يروى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) كان على منبره ودخل المسجد الحسن والحسين وهما يتعثران فى ثيابهما ,فنزل الرسول " صلى الله عليه وسلم ) من على المنبر وحملهما وصعد بهما ثم قال " أيها الناس صدق الله تعالى حين قال (إنما أموالكم وأولادكم فتنة وإننى حينما رأيت ولدى هذين وهما يتعثران فى ثيابهما كاد ينفطر قلبى لهما . وهذاالحديث إنما يدل على العاطفة القوية نحو الابناء والأحفاد , وهذه العاطفة تكون أ قوى ماتكون فى الأنبياء والدعاة إ لى الله
وقد رزقنى الله سبعة أ بناء, كل واحد منهم له مكانة فى قلبى , وهم كلهم فى قلبى سواء ولكل واحد منهم شيء ميزه الله به
فهذه فاطمة الزهراء كبرى بناتى العاقلة الحنون الأديبة , وزينب الطالبة بالثانوية والتى يشع وجهها خجلا وحياءا وهى نعم من يعتمد عليها فى أمور البيت , أما عمر الفاروق أكبر الأولاد صاحب ذهن متقد وقلب كبير ,ومحمد الفاتح الرقيق المشاعر ذو الرجولة المبكرة , وبسام القائد الصغير الذى أ جد فيه مبشرات القيادة لأقرانه , أما التوأمان آ لاء وأفنان فهما ريحانتى البيت , فأفنان صاحبة ذكاء حاد وعاطفة فياضة , وأما آلاء فصاحبة ملاحظة حادة وعاطفة جياشة وهى تحسن التعبير عنها .
وسوف أسهب الحديث عن آ لاء لأن ما ألم بها وأنا مسجون ظلما يحتاج إلى دعائكم وصلواتكم.
فآلاء شديدة التعلق بى فإذا دخلت المنزل دخلت معى ؟إلى غرفتى وترمى نفسها فى أحضانى , فإذا تأخرت فى المساء إنتظرتنى حتى ؟أعود ولا تتناول طعامها إلا معى , فإذا سهرت يوما بين كتبى و أ بحاثى أجدها تجلس بجوارى صامتة لا تمل النظر إلى , حتى أنها قالت لإخوتها يوما " هذا أبى لوحدى " ولهذه التصرفات ملكت هذه الطفلة قلبى وذلك بالإضافة إلى خفة دمها وجمال ضحكتها فهى حينما تبتسم أو تضحك تشعر أن الدينا كلها تضحك معها .
وفى هذه المحاكمة العسكرية , كانت زيارتها لى مع إخونها سواء فى السجن أو المحكمة هى فرصتها لأخذ جرعة منى من الملاعبة والمداعبة تكفيها حتى الزيارة التالية , وهى لأنها " عشرية " فقد احتلت مكانة فى قلوب زملائى فى الحبس بل والسجانين والشرطة المدنية والعسكرية , فهى تذهب لتسلم عليهم فردا فردا
حتى أن المهندس خيرت قال فيها شعرا, قال فيه :
حتى أن المهندس خيرت قال فيها شعرا, قال فيه :
آلاء يا آلاء .... يا نعمة السماء
سلممت يا آلاء من كل شر وداء ...
ودمت يا آلاء رمزا للحياء ..
ورمزا للحنان ورمزا للوفاء "
ودمت يا آلاء رمزا للحياء ..
ورمزا للحنان ورمزا للوفاء "
وقد كان كثرة دلعها على فى الزيارة ملفتا لنظر والدتى فى إحدى زياراتها فقالت زوجتى لها " أنها لا تنطلق إلا معى فى الزيارة وبين الزيارة والأخرى تجدها شاردة واضعة يدهاعلى خدها لافتقادها أبيها , وقد قال لى عمها " إن مسحة الحزن فى عينها تجبر من يراها أن يتأثر بها "
وفى يوم كنت أنتظر الزيارة , وقد تأخرت الزيارة قليلا مما أقلقنى عليهم و أثناء مرورى من أمام باب الزيارةقابلنى المهندس خيرت ثم أخبرنى برفق أن آلاء قد أصيبت بكسر فى ذراعها نتيجة " شقاوة الأطفال فى العيد " ولكننى بالطبع تخيلت الأمرأكبر من ذلك فقلت هل هو حادث أليم ,أم إصابة كبرى أم ماذا؟؟؟؟؟ قال لى بل كسر فى ذراعها الأيمن
تركته ودخلت الزنزانة,لم تقوى قدماى على حملى ,جلست على الكرسى وأنا أردد"الحمدلله الحمدلله " سبحان من ألهمنى حمده , وجاءت الزيارة وعرفت الخبر أن آلاء سقطت على الأرض من عل وأصيبت بكسر مضاعف فى عظمة العضد الأيمن داخل مفصل الكوع , وبعدها جاءت والجبيرة على يدها ونظرة الحزن تملأ عينها ووضعتها على فخذى طوال الزيارة أقبلها ,وأمسح رأسها ,
وظللت أعد الأسابيع بل الأيام بل الساعات حتى تزال الجبيرة عن يدها
وبعدها بدأت رحلةالعلاج الطبيعى ليعود مفصلها إلىطبيعته وهى مرحلة مؤلمة لم تنتهى حتى الآن , ثم كان إمتحانها فى تمهيدى الحضانة ولم تستطع أن تكون فى مستوى أختها التوأم الصغيرة , حيث عجزت عن تعلم الكتابة , وكانت قسوة معلمتها عليها فى التعامل مع الموقف عاملا آخر من عوامل الهم والغم على قلب هذه الطفلة وجاءتنى آلاء بعد فترة غياب فوجدت وجها غير الوجه وجسدا غير الجسد وروحا غير الروح
اللون الأحمر القانى الذى كان يزين وجهها صار أصفر شاحبا , وعينها البريئة الجميلة صارت عينا غائرة حزينة , والجسد الممتلىء صار نحيلا.
