مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك

تحقيق- خديجة يوسف وفاطمة صابر

استنكرت منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني وقانونيون الأحكامَ الجائرةَ التي صدرت في حق 25 من قيادات الإخوان المسلمين، مؤكدين أن القضيةَ لها طابع سياسي، ولم تشهد محاكمةً عادلةً، كما غاب عنها رجال الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، موضحين أن الأحكام التي صدرت اليوم تمثِّل انتكاسةً جديدةً للحريات في مصر، كما تعتبر مؤشرًا خطيرًا على ملف حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وفيما يلي عرضٌ لآراء عددٍ من ممثلي منظمات المجتمع المدني وخبراء القانون في مصر:

محاكمة ليس لها قيمة

في البداية أكد د. هيثم مناع الحقوقي العربي البارز ورئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية، والذي كان موجودًا أمام المحكمة العسكرية، أن ما حدث اليوم أمرٌ في غاية الغرابة؛ حيث لا يوجد في أي قانون شيء اسمه حكم قضائي سرِّي، وإنه لا يعترف بهذا أيُّ قانون من القوانين والقانون الدولي يحرمه، وإذا كانت الحكومة المصرية تخشى مواجهة الناس بالحكم فذلك يؤكد أنَّ لديها خللاً في أنظمتها.

وأضاف أنه تابع المحاكمة من خلال 72 جلسة حُرِمْنا من الدخول إليها، وكنا دائمًا ننتظر على الباب، لكن هذه المرة أبعدونا على بُعد كيلو مترات من مكان المحكمة، ولقد حضرتُ أكثر من مائة محاكمةٍ في عدة دول ولم أشاهد يومًا ولم ألاقِ يومًا مثلما حدث معنا اليوم، وما حدث من النظام المصري ما هو إلا تعنيف مجاني ليس له قيمة أمنية وهذه محاكمات جائرة ولا قيمة لها.

وحول تأثير ما حدث اليوم في المحاكمة على ملف حقوق الإنسان في مصر، أكد مناع أن أي تقريرٍ سوف يأتينا عن التعذيب في مصر سوف ننظر إليه بعين الجدية؛ لأن من كان يضرب اليوم في الشارع يضرب في السجون، وما حدث اليوم يسيء لسمعة مصر في المقام الأول.

شعور بالألم

ويضيف الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون بجامعة القاهرة أن الأحكام التي صدرت اليوم لا يملك أمامها إلا الأسف والشعور بالألم، واستهجان كل ما يتعلق بهذا الموضوع؛ بدءًا من الاعتقال، ومرورًا بتفتيش المنازل، وانتهاءً بالإحالة للمحاكم العسكرية، مؤكدًا أن ما يجري في مصر من اعتقالاتٍ يُنذر بأسوأ العواقب، وسوف يؤدي حتمًا إلى مزيدٍ من التدهور الأمني والاقتصادي، وإلى مزيدٍ من الشعور بإهدار آدمية المصريين، وعدم الاستماع إلى الرأي العام، وهو ما يكشف عن استهتار الحكام بحقوق المواطنين، وعدم المبالاة بحالة السخط العام لدى جماهير الشعب المصري بكل فئاته واتجاهاته، ونسأل الله أن يُخلصنا من هذه الأوضاع المزرية.

حكم باطل قانونًا

ووصف المستشار مرسي الشيخ رئيس مركز العدالة والديمقراطية الأحكام التي صدرت في حق قيادات الإخوان بـ"المؤسفة"، مؤكدًا أن مركز العدالة ينظر بقلق لتلك الأحكام التي صدرت بحق قادة الإخوان، خاصةً في ظل صدور هذه الأحكام في غياب أجهزة الإعلام وأهالي المعتقلين ونشطاء حقوق الإنسان، وهو ما يؤكد أن مصر على حافة الهاوية في مجال حقوق الإنسان.

واستنكر الشيخ محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، ووصفها بالخطيرة، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن الأحكام علنية وليست سرية، موضحًا أن صدور الحكم في غياب المتهمين وذويهم ومحاميهم بشكل سري هو حكم باطل قانونًا.

وأضاف الشيخ أن النظام المصري لديه الكثير من المبررات التي يقدمها لتبرير أخطائه، مشيرًا إلى أن محاكمة الإخوان منذ البداية بها العديد من الانتهاكات، وهو ما دفعنا إلى أن نتوقَّع صدور أحكام ضدهم، خاصةً بعد إحالة القضية من القضاء الطبيعي الذي برَّأهم أكثر من مرة إلى القضاء العسكري، إلا أننا لم نكن نتوقع هذه الأحكام القاسية.

صادمة!

ويصف منتصر الزيات مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين هذه الأحكام بـ"الصادمة" وأنها ليس لها علاقة بالقانون، وليس لها علاقة بما درسناه في كلية الحقوق، وليس لها علاقة بما تعارف عليه الإنسان كإنسان؛ فهي أحكام صادمة غير مختصة ليس لها مرجعية إلا أمن النظام وحمايته.

