- الحكم الوحيد المقبول هو الاعتذار إلى الشاطر وإخوانه
- النظام لا يعرف الشرف في خصومته مع الإخوان
- الأحكام الجائرة تعبر عن عشوائية النظام وتخبُّطه
- الأنظمة الفاشلة تسجن المخلصين من أبناء الوطن
تحقيق- حسن محمود
في نفس الوقت الذي قضت فيه محكمة مدنية طبيعية بتبرئة قيادي بالحزب الحاكم في مصر على خلفية اتهامه في قضية أكياس الدم الملوثة، أصدرت محكمة عسكرية استثنائية أحكامًا جائرةً وظالمةً بحق قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين لم يلوِّثوا أكياس الدم، ولم يُغرقوا العبَّارات، ولم يهربوا بأموال مصر للخارج، وبرَّأتهم المحكمة المدنية أربع مرات من قبل.
وبدلاً من أن يتجه النظام الحاكم إلى الانصياع للشرعية القانونية ووقف العدوان على استقلالية القضاء الطبيعي؛ أصدر أحكامًا عسكريةً دون أية إدانة حقيقية ملموسة لمن صدر بحقهم الأحكام.
بعد صدور هذه الأحكام أكد عدد من نواب الإخوان المسلمين في مجلس الشعب وقيادات الجماعة في المحافظات لـ(إخوان أون لاين) أن النظام يقود انقلابًا على الشرعية في مصر، ويهدر ما تبقَّى من هدوء في مصر ويزيد من الاحتقان بين أوساط الشعب، ووصفوا الأحكام بأنها "سياسية" تعبر عن قناعات النظام "المفلس" على حدِّ وصفهم.
ويؤكد النائب حسين محمد إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين أن سياسة الحبس والمصادرة وإقحام المؤسسة العسكرية في تصفية الحسابات وإقصاء الخصوم السياسيين.. تعبِّر عن جور النظام وإصراره على الانقلاب على الدستور والقضاء الطبيعي والمنافسة الشريفة.
ويرى أن الحكم الوحيد الذي يمكن أن يرتضي به الإخوانُ وكلُّ العقلاء هو تبرئةُ هؤلاء الشرفاء، وإرجاع حقوقهم كاملةً إليهم، والاعتذار إليهم، مشدِّدًا على أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن اعتباره صادرًا عن احترام للقانون والدستور.
وقال إن هذه الأحكام التي صدرت في حق الإخوان جائرة بكل المقاييس ولا بد من التراجع عنها، مشدِّدًا على أن مثل هذه الأحكام لن تُرجِع الإخوان قيدَ أنملة عن المضيِّ قدُمًا في التصدي للفساد والاستبداد، والعمل بكل الوسائل المشروعة من أجل تحقيق الإصلاح.
أحكام عشوائية
ويضيف د. سعد زغلول أمين عام نقابة أطباء القاهرة: هذه أحكام جائرة في حق شرفاء أعطوا لمصر ما لم يعطِه إياها أحدٌ، مؤكدًا أنه من المفترض ألا يبقى أحدٌ من هؤلاء الشرفاء ثانيةً واحدةً في السجن.
وقال إنها أحكامٌ عشوائيةٌ تعبر عن الانتقائية والفوضى التي ظهرت بها الأحكام، مشيرًا إلى أن النظام أراد أن يقول إنه أعطى أحكامًا مشدَّدةً لإخوان الخارج؛ لعلمه المسبق أنهم في دول محترمة لديها أنظمة محترمة لا تقبل بتسليمهم على خلفية قضايا عسكرية.
وشدَّد د. زغلول على أن مصادرة أموال المعتقلين قرارٌ جائرٌ جاء بـ"جرَّة قلم" مستهتر، استولى بها على أموال أناس أغنياء بطبيعية حالهم ولم يتهرَّبوا يومًا من حقوق المجتمع والدولة عليهم، بينما ترك المحتكرين الذين ينهبون أموال الشعب ويهربون بها للخارج.
وأشار إلى أن الإخوان لن يتنازلوا عن مبادئهم الإصلاحية وطريقهم الإصلاحي مهما كانت الأحكام وشدَّتها، مؤكدًا أننا أمام قضايا سياسية تعاقب على الإصلاح وتطارد المصلحين.
فقد الوعي
وأكد د. أحمد شوقي عضو مجلس نقابة البيطريين بمحافظة دمياط أن الأحكام تعبِّر عن فقد النظام لوعيه وعقله وصوابه، مشدِّدًا على أنه يسلك بالبلد طريقًا إلى ما لا تحمد عقباه، وأوضح أنه حتى إذا كان لدينا أناس لهم طريق معروف في الصمود والتضحية؛ فإن التاريخ يشير إلى أن مانديلا حُكِمَ عليه بسبع عشرة سنة، ثم خرج رئيس الدولة.
