يعرب مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية عن بالغ قلقه إزاء الأحكام التي أصدرتها المحاكم العسكرية في جلستها المنعقدة يوم الثلاثاء 15/4/2008 بالحبس لمدد تتراوح بين (3) سنوات إلي (10) سنوات بحق (25) من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبراءة (15) آخرين من التهم المنسوبة إليهم .
وكانت المحكمة العسكرية قد بدأت في نظر القضية بجلسة 26 ابريل 2007 أثر إحالتها بقرار من رئيس الجمهورية بتاريخ 26/11/2006 وبعد صدور حكم محكمة جنايات القاهرة بالإفراج عن هؤلاء المتهمين من سراي المحكمة في القضية رقم 963 لسنة 2006 حصر أمن الدولة عليا لتستمر المحكمة العسكرية في نظر القضية على مدار (66) جلسة جري خلالها تأجيل النطق بالحكم مرتين.
وقد استخدم رئيس الجمهورية حقه في إحالة القضية للمحاكم العسكرية وفقاً للمادة (6) من قانون الأحكام العسكرية رقم (25) لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم (5) لسنة 1977 والتي تجيز لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين المتهمين في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بهما من جرائم إلي المحاكم العسكرية وذلك في ظل حالة الطوارئ اضافة الى كون تلك الاحالة تمثل سابقة فى اللجوء الى المادة 179 من الدستور والتى تعطى هى أيضا لرئيس الجمهورية الحق فى ( أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون ) والتى تمت اضافتها للدستور ضمن حزمة التعديلات الدستورية لعدد ( 34 ) مادة من مواد الدستور جرى استفتاء المواطنين عليها فى 26 / 3 / 2007 .
وتعود وقائع تلك القضية إلي العرض العسكري الذي قام به عدد من الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في جامعة الأزهر وما تبعه من القبض علي المهندس خيرت الشاطر وعدد من قيادات الجماعة إضافة إلي مجموعة من أساتذة وطلاب جامعة الأزهر وتبعه القبض على مجموعة أخرى أثناء اجتماع تنظيمى فى منزل أحدهم والذين وجهت لهم النيابة العسكرية الاتهامات التالية:
- الانضمام لجماعة محظورة أسست علي خلاف أحكام القانون من شأنها تعطيل مؤسسات الدولة عن أداء مهامها.
- توجيه اتهام إلي المتهمين من (1) إلي (21) بغسيل أموال لتحقيق أغراض الجماعة فضلاً عن استثمار تلك الأموال لتحقيق أغراضهم . أما المتهمين من (22) إلي (29) فقد شاركوا مع المتهمين سالفي الذكر في غسيل الأموال مع علمهم التام بطبيعة ما يفعلون.
وقد جاءت أحكام المحكمة العسكرية بالحبس لمدد مختلفة لعدد (25) من قيادات الجماعة وبراءة (15) آخرين من التهم المنسوبة إليهم مع براءة جميع المتهمين من تهمة غسيل الأموال بينما أمرت المحكمة بمصادرة نصيب المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك في شركة (مالك) وفروعها وشركة ( رواج) وفروعها ومصادرة نصيب حسن مالك في شركة (الأنوار) ومصادرة نصيب المهندس خيرت الشاطر وأحمد عبد العاطي في شركة ( الحياة ) ومصادرة نصيب أحمد أشرف عبد الوارث في (دار التوزيع والنشر الإسلامية) لتمثل ضربة لإمكانية تحقيق السلام المجتمعي والإعلاء من شأن الحوار السلمى والمشاركة فى العمل العام لقسوة تلك الأحكام وصدورها من غير القضاء الطبيعي وهو مما يود معه مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية أن يؤكد علي الملاحظات التالية:-
أولاً: يعرب مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية عن رفضه لاستمرار ظاهرة إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية وحرمانهم من حقهم في الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي وحقهم في التظلم أمام محكمة أعلي وهو ما لا يتحقق في المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ بما يمثله ذلك من إهدار لضمانات المحاكمة العادلة وإهدار لحق المتهمين في إعداد دفاعهم ولقاء هيئات الدفاع بشكل منفرد إضافة إلي تناقض قرارات الإحالة مع المادة (68) من الدستور المصري والتي تنص علي حق كل مواطن في اللجوء إلي قاضيه الطبيعي والمادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي صدقت عليه مصر في 15 ابريل 1982 ويجعل الناس جميعاً سواء أمام القضاء ويعطي لكل إنسان الحق في ( أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون).
ثانياً: إعادة النظر في إلغاء المادة (6) من قانون الأحكام العسكرية رقم (25) لسنة 1966 والمعدلة بالقانون رقم (5) لسنة 1977 والتي تجيز لرئيس الجمهورية حق إحالة المتهمين في الجرائم المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وما يرتبط بهما من جرائم إلي المحاكم العسكرية وذلك في ظل حالة الطوارئ.
ثالثاً: إن مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية لا يقف عند إدانة الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بحق ( مدنيين) وإنما يدعو كافة القوي والفصائل المصرية إلي العمل من اجل إعادة النظر في القوانين المقيدة للحريات والسعي من أجل تعديلها أو إلغائها من أجل الوصول إلي احترام حقيقي لحقوق الإنسان وفق ما تؤكد عليه كافة الأعراف والعهود والمواثيق الدولية والإقليمية والمحلية علي حد سواء.
رابعاً: فتح باب أمام حوار مجتمعي تشارك فيه كافة القوي الوطنية والسياسية يستهدف التأكيد علي حرية الرأي والتعبير لكافة القوي مع التزامها بالقانون والإطار العام المنظم للدولة ويضع أولويات لتحقيق التنمية المجتمعية دون استبعاد لأي فصيل أو اتجاه بما يحقق المصالحة الوطنية ويدعم آلية التداول السلمي للسلطة في المجتمع المصري.