كتب- محمد هاني
تحت تقرير بعنوان "ماذا يحدث في مصر؟" نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية في عددها الصادر اليوم ما جرى من أحداثِ عنفٍ ضد أهالي أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين تجري محاكمتهم أمام القضاء العسكري من جانب الحكومة المصرية أثناء الجلسة العسكرية أمس.
وتساءلت "دي فيلت" عن أسباب استخدام قوات الأمن العنفَ ضد أهالي الإخوان المدنيين العُزَّل!! وعن أسباب محاكمة قيادات الإخوان عسكريًّا!!
وقالت الصحيفة: إن التفسير الحقيقي لتعامل الحكومة المصرية مع الإخوان بهذا الشكل يؤكِّد أن الجماعةَ لها قوة طاغية بين المجتمع المصري؛ وهو ما يُثير تخوُّف الحكومة منهم.
وأضافت أن الأحكام العسكرية ضد العشرات من قيادات الإخوان التي حدثت أمس هي محاولة من الحكومة المصرية لتحجيم شعبية الإخوان في الشارع.
وأكَّدت في الوقت ذاته أن هذه السياسة سيكون لها مردود عكسي، وأنها ستزيد من شعبية الإخوان وتُكسب الجماعة تعاطفًا مجتمعيًّا معها.
وسردت الصحيفة الأحكام الصادرة ضد قيادات الجماعة بسجن القيادات المالية للجماعة خيرت الشاطر والقيادي الآخر فيها حسن مالك 7 أعوام، بينما صدر حكمٌ بالسجن 10 أعوامٍ بحق متهمين حاكمتهم غيابيًّا لوجودهم خارج البلاد, في حين قضت بسجن آخرين لفترات تبلغ في أقصاها 7 سنوات، وأخلت المحكمة سبيل المتهمين الخمسة عشرة الباقين.
ونقلت الصحيفة عبر وكالات الأنباء تصريحات د. محمد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في تعليقه على الأحكام الصادرة بأنها ظالمة وبالغة الغرابة، وأنها أحكام سياسية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى أنها تُعبِّر عن مدى القسوة والعنف التي يتعامل بها النظام مع جماعة الإخوان المسلمين.
وأشارت إلى أن السياسة التي تنتهجها الحكومة تُعبِّر عن مرحلةٍ جديدةٍ من العنف والقمع ضد معارضي نظام الرئيس مبارك، خاصةً في وقتٍ يدور فيه الحديث عن انتقال الحكم لنجله جمال، وهو ما ترفضه المعارضة المصرية بشدة.
وحذَّرت الصحيفةُ من وصول الوضع في مصر إلى مرحلة ما بعد الغليان السياسي، وهي مرحلة الفوران التي قد يُحدث حالةً من الفوضى في المنطقة.
ونقلت عن عمرو حمزاوي كبير الباحثين بمعهد كارنيجي للسلام في واشنطن تفسيرَه لما حدث بأن النظام خلال المرحلة القادمة سينتهج إستراتيجية تصعيدية تجاه الإخوان، خاصةً بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، التي تأتي ضمن خطة الدولة لإقصاء الجماعة عن الحياة السياسية.
وقال حمزاوي: إن الأحكامَ التي صدرت بحقِّ معتقلي الجماعة هي أحكام غير مسبوقة لم تحدث منذ محاكمات عام 1996م، ولم يحدث ما حدث من مصادرةٍ للأموال منذ سبع سنوات، مشيرًا إلى طابعها التصعيدي الواضح إزاء الجماعة، لكن حمزاوي استبعد حدوث رد فعلٍ تصعيدي من جانب الإخوان على الأحكام الصادرة، موضحًا أنَّ الجماعةَ الآن تعيش حالةً من التقييد والقمع، وهذا الوضع لا يُمكِّنها من التصعيد ضد الحكومة.
وأضاف حمزاوي أن هذه السياسة تُنبِئ أن الوقت ليس في صالح الأنظمة القمعية الجائرة؛ لأن المجتمعات العربية وصلت لمرحلة التغيير، مؤكدًا أن التحول الديمقراطي سيبدأ من رحم المجتمعات العربية.
وقال حمزاوي: "إن مصر مرَّت بمرحلتين خلال السنوات الست الماضية: المرحلة الأولى منذ عام 2002- 2005م؛ فقد كانت انتخابات للبرلمان المصري وفازت جماعة الإخوان المسلمين بـ20% من مقاعد مجلس الشعب المصري، وفي هذه المرحلة كانت هناك ديناميكية سياسية وحركات احتجاج والدفع باتجاه عدم التوريث.. كل ذلك انتهى في عام 2005م؛ حيث انقلب النظام المصري على الديناميكية السياسية وأجرى تعديلات دستورية واستبدل 34 مادةً في الدستور؛ نصفها يذهب في اتجاه سيناريو التوريث، والنصف الآخر أخرج المعارضة من الساحة السياسية.
أنا أعتقد أن مساحة المعارضة بها انقسامات كبيرة، والنظام المصري استغلَّ ذلك في استخدام أسلوب الاستمالة والقمع والإبعاد والدمج المشروط