وحذَّر النظام من مغبَّة ما أقدم عليه، مشيرًا إلى أن الأوضاع تغيَّرت في مصر وأن الإضرابات والاحتجاجات التي تحدث منذ سنوات في مصر تدلِّل بقوة على أن استمرار النظام في غيِّه يؤكد أنه يسير في سكة "شاه إيران" خطوةً بخطوةٍ.
وأشار إلى أن الإخوان يعلمون جيدًا أن للحرية ثمنًا، وأنهم يدفعون هذا الثمن مهما بلغت التكلفة في نفس الوقت الذي يعلمون جيدًا أن طريقهم هو طريق الإصلاح وأنهم لن يحيدوا عنه مهما حدث.
وأكد أن أحكام العسكرية كشفت النظام مجدَّدًا أمام العالم كما كشفه الإخوان في المحليات، مشدِّدًا على أن هذا الكشف يمهِّد لنهاية عاجلة للنظام ويمهِّد أيضًا لهؤلاء الذين يحملون شعلة الحرية خلف القضبان بالاحتفال قريبًا بيوم الحرية.
أحكام ظالمة
وشدَّد د. محمد جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق على أن الجميع أمام أحكام ظالمة خرجت من رحم محكمة باطلة، مشيرًا إلى أن إعلان الأحكام هو علامة جديدة على نهاية النظام الفاسد والمستبد الذي خلط أوراق الوطن بعضها ببعض.
وأشار إلى أن الأحكام لعبٌ بالنار، وخطرٌ يجلب لمصر العار، مشيرًا إلى أنها تسييسٌ واضحٌ للقوات المسلَّحة، وأنها أحكامٌ سياسيةٌ لا علاقة لها بأحداث القضية أو دلائلها.
وأوضح أن النظام يعلم جيدًا أنه لا فائدة مما يفعله، وأن خط الإخوان واضح نحو الإصلاح، مؤكدًا أن المحكمة هي تضييعٌ للوقت وإصرارٌ على مزيد من الظلم والتدخل في شئون القوات المسلحة والقضاء، ووصف مصادرة النظام لأموال المحالين بـ"ظلم على ظلم" قائلاً: "نأمل من الله أن تأتي نهاية هذا النظام قبل أن تنتهي هذه الأحكام".
النظام سيدفع الثمن
ويتفق د. علي بطيخ أحد قيادات الإخوان بمحافظة الجيزة مع آراء سابقيه؛ حيث أشار إلى أن الأحكام تعبر عن جورٍ وظلمٍ عظيمين، وتعبر عن حقيقة النظام الاستبدادي الجاثم على صدور المصريين منذ 30 عامًا، وأنه لا يريد التغيير أو الإصلاح، وأنه مستمرٌّ في فساده وإفساده.
ويحذر النظام من أن تراكم الغضب في قلوب الشعب نتيجة الظلم وغلاء الأسعار والانهيار السياسي والاقتصادي.. سوف يؤدي إلى انفلات العيار، مشدِّدًا على أن النظام وحده هو الذي سيدفع الثمن.
ويعجب د. بطيخ من إصدار حكم ببراءة المتهم في أكياس دم ملوثة فاسدة وإصدار حكم من محكمة عسكرية استثنائية تُدين أبرياء وشرفاء على خلفية تمسكهم بالحق والعدل والحرية.
وأكد أنه على النظام أن يعي أن الله عز وجل أكبر منه وأقوى وأعظم منه، مشيرًا إلى أنه يبصر أمامه سقوط هذا النظام قبل أن تنتهي أحكام هؤلاء المظلومين.
انقلاب
ويقول محمد سويدان (أحد قيادات الإخوان المسلمين بمحافظة البحيرة) إن مصر حالها "اتقلب"، مشيرًا إلى أنه بينما الأبرياء يتلقَّون الأحكام يظن هؤلاء الذين يصدرون هذه الأحكام أن الله لن يحاسبهم أو ينتقم منهم.
واستنكر أن يستمر مسلسل إقصاء الذين يخدمون الوطن بحق ويصمِّمون على إصلاحه مهما تكلَّفوا من مصاعب وعقبات، والذين يتميَّزون بمستوى راقٍ من الفهم والإخلاص والعلم، وأشار إلى أن هذه المجموعة برَّأتها المحكمة المدينة من قبل أربع مرات، مؤكدًا أن إحالتهم إلى القضاء العسكري كان بسبب حدوث هذه اللحظة وصدور هذه الأحكام.