وأضاف الزيات أن ما حدث له تبرير واحد؛ أن النظام يستكمل معركته مع جماعة الإخوان المسلمين، ويستخدم كل أدواته ليتصدَّى لهذه الجماعة التي تعارضه في الفكر والأسلوب، مؤكدًا أن النظام يعاني من حالة ضعف شديدة، ولا يستطيع مقاومة الجماعة التي تزداد شعبيتُها في الشارع المصري ولديها القدرة على استقطاب المواطنين ببرامجها القيِّمة؛ لذلك يسعى النظام إلى التخلص منها.

وأكد الزيات أن القضاء الطبيعي العادي المتعارف عليه والمعهود لدينا قام بتبرئة المتهمين؛ لذلك لجأ النظام إلى محاكمتهم عسكريًّا لكي يتمكَّن من معاقبتهم كما يشاء.

توثيق قانوني

وأعلن خالد علي مدير مركز هشام مبارك تضامنَه مع أهالي المحاكَمين، الذين تم الحكم عليهم اليوم، مؤكدًا استعداد المركز لتحقيق توثيق قانوني مع محاميِّ الإخوان لكي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة جراء هذه الأحكام الجائرة.

وأضاف أن الدولة أصبحت تستخدم منهجًا معينًا تجاه كل من يعارضها في الرأي، مشيرًا إلى أن ما حدث تجاه أهالي المعتقلين طريقةٌ مهينةٌ، واصفًا الداخلية بأنها تنفِّذ القانون بطريقة مغايرة لصحيحه، ويجب أن يكون هناك عقابٌ لهذه الانتهاكات.

غاية القسوة

أما المستشار فتحي لاشين الخبير القانوني فيرى أن هذه الأحكام في غاية القسوة والظلم، وأنها أحكام باطلة ودون أي تهم، موضحًا أنه بعد إحالتهم للمحاكمة العسكرية كان متوقِّعًا أن تصدر ضدهم أحكام؛ سواءٌ كان لديهم تهمة تدين الإخوان أو لا، ولكن لم يكن متوقِّعًا أن تصدر الأحكام بهذه القسوة، خاصةً أن المحكمة لم يكن لديها أيُّ دليل واحد أو توجيه اتهام واحد ضد الإخوان الموجودين بالخارج إن كانوا يموِّلون الجماعة أم لا، وكل هذه الأحكام أحكام مدبَّرة، والله منتقم جبار.

عين الريبة

كما أعرب المحامي طاهر أبو النصر الناشط في حقوق الإنسان عن استيائه لهذه الأحكام، مؤكدًا رفضه محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية؛ لأنها محاكماتٌ غير طبيعية وغير مألوفة للمحامين أنفسهم.

وأضاف أبو النصر أن المحكمة العسكرية بها انتهاكاتٌ متعددةٌ لحقوق المتهمين وحقوق الدفاع، وانتقد أبو النصر التعامل الأمني الذي حدث مع أهالي المحالين للعسكرية اليوم، مؤكدًا أن هذا لا يحدث إلا مع قضايا الإخوان فقط.

وتساءل أبو النصر عن الضرر الذي كان سيصيب أجهزة الأمن إذا قام الإعلاميون بتغطية الجلسة؟ وهل كان الإعلاميون سيُحدثون انقلابًا في البلد إذا قاموا بتغطية جلسة حكم الإخوان؟! ولكن يبدو أن النظام المصري متخبِّطٌ، ولا يدري ما يفعله؛ لدرجة أنه يقوم بمنع المحامين من دخول المحكمة، موضحًا أن هذا التعامل الأمني جعل الناس تنظر بعين الريبة والشك تجاه هذه الأحكام، بل وتيقَّن الجميع من ظلمها.

هوى النظام

ويؤكد الناشط القانوني د. إيهاب سلام أن المحاكمات العسكرية مخالفة للدستور، مؤكدًا أن السلطة التي يجب عليها الحفاظ على الدستور هي التي تخالفه، مؤكدًا أن النظام يسير في طريقه حسب هواه الشخصي؛ فمواد حقوق الإنسان توجد بالقانون المصري ولكن السلطة لا تريد تطبيقها.

بعيدة عن الشرعية

ويتفق معه في الرأي الناشط الحقوقي والمحامي محمود قنديل في أن المحكمة العسكرية لا تنتسب إلى الشرعية، خاصةً في ظل القيود التي تحول دون مراجعة المحاكمة من ممثلي المجتمع المدني والإعلاميين والصحف العالمية والمحلية، وتحجبهم عن تغطية جلسة النطق بالحكم.

وأضاف قنديل أن ما قام به الأمن من تعدٍّ سافر على أهالي المعتقلين يسيء إلى حقوق الإنسان في مصر، ويدل على تراجع خطير في هذا الملف، مؤكدًا أن مصر مقبلةٌ على مرحلة بها الكثير من الأوضاع المؤسفة؛ على رأسها هذه الأحكام الجائرة

0 التعليقات :

أضف تعليقك