سواسية : يصدر تقريراً من 500 صفحة عن المحاكمات العسكرية لقيادات الإخوان بعنوان"المعارضة المستباحة
at 4:19 AM
كتب : سيد زكي- سيد ابوالعلا – ثمن الحرية اصدر مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز اليوم تقريرا حول المحاكمة العسكرية الأخيرة لقيادات الإخوان المسلمين، يغطى الفترة من 14 ديسمبر 2006 مـ، وحتى 15 أبريل 2008 مـ. وقد جاء التقرير كبيرا من 533 صفحه ليشمل كل الجوانب التي أحاطت بالقضية . يهدف التقرير إلى توثيق ما جرى في القضية التي شهدت حملات إعلامية وصراعات قانونية لم تنتهي حتى اللحظة. كما يهدف إلى قياس مدى عدالة وقانونية إجراءات المحاكمة والأحكام الصادرة عنها، خصوصا وأنها استهدفت معارضين سلميين لم يرتكبوا أي جريمة يعاقب عليها الدستور والقانون. ونظرا لأن هذه القضية تعد مؤشراً في الوقت نفسه عما وصل إليه هامش الحريات العامة والفردية في البلاد وتعكس في آن حالة العلاقة بين النظام السياسي وأحد قوى المعارضة الرئيسية في البلاد فإن التقرير يسعى إلى دراسة هذه العلاقة من خلال عدة زوايا هي: السياق السياسي للمحاكمات، الدلالات السياسية للأحكام الصادرة في القضية، الوضعية المستقبلية لجماعة الإخوان المسلمين بعد هذه المحاكمة. فيما يخص السياق السياســي: يتناول التقرير نقاط ثلاثة: أولها طبيعة النظام السياسي الأمنوقراطي (الذي يتسم بالأخذ ببعض السمات الديمقراطية مع سيطرة العقلية الأمنية)، ثم الصعود السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، و انتهي بالمحاكمة العسكرية في ضوء تحولات النظام السياسي مثل: أزمة الشرعية، وفشل إصلاح الحزب الوطنى، وتشكيل الاتحادات النقابية الموازية، والتي أدت إلى كلا من العودة إلى أسلوب المحاكمات العسكرية وإجراء تعديلات دستورية مثيرة للجدل. و تناول التقرير تطورات القضية والجدل القانوني حولها و تناول التقرير ملف تاريخي للمحاكمات العسكرية للإخوان في عهد الرئيسين جمال عبد الناصر وحسني مبارك، وخلفيات القضية المتمثلة في أحداث الأزهر، والتطورات الدراماتيكية فيها، ويناقش مدى دستورية حق رئيس الجمهورية في إحالة المدنيين للقضاء العسكري، وجهود هيئة الدفاع وما حققته من نجاحات، ومشاهداتها لما حدث من تزوير في أوراق القضية كمحاضر التحريات ومحاضر الضبط والأحراز. تضمن التقرير فتوى للدكتور يوسف القرضاوي بناء على سؤال المركز حول رأي الفقه في إحالة مدنيين ومعارضين سياسيين في نفس الوقت إلى القضاء العسكري الاستثنائي في نفس الوقت الذي يحال فيه آخرون بجرائم أشد جسامة إلى القضاء الطبيعي، الذي تتوافر فيه كلُّ الضمانات للمتَّهم والدفاع، كما يتضمن إشارات لمفهوم العدل باعتباره القيمة العليا في الإسلام والحرية باعتبارها أساسا مقاصد الشريعة الإسلامية، وضوابط الحبس الاحتياطي وضوابط التعامل مع المتهمين، وضمانات المحاكمة العادلة في الدستور والمواثيق الدولية وتطبيقها على تلك المحاكمة. والقى الضوء على مفهوم الحملة الإعلامية وأهداف الحملة المصاحبة للمحاكمة العسكرية ومدى نجاحها، كما قرأ الأحكام الصادرة بحق رجال الأعمال من الإخوان سواء من حصلوا على أحكام بالبراءة، أو من حصلوا على أحكام بالسجن فقط، أو من حصلوا على أحكام بالسجن ومصادرة الأموال، وتداعيات هذه الأحكام على الصعيد الاقتصادي بشكل عام في مصر، خاصة ما يتعلق بالاستثمار سواء كان محلياً أو أجنبياً. وافرد التقرير باباً يتعلق بتعاطي المجتمع المدني والإعلام مع القضية حيث يلاحظ أن المنظمات المصرية قد غاب التشبيك بينها فيما يتعلق بوقف محاكمة المدنيين أمام القضاء الاستثنائي أما المجلس القومي لحقوق الإنسان فقد بدا وكأن القضية لا تعنيه رغم أنها من صميم اختصاصاته!