وأوضح أنه كان من المفترض أن يكون خلف الأسوار من زوَّر القضية وغشَّ ودلَّس فيها، وسرق من خلالها أموال هؤلاء الشرفاء، إلا أنه استدرك كلامه قائلاً: ولكن حال مصر انقلب، مضيفًا أنه يسأل الله عز وجل أن يعدِّل حالها قريبًا، وأن يُعيد الكفة إلى الحق والعدل والحرية.
وأشار د. حسين راغب (الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة أسيوط) أننا أمام قرارات ظالمة ونظام لا يريد أن يتَّعظ، ولا يريد أن يعلم أن دوام الحال من المحال، وأن دوام الكبت والقهر سيولِّد الانفجار.
وأشار إلى أنه يرى أن النظام أصدر أحكامًا مغلَّظةً اعتمادًا على الدرجة الثانية من الاستئناف؛ من أجل أن يطول مدى الانشغال والهموم لدى الإخوان وأسر المحالين للعسكرية، ودعا النظام ورجاله ومستشاريه إلى الخوف من الله والإحساس بمدى الاحتقان الذي يكتنف الوطن وأهله، مشدِّدًا على أن البلد "مش ناقصة".
ثمن مقاعد البرلمان
ويُرجع م. أسامة سليمان أحد قيادات الإخوان بمحافظة البحيرة صدورَ الأحكام إلى أن مصر تقف أمام نظام غير شرعي وغير شريف، يريد أن ينال من صاحب الشرعية الأصيل والشرفاء في مصر، مشدِّدًا على أن الإخوان في العسكرية يدفعون ثمن الـ"88 مقعدًا" التي حصلوا عليها في مجلس الشعب.
وأكد أن الله سبحانه ناصر المظلومين، وسيقف النظام الحاكم أمام الله عز وجل للحساب، مشيرًا إلى أن لكل ظلمٍ نهايةً، وأن كل ظالم سينال من ظلمه الكثير، وشدد على أن النظام الحاكم أمامه فرصة في الاستئناف ليصحِّح خطأه، مشيرًا إلى أن النظام إذا أصرَّ على طريقه الخاطئ فلا بد أن تتحرك كل القوى السياسية والشعبية لردع هذا الظلم بكافة السبل القانونية والدستورية، مشدِّدًا على أهمية عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام الاستبداد.
هانت مصر
ووصف الداعية الإسلامي الشيخ عبد الخالق الشريف الأحكام بأنها تمتلئ بالظلم ضد أناس أصحاب مراكز كريمة وعقول مستنيرة وأخلاقيات عالية وأموال طاهرة والذين يخدمون المجتمع في كل المجالات.
وأضاف أنه سمع الشيخ محمد الغزالي رحمه الله على منبر الجامع الأزهر في عام 1961 يقول: "إذا أهين العلماء والدعاة والقضاة في بلد فقد هانت على الله"، مستنكرًا أن يكون التعامل مع أهل الإصلاح والأخلاق أبشع وأفدح تعامل في الوطن.
وحذر النظام من الرسالة السلبية التي بعث بها مع إعلان الحكم؛ التي تفيد أنه يقول للمجتمع إن الشريف والكريم مهان ومضطهد ومعاقب، وإن الدعوة إلى التلوث والفساد والعمل فيه نظر ونقاش ورحمة وغفران!.
وطالب الشيخ الشريف النظام الحاكم بكل رموزه أن يعدُّوا جوابًا أمام الله عز وجل عندما يسألهم عن هذا الحكم، ولا بد أن يستعدوا لتحمُّل عاقبة هذا السؤال وعاقبة جوابهم.
ودعا إخوانه خلف الأسوار إلى أن يثقوا في أن الله معهم وأنه عز وجل سيخلف عليهم خلفًا صالحًا، يرفع هذه الدين ومبادئه مشدِّدًا على أنهم يدفعون ثمن رفعة هذا الدين كما دفعه الصحابة والتابعون.
أحكام جاهزة
ويرى عامر عبد الرحمن (الموجِّه بالتربية والتعليم بمحافظة القليوبية) أن هذه الأحكام "جاهزة" ورسالة للشعب كله، تهدِّده وتثير فزعه ورعبه بضرب الإخوان؛ القوة الأولى البرلمانية التي تقف لتدافع عنه وعن مصالحه.
وأكد ضرورة أن يتقي هذه النظام الله عز وجل وأن يخافه، وأن يستيقظ من الغيبوبة التي تحكم تصرفاته قبل فوت الأوان، مشيرا إلى أن استمرار فشله في التفكير في عاقبة أموره يُنذر بأخطار كبرى على هذا الوطن.
تحياتي