مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


فضيلة الدكتور توفيق الواعي " جزاه الله كل خير " خصنا بتلك الرسالة للنشر في " إنسى " ضمن سلسة من المقالات تنشر تباعاً بمشيئة الله .. جدير بالذكر أن فضيلة الدكتور توفيق الواعي أحد الإصلاحيين الأربعين المحاليين إلي القضاء العسكري في القضية الأخيرة
أطفال من أجل الحرية

لما تعلل الخاملون في الأمة بالتعلات، ونام الغافلون عن الواجبات، وتنطع المتنطعون عن المكرمات، وسكت الزمن عن الخطايا، وجاوز الظالمون المدى، فحق الجهاد وحق الفدى، قام المخلصون بما فرض عليهم من كشف الفساد والدفاع عن الأمة، وتحمل التبعات، فتعرضوا للقهر والبغي والسجن والاعتقالات. فنهض أبناؤهم وأطفالهم من الزرع الأخضر والطفولة البريئة لينادوا الآباء ويسمعوا الظالمين لغة اليقين بالنصر والسؤدد القريب بالفرج، قائلين بصوت شجي وعزم فتي ما سمعته الجموع ورددته الأكوان ووعته الآذان وخشع له قلبي وذرفت له عيني:

أبي ستهون جراح السنين بفجر سيأتي ولو بعد حين
مع النور نمضي ونحن معا بقلب رواه معين اليقين
أبي خلف قيد الظلام اللعين أبي قد غدون بظلم سجين
فإن غبت يوما عن الناظرين فأنت ضياء سيعلو الجبين


فقلت: ألا بعدا للظالمين والجبارين، وهل يمكن نسف البراءة في طبيعة الأطفال، وحبس الدموع في مآقي الصغار، واللوعة في صدورهم، وهل يمكن محو الحنين، وتعويض حب الآباء في مهجهم، وهل يمكن إقناع عقولهم بالأكاذيب والقضايا الملفقة، والافتراءات لأعز مخلوق لديهم.

بنفس هذه الزهور الملتاعة، والورود الذابلة، والعصافير المحرومة، والبلابل المحترقة على آبائهم. يا عمر الأيام، وضياء الليالي وزرع الآمال، وحضن الأماني ونسيم الروابي، وعبق السنين!!، يا فخر الأمم، ورصيد الشعوب، ونور الدروب، وشغاف القلوب، وسحر البيوت. لن تخذلوا ولن يضيعنا الله الذي لا تضيع ودائعه، ولن يغيص جهادكم، أو تخبو جذوتكم، أو يذهب ريحكم، إنها إرادة الله وسنته في قيام الأمم وبعث النهضات ومقارعة المفسدين والظالمين، (لتبلون في أموالكم وأنفسكم، ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذا كثيرا، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) (آل عمران: 186).

(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) (البقرة: 155).

إن محاولة أصحاب القلوب الغلف والأكباد الغلاظ، تلويث الهواء، وتلبيد السماء بالغيوم، وتغيير السنن، ضرب من الخبال ومس من الجنون، خاصة أمام جيل نُشِّىء على التقوى من أول يوم، ودرّب على التضحية من أول الطريق، ويتنادى إلى العمل والإصلاح والصبر في كل محنة، ويلبي نداء دينه في كل ملمة، ويصبر على اللأواء في كل ضائقة، وما إن سمعت أناشيد الرجولة والتضحية التي يرددها الأطفال والشباب الغض حتى انتشيت وقلت إذن لن يضيع الله شبابا لبوا النداء والخليون هج، وغالبوا الظلام واطلعوا الفجر وخفافيش الظلام تملأ الساحات وتستبيح الدماء والأموال والأعراض. وجلست أسمع تلك الأصوات التي تتناغم مع أصوات الصحب الأول الذي ما زال يشنف الأسماع ويتردد في الروابي ويتجلجل في الأزمان.


اللهم لولاك ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
أبينا، أبينا، أبينا


سمعت الشباب الذي يترسم الخطا، ويلبي النداء كما لباه آباؤهم وأجدادهم الكرام يقول

لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى كلنا نفدي الحمى
لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما سلما سلما
لبيت إن عطش اللواء سكب الشباب له الدما لبيك لبيك لبيك
يا رب قد دعوتك فاستجب لدعوتي فاستجب لدعوتي
قد بت أنتظر اللقا يوما فعجل رفعتي رفعتي رفعتي
هذا سبيل المؤمنين فآمنا لروعتي لبيك لبيك لبيك
هذي الجموع غدا سيجمع شملها في دولتي دولتي دولتي
ولسوف تنهض كي تحطم باطلا في جولتي لبيك لبيك لبيك
لون الدماء غدا سيصنع من كتابي عزتي من كتابي عزتي
ولسوف نقضي كي تعيش على الكرامة أمتي أمتي أمتي
ولسوف تنهض في الآفاق الشامخات رايتي لبيك لبيك لبيك


هذا الشباب الغض، وهذه التضحيات العظيمة هي أمل الأمة اليوم، ومبعث فخرها ولب نهضتها، فالأمم والشعوب لا تنهض بالسراق ولا بالباغين والظالمين والعابثين، وإنما تنهض بالعطاء والتضحية والجهد على طريق مستقيم وصراط قويم وشعور نبيل، وهي تفخر بهم اليوم رغم القيود والسجون والمحن، ومحاولة الأعداء خنق الأقمار أو إطفاء الشمس، خنق وسفاهة وجنون، ومحاولة قتل الشعور وحبس الآمال والأحلام شيء من اليأس والفلس، وهل يمكن تبديد العواطف وتكميم الأفواه وإيقاف عجلة الزمن وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء وخلع قلوب الصغار، هل يمكن قلع النبت الأخضر الندي، أو دهس الزهر الأبيض البهي من الحياة، وهل يمكن وأد الحنين، وشنق الحب وقتل الحرية في الخافقين، لا وألف لا .. ويرددها الصغار لآبائهم والأطفال لذويهم حين يقولون

أبي أنت حر وراء السدود أبي أنت حر بتلك القيود
أبي ما يئسنا ولن نيأسا وما طال في القلب نطق الأسى
ستفرح مهما احتوتك القيود وتنعم بالحب ما بيننا
بفجر سيأتي ولو بعد حين مع النور نمضي ونحن معا
بقلب رواه معين اليقين


سمعت هذا وغيره مما روته أطفال من أجل الحرية، فقلت سلام عليكم من قلوب تهفوا إليكم، فأنتم أطفال النهضة، وطلائع الرجولة، وسلام على آبائكم وأمهاتكم ومبدعيكم في الأولين والآخرين .. والحمد لله رب العالمين

0 التعليقات :

أضف تعليقك