، وفي المقابل تنوعت آليات المنظمات الدولية بين التشبيك، وعقد الندوات، وإرسال المراقبين لجلسات المحاكمة، وبين مطالبة الناشطين والمواطنين إلى الكتابة إلى الرئيس مبارك بشكل شخصي!. واعتبر التقرير أن القضية لم تنل التركيز الإعلامي الكافي مفسراً ذلك بأن ذات العام كان سنة سوداء على الصحافة والصحفيين حيث تواترت الملاحقات والقضايا التي أحيلوا عليها. و فيما يتعلق بالأحكام الصادرة في القضية فإن التقرير يقرأ دلالتها وأهدافها مثل: غياب الثقافة السياسية التي تتسامح مع المعارضة السياسية وتعتبرها جزءا من النظام السياسي، وأن الأحكام لا تمثل تحولا استراتجيا في العلاقة بين النظام والإخوان، واستمرار التعامل مع الإخوان كملف أمني وليس سياسي، وإغلاق مساحات العمل والفعل السياسي والاجتماعي أمام الجماعة. ويعبر أن أهداف المحاكمات العسكرية في ظل العهد الحالي تهدف إلى سبيل المثال إلى: إجهاد النخبة القيادية للإخوان المسلمين وحبسها عن النشاط السياسي والاجتماعي لأطول فترة ممكنة، استنزاف القدرات المالية للجماعة مما يؤدي لخفض نشاطها وفاعليتها، كبح التطورات الفكرية داخل الجماعة. والمحور الأخير من التقرير تناول أثر المتغير الخارجي ومحاولة لاستشراف المستقبل حيث يجتهد في الكشف عن أبعاد ومضمون السياسة الأمريكية تجاه الإخوان المسلمين، وكيف تعاملت مع أدائهم السياسي، وردود فعلها على سياسة الحكومة المصرية تجاه الإخوان والتي تتمثل في حصارهم اجتماعيا وسياسيا وإحالة قيادات من الجماعة إلى محاكمة استثنائية. وحول الوضعية المستقبلية للإخوان عقب المحاكمة الأخيرة جمع التقرير البدائل التي وضعها الباحثون والتي تتراوح بين الاعتزال السياسي الكلي أو المرحلي أو الانخراط الكامل والتصعيد، داعيا الجماعة إلى تبني بديل يحظى بقبول الجماعة الوطنية لها ويتمثل في تقديم الاجتهادات التي تحقق معالجة مشكلات العباد في إطار من مصلحة عامة حقيقية ليأخذ بها من يأخذ، وليعرض عنها من يعرض!. وفي خاتمة التقرير طالب المركز بتصحيح الأوضاع المقلوبة في مصر حيث أن هناك جماعة تحظى بشرعية اجتماعية واسعة ولكنها محرومة من ورقة المشروعية القانونية، ويشدد على أهمية إصلاح جميع الأوضاع غير العادلة الناتجة عن الإحالة للقضاء الاستثنائي... ويتوجه المركز بحزمة من التوصيات إلى النظام السياسي، وجماعة الإخوان المسلمين، وأحزاب المعارضة السياسية، ومنظمات المجتمع المدني منها: - إلغاء إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وأن تجرى محاكمتهم أمام القضاء الطبيعي، نظراً لإهدار المحاكم العسكرية المادة 68 من الدستور. - تحقيق اختصاص السلطة القضائية بالانفراد بمهمة الفصل في المنازعات والخصومات, على اعتبار أن القضاء لا يمكن أن يؤدي رسالته في تأكيد سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وكفالة حرية المواطنين... إلا باستقلاله. - القبول بالقيم الديمقراطية وأهمها: حكم القانون، تداول السلطة، توازن السلطات، التسامح السياسي والاجتماعي، وتعددية سياسية تتطابق مع التعددية الاجتماعية القائمة. - أن يكون دور الدولة محددا ويتعلق بحماية الأمة من الخطر الخارجي، وتحقيق الأمن الداخلي، والقيام بالوظيفة التوزيعية بطريقة عادلة، وحماية الفقراء. - أن تتوقف المعارضة عن كلا من: التطلع المتزايد نحو الخارج، ونزعة التراجع والتكيف السلبي مع الاستبداد السياسي، والقيام بدلا من ذلك بالنضال من أجل أجندة واحدة حول الإصلاح الدستوري واستقلال القضاء وحرية الإعلام والأحزاب، والنقابات والجمعيات الأهلية ... إلخ. - أن تعيد منظمات المجتمع المدني الاعتبار لأسلوب التشبيك فيما يتعلق باستقلال القضاء عموما ومنع الإحالة للقضاء العسكري الاستثنائي خصوصا بما يعنى أن المطلوب ليس مجرد بيان مشترك وإنما العمل وفق آلية تنظيمية تسعى من خلالها إلى تنسيق وتعبئة الجهود والمواقف والموارد باتجاه تحقيق ذلك أهدافها!.