مدونات ضد المحاكمات : الحرية لمدحت الحداد | الحرية لعصام حشيش | الحرية للدكتور بشر | الحرية لضياء فرحات | الحرية لخيرت الشاطر | الحرية لحسن مالك


كتبت- سالي مشالي
اخوان اون لاين


رغم أن جلسة اليوم كانت استكمالاً لمرافعة المحامي حازم صلاح أبو إسماعيل- عضو هيئة الدفاع عن المهندس خيرت الشاطر- إلا أن أغلب المرافعة لم تتناول الاتهام الموجَّه للشاطر، وإنما كانت عبارةً عن هجومٍ على المحكمة العسكرية ذاتها، انتقل فيها أبو إسماعيل من بطلان قرار الإحالة إلى بطلان الهيئة إلى بطلان المحكمة العسكرية ذاتها، وهو ما جعل الكثيرين يعتبرون أن جلسة اليوم كانت جلسةً ساخنةً ولها أهمية كبرى؛ لأنها تتناول أساسياتٍ ومبادئَ عامةً لا فروعًا أو قضايا جزئيةً.

وبالرغم من المعاناة التي يعانيها الأهالي في الذهاب إلى المحكمة والتضييق عليهم في الدخول والجلسات المتلاحقة واليومية، إلا أن جلسة اليوم كانت تتسم بمعاناةٍ من نوع خاص؛ حيث تم تقليل عدد الحضور حتى يكاد المرء أن يُحصيَهم على أصابع اليد الواحدة؛ بسبب زيارة وزير الدفاع للمعسكر، وقد تأخُّر موعد بدء الجلسة، وتم نقل الأهالي إلى القاعة عبر طريقٍ طويلٍ للغاية يلتف حول المعسكر.


الهجوم الذي شنَّه أبو إسماعيل اليوم على المحكمة العسكرية لم يكتفِ فيه بإثبات بطلان قرار الإحالة، وإنما أثبت بطلان المحكمة العسكرية ذاتها وانتفاء صفة القضاء عنها؛ حيث إنه أكد أن المحكمة العسكرية ليست هيئةً قضائيةً بالمعنى القانوني أو الدستوري السليم، وذكر أسبابًا قانونيةً، من أهمها: ورودها في الدستور في باب الدفاع وليس في باب السلطة القضائية، بالإضافة إلى أن القانون العسكري ذاته في المادة الأولى، والثانية أكد على تبعيتها لوزارة الدفاع، كما أن رئيس الجمهورية من حقِّه تعيين وعزل ونقل وانتداب أعضائها؛ مما يؤكد على عدم استقلالهم وعدم تمتعهم بالحصانة.

ثم انتقل إلى سببٍ آخر من أسباب بطلان المحكمة، وهو عدم علانية الجلسات، ودلَّل على ذلك بمنع الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان، بل وأهالي المعتقلين- ما عدا الأقارب من الدرجة الأولى والثانية فقط- وعددٍ كبيرٍ من المحامين؛ وهو ما يؤكد على عدم علانية الجلسات.

أشرطة الفيديو

وفاجأ أبو إسماعيل المحكمة عندما أشار فجأةً إلى كاميرا فيديو تُسجِّل الجلسات منذ بدايتها، معلنًا اختلال ميزان العدل في المحكمة بمنع الأهالي والصحافة من التسجيل، في الوقت الذي تسمح فيه لجهةٍ مجهولةٍ بوضع كاميرا في قاعة المحكمة وتسجيل وقائعها.

وعلَّق قائلاً: "إما أن تكون هذه الكاميرا تُصوِّر وتُسجِّل لصالح جهةٍ مشبوهةٍ ومجهولةٍ تراقبني وتطاردني، ولا أعرف كيف ستستخدم هذه الأشرطة؟! وهو ما يعني أن مجهولين يسيرون ويوجِّهون الأمور في هذه المحكمة، وقد يكون هؤلاء المجهولون من خصومي السياسيين الذين قد يستغلوا هذه الأشرطة ضدي أو ضد أحد المواطنين الحاضرين أو ضد المحامين، وهو ما قد يؤدي إلى اعتقالي غدًا؛ بسبب قيامي بواجبي هنا في الدفاع في القضية".


واستطرد قائلاً: "إن كان الأمر كذلك فإنني أُطالب تحقيقًا للعدل برفع هذه الكاميرا فورًا من قاعة المحكمة"، وتابع: "أما إذا كانت موضوعةً من المحكمة للرجوع إليها عند كتابة الأحكام فأنني أُطالب المحكمة بالسماح لي بالحصول على نُسخةٍ منها؛ باعتبار أن هذا من حقي كدفاع".

