والشباب والأطفال من المجاهدين:

أخي الحبيب.. ما تركنا الله أبدًا ولا ترك أولادنا؛ فهم وديعتنا التي أودعناها عنده، وهو الحفيظ العليم الذي لا تضيع ودائعه أبدًا، ﴿فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (يوسف: من الآية 64).

ولقد كشف الله لنا برحمته عن كنز ضخم يحمله قلوب وعقول ونفوس هؤلاء الصغار، فكانوا بهمتهم العالية طليعةَ المتحركين لنصرة قضيتنا- قضية الإخوان المسلمين- فتراهم في وقفاتٍ ومؤتمراتٍ وندواتٍ، ويكتبون المدوَّنات ويخاطبون العالم، ويدلون بأحاديث صحفية وإذاعية وتلفزيونية، لا يهابون الناس ولا أضواء الإعلام والميكروفونات والكاميرات وكأنهم عاشوا حياتهم الصغيرة زعماءَ كبارًا ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ (الكهف: من الآية 82).

أخي الحبيب.. إن هذه القلوب النقية الطاهرة التي وقفت ساعات طويلة أمام نيابة أمن الدولة بمدينة القاهرة الجديدة، ثم في صحراء "الهايكستب" أمام المعسكر الذي به قاعة المحكمة العسكرية، كانت لنا دفئًا وحنانًا، أعانتنا على الصبر والثبات، وما أجمل تلك الكلمات العطرة التي أرسلتها هذه القلوب لتشدَّ من أزرنا وتربط على قلوبنا!!، وإذا رأيت أحدَهم تجد دموعًا وراءها أعينٌ تتحدى الطغاة، واثقة في نصر الله- عز وجل-، مستعدة للتضحية في سبيل الإسلام ونهضة بلدهم ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (الأنفال: 63).

"اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبَّتك، والتقت على طاعتك، وتوحَّدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوَثِّق اللهم رابطتها، وأَدِمْ وُدَّها، واهدها سُبُلَها، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأَمِتْها على الشهادة في سبيلك".

هـذا أخـي فـوق النجـوم فسـلِّموا هـذا هـو الحق المبين المسـلمُ

هــذا أخي في الله كان كمصحفٍ يمشــي عـلى قـدمين لا يتـأثَّمُ

هو كوكبي إن ضلَّ سعيي في الدُّنا هو مشـعلي لو جَنَّ ليلٌ أشـــأمُ

هو في المعارك رايتي هو في السلا م منارتي هو للحضارة سُلَّمُ

من رحماته التفاف أحرار العالم حولنا:

ثم هؤلاء الذين حضروا من أنحاء العالم للوقوف بجوارنا في محنتنا ومحنة بلدنا التي ظلمها حكامها، ومن هؤلاء من هم على غير ديننا، مثل: وزير العدل الأمريكي السابق (رامزي كلارك)، والفرنسية (فيوليت داغر)، ومستشار ملكة إنجلترا (إيفان لورانس)، وغير هؤلاء من أنحاء العالم، فكان لحضورهم إلى القاهرة لمساندتنا أثرٌ جميلٌ في نفوسنا.

وكم كانت سعادتنا بهذا البيان الذي أصدره أكثر من ألف من أحرار العالم، سواءٌ داخل مصر وخارجها من رجال القيادة والريادة، والحكم والفكر، والعلم والثقافة، والأدب والفن؛ لمناصرتنا والوقوف معنا ضد الظلم والطغيان، رافضين المحاكم الاستثنائية التي تُنصَب لقهر الأحرار.

فلسـنا بطيرٍ مهيضٍ الجناح ولن نُستذَلَّ، ولن نُســتَبَاح

فإما إلى النصر فوق الأنام وإما إلى الله في الخـالـدين

ومن رحماته أن ربط على قلوب عباده المبتلين بأحداثٍ سعيدةٍ:

وكم كانت يد الله الرحيمة تمسح على قلوبنا بتلك الرسائل السعيدة، فتطيِّب بها نفوسنا وتربط بها على قلوبنا.