أصبحت آلاء بنت الخمس سنين , وكأنها ذات خمسين عاما مملوءة بالهموم والآلام . لقد أحسست أن هذه الطفلة تحمل هما وألما ينوء بحمله الكبار , فهى لاتجدالذى يداعبها ,لاتلعب مثل اللأطفال لعجز يدها , ثم أضافت قسوة المعلمةعليها ألما وهما إلى هم ....
رأيتها وليتنى ما رأيتها ... فما برحت صورتها عن ذهنى ..شريط يمر أمام عينى يحمل كل الصور المتناقضة ...صورتها وهى تضحك وصورتها وهى تبكى, وجهها وهو مشرق بالفرحة ووجهها وهوعابس من الهم ....
وجاءنى هاجس من الشيطان , ليقول لى : ما ذنب ابنتك حتى تعرض نفسك للسجن فتفتقدك هى فى مثل هذه الظروف
لماذا تحرم أبناءك منك وهم فى أشد الحاجة إليك !!!؟ هل تفهم هذه الطفلة معانى التضحية التى تتحدث عنها !!!!!؟؟؟
وظلت الهواجس معى, ولكن الرضا الذى قذفه الله فى قلبى كان أقوى ..لقد رضيت بالله حيث استختلفتهم عليه واستودعتهم إياه ,وهومن لا تضيع ودائعه ولاتذهب رعيته , ولقد أيقنت أن الله أرحم بنا من رحمة الأم بولدها , فهو أرحم بآلاء وبى من ررحمتى بها وبنفسى , وما حدث للطفلة إنما هو من البلاء الذى يمتحن الله به عبادهوقد امتحن أبونا إبراهيم بذبح ولده إسماعيل فصبر وشكر لنتعلم الصبر والشكر
ثم ذكرنى اسمها -آلاء- بسورة الرحمن ومقطعها المتكرر" فبأى آلاء ربكما تكذبان " وألحت على هذه الآية " ولمن خاف مقام ربه جنتان ؛ فبأى آلاء ربكما تكذبان "
إننى ما أقدمت على ما أنا فيه من قول للحق ومجاهدة لسلطان جائر , إلا بسبب خوفى من ربى , وخوفى من مقام الله قد غلب على خوفى من سلطان جائر يظلم وينتهك الحريات , ويفرق بين الأب وصغاره .
بل إن خوفى على صغارى هو الذى دفعنى إلى ما أنا فيه ,فإن الله تعالى يقول " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاسديدا " , وقول الحق هوأعظم القول السديد ولكن لاأخفيكم أن القلب يكاد ينفطر والنفس تزداد ألما كلما رأيت زهرتى آلاء تذبل , ونضارتها تذهب , وطفولتها تغتال بسبب ظلم الظالمين
لذلك أنا أدعوكم أن تصلوا من أجل شفاء آلاء .... ومن أجل فك أسرنا جيمعا ....ومن أجل أن يرينا الله فى هؤلاء الظالمين آية يسقيهم فيها مر ما سقونا من ظلم ..... وحينها يفرح المؤمنون بنصر الله
كتبها الدكتور أمير بسام
Labels: مشاعر
3 التعليقات :
-
- Anonymous said...
13/1/08اللهم اشفها وعافها وانتقم ممن ظلمها- بنت مصرية جدعة said...
17/1/08دكتور امير رسالتك درس لكل بنى آدم خدته الدنيا و نسى كل حاجة الا مصلحته ربنا يفك اسرك و اسرنا جميعاً و يشفى الاء و يقر عينيك بيها- شهاب الأزهر said...
21/1/08شفاها الله وعافاها وفك أسركم أستاذنا وعجل خلاصكم
Subscribe to:
Post Comments (Atom)