وهنا تبادلت هيئة المحكمة النظرات ولم يردوا على أيٍّ من تساؤلاته، ودعوه يستكمل مرافعته، فواصل هجومه على المحكمة ووصفها بأنها باطلةٌ؛ لأن هذه الهيئة اختيرت- على وجه التحديد- خصِّيصًا لهذه القضية، وهو ما يبطلها ويحكم بعدم دستورية تشكيلها، ودفع بعدم دستورية نص المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية التي تعطي الحق بإحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، ودفع أيضًا بعدم دستورية القرار 40 لسنة 2007، وهو قرار رئيس الجمهورية بإحالة المُدَّعى عليهم بهذه القضية إلى القضاء العسكري، وبالجملة دفع بعدم دستورية كل نصوص قوانين الأحكام العسكرية.

ولم يَفُت "أبو إسماعيل" التحذيرُ من خطورة القضاء الجائر والأحكام الظالمة بالاستدلال بموقف للرسول- صلى الله عليه وسلم- عندما جاءه 4 شهود يشهدون على واقعة زنى، فشهد 3 على صحة الواقعة وعلى تمامها، وقال الرابع أنه رأى جسدين عاريين فوق بعضهما البعض ولم يَرَ غير ذلك، فرفض الرسول- صلى الله عليه وسلم- إقامة الحد على المتهمين بالزنى، وأقام حدّ القذف على الثلاثة الذين اتهموا بغير بيِّنة.

كما روى موقف الإمام أبو حنيفة الذي رفض تولِّي منصب القضاء قائلاً للخليفة إنه- أي أبو حنيفة نفسه- لا يصلح للقضاء، فقال الخليفة: "تصلح ولا أحد غيرك"، فردَّ أبو حنيفة: "إن كنت أصلح فأنا كاذب، والكاذب لا يصلح للقضاء، وإن كنت صادقًا فأنا لا أصلح".

وكان أبو إسماعيل قد استهلَّ مرافعته بأحكام لمحكمة النقض بالتأكيد على بطلان كل محاضر التحريات، وأكد على أن التحريات لا تصلح أن تكون دليلَ اتهامٍ وحدها، ولكن لا بد أن تكون هناك أدلةٌ تُساندها وتؤكد صحتها، مشيرًا إلى أن الأحكام الخاصة بطلبة جامعة الأزهر نفت وجود أي صلةٍ بين طلبة الأزهر والمُدَّعى عليهم، ومن ثم يبطل الدليل المستمد من هذه الأحداث.

تحريات مزيفة

ثم انتقل إلى استحالة وصول التحريات إلى معلوماتٍ بالصورة الواردة؛ اعتمادًا على أن عاطف الحسيني- ضابط التحريات- أكد على عدم معرفة مصدره السري لأي معلومة بحاسة السمع أو البصر، بمعنى أن المصدر لم يسمع بنفسه ولم يرَ بعينه، تشير إلى انضمام المتهمين إلى تنظيم الإخوان المسلمين، وبالتالي فمن المستحيل وصول مصدره السري للمعلومات المذكورة بأي وسيلةٍ أخرى ما دام مصدره نفى السمع بأذنيه أو الرؤية بعينيه.

ومحكمة النقض أكدت على بطلان أي حكم يُبنَى على شهادة سمعية أو تسامعية (أي يتناقلها الناس)، مشيرًا إلى أن التحريات لا يحقُّ لها إضفاءُ وصفٍ محددٍ على واقعةٍ بعينها، ولكن دورها ينصبُّ على الوقائع المادية والوصف يكون للمحكمة.

وشكَّك في التحريات واستدلَّ على ذلك بمقالٍ منشورٍ الأسبوع الماضي بجريدة (صوت الأمة) للواء شرطة مصطفى الكاشف، ذكر فيه أن التحريات في 72 ألف قضية سنويًّا ملفَّقة!! وأن محاضر التحريات تُحرَّر هي ذاتها في أكثر من محضر في ذات التوقيت لأشخاص مختلفين، وقرَّر أن التحريات في أقصى ما توصف به مجرد قرائن وليست إجراء استدلال أو أدلة استدلال.

ثم بدأ في تناول قرار الاتهام؛ فتناول التُّهَم الموجودة فيه تهمةً تهمةً تفصيلاً وفنَّدها، وفنَّد أدلة الثبوت الخاصة بهذه التهم، ثم قرَّر رئيس المحكمة في النهاية تأجيل الجلسة إلى يوم الخميس الموافق 3/1/2008م.

0 التعليقات :

أضف تعليقك