فتأتي نتائج امتحانات الأولاد بالتفوق والنجاح، وكأنها هديةٌ من الأولاد للآباء والأمهات الصابرين المحتسبين، فتُدخِل علينا البهجة والسرور.
ثم تأتي أفراحنا بإحدى عشر خطبة وعقد وبناء بين الفتيان والفتيات- والله أكبر ولله الحمد- لبناء أسرة مسلمة تنجب- بفضل الله- دعاةً عاملين لدينهم، ونهضةً بلدهم؛ وذلك من داخل غياهب سجون ومعتقلات الطغاة الظالمين: (عمر وخديجة حداد، ومريم عبد الجواد، ومريم وسارة الشاطر، وسمية الشرقاوي، وهاني محمد، ونيرة عبد المحسن، وخديجة مالك، ومصطفى بغدادي ، وبسمة أبو زيد).

دعاك الهوى والشوقُ لما ترنّمت هتوفُ الضحى بين الغصون طروبُ

تجاوبها ورقَّ الحمام لصوتها فكـلٌّ لكـلٍّ مسعـد ومجيـــبُ

ومن رحمات الله أن لطف بنا بتخفيف المصائب:

أخي الحبيب.. لقد كانت يد الله الرحيمة معنا في كل وقت لم تفارقْنا أبدًا؛ فلقد انتزعتنا خفافيش الظلام من وسط الأهل والأحباب ليصبحوا فجأةً بدون الراعي الذي كان يرعاهم، فتحتار الأسر وترتبك حياتهم، ولكن هؤلاء الآباء في محبسهم يرفعون أكُفَّ الضراعة إلى ربهم الذي خلقهم وكفلهم بأن يحفظ وديعتهم التي أودعوها لديه- سبحانه- من الأمهات والآباء والزوجات والأولاد، وكلٌّ من له حق رعايتهم، فحفظهم الله ورعاهم، بل كانوا في حفظه أكثر أمنًا ورعايةً، فعشنا خلال هذا العام نرى لطف الله بنا وبهم.

فنجَّا الله أسرة د.عصام عبد المحسن وأسرة د.فريد جلبط و أ. محمد أسامة شربي وأم. محمد ومحمد شوشة من حوادث سيارات مروِّعة.

ثم نجاة ياسمين محمد حافظ نتيجةَ تناولها دواء خطأٍ، ونجاة زوجة المهندس خيرت الشاطر من الجلطة.

ورعاية الله بالشفاء للدكتور عصام حشيش و م. خيرت الشاطر، ورعاية الله لنا جميعًا من أمراض السكر والضغط والقلب والآم العمود الفقري؛ فقد تجاوز أغلبنا الخمسين من عمره ونعيش في ظل ضغوط السجن وأجوائه غير الصحية.


ونسأل الله لأخينا حسن زلط السلامة؛ فمنذ اعتقاله إلى الآن وهو نزيل عنبر السجن بمستشفى القصر العيني يعاني من أزمات قلبية متتالية، ولا تشفع له عند الطغاة الذين قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وحسبنا الله ونعم الوكيل ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل: 97).

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)(البروج).
ومن رحمة الله أن طوى لنا الزمان:

أخي الحبيب.. إن هذا العام الذي مضى مر بنا سويًّا بأحداثه المتنوعة الكثيرة وكأن الله عز وجل طوى لنا الزمن- وهو القادر على ذلك سبحانه-؛ فقد طوى الزمن والمسافات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.


وكما أمر الله- عز وجل- النيران أن تكون بردًا وسلامًا على إبراهيم عليه السلام، أمر الزمن بأن يكون لطيفًا خفيفًا علينا؛ فلا نشعر إلا وكأن عامًا قد مضى فسبحان الله العظيم.

ظن الطغاة أنهم يملكون الحياة والموت، ولكن يأبى الله إلا أن يكون هو الملك المتكبر الوهاب، فينجي عباده، فيطوي لهم الزمن ويترك الظالمين في حسرة من ثبات المؤمنين، ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (آل عمران: 54).

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)(آل عمران).

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)(يونس).

أخي الحبيب.. إن الله- عز وجل- يريد لعباده العزةَ في الدنيا والآخرة، فما كان لجعل الابتلاء تعذيبًا لهم ولكن تكريمًا وتشريفًا للمؤمنين في الدنيا وحسن الثواب في الآخرة.. نسأله أن نكون منهم، اللهم آمين.

وإلى لقاءٍ قريبٍ

0 التعليقات :

أضف تعليقك